انوار الفقاهه - کتاب الزکاه

اشارة

نام کتاب: أنوار الفقاهة- کتاب الزکاة موضوع: فقه استدلالی نویسنده: نجفی، کاشف الغطاء، حسن بن جعفر بن خضر تاریخ وفات مؤلف: 1262 ه ق زبان: عربی قطع: وزیری تعداد جلد: 1 ناشر: مؤسسه کاشف الغطاء تاریخ نشر: 1422 ه ق نوبت چاپ: اول مکان چاپ: نجف اشرف- عراق

ص: 1

[القول فی زکاة الأموال]

[فی معنی الزکاة لغة و شرعا]

بسم الله خیر الأسماء و الحمد لله رب العالمین و صلی الله علی محمد و آله الطاهرین

کتاب الزکاة

و هی لغة النمو و الطهارة قیل و العمل الصالح و تعین شرعاً بالوضع التعیّنی أو التعیینی ملحوظاً به کلا المعنیین أو أحدهما بناء علی ثبوت الحقیقة الشرعیة أو استعملت مجاز المناسبة بین المعنیین بناء علی عدمها فی معنی شرعی جدید و ماهیة مجملة لم یصل إلینا جمیع بیانها صحیحة تلک الماهیة بمعنی لو وقعت لوقعت صحیحة و کانت متصفة بها فالتقید بالصحة داخل و القید خارج و حدّها الجامع المانع متعذراً و متعسراً و رسمها لتمیزها عن غیرها من العبادات ممکن بأن یقال هی حق فی المال أو مأتی فی الذمة واجب أو مندوب و الواجبة من ضروریات الدین مقدر بالأصالة لا بالعارض من نذر و شبهه یعتبر فیه النصاب أصالة ممنوع عن بنی هاشم من غیرهم اختیاراً ینمی المال بالبرکة و تطهیر الإنسان من المعاصی أو یحفظه من الفوت و أنها لبّ إطلاقها علی نفس القدر المخرج و قد تطلق علی نفس الإخراج لذلک القدر کثیراً أیضاً و هو أنسب بالنقل و بقولهم یجب و یندب و أقرب لسائر المنقولات فی أبواب العبادات و هی من العبادات المالیة و المراد بها ما تعلق التکلیف بها للتصرف بالمال أولًا بالذات و یجی ء التصرف بالبدن ثانیاً و بالعرض بخلاف العبادات البدنیة فإنها ما تعلق التکلیف بالتصرف بها بالبدن أولًا و بالذات و بالمال ثانیاً و بالعرض کالتصرف بالماء فی الطهارة و الساتر فی الصلاة و المکان و شبههما و من شأن العبادات البدنیة اشتراط المباشرة و عدم إجزاء النیابة و الفضولیة و التوکیل فیها و من شأن العبادات المالیة جواز النیابة و التوکیل و الفضولیة فیها لأن المراد فیها مجرد الإیجاد فی الخارج علی ما هی یفهم من أدلة القسمین إلا ما خرج بالدلیل منها و ما کان مرکباً من الأمرین کالحج لوحظ بالاعتبارین و وجوبها ثابت بالکتاب مقرون بالصلاة حتی سمیت أختها و بالسنة حتی ورد (أن من لم یزکِ لا صلاة له) و (أن صلاته موقوفة) و ورد (أن الصلاة عمود الدین إن قبلت قبل ما سواها) فمجموعها یحصل أن الزکاة أیضاً تقبل بقبولها الأعمال و ترد بردها و ورد

ص: 2

(أن مانع الزکاة لیس بمؤمن و لا مسلم و أنه لیمت إن شاء یهودیاً و إن شاء نصرانیاً و إن مانع الزکاة یطوق بحیة قرعاء تأکل من دماغه) إلی غیر ذلک من الأخبار المتواترة الدالة علی ثواب فاعلها و عقاب تارکها و بالإجماع بقسمیه و بالضرورة من الدین و فیها الکفایة عن کل دلیل فمن أنکرها عن شبهة أو جهل أو علم منه ذلک فلا شی ء علیه علی الأظهر و من أنکرها و هو بین أظهر المسلمین عناداً أو لا یعلم حاله قتل من أول وهلة و إن کان فطریاً و استتیب ثلاثاً و قتل بالرابعة إن کان غیر فطریاً و لا یجب حق الأصالة فی المال غیرها و غیر الخمس للأصل و الإجماع بقسمیه و الأخبار المشعرة بأن الله لو علم عدم سد حاجة الفقراء بالزکاة لفرض غیرها و إن فیها الکفایة لهم حتی الضغث بعد الضغث و الحفنة بعد الحفنة فإن الأقوی عدم وجوبهما أیضاً للأصل و الإجماع و السیرة و عدم ظهور الوجوب مع توفر الدواعی إلیه أقوی شاهداً علی عدمه و فی الأخبار ما یدل علی الاستحباب کما ستمر بک إن شاء الله تعالی و نقل عن الشیخ (رحمه الله) وجوب الضغث بعد الضغث یوم الحصاد و الحفنة بعد الحفنة یوم الجذاذ و استناداً للإجماع الفرقة و اختیارهم و قوله تعالی: [وَ آتُوا حَقَّهُ یَوْمَ حَصٰادِهِ] سورة الأنعام آیة (141) و الکل ممنوع أما الإجماع فلثبوت عدمه و أما الأخبار فلظهورها فی الاستحباب کما ورد فی خبر معاویة (فی الزرع حقان حق تؤخذ به و حق تعطیه أما الذی تؤخذ به فالعشر و نصف العشر و أما الذی تعطیه فقول الله عز و جل: [وَ آتُوا حَقَّهُ یَوْمَ حَصٰادِهِ] سورة الأنعام آیة (141) و فی حسن ابن مسلم و زرارة و أبی بصیر فی قوله عز و جل: [وَ آتُوا حَقَّهُ یَوْمَ حَصٰادِهِ] سورة الأنعام آیة (141) هذا من الصدقة یعطی المسکین القبضة بعد القبضة و من الجذاذ الحفنة بعد الحفنة حتی یفرغ لمکان یعطی فی الأول و الصدقة فی الثانی و ما ظاهره الوجوب مصروف عنه بالدلیل و أما الآیة محمولة علی الاستحباب کما أشعرت به الأخبار أو علی إرادة الزکاة منها و یکون التقید بیوم الحصاد و للاهتمام بها و البناء علیها و التأهب لدفعها و الأظهر الأول کما دلت علیه

ص: 3

الأخبار عن السادة الأطهار و دل علیه قوله تعالی: [وَ لٰا تُسْرِفُوا] سورة الأنعام آیة (141) فإن السرف لا یکون مناسباً إلا لما لا یقدر و قوله تعالی: [یَوْمَ حَصٰادِهِ] سورة الأنعام آیة (141) و علی کل تقدیر و الوجوب و الاستحباب وقت أ هو الحصاد و الجذاذ فهل المراد به دفع طبیعة الضغث بعد الضغث و لو مرة أو تکریرها مستمرة إلی أن یفرغ أو تکریرها فی کل یوم أو تکریرها فی أغلب الأوقات أو إیجاد مسمی التکریر وجوه أقواها رابعها و یسقط عند عدم حصول الفقیر وقت الحصاد و الظاهر أنه لا یبقی تعلق فی العین و الذمة عند الامتناع من الدفع بل یسقط بفوات وقته و ورد أنه من السرق أن یتصدق الرجل بکفیه جمیعاً و الأمر بالإعطاء بکف واحدة للضغث بعد الضغث و القبضة بعد القبضة و یستحب أن یلزم الإنسان نفسه بشی ء معلوم علی حسب طاقته ینفقه فی کل یوم أو فی کل أسبوع أو فی کل شهر کما ورد ( (علیکم بأموالکم غیر الزکاة) فقلت و ما علینا فی أموالنا من غیر الزکاة فقال: (سبحان الله أما الله تسمع عز و جل یقول فی کتابه [وَ الَّذِینَ فِی أَمْوٰالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسّٰائِلِ وَ الْمَحْرُومِ]) سورة الذاریات آیة (19) قلت فما الحق المعلوم فقال: (هو الشی ء یعلم الرجل فی ماله فیعطیه فی الیوم أو فی الجمعة أو فی الشهر قل أو کثر غیر أنه یداوم علیه) و نحوه غیره و یستحب إن لم یفعل ذلک أن یخرج شیئاً من ماله علی حسب الإمکان فی القدر و الزمان إن شاء أکثر و إن شاء أقل علی قدر ما یملل یصل به رحماً و یقوی به ضعیفاً أو یحمل به کلًا أو یصل به أخاً فی الله تعالی فی نائبة تنوبه کما وردت به الروایة.

بحث: لیست الزکاة من الأحکام الوضعیة و الشرکة الجعلیة

اشارة

بحیث تعم البالغ و غیره و العاقل و غیره و إن ظهر من کثیر من أخبارها ذلک حیث أنها اشتملت علی إثبات شی ء فی شی ء کقوله (علیه السلام): (فی الغنم السائحة زکاة و فی کل أربعین شاة شاة) لکنها مصروفة عن ظاهرها إلی الخطاب التکلیفی کما یفهم من الأصحاب و من کثیر من أخبار الباب و لما جاء فی الکتاب من الأمر بها فالأظهر أنها من الخطابات

ص: 4

الشرعیة لا من الأحکام الوضعیة الملزومة للأحکام الشرعیة تخییراً کما فی البالغین و العقلاء و تعلیقاً فی غیرهم فهی مختصة وجوباً بالبالغین العقلاء لما قدمنا للإجماع بقسمیه و للأخبار المستفیضة المعتبرة الدالة علی أنه لیس فی مال الیتیم زکاة و لا خصوصیة للیتیم قطعاً و إنما ذکره لأنه الأغلب فی ملک المال و لخصوص ما ورد فی الصبیة الذین بید أبیهم أو أخیهم مال لأنه لا یجب فی مالهم حتی یعمل به فإذا عمل به وجبت الزکاة و یعتبر البلوغ و العقل فی الوجوب حین تعلقه لا حین استقراره فی غیر أمهات الأحوال و فی أمهات الأحوال یعتبر أن طول الحول و حین مبدأ الوجوب کما یظهر من الأصحاب من اشتراط التمکن من التصرف فی جمیع الحول أو الإخلال به و لو یوماً أو ساعة عند فقده و فی الخبر ما یدل علیه أیضاً و فیه (و إذا بلغ الیتیم فلیس علیه) لما مضی ذکره واحدة ثمّ کان علیه مثل ما کان علی غیره من الناس بحمله علی إرادة إدراک الحول لا الرشد و الحق أنه للإجمال أقرب و کما لا تجب الزکاة فی مال الطفل و المجنون لا تندب أیضاً فی الذهب و الفضة إجماعاً و أما غیرهما

فیقع الکلام فیه فی مواضع:

أحدها: إذا اتجر الولی بمال الصبی له بحیث کان المال للصبی

فالأقوی استحباب الزکاة فیه و المباشر لإخراجها الولی حینئذ للأخبار الدالة علی ثبوتها و هی و إن کان ظاهر الإیجاب لکنها مصروفة إلی الاستحباب لعدم القول به مما عدا الشاذ من الأصحاب و لمعارضتها للأخبار المتکثرة النافیة للزکاة عن مال الیتیم و الإجماعات المحکیة فی الباب و إذا صرفت الحقیقة حملت الکلمة علی أقرب المجازات و الأقرب للإیجاب هو إرادة الاستحباب فمن ذهب إلی التحریم کابن إدریس و من تبعه ردته الأخبار و کلمات الأخیار و إجماعات الباب المخصصة لتحریم التصرف بمال الغیر من غیر أذن شرعیة أو مالکیة و من ذهب للوجوب کما نقل جماعة من الأصحاب استناداً للأخبار الظاهرة فی الإیجاب دون الأخبار النافیة و الإجماعات المحکیة المؤیدة بفتوی المشهور و عمل الجمهور فلا بد من حملها علی التقیة أو الندب و لکن الثانی أقرب لاستحباب زکاة التجارة فی مال البالغ فغیره أولی منه و ما تضمنته الأخبار من لفظ فی

ص: 5

و علی قابل لإرادة الثبوت الذی هو أعم من الاستحباب و الإیجاب و کذا ما اشتمل علی لفظ الإیجاب منها و قد یقال أن الأخبار لا تمنع اجتماع إرادة الندب منها و التقیة بظاهرها فتکون التقیة للعدول منه التصریح فی الندب إلی الکتابة عنه بما ظاهرة الوجوب و لا بأس به جمعاً بین فهم الأصحاب منه الاستحباب و بین ما جاء فی بعض الأخبار المشعرة بأن القول بثبوت الزکاة من التقیة ففی الخبر (کأبی یخالف الناس فی مال الیتیم لیس علیه زکاة).

ثانیها: المتجر بمال الصبی أما أن یکون ولیاً أو غیر ولی
اشارة

و الأول أما أن یتجر به لنفسه أو للصبی و الأول أما أن یکون علی وجه الاستقراض أولًا ثمّ الاتجار أو لا یکون أما أن یکون علی وجه العدوان ابتداء و الأول أما أن یکون مع الملاءة أو بدونها ثمّ أن الولی أما أن یکون إجباریاً کالأب و الجد أو لا یکون کذلک و غیر الولی أما أن اتجر لنفسه أو للصبی و علی کل حال فأما أن یشتری بالعین من مال الصبی أو بالذمة مع نیة الدفع

فهنا صور عدیدة:
الأولی: أن یتجر الولی بمال الصبی للصبی مع الغبطة له فی الاتجار

و لا شک هنا فی أن المال و الربح للصبی و الزکاة فی المال یخرجها الولی و لا ضمان علی الولی.

الثانیة: أن یتجر الولی بمال الصبی لنفسه علی جهة استقراضه أولًا ثمّ الاتجار به

و کان ولیاً إجباریاً ملیاً و کان فی الاستقراض مصلحة للصبی و الملی من یملک مالًا غیر مستثناة الدیون مقابلًا لمال الصبی و لا یکفی الجاه و الاعتبار و لا شک هنا فی کون المال للولی و الربح له و زکاته منه و ضمانه علیه و الظاهر أن ذلک مورد محصل.

الثالثة: الصورة بعینها و لکن مع عدم المصلحة للصبی و لا المفسدة

و الظاهر أن الحکم فیها ما تقدم لأن اشتراط المصلحة فی تصرف الولی الإجباری بمال الولی علیه لم یثبت بل ثبت عدمها کما یفهم من مطاوی الأخبار عن السادة الأطهار.

الرابعة: الصورة بحالها و لکن مع عدم الملاءة

و الظاهر أن الحکم فیها ما تقدم و یظهر من بعضهم أنه مورد إجماع لظهور الأخبار فی عدم اشتراط الملاءة فی تصرف

ص: 6

الأب فی مال ولده کما ورد من تقدیم الأب جاریة ولده علی نفسه و وطئها و ما ورد من جواز حج الوالد حجة الإسلام من مال ولده و فیه أن مال الولد لوالده و ما ورد أن الوالد یأخذ من ولده إن أحب و ما ورد من (أنت و مالک لأبیک) و ما ورد من جواز الأکل من مال الولد مما ظاهره جواز من دون استقراض فمعه بالطریق الأولی و تقید بما إذا اضطر إلیه لا ینافی جواز الاستقراض مطلقاً الاستقراض مطلقاً لأن الاضطرار لا یختص بالنفقة و الأخبار و إن کان موردها الأب دون الجد و شمولها ممنوع إلا أنی لم أعثر علی قائل بالفرق بینهما فی أحکام الولایة التی من جملتها هذه و لا فرق بین وجود الأب و فقده و إن کان الأحوط مع فقد الأب عدم تصرف الجد بمال الصبی إلا مع الملاءة بل و المصلحة لصیرورته یتیماً و قد قال الله سبحانه و تعالی: [وَ لٰا تَقْرَبُوا مٰالَ الْیَتِیمِ إِلّٰا بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ] سورة الأنعام آیة (152)

الخامسة: الصورة بحالها و لکن الاستقراض یشتمل علی مفسدة ظاهرة فی المال غیر اقتراضه

و الظاهر هنا بطلان الاقتراض و تقع التجارة المترقبة للصبی قهراً إذا لم تشتمل علی مفسدة ظاهر فی المال غیر اقتراضه و الظاهر هنا بطلان الاقتراض و تقع التجارة المترقبة للصبی قهراً إذا لم تشتمل علی مفسدة و اشتری بعین مال الصبی لوقوع العقد من أهله فی محله فیصح لصاحب المال ونیة أنه له لا تصرف العقد الواقع من له التصرف فی المال بالولایة و تکون الزکاة فی مال الصبی علی الأظهر.

السادسة: الصورة بحالها و لکن کانت مفسدة فی التجارة

و الظاهر هنا فساد العقود و قد یقال ببقاء العقود فضولیة إلی أن یبلغ الصبی فی وجه قوی.

السابعة: الصورة بحالها و لکن الشراء کان بالذمة

و هنا و إن لم یشتمل علی مفسدة صح الدفع و إلا کان الدفع فضولیاً أو فاسداً و ما وقع علیه العقد یکون للولی و زکاته علیه.

ص: 7

الثامنة: الصورة بحالها و لکن تصرف الولی الإجباری من دون استقراض بل بنیة الغصب له

و الظاهر إن اشتمل علی مفسدة کان فضولیاً أو فاسداً و إلا وقع للصبی قهراً لصدوره من أهله فی محله ونیة کونه لا تنافی وقوع العقد علی مال له التصرف فیه بالولایة و إن کان بالذمة کان ما وقع علیه العقد له و کان الدفع فضولیاً أو فاسداً.

التاسعة: أن یتجر الولی الإجباری مع المفسدة

و کان بعین ماله و الظاهر أنه یعود فضولیاً أو فاسداً.

العاشرة: أن یتجر بالذمة

و الظاهر حرمة الدفع و یصح العقد فی الذمة له لعدم تشخص النیة للعقد.

الحادیة عشر: أن یتجر الولی الإجباری بمال الصبی لنفسه باستقراضه ثمّ الاتجار به مع المصلحة للصبی و الملاءة من الولی

و لا شک فی جوازه لولایته و وجود المصلحة و لما ورد فی الخبر أخی أمرنی أن أسألک عن مال یتیم فی حجره یتجر به قال: (إن کان لأخیک مال یحیط بمال الیتیم إن تلف و أصابه شی ء غرمه و إلا فلا یتعرض لمال الیتیم) و فی أخری رجل عنده مال لیتیم قال: (إن کان محتاجاً لیس مال فلا یمس ماله و إن هو اتجر به فالربح للیتیم و هو ضامن) و فی آخر فی رجل عنده مال لیتیم یعمل به فقال: (إذا کان عندک مال و ضمنه فلک الربح و أنت ضامن و إن کان لا مال لک و عملت به فالربح للغلام و أنت ضامن للمال).

الثانیة عشر: أن لا یکون فی الاستقراض مصلحة

و الأظهر هنا عدم صحة الاستقراض و بقاء المال علی ملک الصبی و ضمان الولی له و صحة العقود المترتبة علی المال للصبی قهراً إذا وافقت المصلحة و ظهر منها ربح الزکاة علی مال الصبی و لا یحتاج العقود المترتبة إلی الإجازة منه بعد ذلک لأن نیة أنها له لا تؤثر فساداً کما تقدم.

الثالثة عشر: أن لا یکون ملیاً و قد اشتری بالعین

و الظاهر هنا عدم جواز استقراضه و ضمان المال و صحة العقود المترتبة علی المال للصبی و الربح یکون للصبی و الزکاة علی ماله لما قدمناه من صدور العقود من أهلها فی محلها و عدم تأثیر النیة فی

ص: 8

انقلاب الأمر الواقعی بعد فرض کونه ولیاً و احتمال أن الخیانة تخرجه عن الولایة لو سلمت فإنما تسلم مع العمد لا مع الجهل و التفطن و للأخبار المتقدمة الدالة علی أن الربح للیتیم فإن الظاهر أن أولئک کانوا أوصیاء علی الأیتام لعدم إنکار الإمام (علیه السلام) علی السائل فی التصرف بمال الیتیم منهم و لاشتمالها علی ما یقتضی برفع الضمان إذا کان العامل لا یتصرف بالمال و هو لا یتم إلا فی الولی لأن غیره ضامن علی کل حال و هو لا یتم أیضاً إلا فی الولی هذا کله مع اقتران المصلحة بظهور الربح فی العقود و لو لم تقارن المصلحة أو قارن المفسدة کانت عقود فاسدة أو فضولیة و لو أقدم علی المفسدة فتبین خطأه و إنها مصلحة صح فقده و لو أقدم علی المفسدة أولًا فظهرت مصلحة خیراً قوی القول ببقاء الفساد مع احتمال الحکم و یحتمل الصحة عند إجازة الولی بعد ظهور المصلحة لوقوع الأول کالفضولی و الزکاة تکون هنا علی مال الصبی لصیرورة المال و الربح له و یحتمل العدم لعدم مقارنة النیة للاکتساب للصبی للعقود المترتبة حیث أنه نواها لنفسه و لو تعقبتها الإجازة و هو ضعیف.

الرابعة عشر: الصورة بحالها و لکن الشراء بالذمة مع نیة الدفع من مال الصبی

و الظاهر هنا صیرورة الاتجار له و الربح له و دفع مال الصبی عما فی ذمته لا یصیر المال مال الصبی و لا یصرف إلیه و دعوی شمول الأخبار لهذا الفرد لأنه الغالب و لصدق الشراء بمال الطفل لا یعارض القواعد الفقهیة المحکمة.

الخامسة عشر: أن یکون المتجر غیر ولی و لا ملی و لا تترتب علی عقوده مصلحة و قد اتجر لنفسه

فلا شک حینئذٍ فی فساد تجارته أو وقوعه فضولیاً.

السادسة عشر: الصورة بحالها و لکن مع کان ملیاً و کان فی استقراضه مصلحة و الأظهر هنا کونه فضولیاً یصح ما فعله مع الإجازة من الولی لاستقراضه و یکون الربح معها له و الزکاة علیه.

السابعة عشر: أن لا یکون فی استقراضه مصلحة فیفسد

و تکون فی عقوده مصلحة بظهور ربح و شبهه و قد اشتری بعین مال الصبی فالأظهر صیرورة العقود

ص: 9

فضولیة فإذا أجازها الولی عادت للطفل و کان الربح له ونیة فعلها لنفسه لا تنافی صحة الإجازة من الولی علی أنها للطفل لأن البینة لا تؤثر انقلاباً و هل تجب الإجازة علی الولی الظاهر لا لعدم وجوب التنمیة علیه و إن وجب علیه إتباع المصلحة إذا عمل بماله.

الثامنة عشر: أن لا یکون ملیاً و قد صادفت عقوده المصلحة و قد اشتری بعین المال

و الأظهر کونها فضولیة موقوفة علی إجازة الولی فإذا جاز کان الربح للصبی و علی العامل ضمان المال و لا تجب علی الولی الإجازة علی الأظهر و إن وجب علیه إتباع المصلحة إذا عمل بالمال و یظهر من جماعة أن الربح فی هذه الصورة الأخیرة للطفل قهراً من دون توقف علی إجازة من الولی إما لإطلاق الأخبار المتقدمة الدالة علی کون المال للیتیم إذا لم یکن ملیاً الشاملة للولی و غیره و أما لحصول الإجازة الإلهیة فی التصرف لمصادقته المصلحة فی العقود المترتبة و إما للقطع بأذن الفحوی أو لمنع صحة تأثیرها إذا لم تکن مقارنة للعقد و مع إجازة الولی و تکون الزکاة فی مال الصبی لأن الربح له یعود العقود له مع احتمال العدم لعدم مقارنة نیة أنه له للاکتساب بالمال سیما لو قلنا أن الإجازة کاشفة نعم لو قلنا أنها ناقلة اتجه قصد الاکتساب له حین النقل من المنجبر و لأن العمدة فی ثبوت الزکاة بمال الطفل علی الاستحباب الإجماع و المشهور بین الأصحاب و کلاهما فی هذه الصورة موضع نزاع.

ثالثها: تنوب الزکاة فی غلات الطفل و مواشیه

و لا تجب وفاقاً للمشهور نقلًا و تحصیلًا و نسب لأصحابنا و للإمامیة و لاتفاق المتأخرین و لما ورد من نفی الزکاة عن مال الیتیم الذی منه الصامت و غیره و دعوی انصرافه للنقدین أو للصامت و غیره فقط لا وجه لها لأن أکثر أموال العرب کانت من النعم الثلاث و لخصوص موثق أبی بصیر الذی فیه (و لیس علی جمیع غلاته من نخل أو زرع زکاة) و حمله علی نفی العموم بعید لعدم الفرق بین البالغ و غیره و ضعفه مجبور بالشهرة و الأصل و الإجماع المحکی و حکم جمع من أصحابنا بالوجوب فیهما لإطلاقات الأدلة الدالة علی ثبوت الزکاة فیهما الظاهرة فی الوضع الشامل للبالغ و غیره و للصحیح (لیس علی مال الیتیم فی

ص: 10

العین و المال الصامت شی ء أما الغلات فعلیها الصدقة واجبة و للإجماع المرکب المنقول علی مساواة الغلات للمواشی و الکل ضعیف لانصراف جمیع الأدلة إلی الحکم الوضعی المتعلق بالبالغ لأن الزکاة علی ما فهم من الأخبار و لموافقة الصحیح لفتوی جمهور العامة و لما دل من العمومات النافیة عن الطفل فلا یعارض ما یقوی بفتوی المشهور فیحمل الصحیح علی تأکد الاستحباب و إن اشتمل علی لفظ الوجوب لکثرة استعمال لفظ فیه کما قیل و لضعف الإجماع المنقول و علی عدم الفرق بین المسألتین لعدم ثبوت الإجماع المرکب فی البین فضعف القول بالوجوب فیهما غیر خفی بل الحکم بالاستحباب فی المواشی لیس علیه دلیل صالح و الأصل فی المقام الحرمة و الأحوط الاجتناب عنه و الروایة المصروفة إلی الندب مخصوصة فی الغلات و الإجماع المنقول لم یثبت علی المساواة و لذلک حکم بعض المتأخرین بتحریم إخراج الزکاة من المواشی.

رابعها: نسب للأکثر مساواة المجنون للطفل فی جمیع الأحکام المتقدمة

و لم یثبت دلیله و جامع عدم التکیف أو عدم التمییز غالباً لا یثبت به حکم لعوده قیاساً ممنوعاً منه سیما فیما لو ثبت للطفل تعبداً من کون الربح له لو اتجر به غیر الولی أو غیر الملی علی القول به فإن إلحاق المجنون به فی غایة الضعف نعم لو اتجر بماله استحب إخراج الزکاة منه لروایة عبد الرحمن بن الحجاج فی امرأة مختلطة فقال: (إن کان عمل به فعلیه الزکاة و إن لم یعمل به فلا) و قریب منه آخر مشتمل علی المصابة و الظاهر أن المراد منهما المجنون بقرینة السیاق و فهم الأصحاب و لا فرق فی المجنون بین المطبق و الأدواری إذا صادف أدواره ساعة تعلق الوجوب أو اعتراه فی الحول و لو ساعة واحدة علی الأظهر لزوم استمرار الشرائط طول الحول فی أمهات الأحوال فیجب استئناف الحول من ساعة الإقامة لما سیأتی إن شاء الله تعالی من اشتراط التمکن من التصرف طول الحول و من اشتراط العقل بقول مطلق و من أصالة البراءة المحکمة من وجوب الزکاة لأن إطلاقها کالمجمل لا یتمسک بعمومه و أما المصروع و السکران و المغمی علیه فإن قارنت هذه الأشیاء وقت الوجوب قوی القول بسقوط الزکاة فیها لعدم توجه الخطاب معها

ص: 11

و النوم و السهر و العفلة و إن کانت مثلها فی عدم توجه الخطاب إلا أنها لما کانت معتادة الوقوع و کانت کالطبیعة الثانیة للإنسان أسقط الشارع اعتبارها دون الأول و لم تقارن وقت الوجوب بل عرفت له فی أثناء الحول فالظاهر عدم سقوط الحول بها إن لم یثبت إجماع مرکب علی التلازم بین الأمرین و الأحوط وقع منهم بعد الإفاقة للإطلاقات و العمومات و عدم ذکر غیر البلوغ و العقل فی الأخبار و کلام الأخیار.

خامسها: یقوی القول بعدم إلحاق الحمل بالطفل

للأصل و لعدم شمول أخبار الطفل و الیتیم له و منع تنقیح المناط بهما و للإجماع المنقول علی عدم الزکاة فی ماله قبل انفصال و احتمال بقاء زکاة ماله إلی الانفصال لانکشاف ملکه حینئذ إذا انفصل حیّاً دون ما لم ینفصل کذلک لا وجه له و لا دلیل علیه.

سادسها: المخاطب بالإخراج من مال الطفل و المجنون هو الولی

فلا یجزی دفع الصبی و لا نیته و لو لم یوجد أو امتنع الولی فلا یبعد قیام الحاکم مقامه أو عدول المسلمین و الأحوط ترکه و یقوی القول ببقاء المال موقوفاً حتی یحضر الولی أو یبلغ الطفل أو یفیق المجنون لکونها کالشرکة الندبیة فیکون دفعها ابتداء و ضمانها لکل منهم فإن تشاحوا وزع بینهم أو أقرع بینهم و لو فرط الولی فی الإخراج ضمن فی ماله لا فی مال الطفل و المجنون وجوباً فی الواجب و ندباً فی المندوب و لو فرط الولی فی حفظ فأخرج الزکاة هما احتسبهما علی المدفوع إلیه إن أمکن و إلا ضمن لهما مالهما فی ماله و إن باشر التلف.

سابعها: یقوی القول بعدم اشتراط أذن الولی فی دفع السفیه الزکاة الواجبة علیه

لأنه إبراء ذمة من خطاب شرعی واجب فلا یدخل فی الحجر لصدور النیة من أهلها فی محلها فلا یتوقف علی شی ء و الأحوط استئذانه و الرجوع لنظره إذا تمکن من الولی و إلا فإلی الحاکم.

بحث: لا تجب علی المملوک زکاة مطلقاً ملک أم لا

اشارة

وفاق للمشهور و الإجماع المنقول و للصحیح النافی لها و لو کان له ألف درهم و الحسن النافی لها و لو کان له ألف

ص: 12

و لظهور الخطابات عموماً و خصوصاً فی الأحرار لتعلقها بالمال و هو ما لا یملک کما هو الأقوی أو محجوراً علیه فی ملکه و لا یقدر علی شی ء المعلوم فتوی و نصاً و الزکاة کما لا تجب علی غیر المالک لا تجب علی غیر القادر علی التصرف بماله نعم تظهر له الثمرة فی أنه علی القول بعدم الملک کما هو الأشهر و الأظهر فالأقوی تکون زکاة المال علی السید و علی القول بالحجر و الملک للعبد لا تجب الزکاة علی أحدهما لعدم الملک من السید و عدم التمکن من التصرف من العبد و قد ورد فی الصحیح نفی الزکاة عما فی ید المملوک فیحتمل حمله علی الأخیر و هو کون العبد ممن یملک و تکون الواو للحال فالمراد إثبات الملک له بمعنی نفی الوصول إلی السید و الحال أنه لیس مملوکاً لعبده و یحتمل و هو الأظهر أن ما بعد الواو علة لنفی الزکاة عن العبد و نفی الوصول إلی السید بمعنی عدم تمکن منه بعدم الوصول إلیه لغیبة أو بعد أو حجب علة لنفی الزکاة عن السید أو بمعنی أن دفع المال للعبد علی وجه العطیة من السید مما ینفی الزکاة عنهما لعدم ملکیة السید و عدم تمکن السید عرفاً من المال لأن أخذه فیه مهانة علیه و منقصة عند أرباب المروءات و علی ذلک یحمل ما ورد من عدم جواز أخذ السید المدفوع منه للعبد لتحلیله من ضربه و تخویفه (خ) و ترهیبه (م) و لکنه بعید و الاحتیاط یقضی بخلافه لشمول أدلة الزکاة للسید و ضعف إدخاله تحت عدم التمکن من التصرف و للإجماع المنقول علی ثبوت الزکاة علی السید المعتضدة بفتوی المشهور و خلو الأخبار النافیة للزکاة من العبد من ثبوتها للسید لا یدل علی نفیها عنها إذ لعل البیان حینئذ یکون من بیان الواضحات و لیعلم أنه قد أوجب جماعة من أصحابنا علی القول بملکیة العبد الزکاة فی ماله و المخاطب بإخراجها حینئذ إما العبد أو السید لولایته فیکون کولی الطفل و المجنون و لکنه بعید لما قدمناه و کذا تثبت الزکاة بعضهم علی العبد المأذون له فی التصرف مطلقاً لما ورد من ثبوت الزکاة علیه إذا أذن مولاه و هو ضعیف مخالف لظاهر الاتفاق و یستثنی من إیجاب الزکاة علی السید فیما فی ید العبد مال المکاتب مطلقاً مشروطاً أو مطلقاً لم یود شیئاً فإنها لا تجب علی العبد سواء قلنا بملکه لمال الکتابة أم لا و إن کان الأقوی عدم ملکه لها مطلقاً لما قدمناه من إطلاق الأدلة و من الإجماع

ص: 13

المنقول بالخصوص هاهنا المؤید بفتوی المشهور أو لخبر (لیس فی مال المکاتب زکاة) و لا تجب أیضاً علی السید لأنه ممنوع من التصرف فیه قبل العجز و إن عاد إلیه بعد العجز علی وجه النقل لو قلنا بملکیة العبد أو الانکشاف أو علی بقائه علی ملکه و الدخول فی ملک العبد عند الوفاء و انکشافه کذلک عنده لو قلنا بملکیة العبد لو أدی المکاتب المطلق من مال الکتابة فتحرر منه شی ء وجبت الزکاة علی نسبة الحریة إذا بلغت النصاب لشمول أدلة الزکاة لها و احتمال عدم الوجوب لما إذا قل الجزء لصدق العبودیة بالأغلبیة فتنتفی الزکاة حینئذٍ بعید کل البعد مخالف لإطلاق الأدلة و عموماتها و اشتراط الحریة یعتبر فی مبدأ الوجوب و طول الحول کباقی الشرائط.

فائدة: لا یجوز للعبد قبض الزکاة إذا کان مولاه غنیاً أذن له أم لا

و سواء قلنا بملکیته أم لا لإطلاق الروایة و کذا لو کان فقیراً و لم یأذن له المولی أما لو وکّله مولاه علی القبض فقبض عن المولی و کان فقیراً کان للمولی إن اتحد و إن تعدد صار لهم جمیعاً بنسبة الرءوس و لو أذن له فی القبض جاز أیضاً و یکون للمولی أن اتحد و إن تعدد کان بینهم علی نسبة السهام و لا یبعد جواز أن یعطی من سهم السبیل إذا کان محتاجاً أذن له أم لا لم یأذن له لکنه عدم الأذن لا یملکه المولی و لا العبد بل یبقی علی ملک الفقراء و یکون له حق الاختصاص و نصرف الأخبار الناهیة لغیر مفروض المسألة.

بحث: یشترط فی تعلق الزکاة بالمال الملک

اشارة

فلا زکاة فی مباح و ما کان کالمباح من وقف عام أو حق یتعلق بجهة عامة کمال الزکاة و الخمس و دفع الولی من مال الطفل لقیامه مقامه و کونه تامّاً بمعنی عدم تزلزله و عدم ثبوت الخیار فیه بالأصل أو بالعارض فیه کبیع المعاطاة و الهبة قبل التصرف بعد القبض و البیع المشتمل علی خیار لأصل أو بالعارض أو بمعنی التمکن من التصرف معه شرعاً فلا تجب فی المرهون و المنذور للتصدق به و المحجور علیه و أشباهها أو إعارة کالغائب و الضال و المغصوب و المسروق و المحجور و المبیع بالبیع الفضولی مع الإجازة الکاشفة أو بمعنی حصول تمام السبب المملک کالقبض فی الهبة و القبول فی الوصیة و الإجازة علی النقل و هو بالمعنی الأخیر مسلم و لا خلاف فیه و بالمعنی الوسط أیضاً کذلک فی الجملة لدلالة الأخبار علی کثیر

ص: 14

من جزئیاته المستفاد منها حکم کلی علی أن المراد و المدار علی التمکن من التصرف و أما هو بالمعنی الأول فلا یبعد منعه لعدم دلیل علیه یعارض الإطلاقات و العمومات الدالة علی ثبوت الزکاة علی المالک نعم لو قلنا أن من کان علیه حق الخیار مطلقاً لغیره و إذا اشترط علیه الخیار لا یجوز له التصرف بالمال و إتلافه و نقله قضاء لحق الخیار اتجه القول بعدم وجوب الزکاة علی المال المتعلق به الخیار للغیر لکون المنتقل عنه ممنوع من التصرف حینئذ و لکنا لا نقول بذلک لعدم دلیل علیه سوی أمور اعتباریة لا تصلح لإثبات الأحکام الشرعیة فلا نقول بسقوط الزکاة علی أن ذلک لو قلنا به فإنما نقول فی الخیار المختص بالنسبة إلی من لیس له خیار مطلقاً أو المشترط و لا نقول فی کل عقد جائز من معاطاة أو خیار مطلقاً و المجلس المشترک و الهبة قبل التصرف أو غیر ذلک لعدم دلیل علی ذلک سوی ما یتخیل من أن ثبوت الزکاة علی المنتقل إلیه ضرر و ضرار لاجتماع وجوب دفع الزکاة علیه من المال و وجوب دفعه لصاحب الخیار إذا فسخ تامّاً و هما منفیان و هو ضعیف لاندفاع الضرر بالإقدام علی ما فیه الخیار فترتب علیه حینئذ الآثار و الدلیل علی اشتراط التمکن من التصرف من الإجماعات المنقولة و الشهرة المحصلة فمنهم من نسبه إلی القطع به فی کلام الأصحاب و منهم من نفی الخلاف فیه و منهم من ادعی الإجماع علی اعتبار الملک و التصرف فیه و منهم من ادعاه علی نفی الزکاة عن المغصوب و المحجور و المسروق و الغریق المدفون فی موضع نسیه فیه و منهم من ادعاه علی نفیها علی المغصوب و الضال و المحجور بغیر بینة و المسروق و المدفون مع جهل موضعه و منهم من ادعاه علی نفیها عن المغصوب و المسروق و الضال و الموروث عن غائب حتی یصل إلی الوارث أو وکیله أو الساقط فی البحر حتی یعود إلی مالکه و کل من ادعاه علی الخصوصیة أراد المثال کما یظهر من سیاق کلامهم من غیر إشکال و الأخبار المتکثرة و منها خبر سدیر و فیه نفی الزکاة عن المال المدفون المجهول موضعه و منها موثق إسحاق و فیه نفی الزکاة عن المال الغائب عن صاحبه و کان صاحبه لا یقدر علی أخذه و منها صحیح عبد الله بن سنان (لا صدقة علی الدین و لا علی المال الغائب حتی یقع فی یدیک) و منها صحیح إبراهیم و فیه نفی

ص: 15

الزکاة عن الودیعة و الدین التی لا یمکن الوصول إلیها و منها صحیح زرارة المستفاد منه أم الزکاة علی من فی یده المال و هی ظاهرة فی أن ذکر هذه الخصوصیات من قبیل المثال کما یومی إلیه قوله (علیه السلام) فیما تقدم لأنه لم یصل إلیه علی أن المناط منقح بین جمیع الأفراد الداخلة تحت عنوان عدم التمکن من التصرف و إن القول بالفرق بین بعض الأفراد دون بعض لم نعثر علیه ممن یعتد به و من ناقش فی صحة هذا الشرط مطلقاً و إن غایته ما یمکن اعتباره فی هذا الشرط مقارنته لوقت الوجوب إجزاؤه فی جمیع الحول لأن عدمه فی الأول یؤدی إلی إخراج الزکاة من غیر العین و هو معلوم البطلان لتعلقها بالغیر فقد خالف الأخبار و کلام الأخیار و ما هو المسلم جمیع الأعصار نعم هنا کلام آخر و هو إن المتمکن من التصرف هل هو من الشرائط المجملة فلا یتحقق الوجوب عند الشک و حصوله أو من المبنیات العرفیة کماً و کیفاً وجهان و الأقوی الأخیر.

فوائد:

الأولی: لو وهب له نصاب لم یجر فی الحول إلا بعد القبض

لأنه أما متمم للملک أو کان جزءاً من أجزاء العقد أو شرط للصحة متأخر عنه و أما کاشف عن صحته سابقاً حین وقوعه أما بمعنی تأثیره عند حصوله فی صحته سابقاً عند وقوعه و أما بمعنی کشفه عن وقوعه صحیحاً عند حصوله و علی کل حال فلا زکاة قبله لعدم الملک علی الأول و لعدم التمکن من التصرف علی الثانی و احتمال أن القبض شرط اللزوم فیجری فی الحول بعد تمام العقد و إن لم یحصل القبض بعید عن ظاهر کلام الأصحاب إذ الظاهر بقاء جواز القصد إلی حین التصرف و إن حصل القبض فلو رجع الواهب بما تعلق الزکاة لم یرجع بمقدارها علی المهب سواء أخرجها المتهب من العین أو أخرجها من عین أخری أو لم یخرجها مطلقاً لأنها بمنزلة التالفة فلا رجوع له بها و یحتمل عدم جواز رجوع الواهب بالهبة بعد تعلق الزکاة بالمتهب لأنه بمنزلة تلف البعض و خصوصاً لو أخرج الزکاة من العین لأنه تصرف بها و هو مسقط للرجوع.

ص: 16

الثانیة: لو أوصی له لم یجر فی الحول بعد موت الموصی إلا بعد القبول

لأنه کذلک أما متم للملک أو کاشف عنه و علی الثانی للمنع من التصرف سواء فسر الکشف بتأثیره للصحة فیما سبق أو بیانه للصحة المتقدمة.

الثالثة: لو باع و کان لأحدهما خیار لم یمنع الخیار من کل منهما من جریان الحول

من حین العقد مطلقاً أو مشروطاً أو أصلًا علی الأظهر الأشهر من کون المبیع زمن الخیار مملوکاً غیر ممنوع من التصرف فیه علی الأقوی و ما ذهب إلیه الشیخ (رحمه الله) من أن المبیع یملک بالعقد و بانقضاء زمن الخیار ضعیف لا نقوله.

الرابعة: لا یجری مال القرض فی الحول إلا بعد القبض لا قبله

لعدم الملک لا یتوقف الملک علی التصرف علی الأقوی و لا یجری مال الغانم فی الحول قبل القسمة لأن الغانم قبلها أما غیر مالک و المال باق علی الإباحة أو ملک للمسلمین کافة أو للغانمین لا علی وجه الشرکة بل علی وجه المصرف و الاختصاص أو مالک غیر متمکن من التصرف قبل القسمة لإمکان الشرکة و إلا لکان لا زکاة فی کل مال مشترک و لا قائل بل لمکان الشرکة الخاصة کما یفهم من الأصحاب و علی کل حال فلا ذکره فیه و یؤیده الأول جواز اختصاص بعض الغانمین بإسقاط الباقی و إعراض بعض عن نفیه فیکون للباقی و جواز قسمة التحکم من الإمام علیهم إذا کانت الأجناس مختلفة و یؤید الثانی عمومات الأدلة الظاهرة فی ملک الغانم من دون معارض و منع اختصاص بعض الغانمین بالإسقاط و عدم منافاة الملکیة لزوالها بالأعراض و عدم منافاة جواز قسمة التحکم للملک لأن الإمام أولی بالمؤمنین من أنفسهم و هذا الأخیر أقوی و لو لا فتوی الأصحاب بأن شرکة الغنیمة لیست علی حد الشرکات الغیر مانعة عن التصرف قبل القسمة لأمکن المناقشة فی کونها مانعة عن التصرف قبل القسمة و إن کان للإمام أن یقسمه قسمة تحکم سیما فی متحد الجنس لأن الإمام لیس له أن یقسم کذلک و هل تکفی القسمة وحدها أم لا بد من قبض الغانم أو وکیله أو ولیه أو الإمام (علیه السلام)

ص: 17

وجهان و الأقوی بناء علی عدم التمکن من التصرف قبلها توقفه علی القبض من أحد مما ذکرناه.

الخامسة: النصاب المتعلق به النذر لا تتعلق به الزکاة إذا تحقق تعلق النذر به قبل تعلق الزکاة به

لعدم تمامیة الملک عاماً کان النذر أو خاصاً و کذا العهد و الیمین و فی الوعد من بعض الناس احتمال و کذا لو نذره صدقة بناء علی أن تأثیر النذر للغایة بصیرورتها کذلک بل هو أولی لخروجه عن ملک الناذر و لو کان مورد النذر معلقاً علی ما لم یحصل و کان مشکوکاً بحصوله فلا زکاة علیه لعدم التمکن من التصرف فیه لتعلق حق النذر فیه علی الأقوی و دعوی وجوب إخراج الزکاة منه و إبقاء من باقی النصاب ضعیفة جداً و تفصیل الأقسام أن النذر أما أن یتعلق بنصاب أمهات الأحوال أو بغیرها و هو أما مطلق أو مؤقت و علی التقدیرین فإما أن یتعلق بنفس الغایة و المسبب أو بنفس المؤثر أو المسبب و علی التقادیر فإما أن یتعلق بجمیع النصاب أو ببعضه و علی الجمیع فإما أن یکون معلقاً علی شرط أو مطلقاً و الشرط أما أن یقید فی الحول أو بما بعده أو مقارناً له و کذا فی غیر أمهات الأحوال أما أن یکون مقارناً لتعلق الوجوب أو قبله أو بعده و تفصیل أحکامها أن النذر متی تعلق مطلقاً غیر مؤقت بنصاب سواء کان نذراً للسبب أو المسبب دفع وجوب الزکاة إذا وقع قبل الخطاب بها فی أمهات الأحوال لعدم جریان النصاب فی الحول إلا مع التمکن من التصرف أو لا یمکن هنا إما لعدم تمامیة الملک و أما للحجر علیه من جهة تعلق حق المنذور به و إن کان ملک الناذر باقیاً و أما فی غیرها فعلی الأقوی تقدیماً لحق النذر لتقدیم سببه و معه یکون المال ممنوعاً من التصرف فیه فلا تتعلق به الزکاة لاشتراط وجوب الزکاة بکونه سالماً عن ذلک و لم یسلم قبل تعلق الخطاب بها و بعده تعلق بغیر السالم فلا یؤثر و إذا تعلق النذر موقتاً فی أثناء الحول فإن أوقع مقتضاه فلا إشکال و إن لم یوضع النادر ذلک و أجبنا علیه القضاء فکذلک و إن لم توجب القضاء احتمل احتساب الحول من حین فوات وقته لکونه ممنوعاً من التصرف قبل ذلک و احتمل جریانه فی الحول و احتسابه منه و الأول أقوی و إن کان موقتاً بعد الحول فی أمهات الأحوال فالأظهر أیضاً نفی الزکاة

ص: 18

عنه و عدم جواز التصرف فیه قبل ذلک لتعلق النذر به و إن تأخر الفعل و لیس هو کالواجبات المعلقة المتأخرة لتأخر وقت وجوبها و لیس هو کالواجبات المعلقة المتأخرة لتأخر وقت وجوبها بالنسبة لمقدماتها السابقة علی وقت الوجوب کما قد یتخیل بل الوجوب قد تعلق وقت النذر علی الأقوی و کذا فی غیر أمهات الأحوال کأن یقول لله علی إذا ملکت النصاب لأتصدق به أو إن احمر النخل فأتصدق به فیکون النذر حینئذ واجباً منجزاً مؤخراً أداؤه لا واجباً معلقاً و إذا تعلق النذر مشروطاً حصوله بما یترقب فإن وقع الشرط فی أثناء الحول فلا کلام و کذا لو وقع قبل وقت الوجوب فی غیر أمهات الأحوال و إن تأخر عن الحول و عن وقت الوجوب أو وقع مقارناً لهما أو کان مشروطاً تأخره عنهما فالأظهر أیضاً مانعیته للزکاة أو عدم جریانه فی الحول أو عدم جواز التصرف بعینه و لو تصرف ضمن مثلًا أو قیمة و احتمل تعلق الزکاة به و جریانه فی الحول و عند حصول الشرط أو یضمن قدر الزکاة بل بقی بنذره فی الباقی بعد دفع حق الفقراء لصیرورة قدر الزکاة بمنزلة التالف و علی ذلک یکون إتلافه جائزاً و مع الجواز فهل یضمن العین أو المثل و القیمة وجهان و یحتمل القرعة فی المقام و هو بعید لأن استخراج القرعة للأحکام لا ترتضیه هذا کله لو نذر السبب و لو نذر نفس الغایة کالصدقة و لو نذر أحد النصب سقطت الزکاة عن أحدها و التعین علی الناذر و لو تعلق النذر بالذمة لم یسقط فرض الزکاة و لو استطاع بنصاب فأخر الحج حتی حال علیه الحول وجبت علیه الزکاة و الحج و لو سبق الحول مسیر القافلة وجبت الزکاة فإن لم یبق قدر الاستطاعة سقط الحج و هل یکون سقوطه من حینه أو کاشف عنه من أصله وجهان أقواهما الثانی و لو استطاع بأرباح التجارة وجب الحج و سقط الخمس إذا لم یبق قدر الاستطاعة إذا دفع الخمس لأن الحج من المؤن نعم لو وجب الحج سابق فحصلت له أرباح وجب الحج و الخمس و لو اجتمعت الزکاة أو الخمس مع دیون أخر قدما لتعلّقهما بالعین و لو عادا فی الذمة وزع المال علیهما و علی الدیون و لا یقدمان علی الدیون خلافاً للعامة.

ص: 19

سادسها: لا یتعلق بالحقوق العامة کالأوقاف و مال الزکاة و الخمس و مال بیت المال زکاة

لعدم تمامیة الملک و عدم انصراف أدلة الزکاة لها و کذا لا یتعلق بالوقف الخاص لعدم تمامیة الملک نعم یتعلق بنمائه المملوک للعین إذا بلغ نصاباً.

سابعها: لا زکاة فی جمیع الأجناس علی المغصوب

و لا یجری فی الحول ما دام مغصوباً خلافاً لمن خصه بأمهات الأحوال و إطلاق الإجماع یرده و یشترط عدم التمکن من رده مجاناً أو بعوض یسیر من دون مهانة أو ذلة أو مصانعة أو تحمل تعب أو کذب أو أیمان و شبهها أو غیر ذلک و لو أمکنه رده ببعضه و کان البعض الباقی نصاباً لم تجب أیضاً علی الأظهر و لو توقف تحصیله علی الاستعانة بظالم أو عادل فالأحوط الزکاة و لو أمکنه الغاصب من التصرف و هو فی یده لم یخرج عن کونه مغصوباً.

ثامنها: لا زکاة علی المشروط علیه

لعدم التصرف بعقد لازم لعدم تمکنه منه علی الأظهر و کذا لا یجری فی الحول.

تاسعها: لا زکاة علی المحجور مع عدم البینة

و لا یجری فی الحول کذلک و أما معها و کان إقامتها ممکن فالأحوط الزکاة فیه و لو احتاج إلی ضم یمین فلا یبعد عدم الوجوب لأن الیمین ثقیل علی النفس.

عاشرها: لا زکاة علی الغائب

و لا یجری فی الحول ما دام غائباً للأخبار الدالة علی ذلک و الإجماع المنقول و نفی الزکاة عنه علی الإطلاق فی الفتوی و الروایة مخصوص بما إذا لم یتمکن صاحبه من قبضه و التصرف فیه و عدم الوصول إلیه بنفسه أو وکیله اقتصاراً علی مورد الیقین من إطلاق لفظ الغائب أو علی مورد المتیقن من تخصیص عمومات الکتاب و السنة الواردة فی وجوب الزکاة و لقوله (علیه السلام) فی المال الغائب فی موثقة زرارة (و إن کان یدعه متعمداً و هو یقدر علی أخذه فعلیه الزکاة لکل ما مر من السنین) و لو مضت علی الغائب أحوال زکاة لسنة واحدة استحباباً للأمر به للأخبار المحمولة علی الاستحباب لفتوی المشهور و إطلاق نفی الزکاة عن المال الغائب و للإجماع المنقول علی الاستحباب و یلحق بذلک المدفون الذی لم یعلم موضعه لأنه

ص: 20

غائب فی الحقیقة فلا تجب فیه الزکاة فتوی و نصاً و تستحب زکاته لسنة واحدة إذا مرت علیه أحوال للروایة الآمرة بزکاته لسنة بعد أن فقده ثلاث سنین و لا یبعد تخصیص الاستحباب بما إذا مرت علیه أحوال متعددة فلا یثبت بالحول بل بالحولین و الضال و المفقود من الحیوان و غیره حکمها حکم الغائب معنی و لفظاً و یجری علیهما ما یجری علی المال الغائب من سقوط الزکاة و استحبابها لسنة واحدة إذا مرت به أحوال و لا یبعد الاستحباب فی الجمیع إذا مر به حول أو حولان أخذ بإطلاقات الروایات و استناداً لفتوی بعض الفقهاء تسامحاً بأدلة السنن و لو تمکن المالک من الوصول إلی المال الغائب من دون مشقة أو بعد أو أمکنه التصرف به بتوکیل و شبهه أو کان له وکیل علی التصرف بأمواله فی غیبته وجبت علیه الزکاة و جری فی الحول إذا بلغ النصاب و لو ترک التوکیل فغاب حتی وصل الموضع لم یتمکن من الغائب عرفاً سقط عنه تعلق الزکاة.

حادی عشرها: المرهون لا زکاة علیه
اشارة

و لا یجری فی الحول ما دام مرهوناً سواء تمکن من دون عسر أو لم یتمکن لاشتراط التمکن من التصرف و الرهن ما دام مرهوناً لا یتمکن الراهن من التصرف فیه و التمکن من فکه لا یصیره من المتمکن من التصرف فیه علی الأظهر خلافاً للشیخ فأوجب الزکاة علی المرهون مطلقاً فی موضع و فرق بین المقدور علی فکه فأوجبها فیه و بین غیر المقدور فلا فی موضع آخر و یرده المفهوم من الروایات و المعروف من کلام الأصحاب من اشتراط التمکن من التصرف و لو استعار للرهن فلا زکاة علی المستعیر و لا علی المعیر و إن تمکن المستعیر من فکه أو تمکن المعیر من حمل المستعیر علی الفک.

فائدة: لا یبعد الحکم فی الاکتفاء بعروض ما تقدم لحظة واحدة فی أثناء الحول

من غیبة أو ضلال أو فقدان أو غصب أو جحد أو رهن أو شبهها و لکن الأقوی إنما لم یصدق علیه عرفاً أنه ممنوع من التصرف فی ملکه لا یجری علیه الحکم فالمحجور أو المسروق زماناً لا یعتد به أو الضائع دقیقة من الزمان قلیلًا لا یجری علیه الحکم علی الأظهر و إلا لم تبق زکاة متعلقة بسائر الأموال لأنه قلما ینفک مال من عروض هذه

ص: 21

العوارض ساعة فما دونها من الزمان الیسیر الذی لا یعتد به و قد یفرق بین الرهن و غیره فیعتبر فی الأول و لا یعتبر فی الثانی.

ثانی عشرها: لا زکاة علی الدین لا من الدیان و لا من المدیون

لأنه لیس من المال المعین المملوک للمدیون و لا من المعین للدیان قبل قبضه له أو قبض من هو بمنزلته بل هو من الکلیات المتعلقة بالذمم و لأنه ممنوع من الوصول إلیه و إن أمکن تصرفاً به ببیع و شبهه ما دام فی الذمة و قدرته علیه بعد الوفاء لیس تصرفاً بما فی الذمة بل فیما وقع وفاء له و لا فرق بین قدرة الدیان علی الاستیفاء و عدمها لإطلاق الأخبار الناطقة بأنه (لیس فی الدین زکاة و منها لا حتی یقبضه) قلت فإذا قبضه یزکیه قال: (لا حتی یحول الحول فی یده) و لإطلاقات الإجماعات المنقولة و لانعقاد الشهرة المحکیة و المحصلة علیه و للروایات النافیة للزکاة عن مال القرض عن المقرض و موردها و إن کان غیر مفروض المسألة لکنها لا تصلح للتأیید و ذهب بعض أصحابنا إلی وجوب الزکاة علی الدیان إذا قدر علی تحصیله فأخره باعتباره لتمکنه من التصرف فیه و لما ورد فی الصحیح فی مال الغائب من أنه (إن کان یدعه متعمداً و هو یقدر علی أخذه فعلیه الزکاة لکل ما مر من السنین) و للصحیح (و لا یزکی ما علیه من الدین إنما الزکاة علی صاحب المال) و لخبر عبد العزیز عن الرجل یکون له دین قال: (کل دین یدعه هو إذا أراد أخذه فعلیه زکاته و ما کان لا یقدر علی أخذه فلیس علیه زکاة إلا أن یکون صاحب الدین هو الذی یؤخره) و لأن ما بین الأخبار نفی الزکاة عن الدین مطلقاً و نفیها مخصوص ما إذا لم یتمکن عموم مطلق و الخاص یحکم علی العام و الکل ضعیف لظهور الصحیح الأول فی المال الغیر للغائب و هو غیر الدین و لضعف دلالة الثانی لعدم تصریحه بخصوص الدین و لضعف الأخبار الأخیرة عن تخصیص العمومات النافیة المعتبرة المنجبرة بفتوی المشهور و الأصل المحکم فحملها علی الاستحباب بعد عدم قابلیتها للتخصیص أولی من طرحها کما أفتی بها جماعة من الأصحاب أو تحمل علی التقیة لأن فتوی العامة علی ثبوت الدین علی الدیان مطلقاً فالتفصیل أقرب لمذهبهم و إن لم ینقل عنهم و یؤیده المشهور أیضاً إن إطلاقات وجوب الزکاة کلها

ص: 22

منصرفة للمال المملوک المغیر و ما فی الذمم لا ینصرف إلیه إطلاقات أدلة الزکاة التکلیفیة و الوضعیة کقوله (علیه السلام): (فی الغنم کذا و فی کل مائتین درهم کذا و کذا) العنوانات الوضعیة من السوم و العلف بالذمة و شبهه و إن أمکن إدخال الموصوف بالسوم و العلف بالذمة کما فی باب السلم لکنه خلاف الظاهر.

ثالث عشرها: تجب زکاة القرض علی المقترض دون المقرض

لمسلک المقترض له دونه و للأخبار و فتوی الأخیار و الإجماع المنقول بل المحصل و فی الصحیح علی من الزکاة علی المقرض أو علی المقترض قال: (علی المقترض) و فی الأخبار رجل دفع إلی رجل مالًا قرضاً علی من زکاته علی المقرض أو علی المقترض قال: (لا بل زکاته إن کانت موضوعة حولًا علی المقترض قال: فقلت لیس علی المقرض زکاتها قال: (لا یزکی المال من وجهین فی عام واحد) و لو دفع المقرض عن المقترض الزکاة من ماله تبرعاً أو دفعه من ماله بإذنه أو دفعها لاشتراط الزکاة علیه بعقد لازم أو جائز کالقرض أجزئت عن المقترض و برئت ذمته لأن الزکاة و إن تعلقت بالعین فهی أشبه شی ء بالدین لجواز إخراج المالک الحق من غیر العین بالقیمة و من خصائص الدین و ما شابهه جواز وفاء الغیر عن المدیون و إجزاؤه عنه تبرعاً عنه و بإذنه فکان أذن للمالک أن یدفع من غیر الحق للفقراء فکذا لغیر المالک أن یدفع عنه من غیر العین لهم أیضاً و لا مانع متخیل سوی أن الزکاة عبادة فی مال معین علی شخص معین و الأصل فیها عدم السقوط بفعل الغیر و عدم حصول الإبراء بمال الغیر و الأظهر أن هذا فی العبادات المالیة غیر مانع لأن الفرض منها مجرد إیجادها فی الوجود الخارجی و لهذا یجوز التوکیل و الفضولیة من مال المالک و من مال الفضولی و یدل علی ذلک ما ورد أیضاً فی الصحیح فی رجل استقرض مال و حال علیه الحول و هو عنده فقال: (إن کان الذی أقرضه یؤدی زکاته فلا زکاة علیه و إن کان لا یؤدی أدی المستقرض) و ما ورد فی صحة اشتراط الزکاة من المشتری علی البالغ فإنه یدل بمفهومه علی الاجتزاء به عند وفائه بالشرط ففی الصحیح سمعت الصادق (علیه السلام) یقول: (باع أبی من هشام بن

ص: 23

عبد الملک أرضاً بکذا و کذا ألف دینار و اشترط علیه زکاة ذلک المال عشر سنین و فی آخر من سلیمان بن عید الملک بمال و اشترط علیه فی بیعه أن یزکی هذا المال من عنده لست سنین) و یدل علی صحة هذا الشرط عمومات أدلة الشروط و إن المتبرع إذا صح بشی ء صح اشتراطه بطریق أولی فلا وجه لمنع صحة هذا الشرط أو منع جواز دفع زکاة شخص من غیر ماله نعم هنا مسألة و هی أنه هل بالشرط تنتقل الزکاة من ذمة المشترط إلی ذمة المشروط علیه أو لا تنتقل إلا بالدفع منه و الأخذ منه مشغولة و إن وجب الدفع علی المشروط علیه و الأقوی عدم الانتقال إلا بالدفع و لا منافاة بین التزام المشروط علیه بالدفع عن المشترط و بین بقاء ذمته مشغولة بالزکاة إلی حین الدفع فیکون شبیه الواجب الکفائی جمعاً بین الأدلة الدالة علی صحة کل منهما و العمومات القاضیة بکل منهما حتی أنه لو شرط المقترض انتقال الزکاة إلیک و فراغ ذمتی منها علی المقرض کان کان شرطاً فاسداً و مفسداً علی الأظهر للفرق بین اشتراط الانتقال إلیه و لو لم یعلم المقترض بالتأدبة فالظاهر أنه لا یجب علیه السؤال لکن علی إشکال لثبوت شغل الذمة فیحتاج إلی الفراغ الیقینی بخلاف ما لو علم بالعدم فإنه یجبره علی التأدیة مهما أمکن فإن أدی سقطت عنه و إلا أدی هو و بقی المشروط علیه مطالباً بالمثل أو القیمة علی الأظهر و یحتمل فراغ ذمة المشروط علیه و لا مطالب بشی ء من المثل أو القیمة لفوات محل التأدیة نعم یبقی للمشترط الخیار.

رابع عشرها: لا یراد بالتمکن من التصرف التمکن من جمیع التصرفات

و إلا خرج کثیر من الزکویات و لا التمکن من البعض و إلا لدخل المغصوب و المحجور و الضال لجواز الصلح علیها و بیعها مع الضمیمة فی وجه قوی بل یراد التمکن من العرفی الأغلبی الذی یدخل فیه القدرة علی إخراج الزکاة منه حین التعلق و حین الحول و قد یرمی معناه بالإجمال فلا زکاة حینئذ إلا مع القطع بتحققه لأن الشک بالشرط شک فی المشروط و المفروض أنه شرط إجماعاً.

خامس عشرها: المتمکن من التصرفات منه بواسطة أمر آخر لا یدخل تحت التمکن من التصرف فیه

و إن کان المقدور بالواسطة مقدوراً بالذات فلا یدخل المرهون

ص: 24

المقدور علی فکه و المغصوب المقدور علی رده و الضال المقدور علی وجدانه و المحجور و المقدور علی إثباته فی التمکن من التصرف فیه بل یدخل فی التمکن من لتمکن فی التصرف فیه و أحدهما غیر الآخر و لا یلزم إحراز الشرط للوجوب بل لو حصل ثبت الوجوب کسائر شرائط الوجوب و عدم العلم بالملک أو الدخول أو الغفلة لا یدخل تحت غیر المتمکن من التصرف علی الأظهر لأنه من الشرائط الواقعیة فهو بالواقع متمکن من التصرف.

سادس عشرها: عدم إمکان الأداء لا یعتبر فی التمکن من التصرف

و إن اعتبر فی تعلق الضمان و عدمه فلو لم یمکن التأدیة بعد تعلق الوجوب لعارض لم یکن مانعاً من وجوب الزکاة قطعاً نعم لو تلف النصاب بغیر تفریط من جهة أخری لم یکن ضامناً.

سابع عشرها: الکفر لیس من موانع التصرف و لا من موانع تعلق وجوب الزکاة

لأن الکفار مخاطبون بالفروع و إن لم یصح منهم ما کان مشروطاً بالقربة إلا بالإسلام لأن الإسلام من مقدمات الواجب المطلق فیجب الإتیان به عند الخطاب بمقدمته إذا کان مقدوراً فجمیع الخطابات شاملة للکفار و المسلمین و ترتب الویل و الذم علی الکفار الغیر عاملین أقوی شاهداً علی خطابهم فمن خص الخطابات بالمسلمین لشبهة إن أکثرها مصدرة بلفظهم و بالمؤمنین فیحمل المطلق علی المقید فقد خالف الإجماع بل الضرورة نعم قد یقع الإشکال فی المرتد الفطری لعدم قبول توبته فیکون تکلیفه فی الفروع من قبیل تکلیف ما لا یطاق فیجاب عنه بالتزام ارتفاع الخطاب عنه و أما بتوجیهه إلیه و إنما بالاختیار لا ینافی الاختیار و أما بالتزام قبول توبته باطناً و إن لم تقبل ظاهراً و الأقوی أن الکافر الأصلی دون المرتد الملی علی الأظهر و إن تعلق به خطاب الزکاة لکنه بإسلامه یسقط عنه سواء أسلم بعد التعلق بلحظة أو أسلم فی أثناء الحول فإنه یبطل احتساب ما تقدم علی الإسلام من الحول و استئناف الحول من حین إسلامه و لما ورد أن (الإسلام یجب ما قبله) و سنده و دلالته مجبوران بفتوی المشهور و عمل الجمهور بل کاد أن یکون مضمونه إجماعاً محصلًا أو منقولًا فلا وجه لتوقیف جماعة فی هذا الحکم فألحقوا الکافر بالمخالف فی وجوب الدفع علیه بعد فوات وقت الوجوب

ص: 25

و احتساب الحول علیه و إن کان فی زمن خلاف الضعف التوقف لظهور الفرق بین الکافر و المخالف من جهة الدلیل المسقط للوجوب فی الکافر و المثبت له فی المخالف علاوة علی الأصل و عمومات الأدلة و قد ورد أن المخالف لا یعید شیئاً من عبادته الفانیة سوی الزکاة لأنه وضعها فی غیر موضعها فإلحاق الکافر بالمخالف قیاس لا نقول به و یجوز للساعی قهر الکافر علی أخذ الزکاة منه ما دامت موجودة فلو أتلفها لقاعدة جواز تضمینه إیاها و قیل لا ضمان علیه بعد إتلافها و لیس للساعی أخذها منه مثلًا أو قیمة بل لیس له قهره علی أدائها مطلقاً و یؤید أن الکفار لا یجبرون علی فعل الفروع و أنهم مقرون علی مذهبهم سیما وقت المهادنة و لکنه یبعده أنها من الحقوق المالیة المتعلقة بالمخلوق فلا یقر الکافر علیها و أنها من الأموال المشترکة و أما المرتد الملی فیقهره الحاکم علی الدفع و لا یقر علی دینه بوجه من الوجوه علی الأظهر.

ثامن عشرها: لا یجب سقوط الزکاة علی المریض فیما زاد علی الثُّلث إذا مات بمرضه ذلک

لأنه محجر علیه فیه و کذا عن المال المختلط بالحرام إذا لم یعلم قدره و صاحبه قبل إخراج خمسه لحرمة التصرف فیه قبل إخراج الخمس و لکن الأقوی و الأحوط الزکاة فیهما لعموم الدلیل و عدم رجحان دخولهما تحت التمکن من التصرف.

تاسع عشرها: من تعلق به وجوب الزکاة ففرط فیها و أهمل تلفت من دون ذلک لم یضمن

و لو تعلق به الوجوب و لم یمکنه التأدیة فمات وجب علی الولی إخراجها فإن تلفت فلا ضمان بل یسقط من النصاب بحسابه و لا یضم البعض إلی النصاب و لا تسقط من الفریضة بسببه شی ء علی الأقوی و علی الأظهر و یحتمل أن کل ما بقی من المال بعد التلف یکون للفقراء علی وجه تعلقها بالذمة و کون العین رهناً عند الفقراء أو علی وجه أن إشاعتها کانت کإشاعة الصاع فی الصبرة إذا باعه صاعاً من صبرة فإن ما بقی یکون للمشتری.

ص: 26

بحث: موارد وجوب الزکاة

لا تجب الزکاة إلا فی تسعة أشیاء الحنطة و الشعیر و التمر و الزبیب و الذهب و الفضة و الإبل و البقر و الغنم للإجماع محصلًا و منقولًا و للأخبار المتکافئة الدالة علی ثبوتها فی التسع و نفیها عما سوی ذلک حتی السلت و العلس و فی الصحیح فی منادی رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و نادی فیهم بذلک فی شهر رمضان و عفی لهم عما سوی ذلک و فی آخر و سنها رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فی تسعة أشیاء و فی آخر الزکاة علی تسعة و عددها إلی غیر ذلک من الأخبار فظهر بذلک ضعف ما ذهب إلیه ابن الجنید من وجوبها فی سائر الحبوب و فیما یدخله الکیل و الوزن مما أنبت الأرض عدا الخضر و القث و الباذنجان و الخیار و ما شاکلها استناداً لروایات دلت علی ذلک لا تصلح لمعارضته ما ذکرنا کما ورد سألته عن الحرث مما یزکی فقال: (البر و الشعیر و الذرة و الأرز و السلت و العدس کل هذا مما یزکی) و قال: (کلما کیل بالصاع فبلغ الأوصاف فعلیه الزکاة) و فی بعد عد البر و الشعیر و الذرة و الدخن و الأرز و السلت و العلس و العدس و السمسم قال: (کل هذا یزکی و أشباهه) و فی آخر جعل رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) الصدقة فی کل شی ء أنبت الأرض إلا ما کان من الخضر و البقول و کل شی ء یفسد من یومه إلی غیر ذلک من الأخبار و حملها علی الاستحباب خیر من إطراحها فی الباب کما أفتی به جمهور الأصحاب و لا یمکن الأخذ بظاهرها لمعارضته لما هو أقوی منها عموماً و خصوصاً من الأخبار النافیة للزکاة عن الأرز و الذرة و الحمص و العدس و سائر الحبوب و فواکه غیر هذه الأربعة أصناف و إن أکثر و حملها بعض أصحابنا علی التقیة لفتوی جمع من العامة بذلک و لا یبعد ذلک و یمکن حملها علی التقیة و استفادة الاستحباب منها کما علیه فتوی الأصحاب و ضعف مذهب من أدخل السلت فی الشعیر و العلس فی الحنطة لمخالفته کلام بعض أهل اللغة و أهل العرف و کلام الأصحاب و أخبار الباب و إن وافق کلام بعض من أهل اللغة و حکم ما یستحب فیه الزکاة حکم ما یجب من الشرائط و الموانع و القدر المخرج و غیر ذلک

ص: 27

و یستحب الزکاة علی الخیل الإناث لمنقول الإجماع و للأخبار إذا کانت سائمة و حال علیها الحول و القدر علی العتیق و کریم الأصل و فسر بما أبواه عربیین دینارین و علی البرذون و هو بخلافه دینار کما ورد فی الصحیح عن محمد بن مسلم و زرارة و أفتی به الأصحاب و تستحب أیضاً الزکاة فی مال التجارة و هو الذی یملک بعقد معاوضة بنیة الاکتساب للإجماع و الأخبار و فتوی مشهور الأخیار و قیل بالوجوب و نسب لابن بابویه تمسکاً بظاهر الأخبار المثبتة للزکاة فیها لتضمنها ما ظاهره الوجوب کقوله (صلّی الله علیه و آله و سلّم): (کلما عملت به فعلیک فیه الزکاة إذا حال علیه الحول) و فی آخر (إن کان أمسکه لیلتمس الفضل علی رأس المال فعلیه الزکاة) و فی آخر (فإذا صار ذهباً و فضة فزکه للسنة التی تتجر فیها) و فی آخر (إذا حال علیه الحول فلیزکه) إلی غیر ذلک من الأخبار الدالة علی الوجوب و هو ضعیف لمعارضته هذه الأخبار للأخبار المتکاثرة المتظافرة المنجبرة بالأصول و القواعد و فتوی المشهور و الإجماعات المنقولة علی عدم وجوب الزکاة فی غیر التسع لخصوص ما ورد من نفیها هاهنا من الأخبار المتکاثرة و منها ما ورد فی نزاع أبی ذر و عثمان حیث قال أبو ذر: (أما ما اتجر أو أوبر و عمل به فلیس فیه زکاة) و خالفه فی ذلک عثمان فرجعا إلی رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فقال: (القول ما قال أبو ذر) إلی غیر ذلک من الأخبار فلتحمل تلک الأخبار علی الاستحباب لئلا تطرح فی الباب أو تحمل علی الاستحباب و التقیة کما نسب القول به إلی العامة فیکون ظاهره للتقیة و یراد به الاستحباب أیضاً و لا ممانعة بینهما و حملها علی التقیة فقط بعید عن فتوی الأصحاب بالاستحباب لهذه الأخبار.

بحث: فی زکاة الحیوان

اشارة

فی زکاة الحیوان و هی الأنعام الثلاثة و لو تولد حیوان منها أو من غیرها روعی فیه الاسم و کذا لو تولد منها بعضها مع بعض أو من غیرها کذلک لو کان من محلل و محرم أما لو تولد من محرمین و دخل تحت اسم ذکری قام احتمال تحلیله و وجوب

ص: 28

الزکاة علیه و تحریمه و نفی الزکاة عنه و هو الأحوط و کذا لو لم یدخل تحت اسم حیوان مطلقاً

و یعتبر فی زکاة الحیوان شروط:

أحدها: النصاب
اشارة

و هو فی الإبل اثنی عشر نصاباً للإجماع بقسمیه و للأخبار المتکاثرة الدالة علی ذلک سواء کانت ذکوراً أو إناثاً أو ملفقة منهما و سواء کانت عربیة أو بخاتیة أو ملفقة منهما.

الأول: خمس و فیها شاة و لیس فیما دونها شی ء.

ثانیها: عشر و فیها شاتان. ثالثها: خمسة عشر و فیها ثلاث شیاه .. رابعها: عشرون و فیها أربع شیاه .. خامسها: خمس و عشرون و فیها خمس شیاه .. سادسها:: ست و عشرون و فیها بنت مخاض و هی ما دخلت فی الثانیة و بنت المخاض معناه ما من شأنها أن تکون مخاضاً أی حاملًا و إن لم تکن کذلک بالفعل .. سابعها: ست و ثلاثون و فیها بنت لبون أی ذات لبون و لو بالصلاحیة و هی ما دخلت فی السنة الثالثة .. ثامنها: ست و أربعون و فیها حقة و هی ما دخلت فی السنة الرابعة و استحقت للحمل و الفحل .. تاسعها: إحدی و ستون بزیادة خمسة عشر و فیها جذعة و هی ما دخلت فی الخامسة و هی ما تجذع مقدم أسنانها أی تسقطه .. عاشرها: ست و سبعون بزیادة خمسة عشر أیضاً و فیها بنت لبون .. حادی عشرها: إحدی و تسعون بزیادة خمسة عشر أیضاً و فیها حقتان. ثانی عشرها: مائة و إحدی و عشرون بزیادة ثلاثین و فیها فی کل أربعین بنت لبون و فی کل خمسین حقة ..

و خالف بعض أصحابنا فی النصاب السادس فأسقطه و أثبت بنت مخاض فی خمس و عشرین إلی الست و ثلاثین و بعض آخر فبدلوا النصاب العاشر بالإحدی و الثمانین ففیها ثنیُّ و بعض آخر فجعلوا النصاب الأخیر مائة و ثلاثین و فیها حقة و بنت لبون و الکل ضعیف مخالف للأخبار المستفیضة المعتبرة و الإجماعات المنقولة المتکثرة لیس له سنداً یعتمد علیه و لا دلیل یعول علیه سوی ما ورد للأول فی الصحیح المشتمل علی أنها إذا بلغت خمساً و عشرین ففیها بنت مخاض و أنه لیس فیها شی ء حتی تبلغ

ص: 29

خمساً و ثلاثین فإذا بلغت ذلک ففیها بنت لبون إلی أن تبلغ خمس و أربعین فیها حقة إلی أن تبلغ ستین ففیها جذعة إلی أن تبلغ خمساً و سبعین ففیها بنت لبون إلی أن تبلغ تسعین ففیها حقتان و إلی أن تبلغ مائة و إحدی و عشرین ففی کل أربعین بنت لبون و فی کل خمسین حقة و هو لا یقاوم ما قدمنا فأما أن یحمل علی التقیة و إن اشتمل علی ما أفتی به أصحابنا و لم یفت به العامة أو یؤول علی إرادة إذا بلغت خمساً و عشرین و زادت واحدة ففیها بنت مخاض و یدل علی لزوم التقدیر فی جمیع الروایة کذلک لعدم القائل بلزوم بنت لبون فی خمس و ثلاثین و الحقة فی خمس و أربعین أو هکذا و یشهد لذلک أنها مرویة فی معانی الأخبار بما یوافق المعتبرة المستفیضة الموافقة للمشهور أو یؤول علی إرادة القیم من بنت المخاض للشیاه و ما ورد فی الفقه الرضوی للثانی و ما نقل الإجماع علیه فی الثالث و ضعفها عن المقاومة لا یحتاج إلی بیان و لا یفتقر إلی برهان.

فوائد:
الأولی: لا یتفاوت الحال بین ملک القدر المذکور صحیحاً أو مکسراً مشاعاً مع غیره

کأن یکون له عشرة أنصاف فی عشرة أو خمسة عشر ثلث فی خمس عشر لصدق أن له خمسة من الإبل عرفاً و أما الفریضة فالأقرب أنه لا یجزی دفع المکسور فیها عن الصحاح فلا یجزی دفع نصیفی بنت مخاض عنها و دفعها عن الکسور فی النصاب لا یبعد جوازه و إن کان الأحوط ترکه ..

الثانیة: یجزی ابن اللبون عن بنت المخاض إذا لم توجد عند المالک علی أنه فریضة

لا علی أنه نمیة فلا عبرة بنقصان قیمته عنها أو زیادته وفاقاً للمشهور و الإجماع المنقول و الأخبار المستفیضة و کذا لو لم یوجد معاند المالک فإنه یتخیر فی شراء أیهما کان علی الأظهر أیضاً لما قدمنا و لأنه بشرائه له کان واجداً له فاقداً لها فیجری و علیه فتوی المشهور و ظاهر الإجماع المنقول و الأخبار المستفیضة الصحیحة مختصة بالصورة الأولی لقولهم (علیهم السلام): (فیها فإن لم یکن بنت مخاض فابن لبون ذکر) فالاحتیاط

ص: 30

یقضی بشرائها دونه و لو وجد معاً فلا یبعد الإجزاء لفتوی المشهور و ظاهر الإجماع المنقول و الأحوط خلافه فعلی ذلک لو کانت عنده بنت لبون تخیر بین دفع الثانی مع الحیوان و الأولی من دونه و إن کان الدفع لا وجه أنه فریضة بل علی أنه تسمیة جاز دفع کل صنف إلی أن توفی قیمة الفریضة.

الثالثة: من لم یکن مالکاً للفریضة أو کان مالکاً فباعها بعد الحول أو أتلفها

فبقی خال منها علی إشکال و عنده من أعلی منها أو أولی جاز له أن یدفع بالقیمة و أن یشتری الفریضة نفسها و أن یدفع الأعلی و یأخذ من العامل أو الفقیر علی الأظهر شاتین أو عشرین درهماً أو یرفع الأدنی أو یضیف إلیه شاتین أو عشرین درهماً وفاقاً للمشهور و الإجماع المنقول و للخبر المعتبر بالانجبار بما علیه فتوی الأخیار و فیه (من بلغت عنده من إبل الصدقة الجذعة و لیس عنده جذعة و عنده حقة فإنه یقبل منه الحقة و یجعل معه شاتان أو عشرین درهماً و من بلغت عنده الحقة و لیس عنده حقة و عنده جذعة دفعها و أخذ من المصدق شاتین أو عشرین درهماً) و ذکر فیه باقی الفرائض من الحقة و بنت اللبون و هی و بنت المخاض و فی الصحیح ما یقضی بذلک أیضاً و مقتضاها و مقتضی الفتوی و الاقتصار علی مورد الیقین أجزأه شاة و عشرة دراهم و إن أمکن القول به لتنقیح المناط و عدم تسریة الحکم لغیر الإبل من الأنعام و عدم تسریة الإبل للأعلی بمرتین أو مراتب أو للأدنی کذلک فلا یصح دفعة حقة عن بنت مخاض و أخذ أربع شیاه أو أربعین درهماً و لا دفع بنت مخاض عنها مع ضم ذلک و هکذا اقتصاراً علی مورد الیقین فی العبادة و أجاز الشیخ (رحمه الله) ذلک و استدل له العلامة (رحمه الله) بأن بنت المخاض واحد الأمرین مساوی شرعاً لبنت اللبون و بنت اللبون و أحدهما مساوٍ للحقة و مساوی المساوی مساوی فیکون بنت المخاض مع أربع شیاه أو أربعین درهماً مساویاً للحقة و لا یخفی ضعفه لمنعه المساواة من کل وجه و کذا لا یصح دفع ما فوق الجذع کالثنی و هو ما دخل فی السادسة و الرباعی و هو ما دخل فی السابعة عن الجذع أو ما دونه من الفرائض مع أخذ الجبران أو عدمه زاد فی الفریضة عن القیمة أو ساواها أو نقص عنها و کذا ما دون ابنة المخاض اقتصاراً علی مورد الیقین نعم

ص: 31

الإخراج بالقیمة لا بأس به و لا یصح دفع بنت المخاض عن خمس شیاه فی الخمسة و العشرین مطلق لا بالقیمة السوقیة و تجویز بعضهم ذلک لإجزائه عن النصاب الأعلی فیجزی عن الأدنی ضعیف و کذا لا یصح دفعها عن شاة واحدة فی خمس من الإبل لخروجها عن مورد النص و الأولویة ممنوعة و یحتمل قویاً إجزاء الأعلی من الفریضة عنها مع المساواة فی القیمة و الزیادة علی وجه الإشاعة و کذا بنت المخاض و غیرها فالمدفوع حینئذ یکون بدلًا عن ذلک الفقد لضرر الشرکة فلا یتفاوت بین ما جعله الفقهاء فریضة و غیره و لکن المفهوم منهم خلاف ذلک و إیجاب نفس ما فی الأخبار و ظاهرها وجوب شرائها إذا لم تکن عنده فکأنهم فهموا الحکم الوضعی و التکلیفی منها إلا أن یعدل إلی القیمة و معها تقل الثمرة لعدم وجوب شرائها إذا لم تکن عندهم فکأنهم فهموا حکم نیة الأصالة البدلیة و اعلم أن ظاهر النص و الفتوی الاجتزاء بدفع الأعلی و أخذ الجبران و إن اقتضی إجزاؤه مع مساواة المدفوع للمأخوذ أو نقصانه عنه و لکنه مشکل جداً لتأدیته إلی إذهاب الزکاة و عدم عود نفع للفقراء بل إدخال الضرر علیهم علی أن دخول مثل هذا القول فی الإطلاق مما یبعد غایة البعد فالأقوی اشتراط الزیادة و لو فی الجملة فی الفریضة المدفوعة علی المأخوذ من العامل و لا یشترط مساواة الزائد لقیمة الفریضة لأن الظاهر أن المسألة لیست تعبدیة صرفة فیجزی المساوی للمدفوع جبراً و الناقص لا من جهة القیمة فتلاحظ فیها و تکون الروایة کاشفة عن القیمة بل بین أمرین فهو تعبدی و یقتصر فیه علی مورد النص و لکن بحیث یصل منه نفع للفقراء فی الجملة و لو دفع المالک الأدنی مع الجبران تولی النیة و علقها بالمجموع و لو دفع الأعلی فالظاهر تعلق النیة بمجموعه لکن یشترط الجبران من المدفوع إلیه فتکون نیة و شرطاً لا نیة بشرط و الخیار فی الدفع إلی المالک بین الأعلی و الأدنی و بین الشیاه و العشرین درهماً و بین قدر الشاة قدراً أو قیمة علی إشکال و منع بعضهم مباشرة دفع الجبران لغیر الإمام (علیه السلام) أو وکیله لأنها معاوضة أو شبه المعاوضة و هو بعید و الأحوط فیما إذا کان الآخذ هو المالک أن یتولی الدفع المجتهد الجامع للشرائط بل الأحوط الرجوع إلی المجتهد مطلقاً و خیال أن المجتهد لا وظیفة له بذلک ضعیف جداً

ص: 32

و الظاهر أنه یجب علی الساعی قبول الأعلی و دفع الجبران کما یظهر من الروایة و لو خلا النصاب عن الفریضة الواجبة وجب شراؤها و لا یجزی واحدة من النصاب مطلقاً لما یظهر من الشهید فی البیان و وفاقاً یظهر من الأصحاب و من ظاهر الخطاب إلا أن تحتسب بالقیمة فلا بأس به و معها فتقل الثمرة حینئذ و یحتمل إجزاء الأعلی بناء علی أن التحدید لأول سن الفرائض فیجزی الأعلی و لکنه بعید فی الإبل و البقر و إن کان قریباً فی فریضته.

الرابعة: قلنا إذا تکثرت الإبل کان فی کل أربعین بنت لبون و فی کل خمسین حقة

و یزید ثبوتها علی وجه الاستیعاب و التوزیع مهما أمکن و إلا فالتخییر و لا یجوز إرادة ثبوتهما معاً علی سبیل الإجماع لمخالفته الإجماع و قد یرجح التخییر مطلقاً بالروایات الدالة علی أنه إذا زادت علی العشرین و المائة واحدة ففی کل خمسین حقة و هو لا ینطبق إلا علی الأربعین لأنه إذا استخرج منه الحقق بقیت إحدی و عشرون و بالروایات الدالة علی العد بالخمسین فقط لقوله (علیه السلام) فی الصحیحین فإذا کثرت الإبل کان فی کل خمسین حقة بعد ذکر المائة بالإحدی و عشرین فلو لم یکن التقدیر بالخمسة معتبراً لما اقتصر علیه فی مقام البیان و قد یرجح وجوب التوزیع علی ما یحصل به الاستیعاب بالاحتیاط و بأنه أعود للفقراء لأنه لا یبق عفو فی النصاب حینئذ و بأن الحقتین یجبان فیما دون المائة و الإحدی و العشرین فلا فائدة فی وجوبهما أیضاً و بما جاء فی نصاب البقر فتوی و نصاً و فی هذه ضعف لمعارضته بظاهر الأخبار و فتوی الأخیار و لمنع أعودیة ذلک للفقراء فلعل استخراج الحقق أعود و إن قل عددها عن بنات اللبون و لمنع عدم الفائدة لجواز کونها کالفائدة المشهورة فی نصاب الغنم أو کونها لجواز العدول منها و لمنع مساواة الإبل للبقر و مع ذلک فالاحتیاط یقضی بالاستیعاب أو ما قاربه فیقضی فی مائة و إحدی و عشرین بإخراج ثلاث بنات لبون و بالمائة و خمسة و ستین لأقلیة العفو بأربع منها و فی المائة و الخمسین بالخمسین و فی المائة و السبعین بهما فیخرج حقة و ثلاث بنات لبون و یتخیر فی المائتین بین خمس بنات لبون و بین أربع حقق و یتخیر فی الأربع مائة بین أی واحد منهما و بین کل منهما فله إخراج عشر بنات لبون

ص: 33

و له إخراج ثمان حقق و له إخراج خمس بنات و أربع حقق و لا یجوز علی کلا القولین فی المائتین إخراج حقتین و بنتی لبون و نصف لخروج ذلک عن النصوص.

الخامسة: الواحدة فی المائة و الإحدی و العشرین هل هی جزء من النصاب

فلو تلفت بعد الحول سقط من الفریضة جزء من مائة و إحدی و عشرین جزءاً و هی شرط للوجوب فلا یسقط بتلفها شی ء وجهان و یؤید الجزئیة تغیر الواجب بها و اعتبارها فی العدد نصاً و فتوی و یؤید الشرطیة شهرة الفتوی و علی ما نسب إلیهم و وجوب الفریضة فی الأربعین و الخمسین الخارجة عنهما الواحدة و الظاهر الثانی تمسکاً بإطلاق الأخبار و الاحتیاط.

بحث: فی نصاب البقر

نصاب البقر ثلاثون أو أربعون ففی کل ثلاثین تبیع حولی و فی کل أربعین مسنة فالنصاب أحدهما لا بعینه و التبیع هو الذی تم له حول و هو ما یتبع أُمّه بالرعی أو ما یتبع قرنه أذنه و المسنة هی التی کمل لها سنتان و دخلت فی الثالثة و یدل علی أصل الحکم الإجماع بقسمیه و الأخبار المستفیضة النقل و ظاهر النص و الفتوی و الإجماعات المحکیة علی تحری ما طابق العدد ففی الستین تبیعان و فی الثمانین مسنتان و فی السبعین مسنة و حولی و یتخیر فی المائة و العشرین لحصول المطابقة بهما معاً و فی الروایة ما یدل علی اشتراط الحولیة فی التبیع و فی الإجماع المنقول ما یدل علی اشتراط کمال السنتین و الدخول فی الثالثة فی المسنة و أفتی المشهور بإجزاء التبیعة عن التبیع و علیه ظاهر الإجماع المنقول و تقضی به الأولویة أیضاً و ربما دخلت تحت التبیع لغة علی ما نقل بعضهم عن بعض و تدل علیه روایة الفضلاء علی ما فی المعتبر دون نسختها المشهورة و لا یجزی المسن عن المسنة للأصل و فتوی الأصحاب و هل تجزی المسنة عن التبیع علی وجه الفریضة نقل بعضهم الإجماع علی ذلک و کذا المسن عن التبیعة و الأحوط خلافه إلا بالقیمة و لا یجزی التبیعتان و لا التبعان عن المسنة إلا بالقیمة و لا یجزی الأعلی عن الأدنی مع الجبران من المدفوع إلیه و لا الأدنی عن الأعلی مع الجبران مع الدافع

ص: 34

و یحتمل قویاً إجزاء ما یساوی الفریضة إذا لم توجد عند المالک أصالة لعدم ثبوت وجوب شرائها و لأن الواجب حینئذ قدر قیمتها مشاعاً فیدفع عنه ما یشاء و الأحوط خلافه و حکم جماعة من الأصحاب بخروج البقر الوحشی عن صدق البقر عرفاً بحسب ظاهر الإطلاق و لا یبعد ذلک و أما الجاموس فداخل فی البقر نصاً و فتوی.

بحث: فی نصاب الغنم

نصاب الغنم أربعون و فیها شاة و إحدی و عشرون و مائة و فیها شاتان و واحدة و مائتان و فیها ثلاث شیاه و واحدة و ثلاثمائة و فیها أربع شیاه و أربعمائة و فیها کل مائة شاة إلی ما فوق وفاقاً للمشهور و الإجماع المنقول و الاحتیاط و الأخبار ففی صحیح الفضلاء (فی کل أربعین شاة شاة و لیس فیما دون الأربعین شی ء ثمّ لیس فیها شی ء حتی تبلغ عشرون و مائة فإذا بلغت عشرین و مائة ففیها مثل شاة واحدة فإذا زادت علی عشرین و مائة ففیها شاتان و لیس فیها أکثر من شاتین حتی تبلغ مائتین فإذا بلغت المائتین ففیها مثل ذلک فإذا زادت علی المائتین شاة واحدة ثلاث شیاه ثمّ لیس فیها أکثر من ذلک حتی تبلغ ثلاثمائة فإذا بلغت الثلاثمائة ففیها مثل ذلک ثلاث شیاه فإذا زادت واحدة ففیها أربع شیاه حتی تبلغ أربعمائة فإذا تمت أربعمائة کان علی کل مائة شاة) و یسقط الأمر الأول و لیس علی ما دون المائة بعد ذلک شی ء و خالف الصدوق فی الأول فجعله أربعین و واحدة للرضوی و هو ضعیف لضعف سنده و عدم مقاومته و لندرة قوله و خالف المرتضی و جماعة من القدماء فأثبتوا فی ثلاثمائة و واحدة ما هو فی المائتین و الواحدة من الثلاث شیاه إلا أنه فی المائتین و الواحدة یعتبر من حیثیة کونه نصاباً تامّاً و فی الثلاثمائة و الواحدة یعتبر من حیثیة کونه نصاباً آخر مستقلًا و هو کونه فی کل مائة حینئذ شاة فعلی قولهم یسقط النصاب الخامس المتقدم استناداً لروایة محمد بن قیس و فیها (ثلاث شیاه من الغنم إلی ثلاثمائة إذا کثرت الغنم ففی کل مائة شاة شاة) و فی صحتها مناقشة لاشتراک محمد بن قیس بین أربعة أحدهم ضعیف و لئن قلنا أن الراوی عن الصادق (علیه السلام) غیر مشترک بین الضعیف و غیره و إنما ذلک هو الراوی

ص: 35

الباقر (علیه السلام) نقول أنه مشترک بین الممدوح و الموثق فتدور الروایة بین الصحیح و الحسن غایة ما فی الباب أن روایة عاصم بن جمیل عنه تفید ظناً بکونه البجلی الثقة و قد یناقش فی علی بن إبراهیم فی روایة الفضلاء إلا أنها أرجح و إن وافقت الأصل بموافقتها للمشهور و بعدها من العامة و فتوی الفقهاء الأربع و موافقتها للاحتیاط و الإجماع المنقول فلا بد من حمل روایة ابن قیس علی التقیة لموافقتها فتوی الأئمة الأربعة علی ما نقل أو علی حمل الکثرة فی قوله (علیه السلام): (فإذا کثرت الغنم ففی کل مائة شاة شاة) علی بلوغ الأربعمائة و یکون حکم الثلاثمائة و الواحدة فیهما مهلًا و یؤیده ترک ذکر الواحدة و ظهور کثرة بعد ذکر الثلاثمائة فی الأربعمائة فما فوق و إلا فالکثرة حاصلة قبل ذلک قطعاً و طعن بعض الأصحاب فی روایة الفضلاء فاشتمالها علی ما لا نقول به من وجوب الشاتین فی العشرین و المائة من دون زیادة الواحدة علی ما روی فی التهذیب و أید روایة محمد بن قیس بصحیحة زرارة المرویة فی المنتهی عن ابن بابویه المشتملة علی ما فی روایة محمد بن قیس من حذف النصاب الخامس و بمخالفتها للعامة زمن الصدوق و الکل ضعیف لرجحان روایة الکافی الموافقة لما یقوله الأصحاب المؤیدة لروایة الاستبصار المقدمة فی الضبط علی روایة التهذیب لکثرة ما فیها من الاضطراب فلتحمل علی سهو قلم الشیخ (رحمه الله) و لعدم ثبوت روایة زرارة کما بنی علیه الأساطین من أصحابنا حتی نسبوا للعلامة (رحمه الله) للسهو فی النقل و أثبتوا أن الزیادة من کلام ابن بابویه کما یشعر به أول الکلام و آخره و لعدم ثبوت مخالفتها للعامة زمن الصدور و مع تصریح الأصحاب بموافقتها لهم بقول مطلق و أعلم أن الفائدة فی جعل ثلاثمائة و واحدة و أربعمائة نصابین مع اتحادهما فی الفریضة و کذا جعل المائتین و الواحدة و الثلاثمائة و واحدة نصابین علی القول الآخر تظهر فی الوجوب لأن محله یکون فی مجموع الثلاثمائة و واحدة فقط فی نصابها و یکون فی الباقی عفواً و فی الضمان أیضاً لما لو سقط من الأربعمائة واحدة بتلف و شبهه سقط جزء من مائة جزء فی نصابها و لو سقط من فوق الثلاثمائة و واحدة إلی ما دون الخمس مائة بتلف و شبهه

ص: 36

واحدة لم یسقط جزء منها لأنها عفو و العفو لا یسقط بتلفه شی ء من الفریضة إذا لم تکن الأربعمائة نصاباً مستقلًا و لو تلفت شاة من ثلاثمائة و واحدة سقط من الفریضة جزء من خمسة و سبعین جزء من شاة ربع جزء إن کانت الواحدة جزءاً من النصاب و إلا سقط جزء من خمسة و سبعین جزءاً من شاة فتظهر الفائدة فی کثرة الفریضة للفقیر فی قلة الفائت و للمتصدق بالعکس و أورد علی ذلک بأن العفو مشترک أیضاً مع النصاب المشترک مع الفریضة فیسقط بسقوطه بحسبه و لا خصوصیة للنصاب کما هی قواعد الشرکة و بأن الضمان متفرع علی الوجوب فلا معنی لجعلها فائدتین و بأن ما تلف من الأربعمائة قل أو کثر کیف یسقط معه شی ء من الأربع شیاه مع بقاء موجبها و هو الثلاثمائة و واحدة و فی الجمیع نظر و ذلک لأن شرکة الزکاة لیست علی نحو الشرکات الباقیة لأن المتیقن منها إشاعة الفریضة فی النصاب لا فیه و فی العفو أیضاً و یدل علی ذلک جواز التصرف بالنصاب فإنه لا یجوز إلا مع الضمان و لأن ترتیب ثمرة علی ثمرة أخری لا تنافی جعلها ثمرتین و لأن بقاء النصاب الأدنی لا یثبت موجبه إلا مع عدم الغایة بطرو نصاب آخر و النصاب الآخر هاهنا متحقق فلا أثر له و یسقط من التالف بنسبته حینئذ و قد تذکر ثمرات أخر کجواز التصرف فیما زاد علی الثلاثمائة و واحدة من غیر ضمان بخلاف الأربعمائة و کذا لو کان بعضها مراضاً أو ضعافاً فإن کان منها ثلاثمائة و واحدة صحاحاً و إن لم تبلغ الأربعمائة وجب الإعطاء من الصحاح و إن بلغ وزع و کما لو رجع الفقراء علی الغاصب و نحوه فیما زاد علی الثلاثمائة و واحدة و فیما لو کان فی الأربعمائة و کذا لو نذر نوعاً أو حلف أن یؤدی زکاة نصاب رابع أو خامس من الغنم و هل الواحدة فی ثلاثمائة و واحدة شرط فی الوجوب أو جزء من النصاب وجهان أظهرهما أنه جزء من النصاب هاهنا.

الثانی: من شرائط زکاة الانعام کونها سائمة
اشارة

وجوب الزکاة فی الأنعام کونها سائمة فلا تجب فی غیرها من المعلوفة للإجماع بقسمیه و للأخبار ففی الصحیح إنما الصدقات علی السائمة الراعیة) و فی آخر (إنما الصدقات علی السائمة المرسلة فی مرجها عامها الذی یقتنیها فیه الرجل) و المرج مرعی

ص: 37

الدواب و فی آخر حکم الإبل و البقر و الغنم السائمة و هی الراعیة و عموم الحکم و عدم القول بالفصل یقتضیان بعدم الفرق بین جمیع الأنعام فلا یضر و ورد بعض الأخبار فی بعضها بالخصوص

و هنا فوائد:
الأولی: هل یعتبر فی السوم استمراره طول الحول تحقیقاً

فتخل به حتی اللحظة الواحدة أو یعتبر استمراره فی أغلب الحول فلا تخل به اللحظة و لا الیوم أو الأیام أو یعتبر عدم غلبة العلف علیه فیکفی التساوی بینهما فی الحول و المرجع فیه إلی العرف فما صدق علیه الوصف جری علیه الحکم و لا یخل به ما لم یخل بصدق الاسم وجوه أقواها الأخیر لأن الحکم الدائر مدار الاسم و الأوصاف یدور مدارها وجوداً و عدماً بحسب الصدق العرفی و دعوی أن العرف غیر منضبط فلا تدور مداره الأحکام الشرعیة دعوی مخالفة لما علیه فتوی الأصحاب و عمل العلماء فی جمیع الأبواب و نعنی بالرجوع إلی العرف فی صدق الاسم هو صدقه طول الحول فی طول الحول فلا یخل بصدق اسم السوم طول الحول فی طول الحول الرعی لحظة أو لحظتین و الساعة و الساعتین فهو من قبیل التحقیق فی تقریب و لا ینافی الصدق العرفی أیضاً قوله (علیه السلام) فی المرسلة: (فی مرجها عاماً) لأن الزمان الیسیر لا یضر بصدق أنها مرسلة فی مرجها عامها نعم الیوم و الیومان مما یشکل أمره فی العرف إذا کانا فی السنة و لا یبعد الإخلال بهما فی العرف فمن اعتبر الأغلب أو اکتفی باللحظة فی نزول اسم السوم فقد خالف ظواهر الأخبار و بعد عن مظان أهل العرف و ما یقضی به الاعتبار و من لم یقید بالیوم و لو فی شهر و شهر و لو فی سنة إذا کانت الأیام متفرقة علیها فقد أفرط فی تسریة الصدق العرفی للسوم و فی الحول کما هو ظاهر فالحق ما قدمنا من عدم إخلال الیسیر و إخلال الکثیر و الإشکال فی الیوم و الیومین و استقراب الإخلال فیهما فی البین و مع الشک فی حصول السوم فی الصدق لاختلاف العرف أو فی تحققه بالخارج لم تجب الزکاة لأن الشک فی الشرط شک فی المشروط إلا مع الاستصحاب السوم فلا ینفع الشک حینئذ.

ص: 38

الثانیة: العلف المانع من صدق اسم السوم شامل لما وقع من المالک

اختیاراً أو اضطراراً أو سهواً أو خوفاً علی الدابة أو من غیر ذلک کذلک بأذن المالک أم لا من مال المالک أو من ماله تبرعاً أو من الدابة بنفسها و استشکل الشهید فیما لو علفها غیر المالک من ماله نظراً إلی المعنی المقصود و الحکمة المقتضیة لسقوط الزکاة معه و هی المؤنة علی المالک الواجبة للتخصیص کما اقتضته فی الغلات عند سبقها بالدوالی من غیر المالک و هو بعید لمنع العلة المستنبطة فی الحکم و إلا سقطت الزکاة عن السائمة إذا کان فی السوم مئونة علی المالک و لا أظن قائلًا به.

الثالثة: لا شک فی کون تقدیم العلف إلیها مما یخرجها عن صدق اسم السوم عرفاً

و کذا لو وقعت هی علیه و أما لو وزعت فی أرض یملک المالک نماءها بشراء و نحوه أو یملکه غیر المالک فیحتمل بقاؤها علی السوم لأنه الرعی لغة و هذا منه و لا یدور مدار عدم الغرامة و لا عدم المئونة و لا عدم الملک للمالک أو غیره و یحتمل خروجها عنه لظهور السوم فی الرعی بما لا یملکه المالک و یحتمل الفرق بین المکان المحصور و غیره و یحتمل الفرق بین کون النماء زرعاً تستنمیه و بین غیره و أقوی الاحتمالات الأخیر و کذا لو أکلت طعاماً معرضاً عنه فی الأرض المباحة أو نوی مطروحین فالأقوی أنها سائمة أما لو استأجر أرضاً لإطلاق الحیوان فیها فتأکل نماءها أو صانع علیها ظالماً أو أدی بدلها دراهماً مصانعة أو غیرهما فالأقوی فی ذلک عدم خروجها عن السوم و لو أکلت غیر المعتاد من عذرة و شبهها فی کونها سائمة إشکال.

الرابعة: صغار الأنعام الثلاثة لا تحتسب فی الحول قبل النتاج

إجماعاً کما أنها تدخل فی أمهات الأحوال إذا استغنت بالرعی قطعاً إنما الکلام فی أنها إذا أنتجت و لم تستغنی بالرعی فهل یحتسب الحول من حین نتاجها مطلقاً أو من حین استغنائها مطلقاً أو من حین نتاجها إن کان لبنها من سائمة و إلا ضمن حین استغنائها أقوال للأول إطلاق الأخبار الدالة علی احتساب الحول من حین النتاج کقوله (علیه السلام) فی الصحیح لیس فی صغار الإبل شی ء یحول الحول علیه و فی آخر فی الإبل و البقر و الغنم

ص: 39

فلیس فیها شی ء حتی یحول الحول علیه من یوم ینتج و فی ثالثة فلیس فیه شی ء حتی یحول علیه الحول منذ یوم ینتج و یؤیدها فتوی المشهور و الإجماع المنقول و للثانی للتمسک بإطلاق أخبار اشتراط السوم و تقید أخبار النتاج بها و للثالث الجمع بین الإطلاقین بحمل أخبار السوم یشمل ما ارتضعت من سائمة لأنها کالسائمة عرفاً و حمل أخبار النتاج علی ما ارتضعت من معلوفة لأنها کالمعلوفة عرفاً و لعدم دخولها فی الأخبار الدالة علی احتساب حولها من حین النتاج لانصراف اللفظ فیها لصغار الأنعام الزکویة المتصفة بالسوم دون المعلوفة و لاستبعاد ثبوت الزکاة علی الأولاد دون الأمهات و لظهور فتوی المشهور و الإجماع المنقول علی احتساب الحول من حین النتاج فی خصوص ما ارتضع من سائمة فیبقی ما ارتضع من معلوفة داخلًا تحت اشتراط السوم فی الأنعام مطلقاً فأقوی الأقوال ثالثها.

الثالث: من شرائط الزکاة فی الأنعام

أن لا تکون عوامل فیما لها قابلیة العمل کالإبل و البقر للإجماع بقسمیه و الأخبار مما لیس له قابلیة العمل و إن عمل لا یدخل تحت العوامل و الظاهر أن العمل فیما لا یعتاد عمله لا یدخلها تحت اسم العوامل و کذا العمل لحظة أو لحظتین ما لم یکن زماناً معتد به و لو استعیر للحمل دخلت تحت العوامل و لو غصبها غاصب فعمل علیها قوی إدخالها تحت العوامل و الأحوط إخراج الزکاة منها و کذا لو عملت فی محرم فالأظهر عدم وجوب الزکاة علیها و الأحوط إخراج الزکاة و ما ورد فی الموثقین و الضعیف من ثبوت الزکاة علی العوامل محمول علی الاستحباب أو التقیة أو علی غیر ذلک.

الرابع: من شرائط وجوب الزکاة فی الأنعام
اشارة

الحول للإجماع بقسمیه و للأخبار الدالة علی أن ما لم یحل الحول عند ربه فلا شی ء علیه و الحول لغة و عرفاً هو اثنا عشر شهراً هلالیاً تامة إن ملک النصاب فی أولها و أحد عشر هلالیة و شهراً ملفقاً عددیاً لا هلالیاً إن ملک فی أثناء الشهر الهلالی و کان

ص: 40

الکسر معتداً به و لو کان یسیراً احتمل اسقاطه و احتمل إتمامه بمثله أو بیوم تام و لیلة تامة و یراد بالحول هنا وضعاً شرعیاً أو مجازاً کذلک اثنا عشر هلالًا و إن لم یتم الثانی فیکتفی بأحد عشر شهراً هلالیاً و هلال الثانی عشر لفتوی المشهور و الإجماع المنقول و قوله (علیه السلام) فی الصحیح إذا دخل الثانی عشر فقد حال الحول و وجبت علیه الزکاة إنما الکلام فی هلال الثانی عشر علیها هل یستقر به الوجوب و یعتبر اجتماع الشرائط المشروط استمرارها فی طول الحول فیتم به حینئذ الحول الأول و یکون بقیة الثانی عشر مما یعد الهلال داخلًا فی الحول الثانی أو إن هلاله بسبب تعلق الخطاب و صحته الأداء علی وجه التزلزل فإن استمر الثانی عشر جامعاً لشرائط الحول و العین باقیة إلی تمامه تبین تعلق الوجوب واقعاً و ظاهراً و إلا بان انخرم شرط من الشرائط فی ضمن الثانی عشر تبین عدم الوجوب من أصله لفقد شرطه المتأخر کحدوث الحیض فی أثناء النهار للصائمة و کذا الموت فی أثناء الصلاة و الصیام و یکون طریق بینته علی أحد وجهین أما علی وجه الانکشاف أو علی وجه التأثیر فی دفع الوجوب المتقدم قولان قیل بالأول استناداً للصحیح (إذا دخل الثانی عشر فقد حال علیها الحول و وجبت فیه علیها الزکاة) و مورده و إن کان الفرار من الزکاة و لکنه مخصوص بحکمة اتفاقاً خلافاً لبعض المتأخرین حیث طعن فی دلالته و وهنه بدیهی و وجه دلالته علی کون الحول أحد عشر و جزءاً من الثانی عشر هو أن الفاء فیه للتعقیب بلا مهلة فیصدق الحول بأول جزء منه و المناقشة بعدم إفادة الفاء الجزائیة التعقیب لا تفید لکفایة اشتراط تحقق الدخولیة الثانی عشر لتحقق حول الحول و لأن حال فعل ماضی لا یصدق الإتمام مبدأه فإذا کان تمام الأحد عشر و الدخول فی الثانی عشر حولًا علی وجه الحقیقة الشرعیة أو المجاز الشرعی کان جمیع ما دل علی استمرار الشرائط فی الحول و اشتراطه فی الوجوب مراد به ذلک و لأن وجوب الزکاة فی الخبر بدخول الثانی عشر دلیل علی أنه بدخوله یحول الحول إذ من المعلوم أن الوجوب مشروط بحول الحول علی المال متصفاً بالشرائط فیلزم منه دخول الثانی عشر حولًا لأن ظاهر الوجوب هو الوجوب المستقر و لأن فتوی الأصحاب و الإجماع المنقول علی تحقق الوجوب بمجرد دخول

ص: 41

الثانی عشر ظاهراً فی انقضاء الحول به و احتساب ما بعد ذلک من الحول الثانی و علی هذا القول فلا یجدی الفرار و لا انخرام أحد الشرائط بعد هلال الثانی عشر و یحتسب باقیه من الحول و قیل بالثانی استناداً لإطلاق الأخبار المشتملة علی اشتراط الحول و العام و السنة التی هی حقیقة فی الاثنی عشر شهراً تامة لا کسر فیها فیکون الشرط تمامها فتحسب جمیع أیام الشهر الثانی عشر من الحول و غایة ما یلزمنا من جهة ورود الروایة المعول علیها بین الأصحاب و لمنقول الإجماع علی العمل بمضمونها الحکم بالوجوب بعد هلال الثانی عشر و هو أعم من المستقر و المتزلزل لمعارضته بما هو أقوی منه من إطلاقات الحول و العام و شبهها الواردة فی الشرائط و هی و إن اقتضت عدم الوجوب أصلًا لأن المشروط عدم عند عدم شرطه لکنها تقید بعدم استقراره جمعاً بینها و بین الصحیحة و الإجماع المنقول و إطلاق فتوی المشهور و التجوز بلفظ الوجوب فی الروایة و حمل الحول فیها المحکوم به فی دخول الثانی عشر علی المجاز أیضاً من باب المقاومة و المشاقة خیر من حمل لفظ الحول و ما شابهه فی الأخبار المتکثرة علی المجاز الشرعی لبعده فی لفظ الحول و دعوی ثبوت حقیقة شرعیة للفظ الحول فتقدم علی غیرها من المعانی فی الأخبار من المستبعد فی الأخبار و کلام الأصحاب لأن ثبوت الحقیقة الشرعیة علی القول بها إنما هو فی ما ثبت کونه حقیقة الآن و لم یعلم حاله قبل ذلک و الحول لیس کذلک و مع البناء علی التجوز بلفظ الحول لا بد أن یقتصر فیه علی ما دلت علیه القرینة و استفید من اللفظ علی الوجه المقطوع به أو المتیقن منه و هو تعلق الخطاب بدخوله و أما استقراره و احتساب الباقی منه من الحول الثانی فلا یدل علیه اللفظ علی أن الحکم باستقرار الوجوب بعد هلال الثانی عشر یستلزم أما ضیق وقت الوجوب إن جعلناه لحظة و مثلها و هو بعید و أما أخذ کل حول مما بعد هلال الثانی عشر قدر زماناً یعتد به کنصف یوم أو شبهه و هذا لا یقولون به و أما جواز التأخیر عن وقت الأداء اختیاراً إلی وقت القضاء لصیرورتها بعد اللحظة قضاء و هذا لا یلتزمون به و أما بقاء الوجوب موسعاً إلی تمام الشهر کما یظهر من جماعة منهم و احتساب الحول من بعد تمامه إلی السنة الأولی و هذا خلاف ظاهر قولهم و فتواهم سوی المحقق

ص: 42

الأردبیلی حیث التزم باستقرار الوجوب بدخول الثانی عشر و مع ذلک احتسب باقیه من الحول الأول و کأنه تمسک بإطلاق أدلة الحول فی الاحتساب و بقولهم فإذا تم الثانی عشر شهراً استأنف الحول و بأن الظاهر إن وقت وجوب الفریضة لا یحتسب من غیرها و لکنه ضعیف لمخالفته لکلا الفریقین کذا أشار إلی ذلک بعض المتأخرین و فیه نظر لجواز کون الوجوب موسعاً إلی تمام الثانی عشر و مع ذلک یحتسب من الحول الثانی و جواز کونه فوریاً و احتسابه کذلک و جواز توقیته باللحظة و احتسابها من الثانی عشر و بالجملة فما جاء فی الأخبار من قوله (علیه السلام): (فإذا خرج زکاه لعام واحد و إن کان یدعه متعمداً و هو یقدر علی أخذه فعلیه الزکاة لکل ما مر من السنین) و قوله (علیه السلام): (المال الذی لا یقلب یلزمه الزکاة کل سنة) و قوله: (فی کل فرس فی کل عام دیناران) و قوله (علیه السلام): (الزکاة من سنة إلی سنة) و قوله (علیه السلام): (فإذا دخل الشهر فانظر ما نض فزکه فإذا حال الحول من الشهر الذی زکیت فیه فاستقبل بمثل ما صنعت) منه ما هو ظاهر فی اعتبار تمام الاثنی عشر شهراً و منها ما هو صریح فی ذلک و إخراجها عن معناها من غیر داع لا وجه له و الحکم بحول الحول فی الصحیحة لا یصرف هذه الإطلاقات عن معناها بعد عدم ثبوت حقیقة شرعیة له بهذا المعنی بل ثبوت عدمها لمجازیته الآن فیه فیقتصر فیه علی مورد من لفظ الحول دون ما فی معناه و علی إرادة المشارفة و المقارنة أو علی بیان المشابهة فی تحقق الوجوب و کذا الحکم بوجوب الزکاة بدخول الثانی عشر لا یدل علی إخراج تلک الإطلاقات عن حقائقها لصحة الجمع بینها بحمل الوجوب علی تحققه فی الجملة عند اجتماع الشرائط و ارتفاع الموانع فیکون عدم الشروط ناسخاً للوجوب من حینه فإذا دفع لم یسترد و إذا لم یدفع لم یجب الدفع و یجوز الفرار حینئذ فی أیام الثانی عشر أو فاسخاً له من أصله علی سبیل الکشف و یجوز الفرار أیضاً فی الثانی عشر علی الأقوی إلا أن یمنع من جهة الروایة لظهورها فی المنع منه بعد دخول الثانی عشر و اشتراط الوجوب بالشرائط المتأخرة أو المقارنة لا بأس به و إن جاءت الشرائط من أدلة أخر کما جاء وجوب

ص: 43

الصلاة و الصوم و الحج فی أوقاتها المخصوصة و جاءت شرائط صحتها من أدلة أخر کعدم الحیض و الجنون و الطهارة و الستر و کذا الشرائط المتأخرة التی لا یعلم وقوعها کبقاء الحیوان و العقل و شبهها إلی تمام الفعل فإنه یحکم بوجوب الفعل ظاهراً فإن أتم الفعل جامعاً للشرائط تبین وجوبه واقعاً و إلا انکشف وجوبه ظاهراً أو عدمه واقعاً فایجاب الفعل مطلقاً لا ینافی اشتراطه بشرائط أخر یرتفع الوجوب عند فقدها و لو سلمت المنافاة فهو من باب الإطلاق و التقیید و المقید حاکم علی المطلق و أکثر الأحکام الفقهیة بالنسبة إلی شرائطها کذلک لأن الشرائط منها ما هو لنفس الوجوب واقعاً کالحیض و شبهه و منها ما هو شرط للخطاب به ظاهراً کانقضاء العادة مع انقطاع الدم و شبهه و دخول الثانی عشر لا یتیقن فیه سوی أنه موجب للخطاب به ظاهراً فیکون من قبیل الواجب المشترک المتزلزل فالقول الثانی لا یخلو من قوة و مع هذا کله فالأول أحوط

و هاهنا مسائل:
الأولی: لو ولد النصاب نصاباً آخر مستقلًا

سواء انضم إلی الأول أولًا کان لکل من الأمهات و الأولاد حول مستقل بنفسه و لو انضم کان عفواً کما ولدت الأربعون شاة أربعین أخری فالأقوی ثبوت شاة واحدة للأمهات و جعل الزائد عفو للأصل و ظهور الأخبار المثبتة فی کل أربعین شاة شاة للنصاب المبتدأ الذی لا یکون عفواً إذا انضم و لعموم ما دل علی أن الزائد عفو و للإجماع المنقول و لو ولد النصاب نصاباً آخراً مستقلًا فلو انضم عاد مع الأول نصاباً ثانیاً و لو کان ولدت إحدی و ثمانون شاة و إحدی و أربعین شاة و مثله ما ولد ما یکون به نصاباً ثانیاً لو انضم إلیه بعد ما یخرج منه ما یجب فی الأول و لکن لو استقل کان عفواً کأن ولدت ثلاثون من البقر إحدی عشرة أو تسعون شاة اثنین و ثلاثین فهل یجب إخراج الفریضة عند حول الحول علی الأمهات منها و بعد إخراجها یستأنف حولًا للجمیع أو یخرجها عند حول الحول علی الأمهات ثمّ یخرج فریضة النصاب الثانی عند حول الأول علیها من حین الولادة علیها و علی الأمهات تماماً أو یخرج ما یخص الزائد من الفریضة فقط کأن یخرج تبیعاً عند حول الحول علی ثلاثین و ربع مسنة عند حول الحول علی إحدی عشرة قد تجددت معها

ص: 44

و هکذا فی کل سنة أو یخرج أولًا تبیعاً ثمّ ربع مسنة ثمّ ثلاثة أرباع مسنة فی الحول الآخر و هکذا فی باقی الأحوال ثلاثة أرباع مسنة و ربع مسنة أو أنه یلغی ما مضی من حول الأمهات و یعتبر النصاب الثانی من حین الولادة أوجهها الأول لوجوب إخراج زکاة الأمهات عند تمام حولها لوجود المقتضی و انتفاء المانع و متی وجب إخراج زکاته منفرداً امتنع اعتباره منظماً إلی غیره فی ذلک الحول للأصل و قوله (علیه السلام) لا یتنافی فی صدقة و قول أبی جعفر (علیه السلام) فی حسنة زرارة (لا یزکی المال من وجهین فی عام واحد) فلا زکاة علی الزائد منفرداً بما یخصه لعدم دلیل علیه و لا مجتمعاً للزوم تکرار الزکاة فیه و هو ممنوع و لا معنی أیضاً لإلغاء الحول الأول و عدم الإخراج فیه لمخالفته لإطلاقات عمومات أدلة الزکاة و یجری الحکم لجمیع النصب المتعددة فی الأنعام و لا یجری فی النقدین و الغلات بل یخرج منه مطلقاً و یجزی حکم الولادة لکل ملک متجدد زائد علی النصاب الأول.

الثانیة: لو ملک خمساً من الإبل إلی ستة أشهر ثمّ ملک أخری

کان لکل حول و فی کل شاة و لو ملک خمساً إلی ستة أشهر فملک إحدی و عشرین فالأظهر أن لکل حولًا فیجب شاة للنصاب الأول و أربع للنصب الأربع الباقیة و لا تضم للنصاب الأول لنقصانها من النصاب السادس الموجب لبنت المخاض قدر الشاة من الخمسة الأول خلافاً للقواعد فأوجب شاة عند حول نصابها ستة و عشرین جزءاً من واحداً و عشرین جزءاً من بنت مخاض عند حول الزیادة و هو عجیب و کأنه بناء علی تعلق الزکاة بالذمة أما لو ملک خمساً من الإبل و اثنین و عشرین بعد ستة أشهر فی الأول شاة عند تمام حولها و فی الجموع بنت مخاض حول الزیادة التامة أو ملک عشراً کان فی الأول شاة عند تمام حولها و فی المجموع بنت مخاض حول الزیادة تامة أو ملک عشراً کان فی النصاب یتبع عند حوله و لا شی ء علیه عد حول الزیادة لنقصانها عن الأربعین إلا أن یحتسب الحول بعد إخراج الفریضة إلی الحول المقبل فیجب علیه (ح) تبیع أو تکون الزیادة إحدی عشر فتجب علیه مسنة إذا حال الحول علیها و هکذا و هو عجیب لان

ص: 45

هدم ثلاثة أرباع المسنة و احتساب الحول من حین الزیادة للأربعین مع نقصانها فالتبیع مما لا یلتزمه أحد و یمکن حمله علی بعض الحول کما قدمنا علی أنه قد یقال أن الواجب مسنة لا قیمة تبیع أو بنت مخاض إلا قدر ما أخرج من الشیاه لأربع منه و جزء من کذا جزء من بنت مخاض.

الثالثة: لو ملک نصاباً واحداً

فإن لم یخرج زکاته و أخرجها فی عینه لم یکن علیه زکاة و ان جرت علیه أحوال و إن أخرجها من غیره وجبت زکاته لکل عام فمن ملک ست و عشرین من الإبل و حال علیها أحوال و لم یزکِ وجب علیه إخراج بنت مخاض فی الحول الأول و فی الثانی خمس شیاه لنقصانها عن الست و العشرین فی الحول الأول و فی الثالث أربع لنقصانها قیمة شاه عن الخمس و العشرین و فی الرابع ثلث و هکذا.

الرابعة: لو أمهر امرأة فحال الحول علی مهرها فطلقها قبل الدخول

استرجع النصف موفّراً علیه بعینه و کان علیها إخراج الزکاة من غیرها و لا یبعد ان لها إخراج الزکاة من عین المال فتعطیه نصف الباقی و تعزم له نصف المخرج جمعاً بین الحقین و تقدیماً لحق الفقراء لسبق تعلقه و للساعی إذا اخذ الزوج النصف موفّراً و امتنعت الامرأة من الدفع الرجوع علی العین لتعلق حق الفقراء به و للزوج الرجوع إلیها بقیمة ما دفع و لو طلقها قبل التمکن من الأداء احتمل عدم وجوب الضمان علیها تنزیلًا له منزلة التلف و احتمل الضمان لرجوع العوض إلیها و کذا لو رجع جمیع المهر إلیه بفسخ أو شبهة فإن الحکم فیها متحد.

الخامسة: لا یجمع بین متفرق فی المسلک فی النصاب الواحد و ان ملکا علی وجه الشرکة أو اختلطا فی مکان واحد

و لا یفرق بین مجتمع فی الملک و ان تباعد مکانهما اجماعاً منا فی المقامین معاً لهم لو اختل أحد الشروط فی أثناء الحول بفعل المالک أو بغیر فعله کان عاوض علی النصاب بآخر أو صاغ الدراهم و الدنانیر حلیاً أو علف الدابة زماناً أو اخرج نفسه عن ربقة التکلیف بطل الحول و لتستأنف الحول جدیداً سواء

ص: 46

قصد غیر الفرار و لم یقصد شیئاً أو قصد الفرار علی الأقوی و سواء عارض المال بجنسه أو بغیر جنسه وفاقاً لفتوی المشهور و الإجماع المنقول و عموم الأخبار بأن ما یحل الحول علیه عند ربة فلا زکاة علیه و خصوص الصحیح فی ما لم یکن رکازاً قال إذا أردت ذلک فاسبکه فانه لیس فی سبابیک الذهب و نقار الفضة شی ء من الزکاة و لحسن رجل من بماله من الزکاة فاشتری به أرضاً أو دارا علیه فیه شی ء؟ قال لا و لو جعله حلیاً فلا شی ء علیه فیه و الحسن أیضاً فیمن کانت عنده مائتا درهم فقلت له فإن احدث فیها قبل الحول قال جاز ذلک له قلت له انه فر بها من الزکاة قال ما ادخله علی نفسه أعظم مما منع من زکاته و هی فی جواز الفرار و اسقاط الزکاة به و إن ظهر من بعضها کراهة ذلک فظهر من روایات أخر ثبوت الزکاة علی الفار کقوله علیه السلام عن الحلبی فیه زکاة قال لا إلا ما فرَّ به من الزکاة و فی آخر عمن یجعل لأهله الحلی قال قلت: فإنه فر به من الزکاة قال: إن کان فر به من الزکاة فعلیه الزکاة و موردهما و إن کان الحلی لکنه لا قائل بالفصل و لکنها محمولة علی الاستحباب کما علیه طائفة من الأصحاب أو علی التقیة و إن اختلف فی حکمه لموافقته لفتوی غیر أبی حنیفة و الشافعی و خالف الشیخ فأوجب الزکاة فیما لو وضعها بجنسها لصدق الاسم حلول الحول فی أنه ملک النصاب المعین و المرتضی فیما إذا قصد الفرار استناداً للمتقدم من الأخبار مع عدم القول بالفصل و یتبعه جماعة من الأخیار و نسب للمشهور و نقل علیه الإجماع و مع ذلک فهما ضعیفان لا یقاوم دلیلهما ما تقدم و هما معارضان بما هو أقوی منهما و الأحوط مع قصد الفرار إخراج الزکاة.

بحث: یجوز الإخراج بالقیمة فی الغلاة و النقدین

للإجماع بقسمیه و الأخبار ففی الصحیح هل یجوز إذا خرج فی الحرث من الحنطة و الشعیر و ما یجب علی الذهب دراهم بقیمته ما یسوی أم لا یجوز فأجاب: (أیهما یتیسر یخرج) و فی الصحیح الآخر عن الرجل یعطی عن زکاته عن الدراهم دنانیر و عن الدنانیر دراهم بالقیمة هل یحل ذلک قال: (لا بأس و لا یتفاوت الحال فی القیمة بین النقدین و غیرهما لإشعار قوله (علیه السلام) أیهما یتیسر بذلک و لتنقیح المناط بل الأولویة إذا کان غیر النقدین اعود

ص: 47

منهما و لروایة قرب الإسناد عیال المسلمین أعطیهم من الزکاة فأشتری لهم منها ثیاباً و طعاماً و أری أن ذلک خبراً لهم فقال: (لا بأس) و الأحوط الاقتصار علی النقدین لانصراف لفظ القیمة بالنص و الفتوی إلیهما و لروایة سعید بن عمر المشتملة علی النهی عن إعطاء غیر الدراهم من السویق و الدقیق و الثیاب و العنب و البطیخ و إن کان حملها علی الاستحباب أولی و علی ما ذکرنا یکون إخراج القیمة و الفریضة من الواجب التخییری و لا یحتاج إلی نیة الأصالة و البدلیة و یکون ذکر الفرائض فی لسان الفقهاء لکونها أفضل و تنزل أخبار الفرائض فی الأنعام علی إرادة القدر أو الفریضة الخاصة علی الاستحباب و علی اعتبار القیمة فیعتبر القیمة وقت الإخراج لأنه وقت الانتقال إلیهما سواء انخفض السوق أو ارتفع هذا إذا لم یقومه علی نفسه و ضمن القیمة و تصرف بالعین أو لم یتصرف ضمن قدر ما قومه دون الزائد و الناقص لانتقال حق الفقراء للذمة علی قدر قیمة العین و قد یناقش فی الانتقال مع عدم التصرف بالعین أو مطلقاً و لکن الأقوی ثبوته و الأقوی عدم بین کون القیمة عیناً أو منفعة کسکنی دار و لا فرق بین المنفعة الثانیة فی العین المستقرة فی الذمة کأن یملک علی الفقراء منفعته فیحتسبها علیه و یجوز احتساب الدین من طرف الزکاة مطلقاً و متولی التقویم المالک إذا کان خیراً و ثقة غیره و الأحوط اعتبار العدلین و أما إخراج القیمة من الأنعام فالمشهور جوازه أیضاً و نسب للمتأخرین و نقل الإجماع علیه متکرراً و الأخبار المعتبرة فی شرعیة الزکاة و ملاحظة العلة فیها و ملاحظة أن الفرض من الزکاة دفع حاجة الفقیر وسد خلته و غالباً القیمة أعود للفقیر لما فی العین من التکلیف فیها من المؤن و النفقة و ملاحظة أن المالک منظور إلیه بالإرفاق بالدفع حیث أن له التعیین و بیده التخییر و ملاحظة تنقیح المناط بین الأنعام و غیرها إن لم یکن إخراج القیمة فی الأنعام أولی و ملاحظة جواز إخراج القیمة فی الفطرة مع وجوب الأعیان و ملاحظة جواز احتساب بأعلی الفقیر من الدین و ملاحظة قرب الإسناد کلها أمارات علی جواز دفع القیمة فی الأنعام الثلاثة فمن أنکر ذلک کالمفید حیث منع إخراج القیمة إلا مع فقد الأسنان المخصوصة عند المالک أو مطلقاً کان مردوداً بما ذکرناه.

ص: 48

بحث: الفریضة المخرجة فی الزکاة من الغنم أقلها الجذع من الضأن و الثنی من المعز

للخبر المنجبر بفتوی الأکثر و الإجماع المنقول و الاحتیاط قال أتانا مصدق رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و قال: (نهانا أن نأخذ المراضع و أمرنا أن نأخذ الجذعة و الثنیة) و للمرسل فی الغوالی عنه (صلّی الله علیه و آله و سلّم) (أنه أمر عامله أن یأخذ الجذع من الضأن و الثنی من المعز) و لروایة إسحاق بن عمار عن السخل متی تجب فیه الصدقة قال: إذا جذع بحملها علی الأخذ لا العد) لترک اشتراط الدخول فی الثانی عشر فیه و هو قرینة علی ذلک و لتوقف یقین البراءة علی ذلک و لانصراف إطلاق اللفظ من الشاة فی النص و الفتوی للجذع فما فوق و قیل یکفی فیها إخراج ما یسمی شاة و القول به نادر و إن استحسنه بعض المتأخرین استناداً لإطلاق الروایات الآمرة بإخراج شاة مطلقاً من دون تفصیل و فیه أن الإطلاق مقید بما عرفت بل لا ینصرف إلا إلی هذا الفرد عند الإطلاق علی أنه لو کفی مسماه لاشتهر غایة الاشتهار و لما خفی أمره و یؤید ذلک المنع من أخذ الهرمة و المریضة فالصغیرة بطریق أولی و قد یستأنس له بجعل بنت المخاض من أدنی فرائض الإبل فیکون الجذع أدنی فرائض الغنم و الجذع من الضأن کالبلوغ فی الرجال قیل أنه ما کمل له سبعة أشهر و نسب للمشهور و نقل علیه الإجماع و قیل ماله سنة کاملة و نسب للصحیح من مذهب أصحابنا و قیل ما کمل له ستة أشهر و قیل ما کمل له تسعة و قیل ما دخل فی الثانیة و نسب للمشهور و الفرق بینه و بین القول الثانی یظهر بزمان یسیر لا یعتد به و قیل إذا کملت له ثمانیة أشهر و قیل الضأن إذا کان بین شاتین جذع لستة أشهر إلی سبعة إذا کان بین هرمین جذع من الثمانیة إلی عشرة و الأقوی الأول و الأحوط الثانی و الثنی من المعز ما کملت له سنة و نسب للمشهور و نقل علیه الإجماع و قیل ما کملت له سنتان و دخل فی الثالثة و الأول أقوی و الثانی أحوط و منع بعض المتأخرین منه أجزاء ما له سبعة أشهر فی فریضة الغنم و کذا ما فوقها إلی السنة لأن شرکة الفقراء مع المالک فی النصاب و اشتراط الحول علی النصاب جامعاً للشرائط یلزم منهما أن تکون الفریضة مما یحول علیها الحول أو أکثر و لأنه لو انحصر حق الفقراء فی السبعة أشهر لا غیر للزم علی الفقیر و ما زاد علی المالک و استیهابه منه و هو خلاف

ص: 49

الفتوی و النص من جواز القسمة بین المالک و العامل و صدع المال صدعین بل لو جاز للمالک أن یعطی الجذع لم یکن للقسم فائدة أصلًا و من البعید عن ظواهر الأخبار وقوع المعاوضة بعد تقویم أهل الخبرة و الرضا من الطرفین و أبعد منه وقوعها بین ما له تسعة أشهر و بین ما له سنة کاملة و لأنه لو تلفت شاة من الأربعین قسط التالف علیها بناء علی أن واحدة منها للفقراء و لم یقسطوه علی ما له سبعة و حمل کلام الأصحاب علی إرادة إخراج ما له سبعة أشهر علی القیمة لا وجه له لأن القیمة لیس لها خصوصیة بنوع خاص و لا عدد خاص و فی هذا کله نظر لعدم المنافاة بین تعلق الزکاة بالعین و بین کون الفریضة جذعاً سنه سبعة أشهر لأن المراد بالشرکة شرکة الجزء من أربعین قیمته جذع من سبعة أشهر إلی ما فوقها و الخیار للمالک عند الصدع و القسمة فی دفع السن فی دفع السن من غیر النصاب و أما فوقه هو الأولی فیجتمع حینئذ النصاب الحائل علیه الحول مع وجوب الفریضة بذلک القدر علی وجه الشرکة و لا بأس به أو یلتزم أن الفقیر شریک فی شاة من النصاب لکن الشارع رخص المالک فی دفع ما له من السن سبعة أشهر بدلًا عنها و جعله مجزیاً و الخیار حینئذ للمالک عند القسمة بین دفع ما فوق من نفس النصاب و بین ما دفع ما له سبعة أشهر من غیره و بما ذکرنا یمکن أن یجب من اجتزأ بمسمی الشاة فی فریضة الغنم و لو کانت صغیرة إذا ورد علیه أن المالک مشترک بعد حول الحول فللفقیر واحدة مما حال علیا الحول فکیف یجزی عنها الصغیرة مطلقاً و یتخلص من الإشکال بما قدمنا و لو اجتمع النصاب من ضأن و معز أخذ بالنسبة من القیمة و یحتمل إجزاء ما یسمی شاة و یحتمل التخییر بین إخراج واحدة من الضأن أو واحدة من المعز و الأقوی الأول و الجذع من الضأن مبدأ لحد سن الفریضة بمعنی أنه لا یجزی أقل من ذلک و لیس لآخر سنها حد علی الأظهر فیجری الکبیر عند الجذع علی أنه فریضة و هل تجری علی أنه قیمته شاتین لو کانت قیمته ذلک و لکن علی إشکال.

بحث: یجوز دفع الأنثی عن الذکر فی الغنم و بالعکس

لإطلاق الأخبار و کلام الأصحاب سواء کان النصاب کله ذکوراً أو کله إناثاً أو ملفقاً منهما إبلًا کان أو غنماً

ص: 50

اختلفت قیمة الذکور و الأنثی أو اتحدت فی جمیع النصاب فی بعضه لأن الأظهر أن شرکة النصاب لیست علی نحو باقی الشرکات بل هی شرکة بقدر شاة فی جمیع النصاب و یجب دفع الشاة مطلقة عنها متوسطة الحال بین الجودة و الرداءة و لا تعتبر الأنوثیة و الذکوریة و إن کان الأحوط اعتبارها عیناً أو قیمة سیما عند الاختلاف فی القیمة لشبهة تعلق الزکاة فی العین.

بحث: لا تؤخذ الفریضة مریضة أو هرمة أو ذات عور و الهرمة الکبیرة المسنة عرفاً

و هی لا تکون فی فرائض الإبل إلا القیمة فتقل ثمرة البحث فیها فی الإبل و ذات العوار ذات العیب و الدلیل علی ذلک الإجماع المنقول مستفیضاً بل و المحصل علی الظاهر و الصحیح و غیره الوارد فی الأخیرین و لا قائل بالفرق بینهما و بین الأول أو لدخول الأول فی الأخیر و لقوله تعالی: [وَ لٰا تَیَمَّمُوا الْخَبِیثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ] سورة البقرة آیة (267)، و لا یتفاوت الحال بین انحصار السن الواجب فیها و بین عدمه بل یجب علیه شراء غیرها أو دفع القیمة نعم لو کان النصاب کله متصفاً بذلک لم یکلف شراء صحیح أو فتی أو سلیم لظاهر الإجماع المنقول و فتوی المشهور و لو اختلط النصاب مریضاً بصحیح احتمل وجوب دفع الصحیح مطلقاً لإطلاق الأخبار و احتمل دفع القیمة أو صحیحاً بالنسبة قضاء لقواعد الشرکة کما إذا کان عنده أربعون شاة نصفها صحیح و نصفها مریض و قیمة الصحیح عشرون و المعیب عشرة أخرج خمسة عشر بالقیمة أو صحیحاً قیمة کذلک و لو أخرج صحیحاً قیمته أربع عشر الأربعین کفی فی التقسیط و کان أسهل و نقل علیه الإجماع و لو کانت المریضة بقسیمة الصحیحة أو أعلی و کذا ما بعدها فالأقوی عدم جواز دفعها لإطلاق الأخبار نعم ورد فی الأخبار یشمل المصدق و ظاهرها (أنه مع رصانة یجوز له أخذ الهرم و ذات العوار) و فیه بعد لأن إشاءة المصدق لا ترفع ضرر الفقراء و النقص علیهم و لأخذ به تعبداً خلاف ظاهر الفتوی فلا بد من حملها علی ما إذا کانت المریضة أعود للفقراء أو شاءها لنفسه أو أخذها بالقیمة لبیعها بالفعل و لو کان عند نصاب صحیح و عفو مریض اعتبر النصاب الصحیح و لا یوزع علی العفو شی ء.

ص: 51

بحث: لا تؤخذ الربی من الغنم بتشدید الباء و ضم الراء

و الظاهر الاتفاق علیه إلا إذا کان النصاب کله رباء فلا یکلف غیرها للإجماع المنقول بل له أن یفع منها و له أن یدفع بالقیمة و هل المنع التعبدی لإطلاق النص و الفتوی أو للزوم الاضرار بولدها أو المراعاة حال المالک فإذا رضی المالک جاز أو لمراعاة حال الفقراء لأنها مریضة کالنفساء فإذا وجد المصدق مصلحة جاز وجوه أقواها الوسط و أحوطها الأول و الربی هی ما دبت أثنی مما فی الصحیح و لکنه لا قائل به أو هی ما دبت فی البیت لأجل اللین کما فسره بعضهم و هو لا قائل به ممن یعتد به أو ما قرب عهدها بالولادة عرفاً أو کان بینها و بین الولادة خمسة عشر یوماً أو عشراً أو عشرون او شهران و الأقرب أنها الوالدة عرفاً للموثق و لا تؤخذ الأکولة و لا الوالدة و حکمها حکم النفساء فی النساء و تجزی فی المعز و الضأن و خصها بعضهم بالمعز و بعضهم بالضأن و یجوز أخذها عند امتناع المالک مقاصة و هل یجوز دفعها قیمة علی احتمال أن المنع تعبدی و لا یبعد ذلک و الأحوط التجنب عن جمیع ما فسرت به الربّی من باب المقدمة لمکان النهی و الاشتباه فی المحصور.

بحث: لا یجوز أخذ الأکولة و لا فحل الضراب و ثمرته فی الغنم

للموثق الدال علی النهی عن أخذها و لأنهما من کرائم الأموال فیلزم الضرر علی المالک بدفعهما و هل عدم الجواز تعبدی لإطلاق النص و الفتوی أو إرفاق بالمالک فلو تطوع و أخرج ذلک جاز وجهان أقواهما الثانی و نقل علیه الإجماع و الأحوط الأول سیما إذا لم یکن فحل ضراب غیره إلا إذا أخرجهما علی أنهما قیمة فیقوی القول بجوازه و تظهر الثمرة علی وجه الأخیر فیما إذا امتنع المالک فجبره الحاکم علی الأخذ و لم یکن منحصراً فیهما فالأظهر عدم جواز أخذ الساعی شیئاً منهما مطلقاً بدون أذنه و الأحوط عدم أخذ الحامل إلا إذا کان النصاب کله حوامل لأن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) (نهی أن یأخذ شافعاً أی حاملًا) و هل یجب دفع الحامل إذا کان النصاب کله حوامل عینها أو قیمتها و دفع القیمة علی النسبة أو العین إذا کان النصاب بعضه حوامل و بعضه لا أم لا یجب وجهان وجهان أقواهما الثانی و الأحوط الثانی.

ص: 52

بحث: یقوی القول بعدم عد الأکولة و فحل الضراب من النصاب إذا لم یکن کله کذلک

أو کان النصاب متساویاً فیهما للصحیح الدال علی أنه لیس فی الأکیله و لا فحل الغنم صدقة الظاهر فی نفیها فی العد لا فی الأخذ کغیره من الأخبار النافیة للصدقة عن کثیر من الأشیاء و لروایة السرائر بعدم عد الفحل و عدم القول بالفصل عم یختص الحکم بما إذا کان قلیلًا فی النصاب اقتصاراً علی المتیقن فی النص و الفتوی و لأنه الغالب فی الوجود و بما إذا لم یرضَ المالک للإجماع المنقول علی عدها إذا رضی و ذهب جمع من أصحابنا للأکثر إلی وجوب عدهما لإطلاق النص و الفتوی فی ثبوت الزکاة فی مطلق الغنم و عدم صراحة الصحیح فی نفی العد فلعله یراد به نفی الأخذ بقرینة عد الرُّبّی و شاة اللبن لأن حمل النفی فیها علی نفی العد مخالف للإجماع المحصل و المنقول و استعمال النفی فی الأمرین بالنسبة إلی الصنفین لا نرتضیه فی استعمال الألفاظ و الأخذ ببعض الروایة دون بعض و إن کان جائزاً لکنه یوهنها عند المعارضة و روایة ابن إدریس ضعیفة بالإرسال فلا تصلح للاستدلال.

بحث: إذا اختلفت أفراد النصاب فی الجودة و الرداءة و علو القیمة و دنوها

فهل یجزی المسمی من الردی ء و الأدنی أم لا یجب الإخراج علی نسبته النصاب جودة و رداءة و علواً و دنواً وجهان أقواهما الثانی لقوله تعالی: [وَ لٰا تَیَمَّمُوا الْخَبِیثَ] سورة البقرة آیة (267)، و لأن الزکاة تتعلق بالعین فتوجب الشرکة و من موجباتها الأخذ بالنسبة کما أن الفقیر لیس له أن یأخذ الأعلی و لقوله تعالی: [فَلَکُمْ رُؤُسُ أَمْوٰالِکُمْ لٰا تَظْلِمُونَ وَ لٰا تُظْلَمُونَ] سورة البقرة آیة (279)، و قیل بالأول تمسکاً بالإطلاق و استناداً للأصل و لکثرة الإرفاق بالمالک و لروایة مصدق أمیر المؤمنین (علیه السلام) حیث أمره بتخیر المالک بعد صدع المال صدعین و فی الجمیع ضعف لانصراف الإطلاق فی المقام الخاص للمتوسط من الأفراد المتعارفة لانقطاع الأصل بدلیل الشرکة و لمعارضته إرفاق المالک بما دل علی مراعاة حال الفقراء و لأن الصدع و التقسیم و جعل الخیار للمالک لا یدل علی جواز دفع الردی ء عن الجید فظهرت قوة الأول و علیه فلا یجوز

ص: 53

دفع الردی ء عن الجید إذا کان النصاب کله جید و لا قیمة الردی ء عنه فی باب المقدمة و لا الذکر عن الأنثی إذا کان الذکر ردیئاً لأن حیثیة الذکورة و الأنوثة و لا المنخفض قیمة بدل الأعلی أو المتوسط عیناً أو قیمة.

بحث: عند تساوی الأفراد فهل الخیار للمالک أم لا بد من القرعة أم للساعی الأخذ بغیرها و له أن ینازعه حتی تعتبر وجوه

أوجهها الأول لما یفهم من الأخبار من جعل الخیار بید المالک فی دفع العین أو القیمة و الدفع من نفس النصاب أو من غیره و من جواز بیع النصاب و التصرف فیه بنیة ضمان الفریضة و من جعل الخیار إلیه فی روایة أمیر المؤمنین (علیه السلام) و من ظهور الأخبار بمراعاة حال المالک و الإرفاق به و لخلو الأخبار عن ذکر القرعة فی مقام البیان و لجریان السیرة القطعیة علی دفع المال للفقیر من دون مشاحة و قرعة و لو شرعاً لبان ذلک و لاستحباب دفع الزکاة سراً بل دفعها من دون تبین أنها زکاة و ظاهرها ینافی فی لزوم القرعة و لأن لزوم القرعة فی غیر الأنعام بدیهی ففیها کذلک لعدم الفرق الظاهر سوی أنهما من ذوات القیم المختلفة و تلک من المثلیات و هو لا یصلح للفرق ضرورة اختلاف المثلیات اختلافاً فاحشاً بحسب القیمة و الرغبات کاختلاف القیمتان المؤدی للنزاع بین الشرکاء فلو وجبت لوجبت هناک أیضاً و دعوی لزوم القرعة لاشتراک المال و لا یتمیز إلا بمتمیز شرعی متیقن و القرعة ممیز متیقن فبدونها لا یحصل التمیز و لا الملک و غایة ما یحصل بالقسمة بدونها إباحة تصرف کل من الشریکین بمال الآخر و لا یحصل بتعیین المشترک بالملک إلا بالقرعة ضعیفة جداً لأن توقف الملک فی المشترکات علی القرعة إنما هو فی الأملاک الخاصة بین الملاکین المخصوصین کما خصها به الأصحاب فتوی و روایة و أما الحقوق العامة من خمس أو زکاة أو غیرهما مما دل علی أن أمره بید المالک حکم علی ذلک و مخرجه عن شبهة التوقف علی القرعة إلی القطع بکون الأمر إلی المالک فعلی ما ذکرناه لو کان فی النصاب ما یتفاوت القیمة أو الرغبات فیه کان الخیار للمالک یفعل فیه کیف یشاء و لا یجب التقسیط عند اختلاف القیم المتعارفة عادة نعم یجب التقسیط إذا اختلفت اختلافاً فاحشاً من جهة عرض کالعیب و السلامة أو من جهة تغایر الجنس کالبقر و الجاموس

ص: 54

و الإبل العربیة أو الخراسانیة أو من جهة نفسها لزیادة حسن فی بعضها و زیادة قبح فی آخر.

بحث: تتعلق الزکاة بالعین علی جهة الاستحقاق لا علی طریق الاستئناف

فالفقیر شریک فی النصاب بقدر ما فرضه الله تعالی له مع المالک علی جهة الإشاعة لا علی جهة حلول الکلی فی النصاب کبیع صاع من صبرة و لا علی أنه مسترهن ذلک القدر من مال المالک إلی حین الدفع منه و لا علی أنه مستوثق فیه کاستیثاق المجنی علیه للعبد الجانی فی ارش الجنایة و لا تتعلق بالذمة و لا تتعلق بهما معاً فی غیر المجانس بالذمة کفی خمس من الإبل شاة و فی المجانس بالعین کالغلات و نحوها کما تخیله بعضهم و الدلیل علی تعلقها بالعین دون الذمة فتوی المشهور و الإجماعات المحکیة و النصوص الواردة فی النقدین کقوله (علیه السلام): (فی عشرین دینار نصف دینار و فی کل أربعین دینار أربعة دنانیر و فی کل مائتی درهم خمسة دراهم) و فی الغلات کقوله (علیه السلام): (فیما سقت السماء العشر و لیس فیما دون خمسة أو ستة صدقة) و فی الأنعام کقوله (علیه السلام): (فی کل أربعین شاة شاة) و نحو ذلک مما استفید منه الحکم الشرعی و هو وجوب الزکاة و الوضعی و هو دخول الفریضة فی الغیر لمکان فی الظاهرة الظرفیة دون السببیة لأن استعمالها فی السببیة مجازاً لا یصار إلیه إلا بدلیل کقولهم فی العین الدیة و قولهم النار فی هرة و دعوی عدم إمکان الظرفیة فی مثل قولهم فی خمس من الإبل شاة لا وجه لها لعدم إرادة نفس الشاة بل إرادة قدرها قیمة مشاعاً فیها و قد یکون الشاة بدلًا عنها فتکون الظرفیة ممکنة حینئذ و تقدیم التجوز فی الشاة دون التجوز بفی هاهنا إنما کان لمکان عدم القول بالفصل و لقوة قرینته علی قرینة التجوز بفی کما یظهر مما تقدم و ما یأتی إن شاء الله تعالی و یدل علیه أیضاً قوله (علیه السلام): (إن الله شرک الأغنیاء و الفقراء) و قوله (علیه السلام): (إن الله جعل فی أموال الأغنیاء للفقراء ما یکتفون به) و الأخبار الواردة فی آداب المصدق و صدع المال بینه و بین المالک و یدل علی ذلک أنها لو تعلقت بالذمة لتکررت فی النصاب الواحد إذا حالت علیه أحوال متعددة

ص: 55

و لم تقدم علی الدین إذا قصر فی الشرکة مع بقاء عین النصاب و لم تسقط بتلف النصاب من غیر تفریط و لم یجز للساعی تتبع العین لو باعها المالک و اللوازم باطلة اتفاقاً منهم منقولًا بل و محصلًا فالملزوم مثله و ما استند إلیه أهل الذمة من عدم جواز إلزام المالک بالأداء من العین بل له الإخراج بالقیمة و من عین أخری و عدم منعه من التصرف بالنصاب قبل الاخراج مع الضمان و من منعه من التصرف بالنصاب قبل الإخراج مع الضمان أی و من قیاسها علی زکاة الفطرة ضعیف لأن الأولین تخفیف علی المالک و إرفاق به کما یرشد إلیه خبر أمیر المؤمنین (علیه السلام) و سماع دعوی الإخراج من المالک و تصدیقه فی الأحکام المتعلقة بالزکاة نفیاً و إثباتاً و الأخیر قیاس لا نقول به علی أنه لو کان التخلف فی خاصة موجباً للمنع من التعلق بالعین لکان مع التعلق بالذمة أو إلی کثرة التخلف فی خواصه و یتفرع علی الأقوال أنه لو باع بعد تعلق الوجوب النصاب نفذ فی قدر نصیبه قولًا واحداً و أما فی قدر الفرض فبناء علی الشرکة یبطل البیع فیه إلا مع الضمان و الاستمرار علیه و أجازه الحاکم فتکون الثمن للفقراء و یتخیر للمشتری الجاهل لتبعیض الصفقة علیه فإن إخراج البائع القدر من غیر النصاب بعد البیع احتمل نفوذ البیع لکونه کالإجازة من الساعی لولایة المالک و احتمل العدم و الأول أقوی و علی القول بالذمة یصح البیع قطعاً فإن أدی المالک لزم و إلا کان للساعی تتبع العین فیفسخ البیع من حینه لا من أصله شرعیاً و یتخیر المشتری أیضاً و علی الرهن یبطل البیع إلا أن یتقدم الضمان و یخرج من غیره و علی الجنایة یکون البیع التزاماً من المالک بالزکاة فإن أداها نفذ البیع و إن امتنع تتبع الساعی للعین و لو تتبع الساعی فأخرج البائع الزکاة احتمل لزوم البیع حینئذ من جهة المشتری و هو الأقوی و احتمل عدمه استصحاباً للخیار و لاحتمال الاستحقاق المدفوع فتعود مطالبته للساعی و هل یجب علی القول بتعلقها بالعین إخراج زکاة ما انتقل إلینا من الکفار و المخالفین أم لا و من جواز إقرارهم علی مذهبهم و السیرة القاضیة بالعدم و لا یبعد أنه الأقوی و فی تعلق الزکاة بالعین فی الزکاة المندوبة علی وجه الشرکة تأمل و نظر و کذا فی نمائها سیما مع غرمه علی الدفع و یتفرع علی تعلقها بالعین لزوم تقدیمها علی الدین

ص: 56

و عدم تکررها ببقاء ما ینطق علی النصاب المال أو بعضه من دون تفریط و جواز أن یبیت الإمام لیلة قبل إخراجها لو عملنا بروایة أن الإمام لا یبات فی ذمته حق و تقدیمها علی زکاة الفطرة عند التعارض و اشتراکها مع الخمس فی الإخراج عند التعارض و عدم استثناء ما یستثنی للمدیون فی إخراجها و اتباع الساعی العین أو عوضها مع التلف بتفریط و حرمة التصرف بما تعلقت به من دون ضمان و عدم تعلق النذر و شبهه بقدرها لو نذر التصرف بماله من دون ضمان و استحقاق السهم من الأرباح و النماء لو أجاز المجتهد نقل العین من المالک و بیعه حصة الفقراء لمال المالک لو أعرض عن بعض المتساقط من حب و شبهه أو وهب بعض ما یعتاد هبته کقبضه سنبل أو کف طعام أو تمر و الشرکة فیما لم یعرض عنه من برز متخلف أو ثمر قصار نخلًا أو عدم جواز التصرف بها علی القول بالرهن و عدم تعلق أحکام المدینین بمن وجبت علیهم لو نذر لهم ناذر أو وقف علیهم واقف و عدم لزوم الإعطاء بحساب الأصل لو تبدلت من دون تفریط لمصلحة الحفظ و نحوه من دون ضمان و لزوم قیمة المثل لما تبدلت إلیه مع الاعواز لا الأصل و إجراء حکم الودیعة علیها فلا یسافر الا مع الضمان أو التأدیة أو الوضع عند أمین و إعطاء المؤن المصروفة علیها بعد تعلق و جواز التأخیر و عدم الضمان لو أبقاها من دون اختیار و تخصیص الفقراء دون الغرماء بها فی مال المفلس و المیت و عدم دخولهم فی التقسیط مع القصور و عدم دخولها فی المیراث و الوصیة و عدم لزوم محذور مع عدم إخراجها لو التزم بعد شغل الذمة و عدم جواز أخذهما الرهن علی ما فی الذمة مع وجودها و عدم جواز ضمان من طلبت منه قبل ضمانه و طلب عوض النفقة فی المصرف لو صرف علیها و وجوب الحفظ لها کالودیعة و عدم لزوم الحلف علی من حلف معلقاً علی أربعین شاة و لیس عنده سواهما و جواز بیعها بحال و مؤجل بخلاف الدین و جواز الصرف علیها لجواز التقابض بها دون الدین و جواز المضاربة علیها باقیة علی حالها و جواز دعوی الفقراء بها مع الغاصب و جواز الصرف علیها من مال الفقراء و جواز أخذ الارش عن عیبها و جواز أن یأخذ المالک من الساعی أجرة لو

ص: 57

تأخر عن القبض و بالعکس لتفویت المنفعة علی الفقراء و لزوم الحنث لو قال: لیس عندی فی مال الفقراء شی ء و عدمه لو قال: لیس فی ذمتی شی ء.

القول فی زکاة النقدین

اشارة

و فی کل واحد منهما نصابان نصاب أولی و هو عشرون دیناراً أو عشرون مثقالًا شرعیاً و هما سواء فی الأخبار و کلام الأصحاب لأن الدینار فی لسانهم مثقالٌ و فیه ربع العشر نصف دینار عشرة قراریط ثمّ لیس فیه شی ء حتی یزید أربعاً و هو النصاب الثانوی و فیها ربع العشر أیضاً قیراطان و هکذا وفاقاً للمشهور بل کاد أن یکون إجماعاً و الإجماعات علیه متکثرة النقل و الأخبار المعتبرة به مستفیضة متکثرة بل قیل أنها تبلغ حد التواتر و منها الصحیح (لیس علی الذهب حتی تبلغ عشرین مثقالًا ففیه نصف مثقال إلی أن یبلغ أربعة و عشرین ففیه نصف دینار و عشرون دینار ثمّ علی هذا الحساب متی زاد علی عشرین أربعة أربعة ففی کل أربعة عشر إلی أن یبلغ أربعین مثقالًا ففیه مثقال) و الموثق و غیره (إذا جاوزت الزکاة عشرین دیناراً ففی کل أربعة دنانیر عشر دینار) و خالف والد الصدوق فی ذلک فجعل النصاب الأول أربعین مثقالًا و فیه مثقال (و لیس فیما دون الأربعین شی ء) استناداً للموثق (فی الذهب أربعین مثقالًا مثقال و لیس فی أقل من أربعین مثقالًا شی ء) و للصحیح فیمن عنده تسعة و ثلاثون قال: (و لا فی الدینار حتی تتم أربعین) و الموثق شاذ نادر ضعیف المستند لشذوذه و وحدته و قصور سنده و عدم معارضته للأخبار المتکثرة المعتضدة بالإجماعات و عمومات أدلة الزکاة و إطلاقاتها خرج ما دون العشرین فیبقی الباقی فلا بد من طرحه أو حمله علی التقیة و إن لم یکن مذهباً لکل العامة إذ لیس الشرط فی الحمل علی مذهبهم اتفاق جمیعهم علی الفتوی أو حمله علی تخصیص الشی ء المنفی علی الدینار الکامل و الصحیح و إن کان مرویاً فی (یب) کذلک لکنه فی الفقیه مروی بدل تسعة و ثلاثون تسعة دینار فی السؤال أو فی الجواب نفی الزکاة فیهما حتی تتم و ما فی الفقیه أضبط و أرجح و أوفق بأخبارنا فیکون الاعتماد علیها و للفضة أیضاً نصاب أولی و هو مائتا

ص: 58

درهم و لیس فیما دونها شی ء و فیها ربع العشر ثمّ لیس بعدها شی ء حتی تزید أربعین ففیها کذلک درهم و هو النصاب الثانوی و لیس ما بین الأربعین و الأربعین و الأربعین شی ء و کل ذلک یدل علیه الإجماع بقسمیه بل کاد أن یکون ضروریاً بین العلماء و الأخبار المستفیضة المتکثرة کالصحیح عن الذهب و الفضة ما أقل ما یکون فیه الزکاة قال: (مائتا درهم) وعد بها من الذهب و الفضة و الموثق لیس فی مائتی درهم إلا خمسة دراهم فإذا بلغت أربعین و مائتین درهم ففیها ست دراهم فإذا بلغت ثمانین و مائتین ففیها سبعة دراهم و ما زاد فعلی هذا الحساب إلی غیر ذلک و الدرهم ست دوانیق کما علیه کافة الأصحاب و هو المعروف زمن الصدور و صرح به جماعة من أهل اللغة و الدانق وزن ثمان شعیرات من الشعیر المتوسط کما نسب إلی کافة الأصحاب أیضاً و قد کان الدرهم قبل زمن الصدور بغلیاً و هو ثمانیة دوانیق و طبریاً و هو أربعة و جمعهما عبد الملک و صیر الدرهم ست دوانیق و استقرت سکة الإسلام علیه و علی هذا فالدرهم نصف دینار و خمسة دنانیر و الدینار ثلاثة أرباع الدینار الصیرفی فالمثقال الصیرفی مثقال شرعی و ثلث و قد ورد فی الخبر أن الدرهم ست دوانیق و الدانق ست حبات و الحبة وزن حبتی الشعیر من أوسط الحب لا من صغاره و لا من کباره و هو شاذ لا عامل به ممن یعتد به و مع ذلک ضعیف السند فالرجوع فی الموضوعات إلی اللغة و العرف لازم.

مسائل:

اشارة

-

الأولی: یشترط فی زکاة النقدین النصاب

کما تقدم فلو علم بعدمه لم تجب قولًا واحداً و لو شک فی ماله بلوغ النصاب کان له عدم اختیاره و یتمسک بأصل البراءة و أصل عدم بلوغه نصاباً فلا تزکیة إلی أن یعلم بلوغه ذلک و ربما ظهر من بعضهم نقل الإجماع علی ذلک و ادعی بعضهم وجوب الاختیار لتعلق وجوب الزکاة بالنصاب الواقعی فیجب تحصیل العلم به من باب المقدمة و هو ضعیف لأن وجوب المقدمة بعد وجوب زیها و لم یثبت وجوبها و لو علم أن له ما لا یبلغ النصاب و شک فی قدرة هل أنه یتجاوز إلی النصاب الثانی أو الثالث أم لا و هل یزید کثیراً أو قلیلًا فالأقوی أنه

ص: 59

کالأول فیدفع ما یتبقی معه شغل الذمة و ینفی الزائد بالأصل و دعوی أنه هاهنا مشغول الذمة مطلقاً فیتوقف علی فراغها فیجب علیه الاختیار أو دفع ما یعلم فراغ ذمته به لا وجه لها للمنع من القطع بشغل الذمة بغیر المعلوم عنده عن قدر النصاب و الزائد یکون مشکوکاً کالشک فی البلوغ نصاباً ابتداء فیجری فیه الأصل کما یجری فیه نعم الأحوط الاختیار لدلیل الاحتیاط و لما ورد بعض النصوص فی الدراهم المغشوشة قال: (إن کنت تعرف أن فیها من الفضة الخالصة ما تجب فیه الزکاة فزکه مما کان لک فیها من الفضة الخالصة ودع ما سوی ذلک من الخبث) قلت: و إن کنت لا أعلم ما فیها من الفضة الخالصة إلا أنی أعلم أن فیها ما تجب فیها الزکاة قال: (فاسبکها حتی یخلص من الفضة و یحرق الخبیث ثمّ یزکی ما خلص من الفضة لسنة واحدة) و لو علم أن علیه زکاة لا یعلم قدرها أعطی ما تیقنه و یمسک فی نفی الزائد بالأصل و لو علم أن علیه زکاة معلومة و لم یدر بتأدیتها أو أنه أدی بعضاً و لم یدر بقدره وجب علیه هاهنا الاحتیاط و الدفع إلی أن یعلم بفراغ ذمته.

الثانیة: یشترط فی زکاة النقدین الحول

فلو انخرم شرط من الشرائط فیه لم تجب و لو کان انخرم الشرط بالاختیار بقصد الفرار أو لا یقصد الفرار سواء کان المضر إلیه سبکه حلیاً أو غیره علی صفة محللة کحلی المرأة أو محرمة کحلی الرجل و أوانی الذهب و الفضة علی الأقوی فی جمیع ذلک لعموم الأدلة و لخصوصها کما تقدم و إن کان الأحوط إخراج الزکاة مما قصد الفرار فیه سیما لو کان التخلص سبک أو بوصفه حلیاً تخلصاً من شبهة خلاف المرتضی و الروایة.

الثالثة: یشترط فی النصاب المشترط حول الحول علیه بلوغ النقد الواحد ذلک القدر

فلا یکفی بلوغ المجتمع من النقدین قدر نصاب و لا قدر المجتمع من النقد و الغش ذلک خلافاً للعلامة فی الأول و هو ضعیف لمخالفته لعمومات الأدلة و لخصوص الإجماع المحکی و فی الروایة المتقدمة ما یدل علی عدم الاعتداد بالغش.

ص: 60

الرابعة: یشترط فی وجوب الزکاة فی النقدین کونهما مسکوکین بسکة المعاملة بالفعل فی أغلب البلدان کتابة أو غیرها

للأخبار و الإجماع بقسمیه و لانصراف الدراهم و الدنانیر بل و الذهب و الفضة إلی ذلک فلا زکاة فی السبائک و لا فی الحلی و لا فی تراب الذهب للإجماع و الأخبار و فیها الصحیح (کلما لم یکن رکازاً فلیس علیک فیه شی ء) قال: قلت و ما الرکاز قال: (الصامت المنقوش) ثمّ قال: (إذا أردت ذلک فاسبکه فإنه لیس فی سبائک الذهب و نقار الفضة شی ء من الزکاة) و فی الصحاح و غیرها عن الحلی فیه زکاة قال: (لا) و زید فی بعضها و لو بلغ مائة ألف و فی الخبر إن لیس فی البر زکاة إنما هی علی الدنانیر و الدراهم نعم قد یقع الإشکال فیما کان مسکوکاً بسکة المعاملة القدیمة و قد هجر التعامل فیها أو ما کان مسکوکاً للتعامل و لکن لم یتعامل بها بعد و لم تدور فی أقطار المعاملة و أما ما کان مسکوکاً بسکة قریة صغیرة أو بین أفراد محصورین أو ما کان مسکوکاً بسکة غیر السلطان فی بعض البلدان أو کان متعاملًا به لکنه غیر مسکوک أو ما کان مسکوکاً فتکسر أنصافاً أو أرباعاً بحیث لا یتعامل به أو ما کان مسکوکاً بسکة المعاملة و لکنها وضعت وضع الحلی فالأظهر وجوب الزکاة فی الأول و الأخیر إذا لم یکن جزءاً من الحلی بحیث صدق علیه اسمه و لا یجب فی البواقی و الأحوط الإخراج من الجمیع سیما فیما فیه سکة السلطان للمعاملة و لم یتعامل به لشمول بعض الأخبار للجمیع منطوقاً أو مفهوماً.

الخامسة: لا یمنع الدین من وجوب الزکاة فی النقدین

لعموم الأخبار و فتوی الأخیار و خصوص ما ورد أنه یزکی ما فی یده و إن کان علیه من الدین مثله أو أکثر منه و بهذا یظهر ضعف توقف فی ذلک لما ورد عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) أنه (من کان له مال و علیه مال فلیحسب ماله و ما علیه فإن کان فضل مائتا درهم فلیعط خمسة) و هی لا تقاوم ما تقدم لضعفها.

السادسة: إذا اختلف جوهر النقدین فی الجودة و الرداءة و علو القیمة و دنوها قدر لا یتسامح به عادة

کان بمقتضی قواعد الشرکة وجوب إخراج الفریضة بالنسبة فلو

ص: 61

کان الجید ثلثاً و الردی ء ثلثین أخرج الفریضة کذلک عیناً أو قیمة لزاد خیراً و احتمل جماعة إجزاء الردی ء عن الجید و الأدنی عن قیمة الأعلی لحصول المسمی فی إیجاد المأمور به فی الأخبار من الأمر بإخراج الدراهم و الدنانیر و فیه أن الفقیر شریک بقدر الفریضة فی مجموع النصاب فالواجب التوزیع نعم یجوز إخراج الأدنی بالقیمة عن الأعلی و عن المرکب منهما و هل یجوز إخراج الأعلی عوض دینار من الردی ء أم لا یجوز لا یبعد القول بالجواز الإخراج بالقیمة و المفروض مساواة القیمتین و قد یمنع لأن الواجب إخراج نصف الدینار عن عشرین فلا یجزی الربع و هو الأحوط فظهر مما ذکرنا أنه یکمل الجید بالردی ء و الصحیح بالمکسور و الغالی بالدنی ء و الناعم بالخشن فإذا بلغ الجمیع نصاباً أخرج منه بالنسبة عیناً و أخرج ما یزید قیمة ردیئاً کان المخرج فی القیمة أم جیداً و إن کان الأحوط فی الخیر ترکه و المغشوش تجب فیه الزکاة قطعاً و لا یخرجه الغش عن إطلاق اسم الدراهم و الدنانیر قطعاً فإذا بلغ صافیه نصاباً کما دلت علیه الروایة فیما لو کان ثلث فضة و ثلث مسکاً و ثلث رصاصاً وجب إخراج الفریضة منه علی نسبة الصافی و لا عبرة بالغش و یجوز له إخراج الفریضة من الصافی و إخراجها من المغشوش علی نسبة الصافی و له احتساب الغش بالقیمة لو کان للغش قیمة.

السابعة: من خلف نفقة لعیاله فغاب و حال علیها الحول

فإن کان متمکناً من التصرف فیها وجبت علیه فیها الزکاة لعدم نفع الغیبوبة للزکاة و إلا سقطت عنه و فی الموثق و المرسل کالصحیح عدم وجوب الزکاة علی الغائب ما دام غائباً و إن کان مشاهداً فعلیه الزکاة و أفتی بمضمونها جماعة و علل أیضاً بأنها فی معرض التلف و القول بها قوی و لکن الأقوی و الأحوط تقدیم ما دل علی وجوب الزکاة مع التمکن من التصرف و عند عدمه لاعتضاده بالمرجحات العدیدة و بعموم الأدلة فیجب حمل الروایتین علی حالة عدم تمکن الغائب من التصرف فی المال و إن کان بین الروایتین و بین ما دل علی اشتراط التمکن من التصرف عموم وجه لأن الأقوی یقدم فیه أیضاً.

ص: 62

القول فی زکاة الغلات:

اشارة

و لیس فیها إلا نصاب واحد فما فوقه قل أو کثر و ما دون النصاب عفو و هو إجماعی و نصابها خمسة اوسق و کل وسق ستون صاعاً للإجماع بقسمیه و الأخبار المستفیضة ففی الصحیح لیس فیما دون خمسة أوسق شی ء و الوسق ستون صاعاً و غیر ذلک من الأخبار و الصاع ست أرطال بالمدنی و تسعة بالعراقی و للروایة عن أبی الحسن (علیه السلام) أنه کتب (إلی الصاع ستة أرطال بالمدنی و تسعة بالعراقی) و للصحیح عن أیوب بن نوح أنه کتب إلی أبی الحسن (علیه السلام) و قد بعثتُ لک العام من کل رأس من عیالی بدرهم عن قیمة تسعة أرطال بدرهم فکتب إلیه جواباً محصلة التقریر علی ذلک و المراد بها الأرطال العراقیة بقرینة السائل لکونها عراقیاً و بقرینة السؤال و السیاق لعدم القول بأن التسعة غیر عراقیة و للصحیح أیضاً (کان رسول الله صلّی الله علیه و آله و سلّم له یتوضأ بل و یغتسل بصاع) و المد رطل و نصف و الصاع ستة أرطال یعنی أرطال المدینة و تسعة أرطال بالعراقی و الظاهر أن هذا من تتمة الروایة فی نقل الشیخ لها عن کتاب الحسین بن سعید و نقل العلامة لها فی التذکرة عن الباقر کذلک و الإجماع المنقول علی ذلک و ظاهر الاتفاق علیه و المسألة من الموضوعات فیکفی فیها أقل من ذلک فما ورد مخالف ذلک فی أصل النصاب من إیجاب الزکاة محمول علی التقیة أو مطرح أو مؤول بحمله علی نفی النصاب بعد النصاب الأول و من کون النصاب وسقا و وسقین مطرح أو محمول علی التقیة أو علی الاستحباب کما حمل الشیخ (رحمه الله) و لا بأس به تسامحاً بأدلة السنن و من کون ربع الصاع الذی هو مد بالإجماع و الأخبار رطلًا و ربعاً فیکون الصاع خمسة أرطال کما ورد فی الموثق و أفتی به البزنطی أیضاً ضعیف لا یقام ما تقدم سنداً و عدداً و مشهوراً و إجماعاً منقولًا و الأصل القاضی بالبراءة من الشروط حتی یثبت الشرط و المفروض أن النصاب شرط و المتیقن منه هو ما ذکرناه و غیره مشکوک فی حصوله به و الشک فی الشرط شک فی المشروط و الأشهر فی الرطل العراقی أنه مائة و ثلاثون درهماً أحد و تسعون مثقالًا و هو الأظهر للخبرین فی أحدهما الصاع ستة

ص: 63

أرطال بالمدنی و تسعة أرطال بالعراقی قال: و أخبرنی أنه یکون بالوزن ألف و مائة و سبعین وزنة و المراد بالوزنة الدرهم کما فی ثانیها ستة أرطال برطل المدینة و الرطل مائة و خمسة و سبعون درهماً تکون الفطرة ألف و مائة و سبعین درهماً خلافاً للعلامة (رحمه الله) فی أن وزنة مائة و ثمانیة و عشرون درهماً و أربعة أسباع درهم و مستنده غیر واضح فالرکون إلیه لا معنی له و یقدر الصاع أربعة أمداد بالإجماع و الأخبار و المد رطلًا و ربع بالعراقی و رطل و نصف بالمدنی کما دلت علیه الأخبار المتقدمة لزوماً بیناً ککلمات الأصحاب و یعتبر النصاب بالوزن لظاهر الأخبار و کذا لو اعتبر بالکیل و لم یعلم وزنه فإن الأقرب أیضاً وجوب الزکاة لأصالة عدم التفاضل و لو علم نقصان وزنه فالأقرب عدم وجوب الزکاة و الأحوط ذلک و هذا التقدیر تحقیقی فی تقریب لرجوع المکاییل و الموازین و الشعیرات فیه إلی المتعارف فی الوزن و القدر فلیس تحقیقاً فی تحقیق اللزوم المحال و لا تقریب فی تقریب کی یسهل أمره و یفتقر فیه القلیل و یتسامح بالجزئی

و هاهنا مسائل:

الأولی: وقت إخراج الفریضة بعد التصفیة فی الزرع و بعد الاختراف و الاقتطاف فی التمر و الزبیب

من غیر خلاف یعتد به و المراد به الوقت الذی لو أخر عنه ضمن إذا کان التأخیر من دون عذر أو الوقت الذی یجوز للساعی مطالبة المالک بالزکاة فیه لأن ما قبله وقت للإخراج قطعاً کما یرشد إلیه قوله (علیه السلام): (إذا أخرجه أخرج زکاته) و تجویزهم إخراج الواجب و التمر علی رءوس النخل و جواز مقاسمته الساعی للمالک قبل الجذاذ و غیر ذلک و أما وقت مبدأ الوجوب و التعلیق الذی لو فرط المالک بالمال قبله لم یضمن للفقراء شی ء و لو أدی قبله لم یکن مؤدیاً شیئاً فقد قیل هو بلوغ الغلة مبلغاً یصدق علیه اسم الحنطة و الشعیر و التمر و الزبیب لتعلیق الحکم فی الأخبار و فتوی الأصحاب علی هذه الاسماء فیدور الحکم مدار صدق الاسم وجوداً و عدماً و لا تصدق هذه الأسماء حقیقة بحیث یعلم ذلک و یقطع به أصلًا البراءة فی التمر و الزبیب إلا إذا جفت ثمرة النخل و انتقلت عن اسم الرطب علیها وجفت ثمرة الکرم

ص: 64

و انتقلت عن اسم العنب کما نَصَّ علیه اللغویون و یشهد به العرف و قال فی المصباح المنیر التمر تمر النخل کالزبیب من العنب و هو الیابس بإجماع أهل اللغات و فی الصحاح و المجمع و غیرهما أیضاً ما یقضی بذلک أیضاً و ما یوهم خلافه من کلام صاحب القاموس لا یعارض ما ذکرناه و فی الحب إلا إذا اشتد و انعقد و جف بحیث کان حباً متمیزاً متماسکاً جافاً و قیل هو بدو الصلاح ففی الحب اشتداده و انعقاده و الفرق بینه و بین معناه الأول دقیق جداً لا یکاد یمیزه إلا أوحدی الناس فی زمان یسیر و فی التمر احمراره و اصفراره و فی العنب صیرورته حصرماً و هذا القول منسوب للأکثر و الأشهر و الظاهر إن الشهرة علیه محصلة و یظهر من المنتهی نقل الإجماع المتقدمین و لعمومات وجوب الزکاة فی المال و وجوبها فیما سقت السماء و أنبتت الأرض مما یکال و یوزن خرج ما قبل ذلک و یبقی الباقی و لأن الزکاة لو لم تجب إلا بعد التمریة و العنبیة لاشتهر غایة الاشتهار لتوفر الدواعی لاشتهاره کیف و قد اشتهر خلافه فتوی و عملًا و سیرة مأخوذة یداً عن ید فی کثیر من المقامات و لما خفی علی الناس وجه التخلص من الزکاة قبل صدق التمریة و العنبیة بجعلهما دبساً أو نقلهما أو رهنهما و لصدق الحنطة و الشعیر عند الانعقاد عرفاً و کذا صدق التمر علی البسر عرفاً فیلحق بهما العنب و إن لم یصدق علیه الزبیب لعدم القول بالفصل و لنص بعض أهل اللغة مع تسمیة البسر تمراً و الأصل فی الاستعمال الحقیقة و لا قائل بالفصل بینه و بین العنب فی الحکم و منع الصدق العرفی أو تسلیمه و جعله منصرفاً للفرد الظاهر منه و هو الیابس لا نسلمه لصدق التمر الیوم علی البسر و الرطب و کذلک لا نسلم انصرافه للفرد الخاص دون غیره و إن کان الفرد الخاص أظهر و أشهر و المعاوضة بأقوال اللغویین النافین لصدق التمر علی الرطب و البسر لا تصلح لرفع ما علیه العرف لان العرف مقدم علی اللغة و لا تصلح لرفعه ما أثبته الآخرون لأن المثبت مقدم علی النافی و الوضع للقدر المشترک جزء من الحقیقة و المجاز و یدل علی هذا أیضاً الأخبار فمنها الصحیح لیس فی النخل صدقة حتی یبلغ خمسة أو ساق و العنب مثل ذلک حتی یکون خمسة أو ساق زبیباً فإن عدوله عن التمر إلی النخل الظاهر فی جمیع أفراده مجاز ما

ص: 65

عدا ما قبل البسرة دلیل علی إرادة جمیع الأفراد ما عدا قبل البسر و کذا قوله (و العنب مثل ذلک) یعنی فیه الزکاة إذا قدر بعد صیرورته زبیباً خمسة أو ساق و لکنه لا یخلو من إجمال أولًا من جهة أن اشتراطه بذلک القدر عند عروض وصف الزبیبیة یفهم منه أن بلوغه ذلک قبلها حین وصفه بالعنبیة لا یوجب الزکاة لا یخلو من إشکال و ثانیاً إن احتمال إرادة أن العنب عند صیرورته زبیباً تجب فیه الزکاة إذا بلغ خمسة أو ساق قائم بل مساو للأول لأن إطلاق العنب علی ما یؤول إلیه مجاز شائع و مع هذا الاحتمال یقوم الإجمال و منها روایة أبی بصیر عن أبی عبد الله (علیه السلام): (لا یکون فی الحب و لا فی النخل و لا فی العنب زکاة حتی یبلغ وسقین) و الوسق ستون صاعاً و یضعفه اشتماله علی ما لا نقول به و منها صحیحة سعد بن سعد و فیها فقلت: فهل علی العنب زکاة و إنما تجب علیه إذا صیره زبیباً قال: (نعم إذا خرَّصه أخرج زکاته) فسؤاله عن العنب بعد ذکر الزبیب سابقاً نص فی ثبوت الزکاة علیه و کذا تعلیق الإخراج علی الخرص و هو علی ما هو المشهور إنما یکون فی حال البسر به و العنبیة لانحصار ثمرته فی ذلک الوقت لأن فائدته علی المشهور و جواز التصرف من المالک إذا عرف الخارص قدره تمراً و زبیباً و ضمنهم حصة الفقراء أو جعلها فی أیدیهم إخافة و بعد صیرورة الثمرة تمراً أو زبیباً یحل وقت جذاذها فلا معنی لخرصها علی أن تأخیر الخرص إلی ذلک الحال یؤدی إلی تساقط الثمرة من هبوب الریاح و غبار الأهویة فتقل فائدته و لأن الزبیب لا یکون زبیباً إلا بعد أن یصرم و یقع علی الأرض و مع ذلک یکون مکیلًا أو موزوناً فلا یجوز خرصه و دعوی أن فائدة الخرص مجرد معرفة ما یؤخذ من المخروص بعد صیرورته تمراً أو زبیباً فلو لم یصیر لم یؤخذ منه لا جواز التصرف لا وجه لها لأن جواز التصرف من المالک مما یمنع جواز الأخذ بالخرص و یوجب الرجوع إلی قول المالک و معه تقل الفائدة حینئذ علی أن الروایة صریحة فی وجوب الإخراج عند الخرص فلا معنی لردها و منها الصحیحة الأخری عن الزکاة فی الحنطة و الشعیر و التمر و الزبیب متی تجب علی صاحبها قال: (إذا صرم و إذا خرص) بحمل وقت الصرم علی وقت الخرص علی غیر المعتاد لعدم إمکان اتحاد وقتهما لما بین الصرم

ص: 66

و الخرص من المدة بناء علی أن الخرص حالة البسریة و العنبیة و قد یحمل وقت الخرص علی وقت الصرم عند صیرورة الثمرة عنباً و تمراً علی رءوس الأشجار و النخل بقرینة ذکره بعد و لا أقل من الإجمال فیسقط معه الاستدلال و بالجملة فإن الاستناد إلی الروایات لا یخلو من قصور و العمدة اعتضادها بالاحتیاط و فتوی المشهور.

الثانیة: تجب الزکاة إذا ملک النصاب قبل تعلق الوجوب بأی نحو کان من أنواع التملیکات

و لا یشترط التملک بالزراعة کما یظهر من المحقق (رحمه الله) لأنه خلاف الإجماع فلا بد من تنزیل کلامه علی ذلک و لو تقارن الملک مع زمن الوجوب قوی القول بنفی الزکاة عن المنتقل إلیه و المنتقل منه و لکن الأحوط ثبوتها علی المنتقل إلیه و تقل فیه الثمرة لقلة وقوعه.

الثالثة: الأظهر استثناء المؤن کلها
اشارة

من مقاسمة و خراج أرض و بذر و ثمنه و ثمن ثمرة و أجرة أرض و أجرة حفر أنهار صغار و تنظیف کبار أو ما یصرف علی تلقیح أو ترکیس أو تجفیف أو تشمیس أو قیمة عوامل و آلات و أجرة ناطور و قاسم و کیال و کاتب و حیوان للعامل و الحافظ و ما یبذل لدفع المضار و المفاسد و الحفظ من سارق و ظالم و غاصب و مقدار ما یخص تلک السنة من أجرة حفر القنوات و من قیمة آلات مستمرة و من بناء سور و من وضع سلاح و دواب و غیرها وفاقاً للمشهور بل کاد أن یکون متفقاً علیه فی أغلب ما تقدم سیما المقاسمة فإنه قد نقل علیه الإجماع و نظن فیها الصحیح من الأخبار و فیه (کل أرض دفعها إلیک السلطان فما حرثته فیها فعلیک فیما أخرجه الله تعالی منها الذی قاطعک علیه و لیس علی جمیع ما أخرج الله تعالی فیها العشر إنما علیک العشر فیما حصل بیدک بعد مقاسمته) و فی آخر و قد قبل رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) خبیر و علیهم فی حصصهم العشر و نصف العشر و یدل علی إخراج المؤن مع فتوی المشهور و کون النصاب مشترکاً فیقتضی توزیع الخسارة علی الشریکین کما هی قاعدة الشرکة و کون وجوب الزکاة تابعاً للنماء و الفائدة و هو لا یتناول المؤنة ما ورد فی الفقه الرضوی فی النصاب و فیه (فإذا بلغت ذلک و حصل بعد إخراج

ص: 67

السلطان و مئونة العمارة و القریة أخرج منه العشر إن کان سقی بماء المطر و إن کان بعلًا و إن کان سقی بالدلاء ففیه نصف العشر) و ما ورد فی الصحیح (یترک للحارس یکون فی الحائط العذق و العذقان و الثلاثة لحفظه إیاه) و عموم التعلیل و عدم القول بالفصل یؤذنان بالعموم لکل المؤن و ما نقل عن ظاهر الغنیة من الإجماع علی إخراجها و ما حکم به جماعة من أن عدم استثناء البذر یؤدی إلی تکریر الزکاة فی الغلات و لا قائل بالفرق و قد یناقش فیما ذکرنا ففی الأول بمنع حجیة الشهرة بنفسها و فی الثانی بمنع کون شرکة الزکاة کباقی الشرکات کی تساویها فی الحکم لجواز إخراج المالک الفریضة من غیر النصاب و جواز التصرف به مع الضمان و لو سلم فإنما یسلم فی المؤن المتأخرة لا المتقدمة و فی الثالث بمنع تبعیته الزکاة للنماء و الفائدة بل هی متعلقة بما یخرج من الأرض و هو شامل لما قابل المؤنة و غیرها و فی الرابع بضعف الفقه الرضوی و عدم ثبوت کونه روایة کی تجبره الشهرة و فی الخامس بمنع الإجماع المرکب علی عدم الفصل و بعدم صراحة الدلالة علی المطلوب و فی السادس بمنع الإجماع عند وجود النزاع و فی السابع بمنع التأدیة إلی ذلک لأن البذر غیر نمائه و بمنع عدم القول بالفصل و قیل بعدم استثنائها کلها ما عدا حصة السلطان للانفاق علی خروجها و ألحق بعضهم بها الخراج مطلقاً الذی یؤخذ فی الأرض الخراجیة و یتولی أمره حکام المخالفین و دعوی الإجماع علی خروجه فیدفع رب المال المؤن حینئذ من ماله و لا ینقص علی الفقراء شی ء و استدلوا علی ذلک بالإجماع المنقول فی الخلاف و بإطلاق الأخبار المتکثرة الدالة علی العشر و نصف العشر من دون استثناء المؤن فی مقام البیان و بخصوص حسنة أبی بصیر و محمد عن الباقر (علیه السلام) المتقدمة فی المقاسمة فإن فیها إنما العشر علیک فیما یحصل فی یدک بعد مقاسمته لک و بما دل علی قلة الفریضة مع کثرة المؤنة و کثرتها مع قلتها کما جاء فی العشر و نصف العشر و فی الجمیع نظر أما فی الإجماع فلفتوی المشهور بخلافه و عدم وجوده فی نسخ الخلاف سوی إسناده لفتوی الفقهاء و ظاهر سیاقه إرادة فقهاء العامة و أما فی مطلقات الأخبار فإنها إنما ذکرت لسیاق بیان قدر الفریضة لا لبیان جمیع الأحکام و ذکر الشرائط و إلا لذکر فیها إخراج المقاسمة و إخراج الخراج مما نقل علی

ص: 68

خروجهما الأخبار و الإجماع و کذا العذق و العذقان للحارس مما دلت علیه الروایة و کذا الحسنة أیضاً نحو باقی الأخبار و لم یذکر فیها شرط و استثناء علی أن قوله: (ینبغی فی یدک بعد مقاسمته لک ظاهراً فی إخراج المؤن لأن الباقی فی الید بعد المقاسمة هو ما بعد المؤن لما هو المعتاد من إخراج المؤن قبل حصة السلطان کما هو المعتاد الیوم و أما فیما دل علی کثرة الفریضة مع قلة المؤنة و قلتها مع کثرة المؤنة فلأنه أولًا قد یعارض بان المؤنة لو کانت علی رب المال لما توجه لنصف العشر فیما کثرت فیه المئونة و الجواب بخروج هذه المئونة بالنص معارض بالمثل و ثانیاً لعل العشر و نصفه من جهة التعب لا من جهة المؤنة و ثالثاً أن العشر و نصفه لا ینطبقان علی المؤنة کی یفهم منها العلیة فالأولی أن یقال أن هذه النصوص لا شهادة لها علی أحد القولین لکونها متفقاً علی مضمونها من الطرفین مخصصاً بها عموم أدلة الطرفین و علی کل تقدیر فالقول باستثناء المؤن هو الأقوی للشهرة و لمخالفة العامة و لأن المفهوم من أخبار الزکاة ملاحظة المالک بالتجفیف علیه کإسقاطه عن المعلوفة و عن العاملة و أشباههما الزکاة و لما جاء من عدم احتساب المؤن فی الخمس عوض و کنز و معدن و الخمس زکاة فی المعنی و لأن لفظ الشرکة و الاشتراک یقضی به و لأن إخراج المؤن من رب المال مع دفع الزکاة یؤدی إلی الضرر و الخسارة غالباً و لا ضرر و لا ضرار.

فروع:
أحدها: علی القول باستثناء المؤن فهل یعتبر النصاب بعدها

فیزکی ما بقی بعدها إن بلغ نصاباً و إن لم یبلغ فلا زکاة علیه أو یعتبر النصاب قبلها و الفریضة بعدها فیزکی الباقی بعدها قل أو کثر أو إن کانت مؤناً لما قبل الوجوب کالسقی و الحرث و الحفر اعتبر النصاب بعدها و إلا بأن کانت مؤناً بعد تعلق الوجوب اعتبر النصاب قبلها و الفریضة بعدها و من أظهرها الأول وفاقاً لفتوی المشهور و لظاهر الإجماع المنقول عن الغنیة و لظاهر الإجماعات المحکیة علی إخراج الخراج و حصة السلطان و احتساب النصاب بعدها و لظاهر الفقه الرضوی و أحوطها الثانی لأن فیه جمعاً بین أخبار الزکاة

ص: 69

فی قدر النصاب و بین ما دل علی استثناء المؤنة اقتصاراً فیما دل علی استثنائها علی مورد الیقین و أقربها لقواعد الشرکة الثالث و الاحتیاط فیه أشد.

ثانیها: الخراج من المؤن قطعاً

و الظاهر أنه ما یؤخذ من الأرض الخراجیة من نقد أو عروض خارج عن حاصلها و لو کان حصة من حاصلها سمی مقاسمة و لا تسقط الزکاة بأخذ الخراج فی الأرض الخراجیة کما دلت علیه أخبار متکثرة لاطّراحها من جهة شذوذها و عدم العامل بها ممن یعتد به و فتوی المشهور بل الإجماع علی خلافها و مع ذلک فهی موافقة لفتوی العامة مخالفة للأصحاب فلتحمل علی التقیة أو تطرح أو یحمل الخراج فیها علی ما أخذ بعنوان الزکاة قهراً کما یصنعونه ولاة الجور و لکنه لا یخلو من إشکال أیضاً لأن إجزاء ما یأخذونه بعنوان الزکاة عن الزکاة المفروضة أیضاً لا نقول به لما ورد فیمن یأخذ الصدقة قهراً فی صحیحة الشحام (إنما هو قوم غصبوکم و إنما الصدقة لأهلها) و للاحتیاط و لعمومات الأدلة و ما ورد فی الأخبار من الإجزاء شاذ غیر معمول علیه ممن یعتد به و منقول الإجماع علی خلافه.

ثالثها: الخراج و المقاسمة المأخوذة فی غیر الأرض ظلماً أو فی الأرض الخراجیة من حکام أهل الخلاف

و منهم علی وجه الظلم و الزیادة لأعلی نحو المعتاد و کنا ما یصادفون به من غیر الخراج لحفظ الزرع یقوی القول باحتسابه من المؤن و خروجه قبل النصاب و کذا ما یؤخذ علی وجه الزکاة ظلماً و عدواناً و الأحوط فی جمیع هذه الأقسام عدم استثنائها.

رابعها: المراد بالمؤن مما یبنی علی دوامه

کالقنوات الکبار و حفر الأنهار و بناء الجدران و نصب المساند و بناء القلاع للحفظ مقدار أجرة الانتفاع بها فی تلک السنة أو مقدار ما یخص السنة إذا عرف مقدارها دوامها من السنین الآتیة لو کانت هذه لزکوی و غیره وزع علی نسبة کل منهما و أما ما لا یبنی علی دوامه مما یتکرر کل سنة و إن کان قبل عامه فالمراد به إخراج نفسه کأجرة الفلاح و السقی و الحرث و الحفظ و أجرة الأرض و إن کانت غصباً و لم ینو إعطاء مالکها أجرتها و مئونة الأجیر و أجرة النجارین

ص: 70

و الحداد و الحلاقین و ما یأکله الضیوف لمصلحة الزرع و ما نقص من الآلات و العوامل حتی ثبات المالک و نحوها و لو کان سبب النقص مشترک بین الزکوی و غیره وزع علیهما و غیر البذر إذا لم یکن مشتریه و لو اشتراه تخیر بین استثناء عینه و قیمته یوم التلف و لو عمل معه متبرع أو عمل بنفسه فلا یحتسب قیمة عملهما من المؤنة و لو وزع مع الزکاة غیره وزع علیهما بالنسبة و لو زاد فی الحرث لزرع غیر الزکوی لم یحتسب و لو قصد فی الحرث غیر الزرع فزرع زکریاً احتسب من المؤن علی الأظهر و لا اعتبار بالقصد و لو اشتری زرعاً احتسب ثمنه و ما یغرمه بعد ذلک علیه و لو اشتری نخلًا لم یحتسب ثمنه من المؤن و عمل المالک و أجرة ثیابه لا تحتسب هو من غیر المؤنة و عمل أجرة ثیابه و ما بقی من الآلات من حدید أو خشب أو غیر ذلک یسقط من المؤنة بحسابها.

خامسها: یجب فیما یستقی من دون آلة و إن توقف علی عمل کحفر السواقی و الأنهار العشر

سواء سمی سیحاً أو عذیاً بماء المطر أو بعلًا کأن تشرب عروقه من الأرض و نصف العشر فیما یسقی بالآلة کالدوالی و هو الدولاب تدیره البقر و النواضح و السوانی جمع سانیة و هی الناقة و الناعورة و کل آلة کذلک من رشا و غرب و للإجماع بقسمیه و الأخبار المستفیضة المتکثرة ففی الصحیح و ما کان منه یسقی بالرشا و الدوالی و النواضح ففیه نصف العشر و ما سقت السماء أو السیح أو ما کان بعلًا ففیه العشر تامّاً إلی غیر ذلک من الأخبار و یلحق به ما لو سقی زرع بالآلة فجری لغیره من دونها أو دب فی الأرض حتی سقی عروق آخر و إن اجتمعا کان الحکم للأکثر و الأغلب و مع التساوی یؤخذ من نصفه العشر و من نصفه الآخر نصف العشر و لا کلام فی ذلک فالجملة للإجماعات المحکیة المستفیضة و للخبر المعتبر و فیه قلت له فالأرض تکون عندنا تسقی بالدوالی ثمّ نزید الماء فتسقی سیحاً قال: (إن ذلک لیکون عندکم کذلک) قلت: نعم قال: (النصف و النصف نصف نصف العشر و نصف بالعشر) فقلت: الأرض تسقی بالدوالی ثمّ یزید الماء فتسقی السقیة و السقیتین سیحاً قلت: فی و أربعین لیلة و قد مکث قبل ذلک ستة أشهر أو سبعة أشهر قال: (نصف العشر إنما الکلام فی أن الاعتبار بالأکثریة عدداً کما ادعی أنه ظاهر الأکثر و لأن المؤنة إنما تکثر بسببه و لعل المؤنة فی

ص: 71

الحکم فی اختلاف الواجب و لظاهر الروایة المتقدمة من جهة أن الزمان الأکثر یحتاج إلی عدد أکثر و لأن الظاهر من لفظ الأکثریة فی نصوص الفقهاء هی الکم المنفصل لا کثرة الزمان و لا کثرة النفع أو الأکثریة نفعاً لدوران الحکم مدار النفع فقد تساوی السقیة الواحدة بالسیح عشر اسقیات بالنواضح و یساوی السقی فی یوم و لیلة لسقی شهراً بالنواضح لشدة غمزه و تأثیره و عذوبته و جعله بعضهم مدلولًا للخبر المتقدم من حیث أن الإمام لم یستفصل فی السؤال الأول عن الأغلبیة و المساواة حتی أجاب بثلاثة أرباع العشر لظهور المساوی من کلام السائل السقیة و السقیتین عن قدر زمانهما و بعد أن حققه ثلاثین أو أربعین لیلة أجابه بنصف العشر فیفهم منه الاعتبار بالنفع لا بالعدد و لا بالزمان لأن قلة زمان السیح مفهوم من قوله: (تسقی) الدالة علی الاستمرار و من قوله: (السقیة و السقیتین) فلا فائدة بالاستصحاب حینئذ و لأن المفهوم من الأخبار کقوله (علیه السلام): (فیما سقیت السماء العشر و فیما سقی بالنواضح ففیه نصف العشر و ما سقی بهما قیمة ثلاثة أرباع العشر) هو السقی المعتد به الذی یحصل به النماء دون مجرد إیصال الماء إلی الزرع و لو کان غیر ناضح له أو کان نافعاً نفعاً لا یعتد به أو مضراً للزرع فإذا دار الأمر مدار النفع فی صدق السقی کان المعتبر فی الأغلبیة أیضاً هو الانتفاع به وجوه ثلاثة أقواها الأول فیما إذا حصل منه نفع یعتد به أو حصل ضرر أو لم یحصل شی ء فإنه حینئذ یلحظ النفع و قد یقال أنه عند إلغاء الأکثریة لعدم حصول النفع یجب الرجوع إلی الزمان إذا لم یلغ لعدم حصول النفع فیه فیقدم علی النفع فی الأغلبیة و إلا فلیلاحظ النفع حینئذ و حیتئذ فیقدم اعتبار کثرة العدد علی اعتبار کثرة الزمان إذا تساویا بالنفع أو إذا زاد نفع الزمان و علی اعتبار النفع أو اعتبار کثرة الزمان علی اعتبار النفع لا علی اعتبار کثرة العدد و منه یعرف الکلام فی المساواة فهل المراد المساواة فی العدد أو الزمان أو النفع و حکم اتحاد زمان السقی إذا سقی شهراً واحداً سیحاً و بالآلة حکم التعاقب بالقلة و الکثرة و المساواة ثمّ أن المساواة فی العدد و الزمان ظاهرة و أما فی النفع فإن أمکن العلم به فلا إشکال و إلا فالأحوط العشر و الأقوی ثلاثة

ص: 72

أرباع لأصالة عدم زیادة کل منهما علی الآخر و یحتمل نصف العشر لأصالة البراءة و کذا الکلام مع الشک فی عدد الزمان.

سادسها: تضم الزروع المتباعدة و الثمار المتفرقة تباعد ما بینهما أم نمت دفعة أو تدریجاً

کان بین ثمر زرع و زرع آخر و بستان و بستان أخری زمان یعتد به أم لا و هل یضم سابق ما یطلع فی الحول أم لا الأقوی الأول لإطلاق الأخبار و للشهرة المنقولة و الاحتیاط و قد یقال بالثانی للأصل و لأن ذلک بمنزلة ثمرة حولین و لو کان الزرع مشترکاً و اختلف الشرکاء فی کیفیة السقی فمنهم بالآلة و منهم بدونها کان کحکم الزرع الواحد و قد یحتمل توزیع الفریضة علی نسبة السقی فالعشر علی من سقی سیحاً و نصفه علی ما سقی بالآلة تنزیلًا له منزلة الزرع المتعدد.

سابعها: یؤخذ الفرض من الجید جیداً و من الردی ء ردیئاً و منهما معاً علی النسبة

و هل یجوز دفع الجید عن الردی ء أو عن المخلوط بالقیمة أم لا یجوز وجهان أحوطهما العدم و لا یسقط العشر فی الأرض الخراجیة للأصل و العموم خلافاً لمن أسقطه فیها لورود بعض الأخبار بذلک و هی شاذة لا عامل لهما ممن یعتد به سوی الشیخ (رحمه الله) فی مقام الجمع فلتطرح أو تحمل علی التقیة.

ثامنها: لا یضم الشعیر إلی الحنطة و لا العکس

لانفراد ماهیة کل منهما عن الآخر و أما العلس و السلت فقیل هما من حنطة لنص أهل اللغة علی کون الأول حنطة و لاتفاق الثانی مع الحنطة فی الطبع و نقل بعض أهل اللغة ذلک و قیل الأول حنطة و الثانی شعیر لنص أهل اللغة علی ذلک و لاتفاقهما فی الصورة و الأقوی أنهما معاً لیسا منهما تقدیماً للعرف علی اللغة و حملًا لکلام أهل اللغة علی التجوز أو المعنی القدیم أو علی أخفی فردی المشترک اللفظی أو تقدیماً لظهور الإطلاق علی نادره لأن الفور الظاهر فی العرف من الحنطة و الشعیر هو غیر هذین الفردین علی أن فی الأخبار ما یدل علی المغایرة أو استحباب الزکاة و کذا فی فتوی مهور الأصحاب.

ص: 73

تاسعها: یجزی أخذ العنب عن العنب و الرطب عن الرطب

و لا یجزیان عن التمر و الزبیب إلا بالقیمة و لا یلزم الربا لأن دفع القیمة فی الزکاة لیس من باب المعاوضة حتی لو دفع قدر الوصف بلغ الفریضة و لو أخذ الفقیر الرطب و العنب فنقص عند الجفاف عن التمر و الزبیب رجع بالناقص و للمالک أن یرده و یعطیه تمراً أو زبیباً إذا لم یکن دفع بالقیمة و لا یجب فی الرطب و العنب حتی یبلغا نصاباً عند جفافهما و صیرورتهما تمراً أو زبیباً.

عاشرها: الخرص من الإمام أو من قام مقامه جائز فی الجملة فی الکرم و البسر و الرطب

للإجماع بقسمیه و لقوله (علیه السلام) فی العنب: (إذا أخرصه أخرج زکاته) و لما ورد عن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) کان یبعث إلی الناس من یخرص علیهم کرومهم و ثمارهم و لأن الحاجة ماسة إلی التصرف من الملاک فی النخل و الکرم لاحتیاجهم إلی الأکل منهما و إعطاء الطالب و البذل للضیف و الصلة للرحم و غیر ذلک فلو لم بشرع لزم الضرر أو العسر و الحرج و الکل منفی فی الشریعة و فی جوازه فی الزرع وجهان الجواز لمسیس الحاجة أیضاً و لتنقیح المناط و لفتوی المشهور و لشمول ظاهر روایة سعد لقوله بعد سؤاله عن الحنطة و الشعیر و التمر و الزبیب متی یجب علی صاحبها الزکاة قال: (إذا صرم و خرص) و المنع لعدم صلوح ما تقدم لإثبات ما هو مخالف للأصل و ما هو عمل بالظن و التخمین و الحدس و الکل منهی عنه و منع الحاجة للفرید و شبهه و الأقوی الأول و الأحوط الثانی و یکفی فی الخرص خارص واحد إذا کان أمیناً عارفاً لأن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) کان یبعث عبد الله بن رواحة خارصاً للنخل حتی تطیب و الأحوط الثنیة لشبهة أنها شهادة فیعتبر فیها التعدد و هل یکفی من المالک الظاهر ذلک إذا عرف من نفسه الأمانة و عدم غلبة حب المال علیه دفعاً للضرورة و إرفاقاً بالمالک و لأنه له ولایة علی النصاب فی الإخراج و البیع و الدفع و التبدیل و التعبیر فله ولایة فی خرصه بعد انفتاح باب الخرص و الأحوط عدم تولی المالک لذلک فإن کان و لا بد له من ذلک فلیؤکل غیره و لیحتط فی القدر مهما أمکن وصفه الخرص أن یقدر الخارص

ص: 74

الثمرة إذا کانت تمراً أو زبیباً فإذا بلغت الأوساق فما زاد وجبت الزکاة فیقدر مقدار الفریضة علیهم فیقبلونه منه علی ذلک العدو و هو شبیه المعاوضة و لکنه مع وحدة العوض و المعوض و یجزیهم بین ترک ذلک أمانة فی أیدیهم فلا یجوز التصرف بالمال حینئذ لمکان الشرکة فإذا جاء وقت الصرام و الجذاذ إذا لم یأخذ إلا قدر ما خرص و الأحوط الأولی للمالک بذل الزیادة هاهنا و بین تضمینه لهم بذلک القدر فحمل تصرف المالک حینئذ و أکله و إعطاؤه فإذا جاء الوقت لم یأخذ منهم إلا قدر ما خرص علیهم و الآخر دفع الزائد من المالک أیضاً و له أن یضمن حصة المالک فلم یکن للمالک إلا قدر ما ضمنه و لا یجوز للمالک أیضاً التصرف بوجه من الوجوه و لو تلفت الثمرة من دون تفریط لم یضمنها المالک لو أبقاها فی یده أمانة دون ما إذا ضمنها للمالک فلا یخلو من إشکال و لو ادعی المالک غلط الخارص قبل قوله و إن کان محتملًا و أعید الخرص إن بقی وقته و إلا فلا یسمع إلا بالبینة و لو نقص الخرص احتمل عدم الوجوب تکمیل المالک النقص لأن المتیقن من فائدته تحلیل التصرف و إباحة الزائد لا ضمان النقص إلا إذا باع و صالح فیقبل المالک الحصة بعقد معاوضة کانت له الزیادة و علیه النقصان و یحتمل ضمان النقص لإقدامه علی ذلک و لا یجب علی الخارص الاستقصاء لقوله (صلّی الله علیه و آله و سلّم): (إذا خرصتم فجففوا) و لفوات کثیر علی المالک من المخروص مما یقع إلی الأرض تأکله المارة و الحیوانات و السراقین و لو احتاج المالک إلی تجفیف الثمرة لمصلحة التمر و الزبیب جاز و ضمانه علیه علی الأظهر لجواز تصرف المالک بملکه و ملک الفقراء إذا عادت لهم بذلک مصلحة و لو خاف من الضرر علی أصوله من نخل و شبهه جاز قطع الثمرة قبل الخرص و بعده لتقدیم حق المالک علی حق الفقراء و کان ذلک من قبیل المؤن و لا ضمان علیه علی الاظهر و یجوز للساعی بیع حصة الفقراء و القسمة مع المالک و یجوز للمالک تقویم نصیب علی نفسه بعد خرصه من دون مراجعة الساعی مطلقاً فیکون ضماناً لحقهم مطلقاً و لو تلف من دون تفریط أو نقص خرصه لم یضمن علی الأظهر و یحتمل الضمان فیهما معاً لأنها معاملة تشبه

ص: 75

المعاوضة و یحتمل الضمان عند نقص الخرص من دون التلف و لو خرج اعتبر فاحش فی الخرص تخیر المغبون من المالک و الساعی.

بحث: من مات و علیه زکاة مستقرة فی حیاته و علیه دین مستوعب للترکة

أُخرجت الزکاة و قدمت علی الدیون لتعلقها بالعین و من مات و علیه دین مستغرق قبل ظهور الثمرة و ظهرت بعد ذلک فإن قلنا بانتقال الترکة إلی الوارث وجبت علیه الزکاة و تعلق الدین بما عداها و کانت بمنزلة تلف بعض الترکة من دون تفریط من الوارث و نسب الحکم به فی المدارک إلی قطع الأصحاب و هو لا یخلو من إشکال کما سیأتی إن شاء الله تعالی و إن قلنا ببقائها علی حکم مال المیت لم تجب فیها الزکاة و أخذ الدیان جمیع الترکة لعدم إمکان توجه التکلیف إلی الوارث و من مات و علیه دین مستغرق بعد الظهور و قبل الحد الموجب لتعلق التکلیف بها و إن قلنا ببقاء الترکة علی حکم مال المیت فلا زکاة أیضاً و إن قلنا بانتقالها إلی الوارث احتمل ثبوت الزکاة علیه و تعلق الدین بما عدا الفریضة و عدم غرامة الدیان بما دفع و احتمل عدمه لأن الترکة بمنزلة الوثیقة بید الدیان فلا تنفد بها خطابات الزکاة و احتمل الفرق بین ما إذا تمکن من التصرف و لو من أداء الدین من غیر الترکة فتجب الزکاة علیه و لا غرامة علیه و بین ما إذا لم یتمکن فلا شی ء علیه لعدم تمکنه من التصرف و یحتمل وجوب الزکاة علیه عند التمکن و الغرامة تکون علیه للدیان و أقوی الاحتمالات التفصیل الأخیر و عدم ثبوت الغرامة علی الوارث و أما غیر المستغرق فالمقابل للدین یجری فیه ما قدمناه و غیر المقابل لو بلغ نصاباً وجبت فیه الزکاة علی القاعدة.

القول فی مستحق الزکاة:

اشارة

و المستحقون ثمانیة أصناف بجعل الفقراء و المساکین صنفین أو سبعة بجعلهما صنفاً واحداً و یدل علی استحقاق الأصناف الثمانیة للزکاة الإجماع بقسمیه و الأخبار المتضافرة و الآیة الشریفة و هی قوله تعالی: [إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاکِینِ] سورة التوبة آیة (60) إلی آخر الآیة:

ص: 76

الصنف الأول: الفقراء و المساکین

اشارة

و فیه مسائل:

الأولی: الفقراء و المساکین لیسا مترادفین مطلقاً

لنص أهل اللغة و الفقهاء و الأخبار بل هما کالظرف و الجار و المجرور إن اجتمعا افترقا و أرید من کل واحد منهما معنی غیر معنی الآخر و إن افترقا اجتمعا و أرید کل منهما من کل منهما ما یشمل الآخر و الحکم بذلک مشهور عند الأصحاب و نقل علیه عدم الخلاف بل الاتفاق و إرادة المعنی الشامل لکل منهما عند الانفراد و یحتمل لبیان اتحاد المعلق علی أحدهما مع الآخر فی لسان الشارع و إن تغایر مصداقهما و یحتمل لإرادة بیان اتحاد موضوعهما لغة عند الافتراق و افتراقهما عند الاجتماع فیکون کل منهما موضوعاً لمعنی خاص فی حال الانفراد و موضوعاً لمعنی آخر یغایره عند الاجتماع و محتمل لإرادة استعمال کل منهما فی المعنی الآخر الشامل علی وجه التجوز فی حال الانفراد و قرینة التجوز الشهرة و الاتفاق فیکون مجازاً مشهوراً و محتمل لإرادة أنه الشهرة و الاتفاق فیکون مجازاً مشهوراً و محتمل لإرادة أنه عند الانفراد صار حقیقة شرعیة فی المعنی الشامل و عند الاجتماع بقی علی معناه اللغوی و محتمل لإرادة الاشتراک اللفظی فیهما بین المعنی الشامل و المعنی الخاص و الإجماع و الافتراق فریضتان علی تعین کل من المعنیین أو ظاهر إن فی کل من المعنیین المختلفین و أظهر الوجوه الأول لافتراق معناهما لغة و عرفاً عند الاجتماع و الافتراق و إن اشترکا فی الحکم فی لسان الشارع بل فی العرف و تظهر الثمرة فی النذر و الوقف و الوصیة إذا لم یعلم القصد من الناذر و ما بعده و علی الافتراق فهل المسکین أسوأ حالًا أو الفقیر و الأظهر الأول و إن المسکین هو الذی یسأل و الفقیر هو الذی لا یسأل کما نقل عن ابن عباس للصحیح (الفقیر الذی لا یسأل و المسکین الذی هو أجهد منه ما الذی یسأل) و فی آخر الفقیر الذی یسأل الناس و المسکین أجهد منه و البائس أجهدهم و فی کلام أهل اللغة ما یدل أیضاً علی أن المسکین من کان ذلیلًا فقیراً و غیره و قد یساعده العرف أیضاً و فی بعضها ما یدل علی أن المسکین لا شی ء له و الفقیر من له بلغة من العیش و قیل أن الفقیر أسوأ حالًا من المسکین و المسکین من لا

ص: 77

یجد غنیاً فیغنیه و لا یجد شیئاً و لا یفطن فیتصدق علیه لورود ذلک فی روایة عن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و قیل أن المسکین هو الصحیح المحتاج و الفقیر هو الزمن المحتاج و قیل أن الفقیر الذی لا شی ء له و المسکین من له بلغة من العیش و الظاهر أن منشأ الاختلاف کثرة الصدق علی هذه المعانی فی العرف و اللغة و الأقوی أنه حقیقة فیما قدمنا مجازاً فی غیره.

الثانیة: الفقر و المسکنة المبیحان لأخذ الزکاة و یجمعهما عدم الفساد

و هو عرفاً و شرعاً أو شرعاً فقط من لا یملک مئونة السنة سنة هلالیة إن لم ینکسر شهر منها و أجد عشر شهراً هلالیاً مع شهر عددی ملفق له و لعیاله علی التفصیل الآتی لفتوی المشهور بل کاد أن یکون مجمعاً علیه و للإجماع المنقول و لصدق الفقیر علیه عرفاً و للخبرین فی أحدهما تحرم الزکاة علی من عنده قوت السنة و المراد بالقوت المؤنة إذ لا قائل و إن المدار علیه فقط و فی الآخر عن السائل و عنده قوت یوم أ یحل له أن یسأل و أن أعطی شیئاً قبل إن یسأله أ یحل له أن یقبله قال: (یأخذ و عنده قوت شهر ما یکفیه لسنة من الزکاة لأنهما إنما هو سنة إلی سنة) و للصحیح إلی أبی بصیر فی صاحب السبعمائة و فیه (و لا یأخذ إلا أن یکون عقد علی السبعمائة بعدها فی أقل من سنة) و للأخبار الدالة علی أن من له کفایة لا یأخذ الزکاة و من لم تکن له کفایة أخذها و ظاهرها المراد بالکفایة علی کفایة السنة کما هو المفهوم من إطلاق هذا المرکب عرفاً لأن الکفایة علی الدوام لا یعرفها إلا العلام و لا تناط بها الأحکام و لم یفت بها إلا الإعلام سوی الشیخ (رحمه الله) و تنزل عبارته علی فتوی المشهور من إرادة السنة من لفظ الدوام أو علی إرادة الدوام العرفی فی الغالب کأهل التجارات العظام و الحرف العالیة و أهل البساتین و العقارات الکبار فإن الغالب بقاؤها و وفاء نمائها بأهلها إلی أن یموتوا و الحال و إلی أولاد الأولاد و الغالب بقاء الصنعة و الحرفة دائماً بدوام عمره و هذا لتنزیل جید لو لا إعراض الأصحاب عن الأخذ به مع کثرة ما یشعر به من ظاهر الروایات و لزوم قلة المعنی و کثرة الفقیر المعلوم خلافها من السریقة و الطریقة و لزوم إعطاء الزکاة لغیر أولی

ص: 78

الحاجة عرفاً لأن المالک لمئونة السنة لیس من أهلها عرفاً و لزوم إعطاء الزکاة لغیر الفقیر عرفاً و الحکم المعلق علی ذلک کتاباً و سنة و متی بطل هذا التنزیل لزم رد هذه الأخبار للقول المشهور و بطل ما بنی علیه بعض المتأخرین من العمل بظاهرها و اتباع ظاهر فتوی الشیخ کما بطل قول من قال أن الغنی هو من ملک نصاباً زکویاً استناداً للنبوی علیهم (إن علیهم صدقة تؤخذ من أغنیائهم و ترد لفقرائهم) فعلم إن من یؤخذ منه الصدقة غنی و لا من یملک نصاباً وجب علیه دفعها فکیف یحل له أخذها فیلزم التنافی و فی الخبر ضعف سنداً و دلالة لظهور مورده مورد الغالب فی التعلیل مع المنافاة شرعاً و عقلًا و عرفاً و ما ورد فی خبر زرارة (لا یحل لمن عنده أربعون درهماً یحول علیها الحول عنده أن یأخذها) لا عامل علیه و لا قائل به و کأنه محمول علی من حالت عنده الأربعون لزیادتها علیه لأنه مالک لقوت سنته.

الثالثة: من کانت عنده غلة یستنمیها أو دراهم یدیرها لینتفع بربحها و لم یکفه الاستنماء و الربح لمئونة السنة

جاز له أخذ الزکاة أما لکونه فقیراً عرفاً أو لکونه فقیراً شرعاً أو لکونه بحکم الفقیر للأخبار المتکثرة الدالة علی ذلک المعتضدة بفتوی الأخیار ففی الصحیح عن الرجل یکون له ثلاثمائة درهم أو أربعمائة درهم و له عیال فهو یتحرف و لا یصیب نفقته فیها أ یکسب فیأکلها أو یأخذ الزکاة قال: (بل ینظر إلی فضلها یقوت بها نفسه و من وسعه ذلک و من عیاله و یأخذ البقیة من الزکاة أو ینصرف بهذه و لا ینفقها) و فی آخر فیمن له ثلاثمائة درهم فی بضاعة فإن أقبل علیها أکلها عیاله قال: (فلینظر ما یستفضل منها فلیأکل هو و من تبعه ذلک و لیأخذ لمن یسعه من عیاله) و فی آخر عن الزکاة هل تصلح لصاحب الدار و الخادم قال: (نعم إلا أن یکون داره دار غلة فیخرج من غلتها دراهم ما یکفیه لنفسه و عیاله فإن لم تکن الغلة تکفیه لنفسه و عیاله فی طعامهم و کسوتهم و حاجتهم من غیر إسراف فقد أحلت له الزکاة فإن کان غلتها تکفیهم فلا) و فی آخر (قد تحل الزکاة لصاحب السبعمائة و تحرم علی صاحب الخمسین درهماً) قلت: و کیف هذا قال: (إن کان صاحب السبعمائة له عیال کثیرون

ص: 79

قد قسمها بینهم لم تکفیهم فلیعفف نفسه و لیأخذها لعیاله و أما صاحب الخمسین فإنها تحرم علیه إذا کان وحده و هو محرف یعمل بها و هو یصیب منها ما یکفیه).

الرابعة: ذو الصنعة و الحرفة إذا کانت صنعته و حرفته و عمله بمئونته علی الاستمرار أو فی سنة

کان غنیاً عرفاً أو شرعاً أو بحکم الغنی للإجماع المنقول و فتوی المشهور بل کاد أن یکون مجمعاً علیه و لقوله (علیه السلام): (لاحظ فیها لغنی و لا ذی قوة مکتسب) و لقول أبی جعفر (علیه السلام): (الصدقة لا تحل لمحترف و لذی مرة سوی قوی فتنزهوا عنها) خلافاً للشیخ (رحمه الله) جاز الدافع للمکتسب مطلقاً و لو فی کسبه بمئونته سنة لعدم ملکه للنصاب و عدم ملکه لمئونة سنة و هو ضعیف و یلحق بصاحب الصنعة و الحرفة القوی القادر علی الاکتساب و إخراج مئونته من کسبه علی الأظهر لظاهر الروایة و یحتمل جواز أخذه للزکاة لصدق الفقیر علیه عرفاً و تنزیل الروایة علی أهل الحرف و الصنائع و الأعمال و هو خلاف الظاهر و الاحتیاط هذا کان مما یناسب حاله التکسب و کان لا یتضرر به فلو لم یناسب حاله أو تضرر حاله به أو صابه ذل فإنه یجوز له أخذ الزکاة و لو عاوض صاحب الصنعة و الحرفة أو القوی القابل للاکتساب ما یجب علیه من طلب علم فی أصول الدین أو فروعه وجوباً عینیاً کما إذا لم یمکنه ذلک و وجبا علی الکفایة کطالب الاجتهاد مع وجود المجتهدین فی عصره و لا یبعد إلحاق اشتغال بالمندوبات من المعلوم من العبادات و الزیارات بالاشتغال بالواجبات فیجوز للمشتغل بذلک أخذ الزکاة و صاحب الاعتبار إذا لم یملک مئونة السنة لم تحرم علیه الزکاة.

الخامسة: إذا قصر صاحب الکسب أو حرفته أو عمله أو قوته عن مئونة سنته

و کذا نماء تجارته جاز له أن یأخذ من الزکاة و لا یتعذر علیه بقدر قلیلًا کان أو کثیراً للأصل و لعموم الأدلة الدالة علی جواز الإعطاء و خصوص ما جاء فی جواز الإعطاء کقوله (علیه السلام) فی الصحیح: (حتی تغنیه) و فی الموثق (إذا أعطیت فأغنه) و قوله (علیه السلام):

ص: 80

(خیر الصدقة ما أنبت غنیً) و قیل لا یجوز إعطاؤها و یأخذ البقیة من الزکاة فإن مفهومها یدل علی المنع من عداها و بتنقیح المناط و بعدم القول بالفصل بین من قصر نماء غلته و بین من نقص کسبه یتم المطلوب و لأن الأخبار الأول یفهم منها التحدید فی الإعطاء إلی أن یحصل الغنی و المفروض أن الغنی یحصل بالأقل و إن دفع مع الأکثر دفعة لا تدریجاً فیکون دفع الزائد مع ما یحصل به الغنی مشکل.

السادسة: دار السکنی علی معتاده و علی ما یناسب حاله و الخادم إذا کان من أهله علی ما یناسب حاله من التعدد و الانفراد

و ینافیان صدق الفقر و لأن یمنعان من أخذ الزکاة للإجماع المنقول و الشهرة المحصلة و قوله (علیه السلام) فی الصحیح عمن له دار أو خادم أو عبد یقبل الزکاة قال: (نعم إن الدار و الخادم لیسا مالًا) و فی آخر جعلت فداک له دار تسوی أربعة آلاف درهم و له جاریة و له غلام یستقی علی الجمل کل یوم ما بین الدرهمین إلی الأربعة سوی علف الجمل و له عیال أله أن یأخذ من الزکاة فقال: (نعم) و قال له هذه العروض فقال: (یا أبا محمد تأمرنی أن آمره أن یبیع داره و هی عزه و سقط رأسه أو یبیع جاریته و هی تقیه الحر و البرد و تصون وجهه و وجه عیاله أو آمره ببیع غلامه أو جمله و هو یعیشه و قوته بل یأخذ الزکاة و هی له حلال و لا یبیع داره و لا غلامه و لا جمله) و یلحق بهما فرس الرکوب لما رواه علی بن جعفر عن أخیه قال: سألته أ یعطاها من له الدابة قال: (نعم) و المفهوم من قوله (علیه السلام): (إن الدار و الخادم لیس بمال) و من قوله (علیه السلام) فی الخبر المتقدم لمکان ذکره من التعلیل إن الأمر یدور مدار الخاصة فیستثنی ما مست إلیه الحاجة من ثیاب تجمل و کتب علمیة إذا کان من أهلها و ظروف البیت و آلات الحرب إذا کان و ما یضعه للضیوف إذا کان من أهلها أو للتوسعة أهله و عیاله إذا کان من أهل التوسعة أو لأتباعه و من یلحق به إذا کان من أهل المعروفیة و التردد و مهر التزویج یجب بحسب احتیاجه لما فوق الواحدة و ما یکون ملیاً معتاداً لا تنفک النساء منه و ما یصرفه فی مندوباته المأثورة من زیارات

ص: 81

و بعض الصدقات و ما یصانع به الظلمة إذا کان خائفاً علی نفسه و ما یفی به دیونه الحالة و المؤجلة و غیر ذلک مما یناسب حاله شرفاً وضعه و زماناً و مکاناً و لو لم توجب أعیانها استثنی له أثمانها علی نحو ما مر.

السابعة: یصدق قول مدعی الفقر بلا بینة و لا یمین

عدل أو غیر عدل إذا جهل حاله و لو لم یعلم الغنی منه سابقاً قوی کان أو ضعیفاً علی ظاهر الغنی أو علی ظاهر الفقر لفتوی المشهور بل کاد أن یکون إجماعاً محصلًا و للإجماع المنقول علی تصدیق قوله مطلقاً و لأن تکلیفه بالبینة یستلزم العسر و الحرج و المشقة و لأن قوله موافقاً للاصل فلا تطلب علیه البینة و تکلیفه بالیمین خلاف المعهود من السیرة و الطریقة و لخلو الأخبار عن ذکر الیمین فی مقام الحاجة و لما ورد من إعطاء السائل من فوق ظهر الفرس و لما ورد من دخول رجل إلی الحسنین (علیه السلام) فصدقاه بعد أن قالا له: (إن الصدقة لا تحل إلا فی دین موجع أو غرم مقلع أو فقر مدفع فهل شی ء من هذا) فقال: نعم فأعطیاه و کذا لو علم الغنی منه سابقاً فإن الأظهر أیضاً بسماع قوله لشمول الأدلة المتقدمة له سوی الأصل من غیر معارض سوی استصحاب الحال السابق و هو مقطوع بما ذکرنا و شمول قوله (علیه السلام): (البینة علی المدعی و الیمین علی من أنکر) و هو و إن کان شاملًا بعموم اللغوی لکنه غیر شامل له عرفاً إذ المنساق من لفظ المدعی هو ما وقع فی مقام الخصومة و دعوی مال آخر بید آخر أو شبه ذلک کدعوی الإعسار فی مقام التداعی و یزید أیضاً علی الاستدلال بشمول الأدلة السابقة لذلک ما ورد فی کثیر من أبواب الفقه من تصدیق قول من یدعی دعوی لا معارض لها و هی ممکنة فی حقه و من أصالة حمل فعل المسلم علی الصحة الشامل لقوله عند خلوه من المعارض کما ورد من تصدیق النساء علی فروجهن مع العلم بتقدیم التزویج لها و عدمه و من ادعی براءة ذمته من الحقوق العامة و إن کان بعد شغلها و مع ذلک فالأحوط منه انضمام الیمین إلی قول العدل أیضاً و أحوط منه توقفه علی البینة العادلة لتیقن الخروج عن العهدة معها.

الثامنة: لا یجب إعلام المجتهد أو الساعی بأن المدفوع إلیه زکاة

إلا إذا توقفت

ص: 82

منهما البینة علی معرفة ذلک أو توقف إیصالها إلی أهلها علی ذلک و کذا لا یجب إعلام الفقیر بل یکره إذا کان من أهل الحیاء و العفاف أو استلزم نقصاً بحقه و ذلة للأصل و صدور الزکاة من أهلها فی محلها مع عدم صلاحیة علم الفقیر بها للشرطیة و عدمه و عدم للمانعیة و لما ورد عن الباقر (علیه السلام): (أعطه و لا تسم له و لا تذل المؤمن) و هی روایة معتبرة السند و موافقة للأصل و العمومات و فتوی المشهور بل کاد أن یکون مجمعاً علیه فیجب العمل بها و لا یعارضها ما روی فی الحسن عن محمد بن مسلم فیمن لا یقبل المال علی وجه الصدقة یأخذه من ذلک ذمام و استحیاء و انقباض قال: أ فنعطیها إیاه علی غیر ذلک الوجه و هی منا صدقة فقال: (لا إذا کانت زکاة فله أن یقبلها فإن لم یقبلها علی وجه الزکاة فلا تعطیها إیاه) و هی ضعیفة لقلة العامل بها و إعراض الأصحاب عنها و إجمال متنها و احتمال للکراهة أو إرادة التجنب عن الکذب فی الأخبار عن وجه و دفعها علی وجه آخر و التجنب من شبهة الغنی فی خوف من لم یقبلها أو غیر ذلک.

التاسعة: لو دفع إلی غیر أهلها خطأ بزعم أنه أهلها

کأن دفع إلی من ظاهره الفقر فبان غنیاً أو العدالة فبان فاسقاً أو غیر من تجب نفقته فبان أنه واجب النفقة أو غیر عبده فبان عبده أو غیر هاشمی فبان هاشمیاً و لم یکن الدافع هاشمیاً فهل تجزی عنه مطلقاً أو لا تجزی مطلقاً أو تجزی إذا لم یقصر بالفحص و دفع بطریق شرعی من بینه و شبهها أو لا تجزی إذا لم یدفع المالک بذلک الطریق وجوه أقواها التفصیل بین الدفع بطریق شرعی و اجتهاد فیجزی عنه و بین ما لم یکن کذلک کأن أخذها بظاهر الحال أو لم یکن متفطناً فلا یجزی و تحقیق المسألة إن الدافع أما أن یعلم أنها زکاة ابتداء أو یعلمها المدفوع إلیه من خارج أنها کذلک أو لا یعلم المدفوع إلیه بل أخذها علی ظاهر الهبة و الصدقة و علی کلا التقدیرین فأما أن تکون العین باقیة أو تالفة و علی التقدیرین فأما أن یمکن استرجاعها عیناً أو مثلًا أو قیمة أو لا یمکن فإن علم المدفوع إلیه بأنها زکاة جاز للدافع استرجاعها إذا أمکنه الإرجاع و وجب علی المدفوع إلیه إرجاعها لأنه غاصب عادی لا یحل مال امرئ مسلم إلا بطیب نفسه و لا تجزی عن

ص: 83

الدافع إذا أبقاها له فإن کانت العین باقیة أرجعها بنفسها و إلا فمثلها أو قیمتها فإن لم یمکن إرجاعها لمانع من الموانع أعاد الزکاة إن لم یجتهد حین الدفع للأصل و لضمانه مال الغیر عند استیلاء یده علیه و للمفروض أنه قد استولی علی مال الفقراء فیضمه لهم و جواز دفعه علی ظاهر الحال لا یرفع الضمان و للمرسل فی رجل یعطی زکاة ماله رجلًا و هو یری انه معسر فیراه موسرا قال لا یجزی عنه و هو معتبر لان فی طریقه ابن عمیر و هو ممن یصح منه ما یصح عنه خلافاً لمن اجتزأ بدفعه لاقتضاء الأمر الإجزاء و هو ضعیف جداً نعم لو دفع للمجتهد بالولایة عن الفقراء لا بالوکالة عنهم فدفعها المجتهد علی ظاهر الحال برئت ذمة المالک لإیصالها إلی محلها و لم یضمن المجتهد لأنه فعل مأمور به و لا یترتب علی فعل ما أمر به ضمان للزوم العسر و الحرج و احتمال ضمانه من بیت المال ضعیف جداً و إن اجتهد حین الدفع فحصل له الظن الاجتهادی من القرائن و الأمارات و إخبار المخبرین بتحقیق الشرط و حصوله له أخیراً له الدفع و إن ظهر علی خلاف ما اجتهد لأنه أدی جهده و تکلیفه و لم یبق علیه شی ء فی طریق الوصول سیما منع الانحصار فتضمینه یؤدی إلی العسر و الحرج و الضرر غالباً و یدل علی عدم الضمان قوله (علیه السلام) فی عبید بن زرارة قال: قلت: له رجل عارف أدی الزکاة إلی غیر أهلها زماناً هل علیه أن یؤدیها ثانیة إلی أهلها إذا علمهم قال: (نعم) قال: قلت: فإن لم یعرف لها أهلًا فلم یؤدیها أو لم یعلم أنها علیه فعلم بعد ذلک قال: (یؤدیها لأهلها لما مضی) قلت: فإن لم یعلم أهلها فدفعها إلی من لیس هو بأهل و قد کان طلب و اجتهد ثمّ علم بعد سوء ما صنع قال: (لیس علیه أن یؤدیها مرة أُخری) و عن الکافی و التهذیب و عن زرارة مثله إلا أنه قال: (و إن اجتهد فقد برأ و إن قصر فی الاجتهاد فی الطلب فلا) و ما یورد علی الاستدلال بها من أن الاجتهاد و إن أرید به القدر المسوغ للدفع و لو بسؤال الفقیر فلا بأس به و لکنه راجع للقول بإجراء مطلقاً و إن أرید به الاجتهاد الحقیقی الحاصل من کثرة السؤال و تتبع الإمارات فلا معنی له لعدم وجوبه بهذا المعنی اتفاقاً و من أن موردها الدفع إلی المخالفین فلا تکون شاهداً علی جمیع ما ذکرناه ضعیف لأن الاجتهاد لا یراد به غیر معناه و جواز الدفع من دونه لا

ص: 84

ینافی الضمان من دونه فیجوز الدفع من دون اجتهاد و لا یرتفع عنه الضمان إلا بالاجتهاد و ورودها فی أهل الخلاف لا ینافی الاستدلال بها علی الإجزاء عند فقد جمیع الشرائط بعد الاجتهاد و لتنقیح المناط و تسویة الفقهاء بین الجمیع فی الحکم بعد الاجتهاد کما یظهر نعم لا یبعد استثناء ما لو ظهر عبد المالک بعد أن اجتهد فی معرفة أنه غیره لرجوع المال إلی مالکه و لکن الفرق بین إرجاع المال إلی خزانة مولاه فیجب علی المولی الإعادة و بین إتلافه فلا یضمن المولی صح هو الأقوی هذا کله إن علم المدفوع إلیه أنها زکاة فإن لم یعلم حتی تلفت منه فلا یضمن علیه و لا یجوز للمالک تغریمه المثل أو القیمة سواء صدقه المدفوع إلیه أو لم یصدقه بعد أن کان غیر عالم بأنها زکاة حتی تلفت و لم یکن أعلمه إلا إذا کانت معلومة متشخصة للزکاتیة فیقوی حینئذ بجواز تغریم الولی الفقراء له لأنه مالهم نعم هو یرجع علی من غره و إن تجدد له العلم و العین باقیة فإن صدق الدافع وجب علیه إرجاعها لبقائها علی ملک مالکها لأن ما نوی لم یقع و ما وقع لم ینو و إن لم یصدقه لم یجب علیه الدفع له و کان له أن یأخذ بظاهر الحال من أنها هبة أو صدقة و علی مدعی کونها زکاة الإثبات و لا یجب تصدیقه هنا لأنه أبصر بنیته لوجود المعارض من المدفوع إلیه باعتبار قبضه علی ظاهر الحال نعم یجوز للدافع مع بقاء العین استرجاعها بسرقة أو غیلة و شبهها لعلمه بعدم انتقال ماله عنه فیجوز استرداده حینئذ.

الصنف الثانی: العاملون علیها

و هم الجباة لها و السعاة لحفظها أو جمعها و أخذها لإیصالها لأهلها و هم لهم سهم منها إجماعاً محصلًا و منقولًا و کتاباً و سنة لقوله فی الصحیح و لا یعطی الهاشمی من سهم العاملین من غیر خلاف أجده لقوله (علیه السلام) فی الصحیح: (إن أناساً من بنی هاشم أتوا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) یسألوه أن یشغلهم علی صدقات المواشی و قالوا: لنا یکون هذا السهم الذی جعله الله للعاملین علیها فنحن أولی به فقال رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم): (یا بنی عبد المطلب إن الصدقة لا تحل لی و لکم) و لا یشترط فی

ص: 85

العامل الفقر لأن استحقاقه من حیث العمل و یستوی فیه الحر و العبد بإذن المالک و یعطی بحسب ما یری الإمام و لا یقدر له شی ء کما هو لفظ صحیح الحلبی و لو کان الهاشمی عامل لزکاة بنی هاشم جاز له أخذ سهم العاملین و لو تعدد العاملون قسم الإمام السهم علی قدر العمل و فی تقسیمه علی قدر الرءوس وجه قوی و یقوی القول باشتراط العدالة فیهم لمکان تأمینهم و لو استأجر الإمام شخصاً علی العمل أو صالحه علیه من الزکاة أو من بیت المال لم یکن من صنف العاملین و یظهر من بعض الأساطین إجراء حکم الصنف علیه من الشرائط و الأحکام و هو أحوط و لا یشترط فیه أیضاً أن یکون هاشمیاً أو غیر ذلک و للعامل عزل نفسه بالأثناء إذا لم یعد علی المال ضرر بخلاف الأجیر و یستحق العامل سهماً بمسمی العمل عرفاً و إن انفسخ لجنون أو لعارض أو عزل نفسه لما یراه الإمام من السهم بخلاف الأجیر فإنه یستحقه بنسبة ما عمل و لو فسق العامل بعد عمله أخذ سهماً علی الأقوی و فی الأثناء علی إشکال و للعامل نصب عاملین تحت یده و إجراؤه و یدفع إلیه بحسب ذلک إن لم یکن عمله مقصوراً فإن کان مقصوراً أو مشروطاً علیه لم یجز التجاوز و الاستئجار و لو تم العمل فتلفت الزکاة من دون تفریط لم یکن له شی ء و المستأجر له أجرته من بیت المال إلا إذا اشترطت علیه من الزکاة و جاز ذلک و الظاهر إن الأجرة تسقط و کذا لو صولح علی العمل بعوض منها و یجری هذا السهم فی الغیبة بأمر المجتهد و لا یجوز تولی المالک له و لا عدول المؤمنین إلا فی مقام الضرورة فلا یبعد جوازه.

الصنف الثالث: المؤلفة قلوبهم

و هم علی ما فی الأخبار قوم وحدوا الله عز و جل و شهدوا أن لا اله إلا الله و ان محمد (صلّی الله علیه و آله و سلّم) رسول الله و هم شکاک فی بعض ما جاء به محمد (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فأمر النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أن یتألفهم بالمال و العطایا کی یحسن إسلامهم و یثبتوا علی دینهم الذی دخلوا فیه و أقروا به کذا روی زرارة عن الباقر (علیه السلام): (أو قوم وحدوا الله سبحانه و تعالی و خلفوا عبادة من دون الله تعالی و لم تدخل المعرفة قلوبهم

ص: 86

إن محمداً رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و کان رسول الله یتألفهم و یعرفهم و یعلمهم) و کذا روی عن الباقر علیه السلام: (أنهم قوم وحدوا الله تعالی و خرجوا من الشرک و لم تدخل معرفة محمد صلّی الله علیه و آله و سلّم قلوبهم کذا روی موسی بن بکیر عن رجل عنه علیه السلام إلی غیر ذلک و المفهوم منها إن المؤلفة قوم مسلمون شاکون فی بعض ما جاء به النبی صلّی الله علیه و آله و سلّم أو قوم دخلوا الإسلام و تسموا به و لکنهم بعد لم تثبت معرفة النبی صلّی الله علیه و آله و سلّم فی قلوبهم و لم یرسخوا علی الإسلام و الإقرار فیعطون سهماً من الزکاة لیرسخوا و یثبتوا علی الإسلام و علی ما فی کلام الأصحاب قوم کفار یستمالون بشی ء من مال الصدقات إلی الإسلام و یتألفون لیستعان بهم علی قتال أهل الشرک و لا یعرف أصحابنا مؤلفة أهل الإسلام کذا عن الشیخ (رحمه الله) فی المبسوط أو أنهم ضربان مسلمون و مشرکون کذا عن المفید (رحمه الله) أو أنهم من أظهر الدین بلسانه و أعان المسلمین و إمامهم بیده و کان معهم الأقبلة کذا عن ابن الجنید أو أنهم مسلمون و مشرکون ضربان ضرب سهم قوة و شرکة یخاف منهم فإن أعطوا کفوا شرهم و کفوا معهم غیرهم و ضرب لسهم میل الإسلام فیعطون من سهم المصالح لتقوی نیتهم فی الإسلام و یمیلون إلیه و المسلمون أربعة قوم لهم نضراء فإن أعطوا رغبوا نضراءهم و قوم فی نیاتهم ضعف فیعطون لتقوی نیاتهم و قوم من الأعراب فی أطراف بلاد الإسلام بازائهم قوم من أهل الشرک فإذا أعطوا رغب الآخرون و قوم بازائهم آخرون من أصحاب الصدقات فإذا أعطوها جبوها و أغنوا الإمام عن عامل کذا عن المعتبر عن الشافعی و فیه أنه قال: و لست أری بهذا التفصیل بأساً فإن ذلک مصلحة و نظر المصلحة موکول إلی الإسلام و الذی یظهر لی أن الجمیع مؤلفة و لا اختصاص لهم بالمسلمین کما فی الأخبار بل باقی الأخبار هو أحد الأفراد و لکنه لکثرته و زمن الصدور بین حالة الإمام (علیه السلام) کما تشعر به أخبار أخر مثل قوله (علیه السلام): (أکثر من ثلثی الناس) و قوله (علیه السلام): (لم یکونوا قط أکثر منهم الیوم) و لا بالکفار

ص: 87

کما یظهر من المبسوط و لا بالمنافقین کما یظهر من ابن الجنید بل هو الذین انحرفت قلوبهم عن الإسلام أو المسلمین فیراد تلقیها لإعانة المسلمین أو تقویة الإسلام و الجهاد بین یدی النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أو الإمام کفار کانوا مسلمین جمعاً بین کلام الأصحاب و الروایة و استناداً لإطلاق الآیة و لقوله (علیه السلام): (سهم المؤلفة و سهم الرقاب عام و الباقی خاصة) فیما رواه زرارة و محمد بن مسلم و یجوز أن یعطی جمیع هؤلاء من سهم سبیل الله فتقل الثمرة حینئذ کما أنه تقل ثمرة الخلاف فی اختصاص هذا السهم بزمن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أو جریانه لزمن الأئمة أو تسویته لزمن الغیبة منع أن الظاهر بقاؤه إلی زمن الغیبة أخذ بإطلاق الآیة و الروایة و لأنه ثبت فی زمن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و لم تثبت نسخة و لأنه لا یختص بالجهاد کی یختص بزمانه (صلّی الله علیه و آله و سلّم) علی أن الجهاد و ما بحکمه عام لزمن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و الأئمة (علیهم السلام) و لغیره و قد بینا أن فی الأخبار ما یدل علی کثرتهم فی زمن الأئمة (علیهم السلام) و لا فرق بین زماننا و زمانهم نعم لا یشمل موضوع المؤلفة قلوبهم للمخالفین إذا دخلوا فی الإیمان و استمیل منهم طائفة لقتال أخری و لا لباقی الفرق الضالة بالنسبة إلی المؤمنین و إن أمکن الدفع إلیهم لمصالح المؤمنین و حفظ بیضة الإیمان من سهم سبیل الله عز و جل.

الصنف الرابع: الرقاب

اشارة

و منهم من عبر فی الرقاب تبعاً للآیة و العدول عن اللام إلی فی فی الآیة الشریفة لبیان إن ما فی قبل هذا السهم المال لهم یملکون بالدفع إلیهم و یتصرفون به کیف شاء و هذا السهم و ما بعده یصرف المال فیهم فکأنه ظرف لأنه أما أن یصرف فی نفس الجهة کفک الرقاب و سهم سبیل الله و أما أن یدفع لهم لیصرف فی الجهة المقتضیة لاستحقاقهم السهم فکأن المصروف فیه ظرف للمصروف و قیل أن العدول من اللام إلی فی للتنبیه علی زیادة التمکن فی الاستحقاق حیث أنهم جعلوا وعاء للصدقة فهم

ص: 88

أعرف من غیره و هو ضعیف لأن الظاهر إن مشروعیة الزکاة هو الفقر و الحاجة و الأصل فیهما هو الفقیر و المسکین و الباقی متطفل علیه لخاصیة الفقر هو الذی یملک الزکاة فی مال المالک و یشارک الأغنیاء کما دلت علیه ظواهر الروایات من الله تعالی جعل فی أموال الأغنیاء للفقراء و إن من اشتری بمال الزکاة و أعتق ورثه الفقراء لأنه اشتری بمالهم و لکن ملکه لیس علی حد الأملاک المخلوقیة الخاصة و لهذا لا یجب فیها التوزیع و لا یحوز للفقیر أن یهب حصته قبل أن قبضها أو یصالح علیها بل المالک هو نوع الفقیر و المسکین و الفرد منه لیس له التصرف کتصرف الملاک فی أملاکهم

و الرقاب أقسام:
أحدها: المکاتبون

و یدل علیه فی الجملة عموم الآیة و الإجماع بقسمیه و قول الصادق (علیه السلام) و قد سئل عن مکاتب عجز عن مکاتبته و قد أدی بعضها قال: (یؤدی عنه من مال الصدقة قال الله تعالی: [وَ فِی الرِّقٰابِ*] و یشترط فی الدفع إلیهم أن لا یکون عندهم ما یفی بصرفه فی مال الکتابة فلو وجدوا ذلک لم یجز إعطاؤهم لأن المفهوم من مشروعیة الزکاة أنها إنما شرعت لسد الخلة و الحاجة و لم أعثر علی مخالف فی ذلک و هل یشترط العجز منهم عن الوفاء و عدم القدرة علی التکسب بما یفی بما علیهم أم لا وجهان للأول الاقتصار علی مورد الیقین من الإطلاقات و انصرافه لذلک و عدم احتیاجهم و فقرهم إلی ذلک و الزکاة إنما شرعت لرفعها و الخبر المتقدم المشعر بالعجز و للثانی الإطلاق و منع انصرافه للعاجز و فک نفسه بالفعل حاجة و فقر فلا تنافی مشروعیة الزکاة و الخبر المشتمل علی العجز إنما اشتمل علیه فی السؤال فلا یدل علی اشتراطه فی الجواب و هو الأقوی.

ثانیها: العبید تحت الشدة

لعموم الآیة و الإجماع المنقول المشهور و الخبر المنجبر و لو بالشهرة عن الرجل یجتمع عنده من الزکاة الخمسمائة و السبعمائة یشتری منها نسمة و یعتقها قال: (إذن نظلم قوماً آخرین حقوقهم) ثمّ مکث ملیاً ثمّ قال: (إلا أن یکون عبداً مسلماً فی ضرورة فیشتریه و یعتقه) و لیس فی الروایة ما یدل علی أن الثمن

ص: 89

من سهم الرقاب فیحتمل أنه من سهم سبیل الله و لکن ما یفهمه الأصحاب و تشمله عمومات الباب لا یجوز التخطی عنه علی أن الثمرة قلیلة جداً بعد عدم وجوب البسط.

ثالثها: شراء العبد مطلقاً

و إن لم یکن فی شدة بشرط عدم وجود المستحقین للإجماع المنقول و لقوله (علیه السلام) فی رجل أخرج زکاة ماله ألف درهم فلم یجد لها موضعاً یدفع ذلک إلیه فنظر إلی مملوک یباع فاشتراه بتلک الألف درهم التی أخرجها من زکاته فأعتقه هل یجوز ذلک قال: (نعم لا بأس به) و لیس فی الروایة ما یدل علی أنه من سهم الرقاب إلا أن فهم الأصحاب و ظهور أن ذلک مصرف من المصارف یکون إمارة علی ذلک و أما التقید بعدم وجود المستحق فهو من کلام السائل و لا یدل علی التقیید بکلام المسئول إلا أن الاقتصار علی المورد المتیقن یقضی به.

رابعها: عتق العبد مطلقاً

سواء کان تحت شدة أم لا لعموم الآیة و الصحیح مملوک یعرف هذا الأمر الذی نحن علیه أ نشتریه من الزکاة فقال: (اشتره فاعتقه) قلت: فإن هو مات و ترک مالًا فقال: (میراثه لأهل الزکاة لأنه اشتری بمالهم) و آخر عن رجل اشتری أباه من الزکاة زکاة ماله قال: (یشتری خیر رقبة لا بأس بذلک) و قد یحمل المطلق فی هذه الأخبار علی المقید فیخصص الجواز فیما إذا کان العبد تحت الشدة أو مع عدم وجود المستحق کما أفتی به المشهور أو یبقی علی إطلاقه و یدخل فی سهم سبیل الله لعدم التصریح فی الروایة بأن الشراء من سهم الرقاب و إن کان الإطلاق و الرخصة یقضیان بأن هذا السهم من الزکاة لهم فیصح إدخالهم فی سهم الرقاب لکنه خلاف المشهور فالأظهر انه حینئذ بقی المطلق فی الأخبار علی إطلاقه کان من سهم سبیل الله و إن تقید بما دل علیه الخبران المتقدمان و فتوی المشهور کان من سهم الرقاب و علی کل حال فالثمرة قلیلة جداً بعد أن أجرینا عدم البسط.

خامسها: عتق رقبة فی کفارة من نذر أو عهد أو قتل خطأ أو ظهار أو صید

لزمت مؤمناً و لیس عنده ما یفی بشرائطها کما أفتی به جماعة من الأصحاب استناداً لعموم

ص: 90

الآیة و للمرسل (و فی الرقاب قوم لزمتهم کفارة فی قتل خطأ أو فی الظهار و فی الإیمان و فی قتل الصید فی الحرم و لیس عندهم ما یکفرون به و هم مؤمنون فجعل الله تعالی لهم سهماً فی الصدقات لیکفر عنهم) و فی الجمیع نظر لضعف العموم فی الفرد الخاص و ضعف المرسل سنداً و دلالة لعدم التصریح فیه بالمعتق بل هو ظاهر فی التکفیر مطلقاً و إشعار تفسیر فی الرقاب به إشعار ضعیف لا یکون حجة فی المقام و التزام أن التخلیص من الکفارات کله فک رقبة للمکفر فیدخل تحت قوله تعالی:

[وَ فِی الرِّقٰابِ*] التزامه لا یلتزم به أحد فالأقوی عدم عد هذا من أقسام الرقاب بل أما أن یعد من سهم الغارمین فیعطی المال بیده و یشتری رقبة و یعتقها لأنه مدین لها أو من سهم سبیل الله إن لم یعط بیده و جوزنا شراء المالک الرقبة من الزکاة و عتقها عمن علیه کفارة و لکنه لا یخلو من إشکال.

فوائد:
الأولی: جعل بعض المتأخرین ذلک الرقبة مطلقاً من الکفارات من أقسام الرقاب

تمسکاً بالمرسل المتقدم و إطلاق الآیة لشموله الحر و العبد و ضعفه لا یحتاج إلی بیان.

الثانیة: حصر بعض المتأخرین سهم الرقاب فی المکاتبة و فی الکفارات

و جعل غیرهما سهماً مستقلًا مأخوذ من جمیع الأصناف واردة به و نطقت به الأخبار و لیس من الأسهم الثانیة التی دلت علیهما الآیة الشریفة بقرینة جعل میراث العبد للفقراء و لو کانت تلک الأقسام من سهم الرقاب لما ورث العبد المشتری فیها الفقراء لأنه لیس من حقهم بل کان ینبغی أن یکون میراثه للإمام (علیه السلام) و هو ضعیف أولًا لالتزامه بما لا یقول أحد من زیادة الأقسام الثمانیة إن جعله سهماً مستقلًا و إن جعله سهماً منقطعاً من الأسهم الثمانیة لزم أن یکون منه جزء من ثمانیة للفقراء یرثونهم هم و الباقی یکون میراثه للإمام (علیه السلام) و المفروض إن الروایة دلت علی أن جمیع میراثه للفقراء و ثانیاً إن بینا أن الأصل فی الزکاة کونها للفقراء و باقی الأصناف متطفلة علیها فلا منافاة

ص: 91

حینئذ بین کون العتق من سهم الرقاب و کونه میراث المعتق و ثالثاً أنه من المقطوع به جواز العتق فی هذه الأقسام سهم فی أن هذا السهم سهماً للفقراء فینبغی أن لا یکون میراثه لهم مع أن الروایة و کلمات الأصحاب مطلقة فی کون الورثة هم الفقراء.

الثالثة: یجوز الدفع إلی السید فی فک المکاتب و یجوز الدفع إلیه لیفک نفسه بإذن السید و بدونه

و یجوز الدفع قبل حلول النجم و بعده کل ذلک للإطلاقات و لو دفع المال من مکاتب ففک المکاتب من دافع آخر متبرع أمن المالک إبراء به قبل دفعه إلی سیده و احتمل العدم إلی جواز الرجوع فیه لفوات ما عینه الشارع و احتمل العدم لوصوله من أهله إلی محله و الأمر یقتضی بالإجزاء و احتمال الأول إن نوی الجهة الخاصة من الدفع و الثانی إن أطلق و الأقوی جواز الرجوع مطلق لعدم ملک العبد له بالقبض و عدم صرفه فی جهة نعم لو قلنا إن العبد یملک کالغارم ندفع له لم یؤثر نیة الجهة بعد ثبوت الملک لا إن الملک یکون علی جهة دون جهة و لو دفع للمکاتب ما لا یفی بفکه فی المشروط فعجز عن الإتمام بعد أن دفع إلی السید احتمل وجوب استرجاعه منه لانکشاف عدم ملکه لعدم حصول غایته و احتمل عدمه لصدوره من أهله فی محله و الأمر یقضی بالإجزاء و الأول أحوط و الثانی أقوی.

الصنف الخامس: الغارمون

اشارة

و هم المدینون فی غیر معصیة و یدل علیه الکتاب و الإجماع بقسمیه و الأخبار فمنها إن الله عز و جل [فَنَظِرَةٌ إِلیٰ مَیْسَرَةٍ] سورة البقرة آیة (280) أخبرنی عن هذه النظرة التی ذکرها الله فی کتابه أ لها حد یعرف إلی قال: قال: (نعم ینتظر بقدر ما ینتهی خبره إلی الإمام فیقضی ما علیه من الدین من سهم الغارمین إذا کان أنفقه فی طاعة الله تعالی) فإن أنفقه فی معصیة الله تعالی فلا شی ء علی الإمام له دفعها أیما مؤمن أو مسلم مات و ترک دیناً لم یکن فی فساد و لا إسراف لم یکن علی الإمام (علیه السلام) أن یقضیه فإن لم یقضه أثم ذلک إن الله تبارک و تعالی [إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ] سورة البقرة آیة (60) الخ

ص: 92

و منها إن علیاً (علیه السلام) کان یقول: (یعطی المستدینون من الصدقة و الزکاة دینهم کله ما بلغ إذا استدانوا فی غیر إسراف) و منها الصحیح عن رجل عارف فاضل توفی و ترک دیناً لم یکن بمفسد و لا مسرف و لا معروف بالمسألة هل یقضی عنه من الزکاة الألف و الألفان قال: (نعم) و منها (و إن غلب علیه فلیستدن علی الله و علی رسوله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ما یقوت به عیاله فإن مات و لم یقضه کان علی الإمام قضاؤه فإن لم یقضه کان علیه وزره إن الله عز و جل یقول (إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ) سورة التوبة آیة (60) إلی قوله تعالی: [وَ الْغٰارِمِینَ] و هذا مسکین مغروم) و المغروم و الغارم المدینون و الغریم مدیون و الدیان و الغرم الدین کما نص علیه أهل اللغة.

هنا فوائد:
الأولی: یشترط فی جواز دفع الزکاة للغارمین أن لا یکون استدانتهم فی معصیة

لفتوی المشهور و الإجماع المنقول و الأخبار المنجبرة المتقدمة و المراد بالاستدانة فی المعصیة هو ما إذا اتفق الدین فی المعاصی و إن نوی عند الاستدانة غیرها بل نوی الطاعة لم یکن ممنوعاً من إعطاء الزکاة و کذلک لو کان نفس الاستدانة معصیة و لکن الإنفاق فی طاعة و الأحوط إلحاق المنفق تبذیراً فی المنفق فی معصیة لظاهر الأخبار و الاحتیاط و جوز المحقق الدفع للمدین فی معصیة إذا تاب تمسکاً بالعموم و استضعافاً للأخبار و لما یقال من إن إعطاءه إعانة علی الإثم و فی الکل نظر لوجوب حمل العام علی الخاص و لقوة الأخبار بفتوی الأخیار لأنه لم یکن إعانة الإثم فهو إغراء به و فی ترکه ردع لأهل المعاصی.

الثانی: یعتبر فی الغارم أن یکون غیر متمکن من الأداء کلًا أو بعضاً

فلو تمکن من الأداء و الوفاء لم یقض عنه لأن الحاجة و الفقر مما شرعت علیها الزکاة قطعاً فإعطاؤها لمجرد وصف الغارم و إن کان غنیاً فی ذلک و جوز العلامة (رحمه الله) دفع الزکاة للغارم و إن کان غنیاً متمکناً من الوفاء بماله لکنه لو وفی منه عاد فقیراً و ذلک لانتفاء

ص: 93

الفائدة فی دفع ما بقی به الدین أولًا و أخذ الزکاة ثانیاً دون العکس و استقر به بعضهم لإطلاق الآیة و لصدق عدم التمکن عرفاً و هو الأظهر لما قدمناه إن من ملک مئونة السنة و کان مدیوناً لا یجری علیه أحکام الغنی فیجوز أن یعامل معاملة الفقراء (حینئذ) فله أن یأخذ من سهم الفقراء للدین و له أن یأخذ من سهم الغارمین و کونه متمکناً من وفائه لا ینافی احتیاجه إلیه لحفظ ما بیده من مئونة سنته و لیس فی الأخبار ما ینافی ما ذکرناه أیضاً و لکن الأحوط عدم الدفع إلیه من سهم الغارمین.

الثالثة: المضطر إلی صرف ما استدانه فی المعصیة و المجبور و الناسی و الجاهل بالموضوع بل الجاهل بالحکم

مع عدم التفطن علی الأظهر لا یدخلون تحت عنوان الاستدانة فی المعصیة و من جهل حاله لو جهل حال نفسه جاز الدفع إلیه من دون وجوب الاستفسار فی الأول و جاز أن یأخذ من دون وجوب التفحص عن حال نفسه کل ذلک لأصل الصحة فی تصرف المسلم و للزوم العسر و الحرج فی الاستفسار و التفحص لصعوبة الاطلاع علی النیات و علی موارد جزئیات التصرفات و لظهور الأخبار فی أن المدار علی حسن الظاهر فی جمیع الأحوال و الأطوار و لإشعار قوله (علیه السلام) فی الخبر (لم یکن بمفسد و لا بمسرف) و قوله (علیه السلام): (لم یکن فی فساد و لا إسراف) فی ذلک للقطع بعدم علمهم لجمیع الصادرة عن الشخص بل إنما حکموا بذلک من جهة حسن الظاهر و عن الشیخ القول بالمنع عند عدم العلم بالمصرف و ربما کان مستنده روایة محمد بن سلیمان و فیها قلت فما لهذا الرجل الذی ائتمنه و هو لا یعلم فیما أنفقه فی طاعة الله عز و جل أم فی معصیته قال: (یسعی فی ماله و ترده علیه و هو صاغر) و هی ضعیفة سنداً و دلالة الإجمال هو بین الدافع و المدفوع إلیه و لعدم منافاة السعی لجواز الدفع و الأخذ و لعل من أفراده سؤال الإمام (علیه السلام) و قد یؤید المنع بان الشرط فی جواز الدفع من سهم الغارمین کون المصروف فیه طاعة و الشک فی الشرط شک فی المشروط و فیه منع کون الشرط الصرف فی طاعة الله تعالی بل الصرف فی المعصیة هو المانع و الأصل عدم المانع و تعلیق الجواز فی الأخبار علی ما إذا کان الصرف فی الطاعة لا یراد به بیان الشرطیة بل بیان إن بها توقع المانعیة کما ظهر من

ص: 94

سیاقها علی أن أصالة الصحة لفعل المسلم تصیره طاعة إن لم یکن فی الاسم فهو طاعة فی الحکم تنزیلًا لما قضی به الأصل منزلة الواقع کشهادة العدل و خبر ذی الید فیصدق علی المجهول صرفه فی طاعة بالأصل و یجب اتباعه بشهادة التتبع و الاستقراء.

الرابعة: صرح جمع من الأصحاب بأن الغارم أما لمصلحة نفسه فیشترط فیه الفقر و الاحتیاج إلی القضاء

و إما لمصلحة ذات البین بین الشخصین أو قبیلتین لقتل بینهما لم یظهر قاتله أو إتلاف مال کذلک فهذا یعطی غنیاً کان أو فقیراً لقوله (علیه السلام): (لا تحل الصدقة لغنی إلا خمسة عاد فی سبیل الله تعالی أو عامل علیها أو غارم) و ذکر (رجلًا تحمل حمالة) و فیما ذکروه نظر لمنع اشتراط الفقر أولًا بالاکتفاء بالاحتیاج إلی الوفاء و القضاء فی جواز الدفع من سهم الغارمین و لا ینافی ذلک کون الزکاة إنما شرعت لرفع الخلة و الاحتیاج لتحققهما بذلک و منع جواز الدفع للمعنی إذا کان متمکناً من الوفاء بما یزید علی مئونة سنته لما استدانه فی إصلاح ذات البین لعدم الدلیل علیه سوی الروایة المتقدمة و هی ضعیفة سنداً و دلالة و لا یتفاوت الحال فی ذلک بین أن ینوی دفعها الرجوع إلی الزکاة أم لا نعم یجوز فی الابتداء الدفع من سهم السبیل لإصلاح ذات البین و شبهه و ذلک حکم آخر و قد یقال بجواز أخذ المجتهد من سهم الغارمین أو من سهم سبیل الله لو دفع مالًا فی المصالح العامة بنیة الرجوع علی الحقوق العامة من ماله أو من مال غیره مستدیناً له لتنزیله منزلة العوض لأهل الجهة فیقبل منهم بالولایة عند الوفاء و لکنه یحتاج إلی فقه متین و فقاهة واسعة.

الخامسة: لو کان دین علی الفقیر جاز له مقاصته به من الزکاة

بمعنی جعلها للفقیر و قبضها لنفسه عن دینه مقاصة له أو بمعنی عزلها زکاة أو قبضها عن دینه الذی فی ذمة الفقیر مقاصة أو بمعنی جعل نفس ما فی ذمته للفقیر زکاة عما هو مطلوب به لأن ما فی الذمة بمنزلة المقبوض و الجمیع مخالف للقواعد لکنه بالمعنی الأخیر دلت علیه الأخبار و فتوی مشهور الأصحاب و الإجماعات المنقولة و قد یستخرج المعنی الأول أیضاً من الأخبار المشتملة علی لفظ المقاصة کقوله (علیه السلام) فی الموثق سألته عن الرجل یکون له الدین علی رجل فقیر یرید أن یعطیه من الزکاة فقال: (إن کان الفقیر

ص: 95

عنده وفاء بما کان علیه من الدین من عرض من دار أو متاع البیت أو یعالج عملًا یتقلب فیه فهو یرجو أن یأخذ ماله عنده من دینه فلا بأس أن یقاصه بما أراد أن یعطیه من الزکاة أو یحتسب له ما علیه و إن لم یکن عند الفقیر وفاء و لا یرجو أن یأخذ منه شیئاً فلیعطه من زکاته و لا یقاصه بشی ء من الزکاة ففیها دلالة علی المعنی الأول و الأخیر و مما ظاهره المعنی الأول الصحیح سألت أبا الحسن عن دین لی علی قوم قد طال حبسه عندهم لا یقدرون علی قضائه و هم مستوجبون للزکاة هل لی أن أدعه و احتسب به علیه الزکاة قال: (نعم) و الآخر فیجیئنی الرجل و یسألنی الشی ء و لیس هو أبان زکاتی فقال الصادق (علیه السلام): (الفرض عندنا بثمانیة عشر و الصدقة بعشرة و ما زاد علیک إذا کنت مؤسراً أعطیته من الزکاة) و هل یجوز الاحتساب فإذا أبان زکاتک احتسبت بها من الزکاة و هل یجوز الاحتساب علی من ملک قوت السنة لکنه بحیث لو دفع دینه لعاد فقیراً أم الجواز لما قدمناه من قلة الفائدة و صدق الفقر و عدم التمکن عرفاً و من ظهور الأخبار المتقدمة فی الفقر کقوله (علیه السلام) فی الموثق: (یکون له الدین علی رجل فقیر) و ظاهره غیر المالک لمئونة السنة و قوله (علیه السلام) فی الصحیح: (لا یقدرون علی قضائه و قوله (علیه السلام): (یسألنی) و ظاهر السؤال أنه إنما یکون عند الحاجة و لکن لما کان ذلک کله فی کلام السائل و کان من علیه دین یحتسب دینه من المئونة و لا یخرج عن مسمی الفقر عرفاً کان جواز الاحتساب أقوی فما حکم به بعض المتأخرین من منع دفع الزکاة لمن ملک مئونة السنة و کان علیه دین لو وفاه عاد فقیراً و منع جواز الاحتساب علیه لأنه عین شرعاً لأدی له وجهاً معتداً به بعد أن جعلنا الدین من المؤن.

السادسة: یجوز دفع الزکاة فی دین المیت و احتسابه علیه منها قریباً أو بعیداً أو واجب النفقة أم لا من سهم الغارمین أم من سهم الفقراء

لفتوی الأصحاب و للأخبار و منها روایة یونس بن عمار قال: (قرض المؤمن غنیمة و تعجیل أجر إن أیسر قضاک و إن مات قبل ذلک احتسب به من الزکاة) و منها عن الصادق (علیه السلام) قال: (قرض

ص: 96

المؤمن غنیمة و تعجیل أجر إن أیسر أدی و إن مات احتسب به من الزکاة) و منها الصحیح رجل حلّت علیه الزکاة و مات أبوه و علیه دین أ یؤدی زکاته فی دین أبیه و للابن مال کثیر قال: (إن کان أبوه أورثه مالًا ثمّ ظهر علیه دین لم یعلم به یومئذ فیقضیه عنه قضاء من جمیع المیراث و لم یقضه من زکاته و إن لم یکن أورثه مالًا لم یکن أحد احق بزکاته من دین أبیه فإن أدّاها من دین أبیه علی هذه الحال أجزت عنه) و یظهر من هذه الروایة اشتراط قصور الترکة عن وفاء الدین فی جواز الوفاء عن المیت و الاحتساب علیه و هی و إن کان موردها الأب لکنه لا قائل بالفرق و هو الأوفق بالقواعد لأن الترکة علی حکم مال المیت إذا تعلق بذمة المیت دین لعدم انتقالها للوارث قبل وفائه لقوله تعالی: [مِنْ بَعْدِ وَصِیَّةٍ یُوصِی بِهٰا أَوْ دَیْنٍ*] سورة النساء آیة (22) و آیة (12) و بهذا ظهر ضعف من أجاز دفع الزکاة عن دین المیت و احتسابها علیه مطلقاً استناداً لعموم أدلة جواز الاحتساب و لأن الترکة تکون میراثاً فیکون المیت عاجزاً فیجوز الدفع فی دینه و الاحتساب علیه نعم لو تعذر استیفاء دین المیت من ترکته لعدم إثباته أو لعدم أهله فلا یبعد الجواز.

السابعة: یجوز وفاء دین القریب واجب النفقة أم لا

للأخبار الدالة علی ذلک و المنع من إعطاء واجب النفقة من الزکاة یراد ما إذا دفع لهم فی الواجب من نفقتهم کما سیأتی إن شاء الله تعالی کما یشعر به قوله (علیه السلام): (لأنه عیاله اللازمون له).

الثامنة: یصدق مدعی الغرم علی الأظهر لادعائه دعوی لا معارض لها بالخصوص

و الأحوط طلب البینة لإمکان إقامتها سیما لو لم یصدقه الغریم.

التاسعة: لو دفع إلی الغارم من سهم الغارمین ما یفی فیه دینه فاتفق إن أبواه الغریم أو وفاه شخص

لم یرتجع به علی الأظهر إن لم یکن عزله علی أنه زکاة فإن عزله فلا یبعد جواز الارتجاع مطلقاً و کذا لو صرفه فی غیر الدین و لو ادعی الغرم فبان کذبه و دفع إلیه من سهم الغارمین و علم بذلک ارتجع به مع بقاء العین و تلفها إذا عزلها قبل ذلک فإن لم یعزلها و کان فقیراً احتمل جواز الرجوع لعدم تحقق مصرفها و عدمه

ص: 97

لملکه ذلک و لا یکون الملک علی جهة خاصة و هو الأظهر و لو لم یعلم بذلک لم یرجع إلیه مع التلف و یرجع علیه مع بقاء العین إذا صدّقه علی الأظهر و لم یکن عزلها علی أنها زکاة و لو عزل المال علی انه زکاة فلا یبعد جواز الرجوع ولی الفقراء علی المدفوع إلیه مطلقاً لو تبین عدم عزله أو عدم کون دینه فی طاعة مع التلف و بدونه مع العلم بأنها زکاة أو بدونه إلا أنه مع الجهل لو رجع إلیه علی الدافع.

الصنف السادس: سبیل الله تعالی

اشارة

للإجماع بقسمیه و الکتاب و السنة و هو أمور:

أحدها: الجهاد بین یدی النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و الإمام (علیه السلام)

لحمل الکفار علی الإسلام إجماعاً محصلًا و منقولًا و یلحق به أیضاً الجهاد إذا دهم عدو یخشی علی بیضة الإسلام منه و یدفع هذا السهم للغنی من الغزاة و الفقیر کل بقدر ما یکفیه من نفقة و سلاح و رکوب و لا یسترجع منه بعد الرجوع من الجهاد و إن لم یغنموا لملکه له بالعمل المقابل له و یسترجع منه لو دفع إلیه و لم یجاهد اضطراراً أو اختیاراً أو لانتفاء موضوعه.

ثانیها: مصالح المسلمین العامة

من بناء مساجد و قناطر و سور للبلد المضطر إلیه و جسر للعبور و خانات ورود المترددین و حمامات للزوار و حفر أنهار و قنوات و بناء علامات فی الطرق لمعرفة الطریق و وضع أشجار و نخل للمارین من المسلمین و وقف کتب علم و بئر و مدارس و غیر ذلک علی الأظهر الأشهر لعموم الآیة و المرسل فی تفسیرهم أنهم قوم یخرجون إلی الجهاد و لیس عندهم ما ینفقون به أو قوم مؤمنون لیس عندهم ما یجمعون به أدنی جمیع الخیر.

ثالثها: جمیع سبیل الخیر

من معونة الزائرین و حجاج المؤمنین و تقویة المتعبدین و معونة خدام الحضرة المقربین لرب العالمین و طلبة العلم المؤدی إلی معرفة شریعة سید المرسلین و کل ما فیه ثواب کتزویج العزاب أو تقریب لعموم الآیة و المرسل المنجبر و ما جاء فی جواز صرف الزکاة فی الحج و لا قائل بالفرق نعم یشترط فی هذا الاحتجاج إلی

ص: 98

المعرفة لما دل علی أن الزکاة لرفع الحاجة وسد الخلة و لما یفهم من سیاق الأخبار الأخر و لا یشترط فی المدفوع إلیه الفقر بل لو کان غنیاً لکنه محتاج فی فعل القریة إلی معونة جاز الدفع إلیه و لو کان غنیاً لکنه إن دفع من ماله لفعل المثوبة عاد فقیراً فلا یبعد جواز الدفع إلیه لعدم الفائدة و الأحوط ترک ذلک و جمع من أصحابنا من الدفع لغیر المجاهدین لظهور الآیة فیهم و ضعف المرسل و لما جاء فی الوصیة لمن أوصی بمال بما فی سبیل الله أنه یصرفه فی الجهاد و الکل ضعیف لمنع ظهور الآیة و منع ضعف المرسل بعد انجباره و منع العمل بما جاء فی ذلک لموافقة العامة أو لخصوصیة فی الوصیة و قد ورد سبیل الله شیعتنا و ورد سبیل الله الحج.

الصنف السابع: ابن السبیل

للإجماع بقسمیه و الکتاب و السنة و هو المنقطع به فی غیر بلده کما فی المرسلة حیث فسرته بأبناء الطریق الذین یکونون فی الأسفار فی طاعة الله فیقطع و علیهم و یذهب مالهم فعلی الإمام (علیه السلام) أن یردهم إلی أوطانهم من مال الصدقات و یشترط فیه أن لا یکون سفره معصیة فلو کان معصیة منع للإجماع المنقول و الشهرة المحققة و ظاهر المرسل المتقدم حیث قیَّد الأسفار فیه بطاعة الله تعالی و یراد بالطاعة ما قابل المعصیة کما فهم الأصحاب و یساعده العرف لتسمیة فاعل المباح مطیعاً و لا أقل أنه مجاز مشهور قرینته فتوی المشهور و عمل الجمهور و لو تاب فی أثناء السفر و ضرب فی الأرض فدخل تحت إلی السبیل المسافر فی طاعة و لو کان إلی السبیل غنیاً فی بلده و یقدر علی الاستعانة و التحویل احتمل جوازه الدفع إلیه لعموم الأدلة و احتمل عدمه لأن الزکاة إنما شرعت لسد خلة و رفع الحاجة فلو قدر علی بیع ماله أو الاستدانة علیه أو غیر ذلک لم یکن محتاجاً و هذا أقوی إذا سهل ما ذکرناه علی ابن السبیل من دون مهانة و یعطی قدر ما یکفیه لحاجته و لو أعطی فتمکن من ماله قبل التصرف احتمل جواز الإرجاع و عدمه أظهر و ألحق بعضهم بابن السبیل الصنف و ألحق الإسکافی به المنشئ للسفر الواجب و الندب و لا یخفی ضعف الثانی لندوره و عدم دخوله تحت

ص: 99

إطلاق لفظه و معارضته للمرسل المتقدم و أما الأول فإن دخل فی وصف المحتاجین للضیافة فلا بأس به لدخوله تحت العموم و إن یکن کذلک فالظاهر عدم جواز احتساب ما یقدّمه إلیه من الزکاة فلا فرق حینئذ بینه و بین ابن السبیل و ما نقل من الفرق عن بعض الفضلاء إن الضیف ینزل إلیک بخلاف ابن السبیل ممنوع لعدم وضوح مأخذه عرفاً و شرعاً سوی مرسلة رواها جماعة من القدماء و إرسالها بمنع من العمل بها سیما و ظاهر من نقلها ترک العمل بها و المفید (رحمه الله) أرجعها للمختار و الظاهر إن هذه الأصناف مقوّمة للزکاة فلو دفع فی صنف فبان المدفوع إلیه من صنف آخر ارتجعه مع العلم إلا أن یکون الصنف داعیاً لا مشخّصاً للمدفوع فتأمل جیداً.

القول فی أوصاف المستحق

اشارة

و هی أمور:

أحدها: الإیمان

اشارة

و هو الاعتقاد بالنبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و بما جاء به إجمالًا و بالأئمة الاثنی عشر و بما جاءوا به إجمالًا و عدم إنکار ضروری من ضروریات الدین أو ضروریاً من ضروریات المذهب کعصمة الأئمة (علیهم السلام) و کونهم هؤلاء العاملون و لا یشترط معرفة أسمائهم و نسبهم بل یکفی الإیمان بالاثنی عشر (علیهم السلام) المعلومین فی نسبة الإمامة إلیهم و لا یشترط استناد القطع إلی الدلیل فی إمامتهم بل یکتفی بسکون النفس من التسامح و التظافر و الأخبار بالمعجزات و إجماع أهل الوقوف من العلماء التفات و الدلیل علی اشتراط الإیمان الإجماع بقسمیه محصلًا و منقولًا و قوله تعالی: [لٰا تَجِدُ قَوْماً یُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ یُوٰادُّونَ مَنْ حَادَّ اللّٰهَ] سورة المجادلة آیة (22) و دفع الزکاة موادة لأنها شرعت لدفع الحاجة وسد الخلة و المخالف محاد لله و رسوله ضرورة ذهب جمع من أصحابنا أنهم نصاب نجسون تجری علیهم أحکام الکفر فی الدنیا و الآخرة و الأخبار و منها الصحیح فیمن لا یعرف هذا الأمر قال: (کل عمل عمله و هو فی حال نصبه و ضلالته ثمّ من الله تعالی علیه و عرف الولایة فإنه یؤجر علیه إلا

ص: 100

الزکاة فإنه یعیدها لأنه وضعها فی غیر موضعها لأنها لأهل الولایة) و فی صحیح آخر فیمن لا یعرف هذا الأمر ثمّ یتوب قال: (لیس علیه اعادة شی ء من ذلک غیر الزکاة لا بد أن یؤدیها لأنه وضعها فی غیر موضعها لأن موضعها أهل الولایة) و فی آخر فیمن له قرابة محتاجون غیر عارفین أ یعطیهم من الزکاة قال: (لا و لا کرامة) و فی آخر فی الزکاة قال: (حرام أموالنا و أموال موالینا علی عدونا) و مع ذلک فهموا شرط فی غیر سهم المؤلفة قلوبهم و بعض أفرد سهم سبیل الله قطعاً فی الأول و علی الأظهر فی الثانی.

فوائد:
الأولی: لو فقد المؤمن وجب الانتظار بها و إبقاؤها أمانة یوصی بها بطناً بعد بطن و ظهراً بعد ظهر

إذا لم یتمکن من صرفها فی جمیع الأصناف و فی بعض الأخبار (إن لم تصب لها أحداً من أهل الولایة قصرها أو أطرحها فی البحر) و هو محمول علی عدم التمکن من صرفها أبداً و علی المبالغة و هو الأظهر و قیل بجواز دفعها إلی المستضعف مکن أهل الخلاف و هو الذی یتدین بدینهم صورة و لکنه لا یعاند الحق و لا یعترف به للخبر فیمن لم یحضره أحد من أهل الولایة و لم یجد من یحملها إلیهم قال: (یدفعها إلی من لا ینصب) قلت: فغیرهم قال: (ما لغیرهم الّا الحجر) نعم أجاز الشیخ (رحمه الله) و أتباعه دفع زکاة الفطر للمستضعف مع عدم وجود المؤمن لورود بعض أخبار بذلک فمنها الصحیح عن زکاة الفطرة أ یصلح أن یعطی الجیران و الظئورة فیمن لا یعرف ینصب قال: (لا بأس بذلک إذا کان محتاجاً) و فی آخر عن زکاة الفطرة (فإن لم یجد مسلماً فمستضعفاً) و فی آخر عن صدقة الفطرة (أ یعطیها غیر أهل ولایتی من جیرانی أحق بها) بمکان الشهرة بحمل المطلق منها علی المقید بعدم وجود ضعیف لمعارضته هذه الأخبار بأخبار أخر بعیدة عن التقیة منجبرة بفتوی المشهور مؤیدة بالاحتیاط معتضدة بالإجماع المنقول موافقة للعمومات المانعة من دفع الزکاة مطلقاً لغیر أهل الإیمان ففی الصحیح عن الزکاة هل توضع فیمن لا یعرف قال: (لا و لا زکاة الفطرة)

ص: 101

و تخصیص من لا یعرف بغیر المستضعف فرع مقاومة المخصص و لیس فلیس و فی آخر (لا یجوز دفعها إلی إلا أهل الولایة) و فی آخر أیضاً (لا ینبغی لک أن تعطی زکاتک إلا مؤمناً) و المراد فیها زکاة الفطرة بقرینة السؤال فی أحدهما و الجواب فی الآخر فلا بد من حمل الأخبار الأخر علی حالة التقیة و الخوف لا إشعار قوله (علیه السلام) لمکان الشهرة بذلک لأن المراد خوف الشهرة و الفضیحة أو الحمل علی سهم المؤلفة إن عممناه لمفروض المسألة أو الحمل علی مستضعف المؤمنین و هو الذی یتدین بدینهم و لکنه لا یعرف الحق معرفة تامة و لا ینکر الباطل ککثیر من البله و العجائز و بعیدی الدار و الحمل علة المجانین و أهل الخبل و السوداء علی أن ظاهر فتوی الشیخ (رحمه الله) و أتباعه و ظاهر الأخبار إعطاء المستضعف و إن أمکن المزکی الدفع إلی صنف آخر من أصناف أهل الزکاة الثمانیة غایته الوقوف علی عدم وجود المؤمن و هذا بعید کل البعد لأنه عدول عن مشروع إلی ممنوع من غیر داع.

الثانیة: من کان له فی طریق النظر و إن کان شاکاً و کان طالباً للحق مجرداً لنفسه عن الشوائب

جاز أن یدفع له من سهم سبیل الله تعالی إذا کان به استعانة علی النظر.

الثالثة: أطفال یعطون من الزکاة دون أطفال غیرهم

لفتوی الأصحاب و الاجماعات المنقولة فی الباب و فی الخبر (ذریة الرجل المسلم إذا مات یعطون من الفطرة و الزکاة کما کان یعطی أبوهم حتی یبلغوا فإذا بلغوا و عرفوا ما کان أبوهم یعرف أُعطوا و إن نصبوا لا یُعطوا) و فی آخر الرجل یموت و یترک العیال أ یعطون من الزکاة قال: (نعم حتی ینشأ) و فی آخر عیال المسلمین أعطیهم من الزکاة فأشتری لهم منها ثیاباً و طعاماً و أری إن ذلک خیر لهم قال: (لا بأس) و ظاهر هذه الأخبار عدم اشتراط عدالة الآباء و هو کذلک لعدم تبعیة الولد لأبیه فی الفسق لو کان الفسق مانعاً و الظاهر منها أیضاً إن الأطفال یعطون بأیدیهم أیتاماً کانوا کما دلت علیه بعض الأخبار و غیر أیتام کما دل علیه بعض آخر و هو مشکل علی إطلاقه لعدم قابلیة هذه الأخبار لتخصیص أدلة الحجر و عدم إعطاء الدین للطفل و عدم جواز تسلیمه الأمانة

ص: 102

التی یملکها علی إن الدفع إلیه تصرف فیه و هو ممنوع من دون نظر الولی علی أن الشک فی الفراغ بعد یقین الشغل یقضی بالمنع فالأظهر تسلیم ذلک للمولی الإجباری أو الوصی أو الحاکم أو عدول المسلمین أو الدافع إن کان منهم مع فقد الوصی و الحاکم و حکم المجنون حکم الطفل فی عدم جواز الدفع إلیه و الدفع إلی ولیه نعم یجوز الدفع إلیهما إذا علم أنهما یتصرفان به تصرف العقلاء عند مسیس الحاجة منهما إلی المدفوع و عدم حضور ولی لهما و کانت حاجتهم فوریة حسیة و الأحوط احتسابه من سهم سبیل الله تعالی لا من سهم الفقراء أو المساکین و أما السفیه فیدفع إلیه بیده و لکن یحجر علیه بالتصرف بعد ذلک.

الرابعة: العدالة

و هی ملکة فی النفس تمنعها عن ارتکاب الکبائر و الإصرار علی الصغائر و تمنعها من منافیات المروءة إن کانت منافیات المروءة کاشفة عن عدم الملکة و إلا دخل فی المقام لها و طریقها حسن الظاهر علی الأقوی أو البینة أو الاطلاع علی حاله بالممارسة و اشتراطها فی الزکاة مذهب جمع من الأصحاب و نسب لمشهور القدماء للاحتیاط بیقین الخروج عن العهدة معها لما فی الدفع إلی الفاسق من الإعانة علی الإثم و للإجماع المنقول و لما ورد عن شارب الخمر یعطی من الزکاة قال: (لا و علی قولهم یشکل فی الدفع لمن لا ملکة له فی العدالة و لا عمل یفسق به و فی المجانین و الأطفال و فی ابتداء البلوغ إلا أن یقولوا أن الفسق مانع و لیست العدالة شرطاً و ذهب آخرون إلی اشتراط التجنب عن الکبائر فقط استناداً للخبر المتقدم مع عدم القول بالفصل و انجبار سنده ضعفاً بفتوی مشهور القدماء و للإجماعات المنقولة و للاحتیاط أیضاً و ذهب آخرون إلی عدم اشتراط ذلک استناداً للأصل و العمومات و الإطلاقات و للخبر عن الزکاة (یعطی المؤمن ثلاثة) ثمّ قال: (أو عشرة آلاف و یعطی الفاجر بقدر لأن المؤمن ینفقها فی طاعة الله و الفاجر ینفقها فی معصیة الله تعالی) و للسیرة المعلومة من زمن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و الأئمة (علیهم السلام) و أصحابهم کانوا یدفعون الأموال للشیعة و ما کان یسألون إلا عن فقرهم و احتیاجهم و لو کانوا یسألون عن عدالتهم لنقل إلینا و لخلو أخبار الزکاة البیانیة عن ذکر العدالة و النص علی اشتراطها و لو کانت

ص: 103

شرطاً لذکرت کما ذکر الإیمان و ذکر غیره من الشرائط و لعسر معرفة العدالة فی إن السبیل غالباً و فی الرقاب تحت الشدة و لا قائل بالفرق و للشهرة المتأخرة الصالحة لأن تکون دلیلًا بنفسها المقویة للعمومات و الإطلاقات و لتصریح مشترطی العدالة بعدم اشتراط عدم منافیات المروءة هنا مع أن ارتکاب منافیات المروءة کاشف عن عدم تحقق العدالة کما صرح به بعضهم و غایة ما تمکن التزام العدالة فی العاملین علیها لأنهم أمناء فی صورة ما إذا أخذوا سهماً منها و لو أخذوا بعنوان الإجارة و الجعالة کان أمرهم بنظر الحاکم و لو کان فی المنع ردع الفاسق عن فسقه کان ممنوعاً من جهة وجوب النهی عن المنکر علی الأظهر نعم قد یقوی القول بمنع مرتکب الکبائر المعهودة و الولایة من حکام الجور من الدفع إلیهم من غیر سهم المؤلفة قلوبهم أو قلنا بجواز التصرف إلیهم منه و غیر سهم سبیل الله تعالی فی بعض المقامات للشهرة المحصلة علی منعهم من قدماء أصحابنا و لجریان سیرة الإمامیة بالبعد عنهم و تجنب سبیلهم و عدم الرکون إلیهم و لا یلحق بالکبائر هنا الإصرار علی الصغائر و إن کان فی المعنی من الکبائر أیضاً لعدم معاملة أهله معاملة أهل الکبائر.

ثالثها: أن لا یکون المدفوع إلیه واجب النفقة علی المالک الدافع إذا دفع إلیه للإنفاق

اشارة

لا التوسعة و لا لأغراض أخر من شراء دار أو وفاء غریم أو إطلاق من المکاتبة أو عتق مطلقاً أو شراء کتب أو آلات أو ظروف أو دواب أو مهر تزویج أو إنفاق علی من وجبت نفقته علیه فإن ذلک کله جائز سواء کان من سهم فقراء و من غیرهم کسهم سبیل الله و ابن السبیل فیما یزید علی النفقة من حمولة أو فراش فی الطریق و ظروف و آلات أو سهم العاملین فیما إذا کان عاملًا و نعنی بواجب النفقة أعم مما کان سبب کالزوجیة و المملوک أو للنسب کالوالدین و إن علیا و الولد و إن نزل أو بالتزام کالمنذور الاتفاق علیه أو المستأجر بنفقته و الدلیل علی تحریم الدفع الواجب النفقة من الزکاة فی نفقته الإجماع بقسمیه تحصیلًا و نقلًا و إن الزکاة و الإنفاق واجبان فلا یسقط أحدهما بالآخر و الأصل عدم التداخل و إن دافع الزکاة للنفقة کدافع الزکاة فی دینه و الزکاة لا تعود للمالک و للأخبار ففی الصحیح (خمسة لا یعطون من الزکاة شیئاً الأب و الأم

ص: 104

و الولد و المملوک و الزوجة) و ذلک لأنهم عیاله لازمون له و فی آخر قلت: فمن الذی یلزمنی من ذوی قرابتی حتی لا أحتسب الزکاة علیهم فقال: (أبوک و أمک) قلت: أبی و أمی قال: (الوالدان و الولد) و فی آخر (لا یعطی الجد و الجدة) و فی آخر (خمس لا یعطون من الزکاة الولد و الوالدان و المرأة و المملوک) لأنه یجبر علی النفقة علیهم و یلحق بهذه الخمسة غیرهم من المنذور له و المستأجر لمکان التعلیل و عدم القائل بالفوت و الدلیل علی جواز اخذ هؤلاء من غیر سهم الفقراء لغیر الانفاق اذا دخلوا تحتهم عموم الآیة و الروایة و فتوی الأصحاب و ما جاء من الأخبار فی الباب من جواز فک الأب من الزکاة و وفاء دینه و مفهوم التعلیل و کذا من سهم الفقراء إذا لم یکن فی النفقة بل کان وجود آخر من توسعة أو شراء أسباب تلیق بحاله المفهوم لعلّهُ من الروایات الدالة علی أن سبب المنع هو کونهم لازمین له أو کونه یجبر علی الإنفاق علیهم و کذا باقی الأدلة و دعوی أن التعلیل بلزوم النفقة لعلّهُ مانع من الدفع مطلقاً لشبهة بالمعنی و للخبر إن لی ولد رجالًا و نساءً أ فیجوز لی أن أعطیهم من الزکاة شیئاً فکتب (إن ذلک جائز لک) و جمله عند الدفع للتوسعة بعد عدم جواز الأخذ بظاهره أقرب المحامل.

فوائد:
الأولی: یجوز للعاجز من الإنفاق کلًا أو بعضاً دفع الزکاة منه و من غیره لواجب النفقة

لأنه مع العجز یسقط الوجوب الفعلی و یبقی دیناً فی نفقة الزوجة و یسقط أبداً فی غیرها و قد یحمل علی ذلک الخبر المتقدم.

الثانیة: لا یجوز الدفع فی الإنفاق للزکاة الواجبة و المندوبة علی الأظهر

لعموم الآیة و الاحتیاط و یحتمل جواز الدفع من المندوبة لانصراف النهی للمفروضة و یحتمل الفرق بین الزوجة فلا یجزی مطلقاً لأن نفقتها من قبیل المعاوضة و الدیون بین الأقارب و یجزی لأن الفرض کفایتهم.

الثالثة: یجوز لغیر من وجبت نفقته علیه أن یدفع لواجب النفقة علی آخر من مال الزکاة للتوسعة و للإنفاق

و إن کان من وجبت علیه مؤسراً بإذلالها لصدق الفقر

ص: 105

علی واجب النفقة قرینة کأهل الصنائع و الحرف و للصحیح سألته عن الرجل یکون أبوه أو عمه أو أخوه یکفیه مئونته أ یأخذ من الزکاة فیوسع به إذا کانوا لا یوسعون علیه و فی کلما یحتاج إلیه قال: (لا بأس) و منع العلامة (رحمه الله) ذلک لأن النفقة بمنزلة العقار الذی یستعین مالکه أو کفاه مئونته فلا یجوز الدفع إلیه و ضعفه ظاهر نعم لو فرق بین الدفع للتوسعة فلا یجوز لکان حسناً و لکنه قلیل الثمرة لأن الدفع للتوسعة فملک فیجوز للمدفوع إلیه صرفه فی الإنفاق حینئذ و قد یفرق بین نفقة الزوجة فلا یجوز لأنها کالعوض فتشبه العقار و الغلة إذا کان فیهما الکفایة لمالکها و بین غیرها فیجوز و هو بعید أیضاً أو یفرق بین ما إذا کان المنفق غنیاً فلا یجوز و بین ما إذا کان فقیراً فیجوز و له وجه لصدق الفقر علیه (ح) أو یفرق بین المملوک فلا یجوز و بین غیره فیجوز لعدم عوده إلی المالک و هو غیر بعید و الأحوط عدم الدفع إلیها للتوسعة من سهم الفقراء و کذا المملوک و أحوط منهما عدم الدفع للأقارب فی الإنفاق و أحوط من الکل عدم الدفع إلیهم من سهم الفقراء مطلقاً نعم لو کان المنفق معسراً لا مالًا له أو ممتنعاً جاز الدفع مطلقاً قولًا واحداً.

الرابعة: یجوز الدفع للزوجة و المتمتع بها للتوسعة و الإنفاق

لعدم وجوب نفقتها علی الزوج فیجوز الدفع إلیها و احتمال المنع لإطلاق اسم الزوجة فی الخبر یرده التعلیل الدال علی أن المدار لزوم الإنفاق و عدمه و الجبر علیه و عدمه.

الخامسة: لا یجوز الدفع إلی الناشز من الزوج و إن لم تجب نفقتها علیه

لتمکنها من التوبة و الرجوع فهی قادرة بالقوة و کذا المعقود علیها و لم یتمکن من نفسها إلا إذا کان الامتناع منها بحق.

السادسة: لا بأس بدفع زکاة الزوجة لزوجها

للعموم من غیر معارض سواء أنفق علیها منها أم لا و منع من ذلک بعضهم مطلقاً و بعضهم من الإنفاق علیها منها فقط و هما ضعیفان.

السابعة: الدفع للمملوک من غیر المالک للتوسعة أو للإنفاق إذا کان المالک معسراً یتوقف علی إذن سیده

فإذا إذن له جاز له قبضه و بعد قبضه یکون ملکاً لسیده

ص: 106

و مع یسار المولی و امتناعه من الإنفاق فالأولی أن لا یدفع له من سهم الفقراء بل من الأسهم الباقیة و مع إیساره و عدم امتناعه فلا یبعد عدم جواز الدفع إلیه من سهم الفقراء لأنه یقتضی تملیکاً للمولی من الزکاة و لیس هو من أهلها.

الثامنة: أن لا یکون المدفوع إلیه هاشمیاً من غیر هاشمی
اشارة

للإجماع بقسمیه و للأخبار المتکاثرة الدالة علی الأمرین فکما نطقت الأخبار و انعقد الإجماع علی تناولها بعضهم من بعض و ما ورد فی بعض الأخبار من جوازه لهم عدا النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و الأئمة (علیهم السلام) متروک أو مؤول بحال الضرورة لأنه عند الاضطرار یجوز لهم التناول منها قدر الضرورة و النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) لا یضطرون للخمس لتنزه مرتبة العصمة عن ذلک.

فوائد:
الأولی: لا تحرم الصدقة المندوبة علی بنی هاشم

لفتوی الأصحاب و أخبار الباب و منها (لو حرمت الصدقة علینا لم یحل لنا أن نخرج إلی مکة لأن ما بین مکة و المدینة صدقة) و منها أ تحل الصدقة لبنی هاشم قال: (إنما تلک الصدقة الواجبة علی الناس لا تحل لنا و أما غیر ذلک فلا بأس به) و لا تحرم أیضاً الصدقات الواجبة بنذر و شبهه من الکفارات أو مجهول المالک أو اللقطة أو الموصی بها علی الأظهر للأصل و ظاهر الفتوی و لقوله (علیه السلام) فی الخبر سألته عن الصدقة التی حرمت علیهم ما هی قال: (الزکاة المفروضة) و فی آخر سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الصدقة التی حرمت علی بنی هاشم ما هی فقال هی: (الزکاة) و الأحوط عدم اخذ الصدقة المندوبة لما ورد من النهی عنها علی الإطلاق و لما نقل عن العلامة (رحمه الله) فی کره من التحریم و نسبة روایة الجواز إلی العامة و کذا غیر المندوبة من الصدقات المفروضة غیر الزکاة لما قدمنا من الأخبار الحاکمة بالمنع مع ضعف المخصص لها.

الثانیة: لا تحرم الزکاة علی موالی بنی هاشم

و هم عتقاؤهم للإجماع المنقول

ص: 107

و ظاهر فتوی الأصحاب و أخبار الباب و ما ورد موالیهم منهم و لا تحل الصدقة من الغریب لموالیهم متروک أو محمول علی الممالیک و تحل لغیر بنی هاشم و لو کانوا بنی المطلب أخی هاشم للأصل و فتوی الأصحاب و اختصاص المنع ببنی هاشم فما نقل عن المفید (رحمه الله) من المنع للموثق (لو کان عدل لما احتاج هاشمی و لا مطلبی إلی الصدقة إن الله جعل لهم فی کفایة ما فیه سعتهم) و هو ضعیف سنداً و دلالة و احتمال إرادة النسبة إلی عبد المطلب بن هاشم فی قوله مطلبی لا بأس به لجواز حذف الجزء الأول من المرکب فی النسبة کالجزء الثانی کما قالوا منافی للمنسوب لعبد مناف.

الثالثة: لا خلاف فی جواز دفع الزکاة للهاشمی إذا اضطر إلیها

کاضطراره إلی لحم المیتة و لو اشتدت الحاجة إلیها دون ذلک و لم یکن فی الخمس کفایة له فی ملبسه و مأکله و حوائجه الضروریة فالظاهر جواز الدفع له منها لظواهر فتوی الأصحاب و الاجماعات المنقولة و قوله (علیه السلام) فی الموثق (لو کان عدل لما احتاج هاشمی أو مطلبی إلی صدقة) و لأن الاضطرار إلی حد الإشراف علی التلف لا یحتاج تجویزه لأخذ الزکاة إلی بیان لکونه من الضروریات فالمحتاج إلی البیان فی الأخبار و کلام الأصحاب هو اشتداد الحاجة و عدم الکفایة و الأحوط للهاشمی التجنب أیضاً للأخبار الناهیة عن تناول الهاشمی للزکاة أو عدم تیقن المخصص لها فی غیر صورة الاضطرار سوی الاجماعات المنقولة علی جواز الدفع إلیهم إذا لم یکن فی الخمس کفایة لهم و المتیقن منها صورة الاضطرار خاصة و الموثق و هو کذلک لأن آخره دال علی صورة الاضطرار أیضاً و فیه (إن الرجل إذا لم یجد شیئاً حلت له الهبة) و الصدقة لا تحل لأحد منهم إلا أن لا یجد شیئاً و یکون ممن تحل له المیتة و ظاهره تبعیة التحلیل لعدم وجدان شی ء و لعدم حلیة المیتة له و هی خاصة فی حالة الاضطرار و علی موجب ما ذکرناه من الاحتیاط فلا یأخذ من الزکاة لنفسه إذا احتاج و لم یبلغ به الاضطرار و لا یأخذ لینفق علی عیاله و إن کانت بهم حاجة شدیدة إلیها ما لم یبلغوا حد الاضطرار فإن بلغوا أخذ لهم و لا یأخذ لهم لینفق علیهم ثمّ أنه إذا جاز دفع الزکاة إلیهم للاضطرار أو لمکان الحاجة فهل یقدر له قدر أو دفع الاضطرار فی الأول و دفع الحاجة فی الثانی لأن

ص: 108

الضرورة تقدر بقدرها و لأن الاقتصار علی مورد الیقین فی دفع الشغل المتیقن بالزکاة یقضی به و لأن الجمهور علی ما یخرج بناء عن دلیل التحریم علی وجه القطع أیضاً یقضی به و لأن ظاهر التشبیه فی الموثق بلحم المیتة أنه یقدر قدره و لا یجوز التعدی أو أنه لا یتقدر بقدر فلا یقدر بقدر و لما جاء من الأمر بالإغناء فی الزکاة مثل (أعطه حتی تغنیه) و غیره و الأول أقوی لانصراف أوامر الإغناء لغیر مفروض المسألة و قدر الضرورة أهله أعرف به فتقدیره بقوت یوم و لیلة لا دلیل علیه.

الرابعة: قد یقوی القول بجواز دفع الزکاة علی جهة الاستئجار علی العمل بها و الجعالة لا علی أنها من سهم العاملین

و جواز دفعها علی جهة فک الرقاب کما لو کان السید عبداً مکاتباً أو تحت شدة إذا کان مملوکاً بشرط و نحوه و جواز دفعها له من سهم المؤلفة إذا کان مرتداً أو أرید الاستعانة به و جواز دفعها له من سهم سبیل الله تعالی إذا کان محتاجاً للکتب العلمیة و نحوها و أما جواز تصرفه فیما دفع إلیه فی سبیل الله تعالی من بناء قناطر أو مساجد أو أمور عامة فلا إشکال فیه و الأحوط تجنب سهم سبیل الله تعالی احتیاطاً شدیداً و دونه تجنب ما قبله فما قبله لعمومات النهی عن أخذ الزکاة لهم الشاملة لسهم سبیل الله تعالی و أما سهام الفقراء و العاملین و الغارمین و ابن السبیل فهی مورد النهی عن ذلک قطعاً.

الخامسة: لا یجوز الدفع لعبد الهاشمی الغنی إلا من سهم سبیل الله تعالی للتوسعة

بإذن مولاه علی الأظهر و لا یملکه العبد و لا المولی بل للعبد التصرف فیه ما دام محتاجاً ثمّ یعود لأهل الزکاة و یحتمل قویاً صیرورته من أموال المالک و کذا لو کان العبد مضطراً للإنفاق علیه أما لاضطرار مولاه أو لامتناعه فإنه یدفع إلیه من سهم سبیل الله تعالی بإذن مولاه و بغیر إذنه و لا یملکه العبد و لا المولی إذا کان غنیاً إذا أدی العبد بعد ذلک بل یرجع إلی الزکاة أو یبقی بید العبد یتصرف به کیف یشاء و الأحوط الأول و یحتمل جریان ملک المالک علیه ذلک لصیرورته بعد ذلک ملکاً لله تعالی فیعود للمالک حینئذ.

السادسة: یراد بالهاشمی بنی هاشم من انتسب إلیه بالأب

کما علیه المشهور

ص: 109

و المفهوم عرفاً و الظاهر إطلاقاً فتوی و نصاً و الاحتیاط یقضی بمنع من تقرب بالأم من الزکاة کما أن الفتوی تقضی بمنعه من الزکاة.

القول فی الإخراج و المتولی له و النیة و ما یتعلق بذلک:

فهنا مسائل:

الأولی: یجوز الإخراج من المالک بنفسه أو ولیه مع عدم قابلیته

أو امتناعه بنفسه أو وکیلها للإجماع المنقول و للأخبار الآمرة بدفع الزکاة الظاهرة فی إجزاء دفعها عن المالک و فی أن المالک هم المخاطب بإخراجها و أنه هو المباشر لذلک و لما ورد فی جواز التبرع بدفع الزکاة عن المالک فمباشرته بنفسه أو بوکیله بطریق أولی و لما ورد فی الصحیح عن رجل بعث إلی أخ له زکاته لیقسمها فضاعت قال: (لیس علی الرسول و لا علی المؤدی ضمان و نحوه غیره و السیرة المستمرة القاضیة بصحة الوکالة من الغیب و المملوک و الذین لا یباشرون الأموال أقوی شاهداً علی صحة الوکالة و الأحوط اتصاف الوکیل بالعدالة لأنه إیمان علی تفریغ ذمته و لا تبرأ یقیناً إلا به و یقبل قوله فی کیفیة الإخراج و الدفع من دون یمین و یجوز للمالک دفعها إلی الإمام (علیه السلام) أو عامله زمن الحضور بل یستحب سیما فی الأموال الظاهرة لفتوی الأصحاب و أخبار الباب الدالة علی إرسال العمال من النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و أمیر المؤمنین (علیه السلام) و توجیه المرسل لأهل الزکاة و أخذها منهم و هو من الأمور البدیهیة و یقوم مقام عامل الإمام الفقیه المأمون الجامع لشرائط الفتوی من غیر خلاف یظهر من الأصحاب و یستفاد أیضاً من استقراء مظان أبواب الفقیه کذلک یقوم مقام الإمام (علیه السلام) فی أغلب ما یعود إلیه من الأحکام و حکم جمع بالاستحباب ذلک کما یستحب دفعها للإمام (علیه السلام) و عللوه بأن الفقیه المأمون و هو الذی لا یتوصل إلی أخذ الحقوق بالحیلة الشرعیة أبصر بمواقعها و أخبر بمواضعها و بأنه أقرب للاحتیاط خروجاً عن شبهة من أوجب ذلک و أبعد عن الریاء من المالک و عن المیل الطبیعی و الهوی لبعض المستحقین دون بعض و لا بأس بذلک فی حکم السنین و ذهب بعض أصحابنا إلی

ص: 110

وجوب دفع الزکاة إلی الإمام أو نائبه أو الفقیر فی زمان الغیبة لقوله تعالی: [خُذْ مِنْ أَمْوٰالِهِمْ صَدَقَةً] سورة التوبة آیة (103) و لا یجب الأخذ إلا أن یجب الدفع و یسری خطابه للأئمة (علیهم السلام) و یجزی حکم الأئمة (علیهم السلام) للفقیه الجامع و قد یستند لوجوب الدفع للنبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و الأئمة (علیهم السلام) بما ورد من أمر النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و الأئمة (علیهم السلام) للعمال بأخذ الزکاة و توجیههم له فی الأطراف و الأمر بنقل المال إلیهم و الکل ضعیف لعدم استلزام وجوب الأخذ لوجوب الدفع بل الظاهر من وجوب الأخذ هو وجوبه حالة الامتناع و عدم الدفع فیکون ظاهراً فی کونه من الواجبات المشروطة و لأن وجوب الأخذ لو استلزم وجوب الدفع کان اللازم الوجوب التخییری بین الدفع بنفسه و بین الدفع إلی الإمام (علیه السلام) جمعاً بین الدلیلین و لأن وجوب الأخذ إنما یتحقق بتحقق المأخوذ فمعناه إنه مع وجوده و طلبه من الإمام یجب الأخذ و مع طلب الإمام (علیه السلام) نقول بوجوب الدفع إذا کان موجوداً لم یدفعه المالک قبل ذلک و هو لا ینافی جواز الدفع قبل طلبه منه (علیه السلام) و لأن إرسال العمال لا یقضی بوجوب الدفع إلیهم و لئن قضی بذلک فإنما یقضی بوجوبه مع طلبهم له و هو لا کلام فیه لأن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و الأئمة (علیهم السلام) مفترض الطاعة و تحرم معصیتهم فإذا طلبوا الزکاة وجب إجابتهم و لا یجوز الدفع حینئذ إلی غیرهم بل الظاهر أن المالک لو دفع إلی غیرهم کأن دفعه فاسداً لتعلق النهی به لأن وجوب طاعة النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و تحریم مخالفته یقضیان بتحریم الدفع إلی غیره و أوامر دفع الزکاة تقضی بالإیجاب فیجتمع الأمر و النهی فی موضوع واحد و النهی قاض بفساد المنهی عنه و قد یعلل بأن وجوب الدفع إلی النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) قاض بالفساد و هو مبنی علی اقتضاء الأمر بالشی ء النهی عن ضده الخاصة و بأن العبادة إذا لم یؤتَ بها علی وجهها لم تکن مجزیة و الدفع إلی غیره مع طلبه لیس مأتیّاً به علی وجهه فلا یکون مجزیاً و هو

ص: 111

راجع إلی ما تقدم هذا کله فیما لو کان الطالب لها النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و الأئمة (علیهم السلام) و عمالهم الخاصون و لو کان الطالب الفقیه الجامع للشرائط فلا دلیل علی وجوب إجابته لأن عموم نیابته حتی فی امتثال أوامره لا شاهد لها بل الشاهد علی خلافها لان وجوب الطاعة حق للنبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فی أوصیائه من حیث النبوة و الوصایة فلا تنتقل إلی غیرهم کما لا تنتقل حق الأبوة لغیر الأب و الأحوط الرجوع بها إلی المجتهد تغضیاً عن شبهة الخلاف سیما مع طلبها لها و الأحوط تطلب المأمون الذی لا یستعمل أخذ الحقوق مع غنائه عنها بالحیل الشرعیة لأن فی غیر المأمون نقص فی الهمة و انحطاط عما أهمله الشارع له و منافاة للمروءة و فی الدفع إلیه إضرار بالمستحقین و نقص للحکمة التی شرعت الزکاة لأجلها.

الثانیة: لا یجب البسط علی الأصناف السبعة و لا التوزیع علی أهلها

فیجوز دفعها لواحد من أهل صنف واحد للإجماع بقسمیه و لما ورد فی تقسیم الزکاة إنه قال: (لیس فی ذلک شی ء مؤقت) و فی الصحیح له قرابة کلهم یقولون بک و له زکاة أ یجوز أن یعطیهم جمیع زکاته قال: (نعم) و ما جاء فی جواز دفع الزکاة کلها فی العبد المسلم فی ضرورة یشتریه و یعتقه و ما جاء فی جواز احجاج المولی و الأقارب من مال الزکاة الظاهر فی صرفها فیه أجمع و غیر ذلک و ما حکم به بعض العامة من وجوب البسط لمکان اللام المفیدة للملک و الواو الدالة علی التشریک فی الآیة الشریفة لا وجه له لوجوب الانصراف عن الظاهر مما ذکرناه و لا بد فیها من العدول عن الظاهر و إلیه یرجع ما أجیب به من أن جعله جملة الصدقات للأصناف السبعة لا یقضی بجعل کل جزء من أجزائها کصدقة زید مثلًا موزعاً علی کل صنف منهم و من أن اللام للاختصاص لا للملک فلا تقضی بوجوب البسط و من أن الآیة لبیان المصرف لا للبسط و التوزیع و هذا کله تأویل یسوقنا إلیه الدلیل و لو أرید به بیان الظاهر کان خلاف الظاهر و تطرق إلیه الشک و التردید و المنع و التفکیک نعم یستحب البسط إذا لم یعارضه رجحان أو مرجح آخر لفتوی الفقهاء بذلک و یکفی فی المندوب ما هنالک و یستحب

ص: 112

تفضیل أهل الفضل لما ورد (أعطهم علی الهجرة فی الدین و الفقه) و فی الصحیح (یفضل الذی لا یسأل علی الذی یسأل) و یستحب تخصیص صدقة المواشی للمتجملین و غیرها لغیرهم کما جاء فی الخبر و یقبل قول المالک لو ادّعی الإخراج لما ورد من نهی الساعی عن مراجعة المالک إذا قال لا حق لک عندی و السیرة بل الإجماع القاضی بقبول قول مدعی التأدیة بعد تعلق التکلیف کما یقبل قول منکر الشغل لعدم المال أو لعدم حول الحول أو لعدم شرط من الشرائط أو لوجود مانع من الموانع.

الثالثة: لو دفع المالک الزکاة إلی الإمام (علیه السلام) أو المجتهد أو الساعی فتلفت بأیدیهم

لم یضمن لإیصالها إلی أهلها لأنهم أولیاء الأصناف و للإجماع المنقول بل المحصل و لفحوی الصحیح (إذا أخرجها من ماله فذهب و لم یسمها لأحد فقد برأ منها) هذا کله إن دفع المال إلیهم علی جهة الولایة و إن دفعه لهم علی جهة الوکالة عنه کانوا کسائر الوکلاء یجری علیهم ما یجری فی الدفع إلی الوکیل.

الرابعة: لیس علی الفقراء دعاء عند تناول الزکاة لرب المال و لا علی المجتهد

لعدم دلیل علی ذلک و سریان أحکام الإمام کلیاً لم یثبت و هل یجب علی الإمام الدعاء لرب المال تمسکاً بقوله تعالی: [وَ صَلِّ عَلَیْهِمْ] سورة التوبة آیة (103) و الأمر للوجوب أم لا یجب کما هو المشهور للأصل و عدم دلالة الآیة علی خصوص کون الصلاة لدفع الزکاة و لظهور الأمر فی الندب فی هذا المقام کما لا یخفی علی ذی الإفهام و تحقیق ذلک قلیل الثمرة لرجوع الکلام إلی تحقیق عمل الإمام و هو أعرف الأنام.

الخامسة: الزکاة من العبادات المؤقتة المحدود طرفاً وقتها أو المحدود أول وقتها

أو من ذوات الأسباب عند اجتماع الشرائط و ارتفاع الموانع و علی کل حال فلا یجوز تقدیمها قبل وقتها و قبل تمامیة سبب الوجوب لأصالة عدم الإجزاء و توقیفیة العبادة و لفتوی الأصحاب عند من شذ منهم و لأخبار الباب المعتبرة المعتضدة لفتوی المشهور و عمل الجمهور ففی الصحیح الرجل یکون عنده المال أ یزکیه إذا مضی نصف السنة قال: (لا حتی یحول الحول علیه و تحل علیه إنه لیس لأحد أن یصلی صلاة إلا لوقتها

ص: 113

و کذلک الزکاة فیها و لا یصومن أحد شهر رمضان إلا فی شهره إلا قضاء و کل فریضة إنما تؤدی إذا حلت) و فی آخر أ یزکی الرجل ماله إذا مضی ثلث السنة قال: (لا لا یصلی إلا قبل الزوال) و یدل علی ذلک جمیع ما جاء فی الشرائط من نفی الزکاة عند عدم الحول کقوله (صلّی الله علیه و آله و سلّم): (کلما لم یحل الحول علیه فلیس علیک فیه زکاة) و شبه ذلک و کذا ما جاء من ثبوتها عند حول الحول و حمله علی ما إذا لم یؤدها سابقاً فیکون التقدیم جائز و لا بد لنفیه من دلیل کما تخیله بعض المتأخرین ضعف فی غایة الضعف و قد جاء فی بعض الأخبار و نقل الإفتاء به عن بعض الأصحاب من جواز التعجیل بعنوان أنها زکاة ضعیف نادر لا یقاوم ما قدمنا لأن النقل لم یثبت من أهله و الأخبار و إن اشتملت علی الصحیح و غیره کقوله (علیه السلام) فی صحیحة حماد بن عثمان لا بأس بتعجیل الزکاة شهرین و تأخیرها شهرین و صحیحة معاویة بن عمار فی الزکاة قال: قلت: فانها لا تحل علیه إلا فی المحرم فیتعجلها فی شهر رمضان قال: (لا بأس) و الصحیح إلی أبی بصیر و فیه یزکی الذی مرت علیه سنة و یدع الآخر تمر علیه سنة قلت فإن اشتهی أن یزکی ذلک قال: (ما أحسن ذلک) و الصحیح عن الرجل یأتیه المحتاج فیعطیه من زکاته فی أول السنة فقال: (إن کان محتاجاً فلا بأس) و فی خبر أبی بصیر عن الرجل یعجل زکاته قبل المحل قال: (إذا مضت ستة أشهر فلا بأس) فهی لندرتها و شذوذها یجب طرحها أو حملها علی التقیة لفتوی أبی حنیفة و الشافعی و أحمد بذلک و أما حملها علی حالة خوف الفوات و عدم إمکان التأدیة فی الوقت کغسل الجمعة لخائف الإعواز فهو بعید عن فتوی الأصحاب و سیاق أخبار الباب کما إن حملها علی التجوز بإرادة القرض من الزکاة لعلاقة الأول یبعده تحدید جواز التقدیم فی الأخبار بشهرین أو أربعة أشهر أو السنة أو إذا مضت خمسة أشهر إلا أن یلغی المفهوم العددی منها لجریانه مجری الغالب من عدم إعطاء المال قبل ذلک لخرصهم علیه و یلغی ما کان محدوداً فیها فی السؤال لعدم وجوب ابتناء الجواب علیه فیکون محملًا قریباً.

السادسة: لا شک فی جواز القرض علی الزکاة قبل حلول الوقت

فإن حل وقتها

ص: 114

و بقی المدفوع إلیه علی صفة الاستحقاق احتسب علیه زکاة و إلا استعاده و تدل علی ذلک الأخبار و کلمات الأخیار بل فی الأخبار الحث علی ذلک و زیادة المثوبة و النهی عن رد المؤمن عن حاجته هذا إن بقی علی صفة الاستحقاق و إن اغتنی بنماء ذلک و غیره استعید منه و إن اغتنی بنفس القرض فالأقوی جواز الاحتساب علیه لصدق الفقر علیه عرفاً لمکان الدین و لعدم ثمرة فی أخذه ثمّ دفعه و منع بعضهم الاحتساب لمکان الغنی و هو ضعیف و لو قلنا بجواز دفع الزکاة المعجلة مضی الدفع مطلقاً و سواء استثنی بنفس العین المدفوعة أم بغیرها علی الأظهر لحصول الإجزاء و اشترط جماعة بقاء القابض علی صفة الاستحقاق لأن الدفع کما أنه مراعی فی جانب الدافع من تعلق خطاب الزکاة به بعد ذلک فکذلک فی جانب القابض و لما ورد فی صحیحة الأحول من أنه عجل زکاة ماله ثمّ أیسر المعطی قبل رأس السنة فإنه یعید المعطی الزکاة و الکل ضعیف لعدم الملازمة فی الأول و عدم الأمر بالإعادة من المعطی بل الإعادة من المعطی فلیحمل علی الاستحباب فی عام واحد مرتین.

السابعة: إن کانت الزکاة مؤقتة أو کانت من ذوات الأسباب

فالأظهر عدم جواز تأخیرها عن وقت الوجوب فی أمهات الأحوال و عن وقت وجوب الإخراج فی الغلات کزمان التصفیة و شبهه فیجب البدار هنا فوراً بحسب الإمکان و علی التوقیت یکون قضاء و علی الفور یکون أداء و الذی یدل علی ذلک ظاهر الإجماع المنقول و یکون صاحب المال مطالباً بشاهد الحال فیکون کالأمین الشرعی أو المالکی عند مطالبة المالک و یکون الفرض من الزکاة سد الخلة و دفع الحاجة و التأخیر یقتضی الغرض المراد منها و کون الأمر من الله تعالی للفور مطلقاً أو بخصوص المقام بقرینة الاحتیاج و الفقر و إرادة الإرفاق منه تعالی بالفقراء و صحیح سعد بن سعد عن الرجل تحل علیه الزکاة فی السنة ثلاث أوقات أ یؤخرها و الظاهر أنه یرید بیان عدم جواز التأخیر عن زمن حلها بقرینة السیاق لا بیان مبدأ الوجوب زمن الحلول لأنه أمر بدیهی و الآخر عنه (علیه السلام): (و لیس لک أن تؤخرها بعد محلها) و ضعفه مجبور بفتوی المشهور و عمل الجمهور و کما یعصی صاحب المال بالتأخیر کذلک یعصی الوصی

ص: 115

و الوکیل به.

الثامنة: العاصی بالتأخیر لا تسقط عنه

بل یجب علیه التأدیة فی کل آن ما دام متمکناً نعم یتعلق به الضمان عند تلف الزکاة بتفریط أو بغیر تفریط لأن التأخیر تفریط بمال الفقراء و لقوله (علیه السلام) فی رجل بعث إلیه أخ له زکاته لیقسمها فضاعت فقال: (لیس علی الرسول و لا علی المؤدی ضمان) قلت: فإن لم یجد لها أهلًا ففسدت و تغیرت أ یضمنها قال: (لا و لکن إن عرف لها أهلًا فعطبت و فسدت فهو لها ضامن) و فی آخر رجل بعث بزکاة ماله لتقسم فضاعت هل علیه ضمان حتی تقسم فقال: (إذا وجد لها موضعاً فلم یدفعها فهو لها ضامن حتی یدفعها (إلی أن قال: (و کذلک من وجه إلیه زکاة مال لیعرفه و وجد لها موضعاً فلم یفعل ثمّ هلک کان ضامناً) و علی القول بجواز التأخیر فهل یکون ضامناً بالتأخیر لظاهر الأخبار و فتاوی الأصحاب أم لا یکون ضامناً للإذن به و ما فیه إذن و رخصة لا یستعقبه ضمان وجهان أقواهما الأول لمنع الملازمة بین الرخصة و عدم الضمان کما لا ملازمة بین الضمان و المنع من التأخیر کی یستدل بثبوت الأول علی الثانی کما تخیله بعضهم.

التاسعة: یزید بالفوریة فی الزکاة الفوریة العادیة

فلا ینافیها التأخیر فی الجملة للتفرقة أو لإرادة التعمیم و انتظار اللیل لأن فیه ستراً علی الفقراء أو قضاء بعض الأمور المهمة ثمّ العود إلیهما و بالجملة فمؤیداً بذلک أن لا یصدق علیه فی العرف أنه مؤخر أو مهمل بل یقال أنه مؤد أو مشغول بالتأدیة کما ینتظر الفقیر عند الإرسال إلیه أو ینتظر قیام الجالس إذا أراد الإیصال إلیه و عدم المضایقة الحقیقیة للسیرة القطعیة و دلیل نفی العسر و الحرج و سهولة الشریعة السمحة و حصول الضرر غالباً بالفوریة الحقیقیة.

العاشرة: إذا لم یتمکن من المستحق لعدم وجوده أو لعدم إمکان الإیصال إلیه أو الوصول إلیه

سقط عنه الضمان بالتأخیر و الظاهر إن المراد من عدم وجود المستحق هو عدم وجود مصرف لها و لو من باقی الأصناف السبعة لاتحاد الأصناف فی

ص: 116

الاستحقاق کما إن الظاهر إن الضمان یسقط مع إمکان العزل و عدمه و مع إیقاع العزل مع إمکانه و عدمه لإطلاق الأخبار و فتاوی الأصحاب و قد یقوی القول بالضمان مع عدم العزل لأن بقاؤها فی ماله من دون إفراز لها خیانة و تفریط و المفروض إن ولایة العزل بیده و إظهار من بین أمواله مقدور علیه فترکه غیر معذور به.

الإحدی عشر: یتحقق الوجوب الفوری عند هلال الثانی عشر

سواء قلنا إن الوجوب مستقر أو متزلزل علی الأظهر و حکم الشهید (رحمه الله) بأنه علی القول بالتزلزل یجوز التأخیر و ظاهره أنه لا کلام فیه و هو مشکل مخالف لظاهر فتوی الفقهاء.

الثانیة عشر: جوز ابن إدریس تأخیر دفع الزکاة مطلقاً

لإطلاق الأمر للطبیعة و نقل الإجماع علی ذلک و قد یستند له بالأخبار المحددة للتأخیر شهرین أو ثلاثة أو أربعة أو أکثر بتنزیلها علی المثال و الکل ضعیف لتخصیص الإطلاق بما ذکرناه و توهین الإجماع بفتوی المشهور بخلافه و بتعلیله الإجماع بأنه لا خلاف بینهم فی إن الإنسان یخص بزکاته فقیراً دون فقیر و لا یکون مخلًا بواجب و لا فاعله القبیح و بحمل الأخبار علی التقیة أو طرحها علی حالة الاضطرار لعدم مقاومتها لما قدمناه من الأدلة و جواز الشیخ (رحمه الله) تأخیرها إلی شهر و شهرین و مع عزلها للصحیح (لا بأس بتعجیل الزکاة و تأخیرها شهرین) و إطلاقه و إن اقتضی جواز التأخیر إلی الشهرین مطلقاً لکن مقید بصورة العزل للموثق زکاتی تحل فی شهر أ یصلح لی أن أحبس منها شیئاً مخافة أن یخشی من یسألنی فقال: (إذا حال الحول فأخرجها عن مالک و لا تخلطها بشی ء ثمّ أعطها کیف شئت) قال: قلت: فإن أنا کتبتها و أثبتها أ یستقیم لی قال: (نعم لا یضرک) و صورة العزل فی هذا الخبر و إن کان مطلقاً لکنه مقید بمدة شهرین للصحیح المتقدم فیکون کل من الخبرین مقیداً للآخر و هما معاً مقیدان لما جاء من التعجیل و المنع من التأخیر و لا یخفی ضعف هذا لأن العام و الخاص من وجه لا یقید کل منهما الآخر للزوم اطراحها معاً بغیر دلیل من عرف و شبهة لان مجموع الروایتین معاً لا یقاومان ما قدمنا من دلیل المنع کی یحکم علیه فی مورد اجتماعهما فی صورة العزل و مدة الشهرین علی أن الأول قد اشتمل علی التعجیل و لا یقول به الشیخ و الثانی علی کفایة الإثبات

ص: 117

و الکتابة عن العزل و لا یقول به أیضاً و جوز الشهید (رحمه الله) تأخیرها لانتظار الأفضل و الأحوج أو للتعمیم أو لمعتاد الطلب منه و قید ذلک فی بعض الکتب بما لا یؤدی إلی الإهمال فإن أراد بذلک الفوریة العرفیة کان حسناً و إلا کما هو الظاهر فلا دلیل علی ما ذکرنا سوی روایة العزل و هی خاصة بمن خاف الطلب و متضمنة لاشتراط التأخیر بشهرین أو ثلاثة کما تقدم کصحیحة معاویة بن عمار الرجل تحل علیه الزکاة فی شهر رمضان فیؤخرها للمحرم قال: (لا بأس) أو ثلاثة للبسط کصحیح ابن سنان فی الرجل یخرج زکاته فیقسم بعضها و یبقی بعض یلتمس به المواضع فیکون بین أوله و آخره ثلاثة أشهر قال: (لا بأس) و لا تصلح أیضاً لعدم تقیدها بما ذکره سوی صحیح ابن سنان و التقید فیه بالسؤال فلا یصلح لتقید الأخبار الأخر و لتجدیدها بالمدة الخاصة فی السؤال فی جملة منها و فی کلام الإمام فی جملة أخری و هو لا یقول بالجواز مطلقاً و لم یثبت فلم یفت لما فیه من الخروج عن الظاهر و مخالفة الاحتیاط و جوز الشهید الثانی و تبعه سبطه و غیره التأخیر شهراً أو شهرین مطلقاً استناداً للروایة المتقدمة و لا یخفی ضعفه لمعارضتها بجمیع الروایات المتقدمة و الاحتیاط فلا تصلح لأن ترجح علیها.

الثالثة عشر: یجوز دفع الزکاة فی غیر بلدها لو اتفقت فیه عینها او مثلها او قیمتها

من غیر خلاف یعتد به و ان کان الافضل الدفع فی غیر بلد المال لروایة فعل النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و لا یجوز تعلقها مع عزلها أو تشخیصها للزکاتیة أو مع اشتراکها فی ماله من بلد إلی آخر بما یسمی نقلًا عرفاً و بما یسمی بلد آخر أو محلة أخری کالبلد العظیمة مع وجود المستحق فی البلد و إمکان صرفها فیه للإجماع المنقول و فتوی المشهور نقلًا و لما فیه من التصرف بالأمانة و التقریر بها و هو منهی عنه و لما فیه من المنافیات للفوریة الواجبة و کون النقل مشروعاً فی الإخراج فلا ینافی الفوریة لا وجه له عرفاً و شرعاً و للاحتیاط و لملازمة الضمان للإثم و الضمان لا کلام فیه و کذا الإثم و فیه نظر و حکم جمع من أصحابنا بالجواز مع الضمان تمسکاً بالعمومات و أصالة البراءة من التحریم و بالأخبار ففی الحسن فی الرجل یعطی الزکاة لیقسمها له أن یخرج الشی ء منها من البلد التی هو فیها إلی غیرها قال: (لا بأس) و فی آخر فی الزکاة یبعث بها

ص: 118

الرجل إلی بلد غیره فقال: (لا بأس أن یبعث بالثلث أو الربع) و الثلث من الراوی إلی غیره ذلک و هو قوی لو لا إن هذه الأخبار أکثرها ضعیف السند و مخالف للاحتیاط و مخالف للمشهور نقلًا بل تحصیلًا فالأول أقوی و إن ضعفت بعض تعلیلاته و لو لم یوجد المستحق و لم یکن صرفها فی مصارفها و کان الطریق أجاز آمن نقلها من بلده إلی بلد أخری و من بلد فیها المال إلی بلده متحریاً الأقرب فالأقرب و لا ضمان علیه للصحیح رجل بعث بزکاة ماله لتقسم فضاعت هل علیه ضمانها حتی تقسم قال: (إذا وجد لها موضعاً فلم یدفعها إلیه فبعث بها إلی أهلها فلیس علیه ضمان لأنها قد خرجت من یده و کذلک الوصی الذی یوصی إلیه یکون ضامناً لما دفع إلیه إذا وجد بربه الذی یدفعه إلیه و إن لم یجد فلیس علیه ضمان) إلی غیر ذلک من الأخبار.

الرابعة عشر: للمالک ولایة عزل الزکاة

و المفهوم منها فتوی و روایة تعین مال خاص زکاة ماله کلًا أو بعضاً و الظاهر عدم التفاوت بین کون المال من النصاب نفسه أو من غیره بالقیمة و عدم التفاوت بین إذن الساعی له و عدمه و ذلک لأن للمالک ولایة الاخراج بنفسه فلولایة التعیین و لأنه أمین علی حفظها فیکون أمیناً علی تعیینها و لأنه ولی علی دفع القیمة و تملک العین فیکون ولیاً علی أفرادها و لأن له تشخیصها من النصاب المشترک فیکون ولیاً علی قسمتها و أفرادها و لأن عدم الولایة علی القسمة و الإفراز ضرر علی الملاک عند التصرف فی أموالهم فیکونون أولیاء لدفع الضرر و الضرار و لموثق یونس عمن حلت علیه الزکاة قال: (إذا حال الحول فأخرجها من مالک و لا تخلطها بشی ء و أعطها کیف شئت و لحسنة عبید بن زرارة عن أبی عبد الله (علیه السلام) (إذا أخرجها من ماله فذهبت و لم یسمها لأحد فقد برأ منها) و لروایة أبی بصیر (إذا أخرج الرجل الزکاة من ماله ثمّ سماها لقوم فضاعت أو أرسل بها إلیهم فضاعت فلا شی ء علیه) لما ورد عن أبی جعفر (علیه السلام) قال: سألته عن الزکاة تجب علی فی موضع لا یمکننی أن أؤدیها قال: (اعزلها فإن اتجرت بها فأنت ضامن لها و لها الربح) ثمّ قال: (و إن لم تعزلها و اتجرت بها فی جملة مالک فلها بقسطها من الربح) و لا وضیعة علیها أو إطلاق هذه الأخبار شامل لوجود المستحق و عدمه و تخصیص ولایة

ص: 119

العزل فی صورة عدم وجود المستحق مع إطلاق الأخبار لا داعی له و ورود ذلک فی السؤال فی الخبر الآخر لا یخصص غیره لأن السؤال لا یخصص الجواب و مقتضاها إن القول یصیرها مالًا للفقراء و یکون أمانة بیده یضمنها بالتفریط أو التعدی بتأخیر إخراجها مع وجود المستحق و یکون نماؤها للفقراء و لا یجوز التصرف بها و لا تبدیلها و لا الإخراج بالقیمة لأن المتیقن من جوازها هو ما کان قبل العزل نعم قد یقال له الاستقالة من الساعی لقوله (علیه السلام): (فإن أقالک فأقله) بعد الأمر بصدع المال و قسمته و لو غصبها غاصب من دون تعد و تفریط لم یضمن المالک لو طالب الظالم بالزکاة و أراد غصب حصة الفقراء دون حصة المالک کان له عزلها و دفعها له دفعاً لضرر شرکه و یجوز للمالک التصرف بماله بعد العزل کیف یشاء لخلوه عن الشرکة و لا یجوز للساعی اتباعه بعینه نعم لو فرط فی المعزول تعلقت الزکاة بذمته فیؤخذ منه مقاصة و لا تزول ولایة المالک بعد العزل فلا یجوز للفقیر أن یأخذها من دون إذنه بل و لا للمجتهد علی الأظهر و لا بد من البینة عند عزلها بأنها زکاة و أنه متقرب بها فلا یکفی مجرد إقراره بأنه للفقراء من دون نیة القربة بل یبقی المال علی ملک مالکه اقتصاراً علی مورد الیقین و احتمال إن العزل لا یصیرها ملک الفقراء و لا یخرجها عن ملک المالک و تکون فائدته رفع الإثم بالتصرف بماله و عدم ضمانها لو أخر الدفع لغرض علی فتوی الشیخ (رحمه الله) و تعیین حصة من ماله لأن تدفع زکاة دون غیرها فلا یجوز التصرف بها و یکون نماؤها للمالک بعید عن الفتوی و الروایة و یجب عند ظهور أمارات الموت الوصیة بالزکاة مع العزل و بدونه لتوقف الواجب علیه بل لا یبعد وجوب العزل و مع عدم ظهور ذلک یستحب له ذلک من غیر کلام و هل یجری العزل فی الأمور العامة من خمس و نذر أو لا یجری الأوجه أنه لا یجری وقوفاً عند مورد الدلیل و هل یشخص المصرف إذا نوی عند القول أنه لأحد الأصناف أم لا الظاهر العدم.

الخامسة عشر: میراث العبد المشتری من الزکاة من کان سهم من سهامها للأرباب الزکاة من أی صنف من أصنافها

کما دل علیه الصحیح و قضی به الأصل

ص: 120

و أفتی به المشهور و نقل علیه الإجماع و قضی به الأحوط إعطاؤه للفقراء للموثق الدال علی ذلک و لأنهم الأصل فی أربابها و لأن الدفع إلیهم مجزی علی تقدیر کون الوارث أرباب الزکاة مطلق و علی تقدیر کون الوارث الفقراء فحسب و علی تقدیر کون الوارث الإمام (علیه السلام) کما تخیله بعض الأعلام لأنه سائبة لا یملکه أحد و لا أرباب الزکاة لأنه أحد مصادقها و لضعف الموثق المتقدم لاشتماله علی علی بن فضال و هو فطحی و ابن بکیر و فیه ضعف و هما ضعیفان أما الأول فلما قدمنا من أن الأصل الزکاة تعود للفقراء فکان لهم و أما الثانی فلقوله بفتوی الأصحاب و بالصحیح المتضمن بأن میراثه لأهل الزکاة و لا ینصرف عرفاً إلا للفقراء و ظاهر النص و الفتوی یقضی بعدم الفرق بین أن یشتری العبد من سهم الرقاب أو یشتری من سهم سبیل الله أو یشتری من أصل الزکاة فإن میراثه للفقراء المستحقین لأنه الأصل فی الاستحقاق خلافاً لما یظهر من الشهید (رحمه الله) من الفرق بین أن یشتری من سهم الرقاب فللإمام و بین ما یشتری لعدم وجود المستحق فللفقراء و کذا ما یظهر من بعض المحدثین من الفرق بین ما یشتری من سهم الرقاب أو سهم سبیل الله فللإمام و بینما ما یشتری من أصل الزکاة فلأربابها و بین ما یشتری من سهم الفقراء فللفقراء و المائز بین هذه تکون بالبینة و حمل الروایة الحاکمة علی أن میراثه للفقراء علی صورة ما إذا کان المال قد نواه صاحبه أنه بسهمهم (علیهم السلام) أ یشتری به عبداً و الروایة الحاکمة علی أن میراثه لأرباب الزکاة فیما نواه أنه من جمیع السهام و ناقش فیما یدل علی دخول شراء هذا العبد فی سهم الرقاب لعدم دلیل علی ذلک لظهور الروایتین فی أنه من سهم الفقراء کالحاکمة بأن میراثه لهم و من جمیع أرباب الزکاة کالأخری الحاکمة بذلک أیضاً ثمّ أشکل علیه الحال فی الأخری فهل یجب التوزیع علی الأصناف فی میراثه لقاعدة الإرث أم لا یجب کأصل المال المشتری به و جمیع کلامه لا یخلو من ضعف کما تری.

السادسة عشر: الذی یقوی بنظر الفقاهة و الفقهاء و أفتی به المشهور و جرت علیه السیرة و نقل علیه الإجماع أنه لا یجب علی الدافع فی الزکاة قدراً خاصاً من المال

ص: 121

بل یجزی القلیل و الکثیر ما لم یکن غیر مشمول کحبة حنطة مثلًا فإن الأظهر عدم إجرائها و سواء فی ذلک کون الموضوع إلیه فقیراً أو غیر فقیر من الأصناف الأخر و تدل علی الحکم المذکور و عمومات الأدلة و خصوصاتها کالصحیح کتب إلی الصادق (علیه السلام) هل یجوز لی یا سیدی أن أعطی الرجل من آخر فی الزکاة الدرهمین و الثلاث فقد اشتبه ذلک علی فکتب (جائز) و فی آخر مکاتبة أعطی الرجل من إخوانی من الزکاة الدرهمین و الثلاث فکتب (افعل) و الخبرین المعتبرین الدالین علی أن التقدیر فی الدفع موکول إلی الإمام (علیه السلام) إلی غیر ذلک خلافاً لمن أوجب التقدیر و استدل بالاحتیاط و بالقطع بالبراءة مع التقدیر و بإجماع الطائفة نقله المرتضی (رحمه الله) و بالصحیح و فیه (و لا تعطِ أحد أقل من خمسة دراهم فصاعداً) و بالموثق قال: (لا یجوز أن یدفع الزکاة أقل من خمسة دراهم فإنها أقل من الزکاة و الکل لا یقاوم ما قدمناه و إن وافقت أخبارنا فتوی العامة و خالفتها أخبار التقدیر لزیادة المرجحات فی أخبارنا القاضیة بطرح ما قابلها أو حمله علی الاستحباب کما أفتی به مشهور الأصحاب و وافق الاعتبار فالقول بالاستحباب متعین و علیه فهل یقدر المدفوع بخمسة دراهم أو عشرة قراریط عبارة عن نصف دینار فما فوق ذلک کما ذهب إلیه الأکثر أو بدرهم واحد أو قیراطین عبارة عن عشرة دینار فما فوق کما نسب لابن الجنید و سلار أو نصف دینار فقط مطلقاً کما نسب لابن بابویه أو نصف دینار فقط فی الذهب فقط کما نسب إلیه أیضاً أو خمسة دراهم فقط کما فی عبارة المفید (رحمه الله) أقوال أقواها الأول للروایات و الإجماع و فتوی المشهور و ما بعده خال عن مستند سوی روایة مرسلة أرسلها المرتضی (رحمه الله) دلیلًا علی القول الثانی و الإجماع الذی نقله أیضاً و هما معاً موهنان بالإجماع المنقول علی خلافهما المعتضد بفتوی المشهور و الأخبار المسندة الصحیحة المعمول علیها و مع ذلک فالأخبار إنما اشتملت علی الخمسة دراهم بعد نصف الدینار و لکن الإجماع المنقول شامل للأمرین معاً و یؤیده تقاربهما و فتوی الأصحاب به فإلحاق نصف الدینار بها هو الظاهر ثمّ أنه المتیقن من هذا التحدید هو ما

ص: 122

إذا کان المدفوع من الدراهم عن نصاب الدراهم و من الذهب عن نصاب الذهب فتبقی الصور الأخری لا دلیل علیها کما إذا کان المدفوع دراهم من غیر دراهم بحسب القیمة و لو عن دنانیر أو دنانیر بحسب القیمة عن غیر دنانیر و لو عن دراهم أو دنانیر بحسب القیمة أو کان المدفوع غیر دراهم و غیر دنانیر عن غیر دراهم و دنانیر کالمدفوع فی زکاة الأنعام و الغلات و غایة ما یمکن إدراجه فیما قدمنا هی الصورة الأولی فینتفی حینئذ للدافع أن لا ینقص عن خمسة دراهم أو نصف دینار إذا کان المدفوع منهما و تبقی الصور الأخری دائرة بین سقوط الحکم الإیجابی أو الاستحبابی عنها مطلقاً لعدم کونها مورداً للنص و بین إجراء الحکم علیها بالقیمة بمعنی أنه لا یجب أن تنقص قیمة المدفوع عما یجب فی أولی النصاب و بین أن لا ینقص کل مدفوع عن أول ما یجب فی أول نصابه فلا ینقص مزکی الغنم عن دفع واحدة فلا یشرک فیها اثنین و لا ینقص مزکی البقر عن دفع تبیع و لا ینقص مزکی الإبل عن دفع شاة و لا ینقص مزکی الغلات عما یجب فی أول ما یکمل به النصاب وجوه أقواها الوسط لظهور إرادة القیمة من الأخبار و کلام الأصحاب ثمّ أن هذا التقدیر فیما یمکن فیه ذلک التقدیر و أما لا یمکن فیه کمن دفع زکاة النصاب الأولی من الفضة ثمّ بقی علیه زکاة النصاب الثانی أو کمن أوجبت علیه شاة لا تبلغ قیمتها ذلک أو کمن دفع أول القدر المتقدم ثمّ تبین أن علیه أشیاء أخر لا یمکن دفعا للأول فإنه یجزی القلیل و الکثیر.

السابعة عشر: یجوز أن یتملک ما دفعه من الزکاة من المدفوع إلیه

بأی نحو کان من أنواع التملیک للأصول و القواعد و عموم الأخبار و خصوصها إلا ما اشترط ذلک حین الدفع کأن یدفع إلیه بشرط عوده إلیه فإنه یجوز الدفع علی ذلک النحو و مع المواطأة معه و إن لم یکن علی وجه الشرطیة إشکال سیما لو کانت المواطأة علی إرجاعه مجاناً نعم یکره أن یتملک ما دفعه بسبب اختیاری کبیع وهبة و شبههما من دون مرجح لذلک کأن یکون الفرض جزءاً من حیوان لا یتمکن الفقیر من الانتفاع به لفتوی الفقهاء بذلک و کفی ذلک فی السنن و عللوه أیضاً بأنه طهارة للمال فیکون له شراء طهوره و لأنه ربما استحی الفقیر فیترک المماکسة معه و یکون ذلک وسیلة إلی

ص: 123

استرجاع بعضها و بأنه ربما طمع الفقیر فی غیرها فیه فأسقط بعض ثمنها و غیر ذلک و ظاهر ذلک کراهة التملک من الفقیر فی أول مرتبة دون باقی المراتب المتصاعدة و لا یبعد عدم ذلک و لو کان التملک بسبب قهری کمیراث و شبهه لم یکن التملک بمعنی الاستدانة علیه.

الثامنة عشر: یجوز الدفع لوکیل الفقیر أو الغارم و شبهها و یقوم مقام الموکل

لإطلاق أدلة الوکالة و لأنه عمل لا یشترط مباشرته فتصح الوکالة فیه و للسیرة القاضیة بذلک خلافاً لابن إدریس حیث منع ذلک اقتصاراً علی مورد الیقین من فراغ الذمة و استناداً إلی أن الوکالة لا تصح إلا فیما یستحق الموکل المطالبة به و الزکاة لا یستحقها واحد معین و لا یملکها إلا بعد القبض و الکل ضعیف.

التاسعة عشر: لو دفع المالک للإمام (علیه السلام) أو نائبه العام أو الخاص علی سبیل الولایة عن المستحق لا علی سبیل الوکالة عنه

وجبت علیه النیة عند الدفع إلیهما لمکان ولایتهما عن المستحق و لا یجب علی الإمام (علیه السلام) أو نائبه نیة وصول الحق إلی أهله و لو لم ینو عند دفعه للمستحق أشکل قبض نائب الإمام (علیه السلام) ذلک منه لبقاء المال کلًا أو بعضاً علی ملک مالکه نعم له أن ینوی بعد الدفع ما دامت العین باقیة و لو دفع المالک للوکیل الخاص و کان المدار علی نیة الوکیل عند الدفع إلی المستحق و لا مدار علی نیته عند دفعه للوکیل و إن نوی عند دفع الوکیل للمستحق کانت نیة المالک غیر نیة الوکیل و لو کان الدفع إلی الوکیل عزلًا للزکاة جری علیه ما یجری علی القول فإن قلنا إن مصاحبة النیة للعزل کافیة کفت هنا و إلا فلا و إلا ظهر الاکتفاء بالنیة حین العزل و لا یحتاج إلی نیة أخری و الأحوط اتباع النیة حین الدفع إلی النیة المقارنة للعزل و لو قهر المالک علی دفع الزکاة الحاکم أو عدول المسلمین تولیا النیة عند الدفع للمستحق لقیامها مقام المالک و لهما أن ینویا حین القبض إذا قبض عن الفقراء.

العشرون: تجب النیة فی دفع الزکاة

و هی قصد الفعل علی وجه أنه لله تعالی و لا بد من تعیین المنوی إذا کان مشترکاً کمن علیه زکاة فطرة و زکاة مال أو خمس

ص: 124

و زکاة و ما لم یکن مشترکاً کان لم یکن علیه سوی زکاة فدفع ما علیه من الحق أجزأ علی الأظهر و الأحوط تعیینه بالنسبة و ما لم یکن مشترکاً و لکنه مجهول لا طریق إلی قبضه کمن کان علیه خمس و زکاة و دفع أحدهما معیناً فنساه و اشتبه الباقی جاز أن ینوی ما علیه واقعاً و لا یجب علیه إعادتهما معاً و لا استخراج الباقی بالقرعة و ما أخرج زکاة المال فالأظهر أنها لا توجب التعیین و لا تقضی بتعدد ماهیات المأمور به بل یکفی فیها نیة الزکاة المطلقة فلو کانت علیه شاة لخمس من الإبل و شاة لأربعین شاة کفی دفع شاتین أو علیه زکاة متعددة کفی الدفع عن مجموعها بالقیمة و لو دفع شاة واحدة عما علیه أو بعضاً من قیمة ما علیه فتلف أحد النصابین من دون تفریط لعدم المستحق و شبهه فهل یتخیر المالک فی صرفها إلی ما شاء منها أو یوزع وجهان فعلی الأول فإن صرفه إلی الباقی برئت ذمته و إن صرفه إلی التالف وجب علیه أن یؤدی زکاة التالف و علی الثانی فیسقط عله نصف شاة و احتمال القرعة بعید و لو عین المدفوع من نصاب خاص ابتداء تعین علیه بحکم التعیین ما لو کانت الفریضة من جنس النصاب فإن الظاهر انصرافه إلی ذلک دون مشارک آخر له فی القیمة و لو دفع عن مال فتبین تلفه قبل ذلک أو استعیدت من المدفوع إلیه مع علمه و أجاز احتسابها علیه من زکاة مال آخر أو حق آخر و مع عدم علمه استعیدت مع بقاء العین دون ما إذا تلفت فإنه لا ضمان علی التالف فلا یجوز استعادة المال منه و لا احتسابه علیه من حق آخر و من کان علیه حق فاشتبه علیه فإن أمکنه التخلص بأن ینوی ما علیه و یدفع لمن ینوی بالدفع إلیه وجب علیه ذلک کما إذا دار بین زکاة أو خمس أو نذر لهاشمی و برئت ذمته و إن لم یکن الدفع لمن تبرأ ذمته بالدفع إلیه کرر حتی یتیقن الفراغ إن کان مشتبهاً بمحصور و إن کان مشتبهاً بغیر محصور صار کالمجهول المالک یتصدق به و یحتمل فی المحصور القرعة و التوزیع بالنسبة و عوده کالمجهول المالک و لکن الأقوی الأول و لو شک فیما وجب دفعه من الزکاة أنه شاة أو بعیر أو أحد النقدین أو من الغلات فی مقام لا یجوز دفع القیمة کل نذر إن یدفع کل عین بعینه احتمل انفساخ النذر و إجراء القیمة و احتمل وجوب التکریر و احتمل التوزیع علی النسبة و احتمل التخییر و احتمل القرعة و أقواها

ص: 125

الأول و أحوطها الثانی و من ردد فی نیته بین نوعین واجبین أو واجب و ندب کأن قال هذا خمس أو زکاة أو زکاة أو صدقة بطل عمله و إن نوی التقرب بما علیه ورد فی المنوی لا فی النیة کأن قال دفعت ما علی قربة إلی الله تعالی فإن کنت مطلوباً بزکاة فهی زکاة و إن کنت مطلوباً بالخمس فهو خمس و إن کان مال سالما فهی زکاته و ان کان مالی تالفا فهی صدقة صح عمله و لا یجوز له الرجوع بما دفع لو تبین تلف المال علی الأظهر و لو کان المستحق جهات جاز أن یعطی من جمیع جهاته و الفارق بینها النیة و لو دفع إلی فضولی عن الفقیر فأجاز الفقیر فالأحوط إعادة النیة عند وصولها إلی الفقیر لعدم مقارنة النیة عند الدفع للمستحق و کذا لو دفع فی مکان أو کف مغصوبین فإن الأحوط إعادة النیة بعد الدفع و الوصول إلی محله ونیة القربة مشخصة لمال الفقراء عن ماله و لا یکفی فی التشخیص مجرد أنه مال الفقراء و قسمته و لو صالح المالک الحاکم علی مال مشتبه بقدر معین أو شی ء معین فالأحوط أیضاً مقارنة النیة لدفع المال المصالح علیه سواء دفعه للحاکم أو للمستحق و لو دفع مالًا مشترکاً بطل دفعه و جدد النیة بعد القبض و الأحوط بعد القسمة.

القول فی زکاة الفطرة:

اشارة

و هی الخلقة فتکون زکاة البدن و تشعر بذلک الروایة عنه (علیه السلام) و قوله فیها (و لا تدع منهم أحداً فإنک إن ترکت منهم إنسانا تخوفت علیه الفوت) أو من الهرم لما ورد من أن تمام الصوم اعطاء الزکاة فتکون من تمام اباحة الفطر و اکمال الصوم و لو لم یلاحظ فیها الفطر لکانت زکاة الصوم أو الدین و الإسلام فهی من متماته و مکملاته و وجهه ظاهر و وجوبها ثابت بالکتاب و السنة و الإجماع بقسمیه بل الضرورة من الدین.

بحث: یشترط فیها التکلیف

فلا تجب علی مجنون و لا تستحب أیضاً للأصل و لعدم دخولها تحت خطابات المکلفین و عدم خطاب الأولیاء بإخراجها لعدم الدلیل علیه و لقوله (علیه السلام): (لا زکاة علی یتیم) و لمفهوم الخبر الآخر تجب الفطرة علی کل

ص: 126

من تجب علیه الزکاة و الظاهر إلحاق المغمی علیه بالمجنون إذا استوعبت إغماءه الوقت أو أغمی علیه عند تعلق الوجوب علی الأظهر و لظاهر فتوی الأصحاب و ما ورد فی الصحیح عن المملوک یموت مولاه و هو عنه غائب فی بلد آخر و فی یده مال لمولاه و یحضر الفطر أ یزکی عن نفسه من مال مولاه و قد صار للیتامی فقال: (نعم) مطرح لا یعتد به لاشتماله علی وجوب فطرة العبد علی الطفل و جواز تولی الإخراج من مال مولاه بنفسه و کلاهما لا یقوله من یعتد بقوله و یشترط فی زکاة الفطرة الحریة فلا تجب علی المملوک مدبراً أو مکاتباً أو أم ولد أو مکاتب مشروط أو مطلق سواء قلنا أنه یملک أو أحلنا ملکه أما علی القول بأنه یملک فظاهر لعدم جواز تعلق التکلیف بالمال به و أما علی القول بأنه یملک فللأصل و انصراف أدلة وجوب زکاة الفطرة لغیره کما لا یخفی و للإجماعات المنقولة و لثبوت الحجر علیه فی التصرف و للأخبار المستفیضة الدالة علی ثبوت فطرة المملوک علی مالکه الظاهرة فی نفی الإیجاب علیه فعلی ذلک فلا تجب علی المملوک تأدیة الفطرة عن نفسه و لا عن زوجته و لا عن ولده و لا عن عبده و لا تجب علی مالکه أیضاً مع عدم العیلولة و احتمل بعضهم وجوب زکاة فطرة عبد العبد علی المولی لنقصان ملک العبد و لکون المالک حقیقة هو السید و هو ضعیف کضعف ما ذهب إلیه الصدوق من وجوب الزکاة علی المکاتب لصحیح علی بن جعفر عن المکاتب هل علیه فطرة شهر رمضان أو علی من کاتبه و تجوز شهادته قال: (الفطرة علیه و لا تجوز شهادته) سواء حمل علی الأخبار أو حمل علی الإنکار فإنه یدل علی ثبوت الفطرة علیه و هو ضعیف لمعارضته بالخبر یؤدی الرجل زکاة الفطرة عن مکاتبه المجبور بالشهرة و إطلاق الاجماعات المنقولة فلیطرح الصحیح أو یحمل علی التقیة أو علی عود الضمیر إلی من کاتبه لا إلیه نفسه و أما المتبعض فیقوی القول بعدم وجوب الزکاة علیه إلا مع العیلولة و منها تجب علی من عال به و ذلک لأن الجزء الرقی لا یتعلق به خطاب منجز و الحری لا ینصرف إلیه الاطلاقات وجوب الزکاة علی وجوب تأدیة الصاع صرف و خلاف ظاهر الأخبار و لتعلقه بالحر التام و وجوب تأدیة بعضه خلاف ما تضمنته الأخبار و أفتی به العلماء الأبرار و وجوب التوزیع بتأدیة الجمیع بینه و بین

ص: 127

مولاه بالنسبة لا شاهد علیها و إدخال کل جزء تحت دلیله من الحریة و الرقیة لا یخلو من نظر و تأمل و مع ذلک فالقول بإخراج الجمیع علی سبیل التوزیع لا یخلو من توقف لإمکان إدخاله تحت الأدلة و تأییده بالاحتیاط و فتوی کثیر من العلماء الأعلام.

بحث: من جملة شرائط الوجوب الغنی

لفتوی الأصحاب و أخبار الباب ففی الصحیح عن رجل یأخذ الزکاة علیه صدقة الفطرة قال: (لا) و فی آخر علی الرجل المحتاج صدقة الفطرة قال: (لیس علیه فطرة) و فی آخر عمن یقبل الزکاة علیه صدقة الفطرة قال: (لا) و فی آخر (لا فطرة علی من أخذ الزکاة) و فی آخر من حلت له لم تحل علیه و من حلت علیه لم تحل له) و ما ورد فی مقابل ذلک من الأخبار کقوله (علیه السلام) فی جواب زرارة الفقیر الذی یتصدق علیه هل تجب علیه صدقة الفطرة قال: (نعم) و فی (آخر أما من قبل زکاة المال فإن علیه زکاة الفطرة و لیس علی من یقبل الفطرة فطرة) و غیر ذلک لا یعارض ما قدمناه فلیحمل علی الاستحباب أو یطرح و یحتمل حمل بعضها علی ما إذا صار غنیاً بأخذ زکاة المال کما یشعر به التفرقة فی الخبر الأخیر بین المال و زکاة الفطر أو تحمل علی التقیة لما نقل أنه فتوی الشافعی و جماعة من العامة و أفتی به الجنید من أصحابنا و المراد بالغنی هنا هو ملک مئونة السنة فعلًا أو قوةً لفتوی المشهور و لأن من لم یملک ذلک تحل له الزکاة و یقبل الزکاة و یأخذ الزکاة لما تقدم فی بحث الغنی و الفقر و کفی من کان کذلک لا تجب علیه و الأخبار المتقدمة و من کان غنیاً تجب علیه لتلک الأخبار أیضاً کما یفهم من سیاقها و لقوله (علیه السلام): (تحرم الزکاة علی من عنده قوت السنة و تجب الفطرة علی من عنده قوت السنة) و المراد بالقوت هو المئونة کما هو ظاهر و ناقش بعض المتأخرین فی دلالة الأخبار علی وجوب تأدیة الزکاة عدا هذا بخبر الأخیر و خص دلالتها فی سقوطها عمن لا یملک و أخذها غیر الآخر و ضعفه ظاهر لمن تأمل و ذهب الشیخ (رحمه الله) إلی وجوب دفع الفطرة علی من ملک أحد النصب الزکویة عیناً أو قیمة و ابن إدریس إلی وجوبها علی ملک عین النصاب دون قیمته و ادعی علی ذلک الإجماع و اتفاق الإمامیة علی قوله و هما ضعیفان محجوبان بما

ص: 128

تقدم من إن ملک النصاب و لم یف بمئونته جاز له أن یأخذ الزکاة و کل من حلت علیه الزکاة سقطت عنه للأخبار و وجوب دفع زکاة المال علی من ملک نصاباً لا یلزم منه وجوب دفع زکاة الفطرة و الفارق بینهما الأخبار و کلام الأخیار و حمل أحدهما علی الآخر قیاس لا نقول به و یستحب للفقیر إخراجها عن نفسه و عمن یعوله لفتوی الأصحاب و أدنی من ذلک الاستحباب أداره صاع واحد عن نفسه و عیاله یردده بأن یخرجه عن نفسه فیدفعه إلی أحد عیاله صغیراً أو کبیراً و یقبل عن الصغیر الولی ثمّ یدفعه واحداً إلی آخر إلی أن یرده الآخر إلی صاحب المال و الأحوط أن یدفعه الأخیر للأجنبی فیکون صاعاً واحداً کافیاً عن الجمیع بل الأظهر فی الموثق هو هذا و إن کان کلًا منهما محتملًا بل الأحوط عدم دفعها للصغیر لأن إخراجها عن ملکه بعد ذلک فی زکاة الفطرة مع عدم ثبوت استحبابها فی حقه مشکل سیما مع ظهور خبر الإدارة فی البالغین.

بحث: تجب زکاة الفطرة مع اجتماع الشرائط علی الإنسان نفسه و علی من یعول به عیلولة عرفیة

اشارة

بحیث یقال عرفاً أنه من عیاله صغیراً أو کبیراً حراً أو مملوکاً قریباً أو بعیداً مسلماً أو کافراً واجب النفقة أو لا للإجماع المنقول و فتوی الأصحاب و أخبار الباب ففی الصحیح (الفطرة واجبة علی کل من یعول من ذکر أو أنثی صغیراً أو کبیراً حراً أو مملوکاً) و المراد من کل من یعول بقرینة المقام و کلام الأعلام و الصحیح الآخر (تصدق عن جمیع من تعول من صغیر أو کبیر أو حر أو مملوک) و فی آخر (کلما ضممت إلی عیالک من حر أو مملوک فعلیک أن تؤدی الفطرة) و فی صحیح آخر (علی الرجل أن یعطی عن کل من یعول إلی غیر ذلک من الأخبار المتکثرة المعتبرة

و لکن فی المقام مسائل:

الأولی: من لم یدخل فی مسمی العیال عرفاً لم تجب علیه فطرته

و إن أنفق علیه بمأکول و ملبوس و مأدوم أو دراهم لفتوی الأصحاب و قوله (علیه السلام) فی الصحیح عن رجل ینفق علی رجل لیس من عیاله إلا أنه یتکلف له نفقته و کسوته أ یکون علیه فطرته قال: (لا إنما یکون فطرته علی عیاله صدقة دونه) و قال: (العیال الولد و المملوک

ص: 129

و الزوجة و أم الولد) و الحصر فی هذه الأربعة مبنی علی الغالب.

الثانیة: لا یکفی فی العیلولة مجرد النیة فی الإدخال فی العیال

بل لا بد من التلبس بآثارها فعلًا و الأحوط إجراء النیة مجری الفعل و إن لم یأکل العیال و لم یشرب.

الثالثة: یجب إخراج الفطرة عن الضیف فی الجملة

للإجماع و الخبر الصحیح عن الرجل یکون عنده الضیف من إخوانه فیحضر یوم الفطر یؤدی الفطرة قال: (نعم الفطرة واجبة علی من تعول من ذکر أو أنثی صغیراً أو کبیراً حراً أو مملوکاً) و یشترط رضا المضیف بالضیافة و دخوله بإذنه قطعاً و هل یشترط أکله عنده أو مجرد ضیافته الأقوی الأول و الأحوط الثانی و مبنی المسألة علی أن مجرد الضیافة موجب لإخراج الفطرة عنه أو صدق العیلولة و الأظهر الثانی لقوة أخبار العیلولة و إجمال خبر الضیف من جهة تعقبه نعم الدال علی الإیجاب بمجرد الضیافة و من جهة تعقیبها بقوله (علیه السلام) (الفطرة واجبة علی من تعول) و ظاهره أن الوجوب فی الضیف لمکان العیلولة و ظاهر العیلولة تحققها فعلًا و عدم کفایة النیة فیها و لو سلم دلالة الخیر علی أن الإیجاب بنفس الضیافة فالواجب تخصیصه بأخبار العیلولة لأن بینه و بینها عموم من وجه و الأقوی إن العامین من وجه یقدم علی الآخر نعم یکتفی بحصول الضیافة و الأکل قبل الهلال و لو بلحظة فی وجوب الإخراج کما إذا کان مریضاً أو مسافراً فأکل فی النهار و لو أکل حراماً و هو صائم علی الأظهر و أخذ بإطلاق الأخبار و لا یشترط الضیافة طول الشهر کما عن الشیخ (رحمه الله) و المرتضی (رحمه الله) و لا نصفه الاخیر کما عن المفید و لا العشرة الأخیرة کما عن جماعة من الأصحاب و لا لیلتین منه کما عن ابن إدریس و لا لیلة واحدة کما عن المنتهی و لا یکفی المسمی قبل هلال الشهر و إن لم یأکل کما عن الشهید محتجاً بأن الضیف من نزل للقری و إن لم یأکل لخلو هذه الأخبار کلها عن الدلیل عدا الإجماع المنقول علی الأول و هو موهن بفتوی الأکثر علی خلافه و أخبار العیلولة و هل یشترط فی مأکول عنده أن یکون حلالًا أم لا یشترط الأظهر عدم الاشتراط کما فی سائر من یقول بهم فإنه لا یشترط فیهم أن ینفق علیه بالفعل من ماله الحلال أو ینوی ذلک علی الأظهر.

ص: 130

الرابعة: لو امتنع المضیف مع یساره عن الإخراج عمداً

لم تجب علی الضیف و لو کان موسراً لارتفاع الوجوب عنه بالوجوب علی من ضافه فعود الوجوب إلیه یحتاج إلی دلیل و عمومات وجوب زکاة الفطرة لا تجدی بعد الخروج عنها بالوجوب علی المضیف ففی ظاهره بعدم الوجوب علی الضیف إذ لا قائل بالوجوب علیهما معاً أما لو کان معسراً و کان الضیف موسراً فإن دفع عن الضیف فالأقوی الإجزاء عنهما ندباً عن المعسر لکونه مندوباً فی حقه و إیجاباً علی الضیف الموسر و یحتمل قویاً أنه مع إعسار المضیف لا یندب فی حقه الإخراج عن الضیف غایة فانتدب الإخراج عن نفسه و عن عیاله المعتاد العیلولة منه لهم فیکون حکمه فی الدفع حکم الفضولی و حکم المتبرع مع عدم الإذن ابتداء و حکم الوکیل مع الإذن و هذا أحوط و إن لم یدفع فالأقوی وجوب دفع الضیف عن نفسه لعدم وجوبها علی من أضافه فتشمله أدلة وجوب زکاة الفطرة و احتمل بعض فقهائنا سقوط الزکاة عنهما لمکان العیلولة من الضیف و الإعسار من المضیف فلا یتعلق بهما خطاب و هو وجیه إلا أن الأول أقوی و أحوط و لو انعکس الحال فکان المضیف موسراً فأخرجها الضیف عن نفسه فالظاهر عدم إجزائها عن المضیف لتعلق وجوب الإخراج به نعم لو أخرجها عن المضیف بنیة التبرع عنه و من دون إذنه لا بنیة أنها زکاة عنه کان حکمه کمن أخرج زکاة غیره فضولًا أو متبرعاً و إن کان بإذنه کان حکمه حکم من أخرج غیره بإذنه من ماله لأنه مال من وجبت علیه.

الخامسة: الأقوی إن وجوب فطرة الزوجة دائر مدار العیلولة وجوداً و عدماً

و لا تدور مدار صدقة الزوجیة مطلقاً کما ذهب إلیه ابن إدریس و نقل علیه الإجماع و العموم و لم یفرق بین الدائمة و غیرها و الناشزة و غیرها و المتمتع بها و غیرها و المدخول بها و غیرها و الممکنة نفسها و غیرها و ما استند إلیه من الإجماع و العموم ضعیف أما إجماعه فمرهون مما قال المحقق (رحمه الله) من أنا لم نعرف أحداً من فقهاء الإسلام فضلًا عن الإمامیة أنه أوجب علی الزوجة الفطرة من حیث هی زوجة بل لیس تجب الفطرة إلا عمن تجب مئونته أو تبرع بها علیه فدعواه إذنه غربة عن الفتوی و الأخبار و أما

ص: 131

العموم فهو ما ورد فی صحیح صفوان (الواجب علیک أن تعطی عن نفسک و أبیک و أمک و ولدک و امرأتک و خادمک) و فی صحیح ابن الحجاج (العیال الولد و المملوک و الزوجة و أم الولد) و هما ضعیفان لاشتمالهما علی ما لا نقول به من وجوب فطرة کثیر من الأقارب مع عدم العیلولة و لقوة ورودها مورد الغالب من العیلولة فمن ذکر فیهما فینزل علی الغالب من العیلولة عن ذکر فیهما فینزل علی الغالب و لوجود تخصیصها لو أبقیا علی ظاهرهما بأخبار العیلولة لوجوب ترجیح الأقوی فی العامین من وجه عند تعارضهما و لا شک إن بین هذین الخبرین و بین أخبار العیلولة عموم من وجه لمکان شمولهما للمعیل به و غیره و شمول أخبار العیلولة إثباتاً لهما و لغیرهما و قد یقال بأن وجوب الفطرة تابع لوجوب النفقة و العیلولة لا لتحقّقهما بالفعل فعلی ذلک تخرج الناشز و المتمتع بها و من لم تمکن نفسها عن وجوب الفطرة و تدخل الزوجة المطیعة و إن لم یعل بها فعلًا و هو قریب و ربما ادعی علیه الاتفاق و قضی به الاحتیاط إلا إن الظاهر من الأخبار إرادة العیلولة بالفعل بأنه لا مجرد وجوبها و تعلقها و لو عال بالزوجة غیر الزوج وجبت فطرتها علیه من غیر إشکال.

السادسة: المملوک إن عال به مولاه وجب علیه فطرته قولًا واحداً

و إن عال به غیره وجبت علی غیره و إن لم یعل به أحد و کان غائباً أو مغصوباً لا یعلم حاله أو آبقا فالأقوی عدم وجوب فطرته علی مولاه لعدم العیلولة بالفعل و الأمر یدور مدارها کما فی الأخبار و قیل بوجوبها علی المولی لمکان وجوب النفقة و العیلولة حتی ادعی الاتفاق علیه و یستند لإطلاق الخبرین المتقدمین و فیه إن وجوب العیلولة لا تلزم وجوب الفطرة و الإجماع ممنوع لعدم ثبوته صریحاً و الخبران لا یعارضان ما قدمنا من أخبار العیلولة و أما واجبو النفقة عن الأقارب فإن عالهم القریب وجبت و إن لم یعلهم فعلًا لم یجب و ربما استلزم التزم بعضهم بوجوب الفعل لا تبعاً لوجوب النفقة لا لوقوعها بالفعل و هو ضعیف.

السابعة: المملوک بین الشریکین فإن عال به أحدهما وجبت علیه فطرته خاصة

و إن عال به معاً و لم یعل به أحد بناء علی تبعیته الفطرة لوجوب النفقة فهل تجب

ص: 132

فطرته علیهما معاً بالنسبة إلی الحصص أو تسقط عنهما و کذا کل اثنین یعولان بواحد و الأظهر السقوط للأصل و لعدم انصراف الأخبار الدالة علی وجوب إخراج الفطرة عمن یعول للمبعض فی العیلولة و الدالة علی إخراجها عن المملوک فی المبعض فی المملوکة و لما روی زرارة فی عبد بین قوم فیه زکاة الفطرة قال: (إذا کان لکل إنسان رأس فعلیه أن یؤدی فطرته و إذا کانوا عدة عبید وعدة الموالی جمیعاً فیه سواء أدوا زکاتهم لکل واحد منهم علی قدر حصته و إن کان لکل إنسان منهم أقل من رأس فلا شی ء علیهم و لکن فتوی المشهور علی وجوب إخراجها بالحصص و عدم السقوط فالتعدی عن ذلک مع موافقته للاحتیاط مشکل و احتمال وجوب دفع فطرة تامة علی واحد من الشریکین ضعیف.

الثامنة: المملوک الغائب و کل واجب النفقة إذا کان غائباً تجب علیه من کان حاضراً فطرته إذا کان عائلًا به

من غیر إشکال للسیرة القطعیة و الاستصحاب و قوله (علیه السلام) (بأن یعطی الرجل عن عیاله و هم غیب عنه و یأمرهم فیعطون عنه و هو غائب عنهم) نعم لو غاب أحد منهم غیبة منقطعة فیها أخباره و اندرست آثاره و لم یعلم حاله فإنه یحتمل فی حقه وجوب إخراج الفطرة للاستصحاب و لجواز عتقه فی الکفارة للإجماع المنقول و الصحیح الدال علی إجراء عتقه فی کفارة الظهار و یحتمل عدم وجوب الإخراج لأصالة البراءة من وجوبها و لأصالة عصمة مال الغیر إلا مع العلم بوجوب انتزاعه و لأن لا یعلم إن له مملوک کی تجب علیه فطرته و لأن المفقود بمنزلة غیر الموجود و لمعاملة الشارع له معاملة المعدوم فی بعض الأحکام و لانصراف أخبار وجوب الفطرة عمن یعوله لغیر هذا الفرد و هذا أقوی و إن کان الأول أحوط.

التاسعة: من وجبت فطرته علی غیره فإن کان بحیث لو انفرد لم تجب علیه کالعبد و الطفل فلا کلام

و إن کانت بحیث لو انفرد وجبت علیه کالزوجة المعسرة و الضیف و أشباههما فالأقوی أیضاً سقوطها عنه خلافاً لابن إدریس حیث وجب الفطرة علی الضیف و المضیف و هو ضعیف و إن کان الأحوط إخراجها عن نفسها عند العلم بعدم التأدیة و من لم تجب فطرته علی غیره لکنه عائل علی غیره کزوجة المعسر

ص: 133

إذا کانت موسرة و غیرها ممن یعول به من لا تجب علیه فطرة فالأظهر فیه وجوب الإخراج عن نفسه و هو الأحوط و تشمله عمومات الأدلة و غایة ما خرج منها سقوطها متی وجبت علی آخر و یبقی الباقی مشمولًا للأدلة و یحتمل السقوط و نسب إلی الشیخ (رحمه الله) و علله بعدم الدلیل علی ثبوتها علیها مع عیلولة الزوج بها و ظاهر إن الحکم مختص بالزوجة و مع ذلک ضعفه ظاهر و فصل العلامة (رحمه الله) بأن الزوج إن بلغ الإعسار حداً أسقطت عنه النفقة فالفطرة علیها و إن لم یبلغ ذلک و کان ینفق ذلک علیها فالوجه السقوط عنها ونیة إن النفقة لا تسقط الفطرة عن الغنی إلا إذا تحملها المنفق علی أن محل الکلام هو ما إذا عال من لا تجب علیه الفطرة غیره إما من لم یعله فالظاهر إنه لا إشکال فی وجوب فطرته علیه و قد یبنی المسألة علی إن الفطرة هل هی واجبة بالأصالة علی الزوج و علی العائل أو بالأصالة علی الزوج و علی المعیل و إنما یتحملها الزوج و العائل بغیره عنهما عند یساره تخفیفاً عنهما فعلی الأول تسقط الفطرة لسقوطها عمن وجبت علیه بالأصالة و علی الثانی تسقط لعدم تحملها عنهما عند الإعسار و فیه إنه بناء مبنی علی ما هو عین الدعوی فلا یجدی فی المقام و إن الأخبار ظاهرة فی وجوبها فیسقط عمن کان عیالًا علیه و فی وجوبها أصالة علی کل مکلف سوی من وجبت علی غیره فلا منافاة بین الأصلین.

العاشرة: یعتبر فی وجوب الفطرة استعجال الشرائط قبل هلال شوال

حده غروب الشمس عن السماء و یعرف بغیبوبة الحمرة المشرقیة و لو بلحظة للإجماع المنقول بل المحصل و کذا الإسلام و الولادة و العقل و البلوغ و الغنی فلو هل الشهر و لم یسلم أو یفیق أو یبلغ أو یولد أو یعول بأحد لم تجب علیه و فی الخبرین أحدهما الصحیح عن مولود ولد لیلة الفطر علیه الفطرة قال: (لا قد خرج الشهر) و سألته عن یهودی أسلم لیلة الفطر علیه الفطرة قال: (لا) و ثانیها المعتبر فی المولود یولد لیلة الفطر و الیهودی و النصرانی یسلم لیلة الفطر قال: (لیس علیه فطرة و لیست الفطرة إلا علی من أدرک الشهر) خصوصیة موردهما غیر ضائرة بصور استفادة العموم من تنقیح المناط فی وجه

ص: 134

و من مفهوم قوله (علیه السلام): (قد خرج الشهر) و من الاتفاق علی عدم الفصل و الفرق و إن استکملت الشرائط أو ولد المولود أو ملک المملوک أو أفاق المجنون أو أسلم الکافر بعد الهلال و بعد غیبوبة الحمرة المشرقیة فإن کان ما بین غیبوبة الحمرة إلی الزوال و هو انتهاء وقت صلاة العید استحبت الفطرة و ندب إلی إخراجها و إن کان بعد الزوال لم یتعلق بها نذب و لا إیجاب و یدل علی الندب فی الإخراج فی الصورة الأولی فتوی الأصحاب و قوله (علیه السلام): (تصدق عن جمیع من تعول من حر أو عبد صغیر أو کبیر من أدرک منهم الصلاة) و المراد بالصلاة صلاة العید و إدراکها إدراک وقتها لفهم الأصحاب ذلک و للمرسل إن ولد قبل الزوال یخرج عنه الفطرة و کذلک من أسلم قبل الزوال و یتفرع علی ما قدمنا أنه لو وهب له ما یکون به غنیاً قبل الهلال أو وهب له عبداً فإن قبض الهلال وجبت الزکاة و إن قبض بعد ذلک لم تجب لأن القبض متمم للملک و لو أوصی له بعید فإن مات الموصی و قبل الموصی له الوصیة قبل الهلال وجب علی الموصی له فطرته و إن قبل الهلال احتمل سقوط الفطرة عنه لعدم ملک الموصی له قبل القبول و عدم ملک الوارث له لمکان الوصیة و احتمل وجوبها علی الوارث لعدم إمکان بقاء الملک بلا مالک و المیت لا قابلیة له للملک و الموصی له لا یدخل فی ملکه الموصی به قهراً من دون قبول و احتمل وجوبها علی الموصی له لأن قبوله کاشف عن سبق ملکه و من مات بعد الهلال کانت فطرته علی من یعول به علیه و من مات قبل الهلال کانت فطرته علی من یعول به بعده و فطرة عبده علی الوارث بناء علی عدم اشتراط العیلولة و انتقال الإرث للوارث إن کان الدین مستغرقاً أو لم یکن و إن قلنا بعدم انتقاله للوارث عند الاستغراق لم تجب علی أحد الا من یعول به.

بحث: المخرج و قدره

اشارة

و فیه مسائل:

الأولی: یجزی أصالة فی زکاة الفطرة الحنطة و الشعیر و التمر و الزبیب و الأقط و الأرز و اللبن

وفاقاً للمشهور و الإجماع المنقول علی إجزائها مطلقاً سواء کانت قوتاً

ص: 135

معتاداً للمخرج أم لا و سواء کانت قوتاً معتاداً لغیره من أهل بلده أو لغیر أهل بلده أم لا و للأخبار الصحیحة فی الخمسة الأولی الدالة علی الإجزاء مطلقاً من دون تقییدها بکونها قوتاً کصحیح صفوان (و فیه البر و التمر و الزبیب) و صحیح سعد بن سعد و فیه (الحنطة و الشعیر و التمر و الزبیب) و صحیح الحلبی و فیه الأربعة المذکورة أیضاً و صحیح عبد الله بن میمون و فیه (التمر و الزبیب و الشعیر و الأقط) و صحیح معاویة بن عمار و فیه (الأقط لأهل الإبل و الغنم و یجزی غیر هذه السبعة إذا کان قوتاً معتاداً لأهل بلد المخرج لا مطلقات سواء اقتات به هو أم لا للأخبار المعتبرة المنجبرة بفتوی المشهور ففی الخبر (الفطرة علی کل من اقتات قوتاً فعلیه أن یؤدی من ذلک القوت) و فی آخر (الفطرة علی کل قوم ما یغذون عیالاتهم به لبن أو زبیب أو غیرهما) و ظاهرهما و إن کان اشتراط الإخراج مما یقوته المخرج لکنه محمول علی الغالب من إن ما یقتات به المخرج هو قوت بلده لقوله (علیه السلام) فی خبر إبراهیم بن محمد الهمدانی فی مکاتبة (إن الفطرة صاع من قوت بلدک علی أهل مکة و المدینة و الطائف و أطراف الشام و الیمامة و البحرین و العراقین و فارس و الأهواز و کرمان تمر و علی أواسط الشام زبیب و علی أهل الجزیرة و موصل کلها بر أو شعیر و علی أهل طبرستان الأرز و علی أهل خراسان البر إلا أهل مرو و الری فعلیهم الزبیب و علی أهل مصر البر و ما سوی ذلک فعلیهم ما غلب قوتهم و من سکن البوادی من الأعراب فعلیهم الأقط) و هذه الأخبار و إن کان ظاهرها إن الواجب إخراج ما یکون قوتاً مطلقاً من أی الأجناس کان إلا إن بینها و بین ما تقدم من الأخبار فی الأجناس الخمسة و الإجماع المنقول فی الجنسین الأخیرین عموم من وجه و الترجیح لتلک الأخبار لقوتها فتقدم علی هذه و یؤخذ بإطلاقها و تقید بها الأخبار الأخیرة و تبقی الأفراد الغیر مذکورة فی الأخبار و الإجماع المنقول سالمة عن المعارض فیؤخذ بما دلت علیه من دورانها مدار القوت المعتاد بل الأحوط الاقتصار علی الأربعة الأول إذا لم تکن قوتاً لما یفهم من بعض الأخبار من إن الأرز و الأقط و اللبن إنما کانت مجزیة لمکان اعتیادها فی فطر المخرج للفطرة کما ورد فی صحیح الحذاء (الذرة مکان البر) و کأنه لاعتیاد الأعراب لها کثیراً و لو دار الأمر بین

ص: 136

إخراج أحد الأربعة المتقدمة لم یقتاتها فی بلده و بین إخراج ما اعتاده أهل بلده قوتاً من غیرها فالأحوط إخراج أحد الأربعة دون ما اعتید خلاف لما یظهر من بعضهم حیث جعل المدار هو المعتاد للقوت و نزل إطلاق الأخبار المتقدمة من اعتیادها قوتاً و فیه ما لا یخفی.

الثانیة: تجزی القیمة بدلًا عما ذکرنا

و لا تفتقر إلی نیة البدلیة نعم لا بد من إعطاء قیمته و تصلح لکل ما یعرض من إخراجه أو تعیین مخرج خاص بنیته لاختلاف قیمة المخرج من حنطة أو شعیر أو تمر أو زبیب أو غیرها و احتمال إجزاء دفع قیمة مخرج خاص بنیته لاختلاف قیمة المخرج من حنطة أو شعیر أو تمر أو زبیب أو غیرها و احتمال إجزاء دفع أحدها من دون تعیین کما لا یحتاج إلی تعیین المخرج من الأجناس فلو دفع مجهولًا لا یعرفه منها أجزأهُ و هذا الأقوی إلا أن الأحوط ترکه و یدل علی إجزاء القیمة الإجماع المنقول و فتوی المشهور بل الجمهور و الأخبار المستفیضة المعتبرة فمنها (لا بأس بالقیمة فی الفطرة) و منها صحیح ابن بزیع الدال علی إرسال الدراهم فطرة له و لغیره للرضا (علیه السلام) فقبلها و قبضها و منها صحیح عمر بن یزید یعطی الرجل الفطرة دراهم ثمن التمر و الحنطة فیکون أنفع لأهل البیت المؤمن قال: (لا بأس) و منها روایة إسحاق ابن عمار و فیها قلت: فما تری أن یجمعها و یجعل قیمتها ورقاً و یعطیها رجلًا واحداً مسلماً قال: (لا بأس به) و منها روایة إسحاق بن عمار الحضرمی ما تقول فی الفطرة یجوز أن أؤدیها فضة بقیمة هذه الأشیاء التی سمیتها قال: (نعم إن ذلک أنفع له یشتری ما یرید) و منها الصدقة بصاع من تمر و قیمته بتلک البلاد دراهم إلی غیر ذلک و قد یفهم من حمل مطلقها علی مقیدها اشتراط الدراهم و الدنانیر فی القیمة و یؤیده انصراف لفظ القیمة إلیهما و لکن فتوی المشهور و إطلاق الإجماع المنقول و ما جاء فی زکاة المال من الأخبار المجوزة لدفع أی شی ء فی القیمة و إشعار روایة عمر بن یزید بذلک قال: یعطی الفطرة دقیق مکان الحنطة قال: (لا بأس یکون أجر طحنه ما بین الحنطة و الدقیق مما یدفع) احتمال وجوب خصوص الدراهم و الدنانیر و ان کان الأحوط دفعهما و لا تقدر القیمة بقدر بل یدفع قیمة ما یرید دفعه

ص: 137

من الأجناس المتقدمة وقت الدفع فی مکان الدفع و لو اختلفت القیمة أخذ بأعلاها احتیاطاً و فی الأخذ بأوسطها قوة و الأخذ بأدناها لا یخلو من وجه و یتخیر فی الأخذ بأی قیمة تفاوت القیم السوقیة فی الجملة ارتفاعاً و انخفاضاً تفاوتاً عادیاً لا یضر بالحال و الأخذ بأعلاها أحوط و تقدیر القیمة بدرهم أو تقدیرها بأربعة دوانیق مطلقاً أو فی الرخص ضعیفان و إن نطقت بهما بعض الروایات لظهور ورودها مورد الغالب أو اختلاف الأسعار فالأخذ بهما علی وجه التعبد لا وجه له مع معارضته الإطلاق لذلک فتوی و روایة و الافضل إخراج التمر لما ورد فی الأخبار المتکثرة (إنه أحب إلی و إنه أسرع نفعاً) فیفهم منها إن الزبیب بعده فی الفضل و بعدهما فی الفضل ما یغلب علی قوت بلده للراویة المتقدمة المحمولة علی الاستحباب و لظاهر فتوی کثیر من الأصحاب فمن الأفضل من الأجناس أعلاها قیمة و الأفضل أغلبها علی قوته فقد خالف النص الصریح لصریح فی التمر و مفهوم العلة فی الزبیب نعم لعلو القیمة فضل آخر باعتبار آخر و هو تکثیر النفع و شبهه لکنه لا یقاوم المنصوص لأن فضل المنصوص ذاتی و فضل غیره اعتباری.

الثالثة: یجب فی قدر المخرج قدر صاع

و هو موزون أربعة أمداد و المد رطلان و ربع بالعراقی و الرطل مائة و ثلاثون درهم علی الأصح و کل عشرة دراهم سبعة دنانیر و هی المثاقیل الشرعیة فالرطل واحد و تسعون مثقالًا شرعیاً و المثقال الشرعی ثلاثة أرباع الصیرفی فیکون الرطل ثمانیة و ستین مثقالًا صیرفیاً و ربعاً و الدراهم ست دوانیق و الدانق ثمان حبات متوسطات من حب الشعیر و الحبة ثمان شعرات من شعر البرذون و ما ورد فی بعض الأخبار من إجزاء نصف صاع من حنطة محمول علی التقیة لمعارضة أخبارنا و إجماعنا المنقول و المحصل و قد ورد ما یدل علی أن النصف من صاع حنطة کان فعل عثمان و ورد إنه کان من فعل معاویة و الظاهر إنه من فعلهما و ما ورد من إجزاء نصف صاع شعیر مطرح أو لا قائل به و لا یجوز دفع صاع من جنس إلا بالقیمة و لا دفع أقل من صاع من أحد لأجناس العلیا بدل صاع من الأجناس الدنیا لانصراف أدلة جواز دفع القیمة لغیر المفروض نعم لو ساوم الفقیر جاز احتسابه بقیمة

ص: 138

ما یقبله و لا یضر الخلیط المتعارف فی جمیع الأجناس و غیر المتعارف مخل و لو خلط اختیاراً تعلیلًا لا یخرج عن المتعارف فالأقوی منعه و الأحوط ترکه و اختلاف الموازین المتعارفة غیر ضائر و الخیار للدافع فی أیها أراد و الأحوط إلحاقها بأصلهما فیجزی صاع منهما لإطلاق الاسم و لکن الأحوط بل الأقوی عدمه إلا أن یحتسب بالقیمة و ورد إجزاء أربعة أرطال من لبن عن رجل من أهل البادیة لا یمکنه الفطرة قال: (یتصدق بأربعة أرطال من لبن) و هی و إن عمل بها جماعة من القدماء مرهونة بمخالفتها الأخبار الدالة علی إیجاب الصاع من اللبن و خصوصاً فتوی المشهور و الاحتیاط فلا بد من طرحها أو حملها علی العاجز عن الفطرة من الفقراء أو علی التحریف و إن أصلها أربعة أمداد أو علی إن المراد بالأرطال الأرطال المدنیة لقوله (علیه السلام) فی الصحیح مکاتبة سألته عن الرجل کم یؤدی قال: (أربعة أرطال بالمدنی) و لکنه لا یجدی أیضاً لعدم القائل بوجوب الأرطال المدنیة فی الفطرة مطلقاً و حمله علی خصوص اللبن بعید بعد وروده فی مقام البیان و تبادر العراقیة من الأرطال فی الخبر الأول.

القول فی مصرفها:

و الأقوی أنه مصرف الزکاة المالیة لفتوی المشهور و فی المدارک إنه المقطوع به فی کلام الأصحاب و لأنها ذکره اسماً فیشملها حکمها فی صدقة فیدخل تحت قوله تعالی: [إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاکِینِ] سورة التوبة آیة (60) الخ و قد یقال ما جاء فی الزکاة من تقسیمها علی الأصناف المتقدمة و من صرفها فی المصارف المذکورة کله منصرف لزکاة المال کما یفهم من سیاقها فتکون حینئذ هی أظهر أفراد اطلاقها و ما جاء فی زکاة الفطر حال من ذکر الأصناف المتقدمة سواء الفقراء کقوله (علیه السلام) فی الصحیح: (عن کل إنسان صاع من حنطة أو شعیر أو صاع من تمر أو زبیب لفقراء المسلمین) و فی آخر لمن تحل الفطرة قال: (لمن لا یجد و غیر ذلک من الأخبار المشعرة بذلک و حینئذ فاختصاص صنف الفقراء بها و المساکین أحوط و یجوز للمالک إخراجها بنفسه و بوکیله و بفضوله مع الإجازة علی الأظهر و یجوز أن تدفع عنه تبرعاً مع رضاه

ص: 139

و عدمه کما یوفی الدین عن المدیون و یجوز أن یدفعها إلی الإمام (علیه السلام) أو نائبه الخاص أو العام بل هو الأفضل بل هو الأحوط تغضیاً عن خلاف المفید (رحمه الله) و استناداً لروایة علی بن راشد سألته عن الفطرة لمن هی قال: للإمام (علیه السلام) قال: قلت: فأخبر أصحابی قال: نعم و لروایة الفضیل الإمام (علیه السلام) اعلم یضعها حیث یشاء و یصنع فیها ما یری و طلبها الإمام (علیه السلام) وجبت اجابته و الأقوی العدم و الاحتیاط لا یخفی و لا یجوز أن تدفع إلی هاشمی للإجماع المنقول بل المحصل و لو عال هاشمی بغیره أو غیره به فهل العبرة بالمعال لأن الزکاة زکاته و إن وجبت علی غیره لمکان العیلولة و وجوب الدفع عنه لا یخرجها عن کونها زکاة هاشمی کما لو وجب الدفع علی المشروط علیه الزکاة علی المشترط فإن دفعها عنه لا یخرجها عن کونها زکاة و کذا المتبرع و العبرة بالمعیل و هو الأقوی لأنه هو المزکی و هو المخاطب بالدفع فالزکاة زکاته و إن کان المدفوع عنه غیره فغیره سبب لوجوب الزکاة علیه لا سبب لتأدیة الزکاة عنه لعدم تعلق الخطاب به بأداء الزکاة فظهر الفرق بین دفع المتبرع و المشروط علیه و بین دفع المعیل لان الأول یدفع زکاة غیره و الثانی یدفع زکاة نفسه عن رأس غیره تنزیلًا لغیره منزلة نفسه و لا یجوز أن یعطی الفقیر أقل من صاع لفتوی المشهور و الإجماع

المنقول و المرسل (لا یعطی أحد أقل من رأس) بناء علی أن الفعل المبنی للمجهول کما فهم الأصحاب فی إرادة الصاع من الرأس و إرساله منجبر بما قدمناه و الاحتیاط و حکم جمع من أصحابنا بجواز ذلک استناداً للعمومات و أصل البراءة و روایة إسحاق بن المبارک قال: سألت أبا إبراهیم (علیه السلام) عن صدقة الفطرة قلت: أجعلها فضة و أعطیها رجلًا واحداً أو اثنین قال: (تفریقها أحب إلی) و الکل ضعیف للزوم تخصیص العام و قطع الأصل بما تقدم و طرح الروایة لعدم مقاومتها لما تقدم أو حملها علی التقیة لمخالفتها لفتوی المشهور و موافقتها لفتوی العامة أو علی اجتماع عدة صوع و تفریقها واحداً واحداً کما هو الغالب لقلة من یدفع صاعاً واحداً عن نفسه و لا یعول بغیره أو

ص: 140

علی کل حال اجتماع المحتاجین و لم یکن عنده ما یفرق علیهم سوی صاع واحد و حکم الشیخ (رحمه الله) و جمع من الأصحاب بجواز تفریق الصاع و إعطاء الأقل منه عند اجتماع من لا یتسع لهم الفطرة الواحدة و لا بأس به اقتصاراً علی المتیقن من دلیل المنع فتوی و روایة و لما فیه من سرور المؤمن و عدم رده و أذیته و تعمیم النفع و الأحوط ترکه و مصرفها لأهل الولایة کما نطقت بذلک الأخبار ففی الصحیح عن الزکاة هل توضع فیمن لا یعرف قال: (لا و لا زکاة الفطرة) و فی الآخر (لا یجوز لک دفعها إلا لأهل الولایة) و فی آخر (لا ینبغی أن تعطی کذلک إلا مؤمناً و قضی بذلک الاحتیاط و ورد فی بعض الأخبار جواز دفعها لغیر أهل الولایة مطلقاً ما عدا النواصب و فی بعضها جواز دفعها للمستضعف و هو من لا یعرف و لا ینصب و فی بعضها جواز ذلک عند عدم وجود المستحق و فی بعضها الجیران من غیر أهل الولایة و الکل لا یقاوم أدلة المنع فحملها علی التقیة أولی و یجوز حمل بعض الروایات علی إرادة البله و أهل الخبل من المنتسبین لأهل الإیمان و المتسمین بالشیعة ککثیر من أهل البوادی و العجائز و الأولاد نعم لو لم یوجد المستحق أصلًا و رأساً من جمیع الأصناف بحیث لا یمکن النقل إلیه و یدور الأمر بین عزلها و إبقائها أمانة زماناً کثیراً یخشی علیها التلف فیه و بین دفعها للمستضعف کان القول بدفعها للمستضعف وجه لکل کبد حری أجر و لکونه محملًا للأخبار المجوزة علی ذلک لکونها خیراً من اطراحها و لکن الأوجه عزلها و ابقاؤها أمانة إلی أن تسلم إلی أهلها و لو طال الزمان.

القول فی وقت وجوبها:

اشارة

و فیه مسائل:

الأولی: أول وقت وجوبها هلال شوال

و هو غیبوبة الشمس فی السماء و دخول اللیل من شهر الفطر علی الأظهر لظهور الأخبار فی ذلک لقوله (علیه السلام): (لیست الفطرة إلا علی من أدرک الشهر و قوله (علیه السلام) فی الصحیح عن المولود ولد فی لیلة الفطر علیه الفطرة قال: (لا قد خرج الشهر) فإن ظاهرها إن من أدرک الشهر وجبت

ص: 141

علیه الفطرة عند إدراکه إلا إن المراد بیان شرطیة وجوب الفطرة و لو فی الزمان المتأخر بإدراک الشهر کما تخیله بعضهم رداً علی من استدل بهاتین الروایتین علی تعلق الوجوب بها عند الهلال نعم قد یقال بتعلق الوجوب عند الهلال و لکن لا یجزی الإخراج إلا عند طلوع الفجر فیکون ظرفاً و النهار ظرفاً للإخراج و ذلک کمن نذر دفع شی ء غداً و یکون فائدة تقدیم الوجوب الاستعداد و لو معها و عدم جواز تبدیل فرضه إلی آخر لتعلق الوجوب بل لو انتقل إلی صفة أخری کالفقر مثلًا أو مات أو جنی أخرج من ماله فی وجه قوی و قد یحتمل أیضاً إن وجوبها عند الهلال یکون متزلزلًا فإن طلع الفجر جامعاً لشرائط الوجوب انکشف ثبوته سابقاً و إلا بان انخرم شرط من شرائطها تبین عدم وجوبها و جاز له استرداد المدفوع مع علم الدافع و یبعده إعراض الفقهاء عنه و عدم ذکرهم للوجوب المتزلزل أصلًا و رأساً و قیل وقت وجوبها طلوع الفجر من یوم العید للصحیح عن الفطرة متی هی فقال: (قبل الصلاة یوم الفطر) قلت: فإن بقی منه شی ء بعد الصلاة قال: (لا بأس نحن نعطی عیالنا منه ثمّ یبقی فنقسمه) و فیه نظر لأن قبل الصلاة کما یعم طلوع الفجر بلا فصل کذا یعم ما قبله القریب إلیه و لا قائل بالفرق بین القریب و البعید عنه علی أن قبلیة الصلاة لا یفهم منها إلا القبلیة المتعارفة و هی ما بین طلوع الشمس إلی وقت الصلاة و هذا لا یذهب إلیه أحد فلیحمل علی الاستحباب کما أفتی به جمع من الأصحاب و دعوی أن هذا الوقت متیقن للوجوب فتصرف القبیلة إلیه دون القبیلة المطلقة و دون القبلیة المتعارفة و یبقی ما عداه مشکوکاً فیه فینفی بالأصل دعوی مسلمة لو لا المعارض لها من الأخبار و کلام الأخیار الظاهرة فی تعلق الوجوب عند ابتداء الهلال و دخول اللیل و علی کل حال فالأولی و الأحوط تأخیر الإخراج إلی ما بعد طلوع الفجر و الأفضل تأخیرها إلی ما قبل صلاة العید کما تدل علیه بعض الأخبار و أفتی به کثیر من الأخیار.

الثانیة: یقوی القول بجواز دفع زکاة الفطر من أول یوم من شهر رمضان ندباً

و به یسقط الواجب کتقدیم صلاة اللیل قبل وقتها و کذا غسل الجمعة لصحیح الفضلاء یعطی یوم الفطر فهو أفضل و هو فی سعة أن یعطیها من أول یوم یدخل فی شهر رمضان

ص: 142

و لا بأس للرضوی لا بأس بإخراج الفطرة فی أول یوم من شهر رمضان و هی زکاة إلی أن تصلی صلاة العید فإن أخرجها بعد الزکاة فهی صدقة و نسب القول به للأکثر و المشهور و لکن الأظهر و الأحوط عدمه إلا بنیة القرض و الاحتساب به عند وقتها و علیه تنزیل الروایة فیکون إطلاق الفطرة علیه لعلاقة الأول علی أن الصحیح مشتمل علی ما لا نقول به من جواز دفع نصف صاع من شعیر أو حنطة و ذلک یوهنه فلا یعارض ما دل من الأخبار علی أن وقتها یوم الفطر کقوله (علیه السلام) فی صحیح العیص عن الفطرة قال: (قبل الصلاة یوم الفطر) و ظاهره إن یوم الفطر ظرف للفطرة لا ظرف للصلاة و غیره من الأخبار الدالة علی الأمر بإعطائها قبل الصلاة و إنها بعد الصلاة تکون صدقة فإنها ظاهرة فی کون وقتها ذلک الیوم لأنه الظاهر من لفظ القبلیة فلا تشمل ما قبله إلی مبدأ الشهر رمضان کما هو القول قطعاً فإذا کان وقتها ذلک حرم تقدیمها علیه لما تقدم من الأخبار فی الزکاة المالیة (أنه لیس لأحد أن یصلی الأولی إلا لوقتها) و کذلک (لا یصومن أحد شهر رمضان إلا فی شهره و کل فریضة إنما تؤدی إذا حلت) و الجمع بین الصحیح المجوز للتقدیم و بین هذه و إن أمکن تقیده هذه به لأن ما بینهما کما بین المطلق و المقید و یجب الجمع بینهما إلا أن الظن یقوی یبعد ذلک فی ذلک و یحکم بعدم مقاومته لها و عدم تقیدها به کما لا یخفی علی المتأمل.

الثالثة: الأظهر و الذی یقوی فی النظر إن آخر وقتها الزوال لمن لم یصل صلاة العید

للاستصحاب من غیر معارض و للخبر (إن أخرجها قبل الظهر فهی فطرة و إن أخرجها بعد الظهر فهی صدقة لا تجزیک و من صلی صلاة العید فأخر وقتها التلبس بالصلاة فلها وقتان زمانی و فعلی و الدلیل علی الزمانی ما تقدم من الاستصحاب و الخبر السابق و مفهوم الروایات المحدودة لوقتها بالخروج إلی الصلاة أو بناء علی امتداد وقت الصلاة إلی الزوال کما هو فتوی الفقهاء نعم الأحوط دفعها قبل الزوال بمقدار أداء الصلاة تقدیراً لا أقل المجزی عنها تغضیاً عن شبهة إن وقتها وقت اتساع الصلاة و تتضیق عند ضیقها و الدلیل علی الفعلی فتوی المشهور و الإجماع المنقول علی وجوب البدار إلیها قبل الصلاة و الأخبار المتکثرة المعتبرة بما قدمنا فمنها روایة إبراهیم

ص: 143

الدالة علی أن ما أعطیت قبل الخروج إلی العید فهی فطرة و إن کان بعد الخروج فهی صدقة و منها روایة عبد الله بن سنان و فیها (إعطاء الفطرة قبل الصلاة أفضل أو بعد الصلاة) و منها الصحیح (یعطی الفطرة قبل الصلاة فهو أفضل) و منها (ینبغی أن تؤدی الفطرة قبل أن تخرج إلی الناس إلی الجبایة فإذا أداها بعد ما رجع فإنما هی صدقة) و روایة سالم بن مکتوم الجمال عن الصادق (علیه السلام) أعطِ الفطرة قبل الصلاة و هی قوله تعالی: [وَ أَقِیمُوا الصَّلٰاةَ وَ آتُوا الزَّکٰاةَ*] سورة البقرة آیة (43، 83، 110) النساء آیة (77) النور آیة (56) المزمل آیة (20) و إن لم یعطها حتی ینصرف من صلاته فلا تعد له فطرة و منها روایة سلیمان بن حفص الروزی (و إن لم تجد من تضع الفطرة فیه فاعزلها تلک الساعة قبل الصلاة و المفهوم من هذه الأخبار بعد ضم بعضها إلی بعض و ضم فتوی المشهور إلیها إن المراد بالصلاة صلاة العید خاصة و إن المراد بکونها صدقة خروج وقتها و صیرورتها ندباً بقرینة مقابلة لفظ الصدقة للفظ الفطرة و إلا فالکل زکاة صدقة فلا منع للمقابلة و إن المارد بقوله افضل هو الفضل لا معنی التفضیل کما إن المراد ینبغی هو الوجوب لا الندب بقرینة المقابلة أیضاً و ذهب العلامة (رحمه الله) إلی أن آخر وقتها یوم العید و یجوز تأخیرها عن الصلاة اختیاراً و کذا عن الزوال لصحیحة العیص عن الفطرة متی هی قال: (هی الصلاة یوم الفطر) قلت: فإن بقی منه شی ء بعد الصلاة فقال: (لا بأس تعطی عیالنا ثمّ یبقی فتقسمه) و أیده صاحب المدارک بقوله فی صحیحة الفضلاء یعطی یوم الفطر فهو أفضل و کلاهما ضعیف لظهور صحیحة العیص فی جواز التأخیر مع العزل و نحن لا نمنعه و ظهور صحیحة الفضلاء بالوقت الخاص الذی کان معهوداً عندهم غیر منکور ما بینهم علی أنه مطلق فیحمل علی المقید جمعاً و ذهب فی الفضلاء إلی امتداد وقتها إلی الزوال استناداً إلی أن المراد بالصلاة فی صحیحة العیص وقتها و وقتها ممتد إلی الزوال فیمتد وقتها حینئذ إلیه.

الرابعة: الأظهر أنه لو خرج وقتها الفعلی و الزمانی لم یجب قضاؤها

للأصل و لخلو الأخبار البیانیة عن ذلک و للحکم بأنها صدقة بعد ذلک فالظاهر فی الندب

ص: 144

فدعوی وجوب قضائها لا دلیل علیها یعتد به و لکنه حیث نسب لجمع من أصحابنا و کان احتمال إن الوقت وقت للتأدیة لا للخطاب التابع لشغل الذمة فی نفس الزکاة کشغل الذمة بالدین المؤقت تأدیته فی زمان حاضر فإنه بفوات وقت التأدیة لا یسقط احتمالًا لا یبعد بنظر الفقیه کما إن الأحوط العمل علیه بل الأحوط فعلها من دون نیة القضائیة و الأدائیة تغضیاً عن مذهب ابن إدریس حیث أوجب الإتیان بها أداء مطلقاً.

الخامسة: یجوز عزل الفطرة

بمعنی تعینها فی مال خاص من أمواله بأنها فطرة و أنه متقرب بها إلی الله تعالی (مح) یخرج المال عن ملکه و یصیر مالًا للفقراء و إن بقی له حق الاختصاص بالتصرف فیه و دفعه لمن یرید و لیس لأحد أن یعارضه إلا الحاکم الشرعی فی وجه قوی و هل یشترط مساواة القدر المعزول للقدر الواجب أم یکفی عزل ما هو أنقص منه أو أزید مشتملًا علیه وجهان أقواهما الأول اقتصاراً فی الخروج عن الأصل و عن بقاء ملک المالک علی حاله و عدم الخروج عنه بالقول علی مورد الیقین و هل یکفی فی العزل النیة أم یشترط قبض المالک للمعزول و إفرازه عن ماله وجهان و الأقوی اشتراط ذلک بیناهُ و هل یجب العزل عند فقد المستحق أم لا یجب وجهان أقواهما الوجوب لأنه نوع إیصال للمستحق و لا یترک المیسور بالمعسور.

السادسة: إذا عزلت الفطرة کانت أمانة بید الدافع لا یضمنها إلا بالتعدی أو التفریط

و منه نقلها إلی بلد آخر مع وجود المستحق فی بلدها و منه تأخیرها تأخیراً یقید به مع وجود المستحق لها و یجوز دفعها زکاة فی کل وقت مع العزل و إن أثم بالتأخیر و الأقوی إن الدفع أداء لا قضاء کما یظهر من الأخبار ففی الصحیح أو الحسن عن الفطرة قال: (إذا عزلتها فلا یضرک متی أعطیتها قبل الصلاة أو بعد الصلاة) و فی صحیح زرارة فی رجل أخرج فطرته فعزلها حتی یجد لها أهلًا قال: (إذا أخرجها من ضمانه فقد برأ و إلا فهو ضامن لها حتی یؤدیها) و هذه الروایة قد تصلح شاهداً علی وجوب العزل مع عدم المستحق علی وجه إرادة العزل من قوله (إذا أخرجها من ضمانه فقد برأ من شغل ذمته) بوجوب الأداء و بقیت عنده أمانة و قد یراد منها أنه إذا أوصلها إلی أربابها بعد العزل فقد برأ و إلا فهو مخاطب بإیصالها إلی أن یؤدیها فیراد

ص: 145

بالضمان وجوب التأدیة و قد یراد بالضمان معناه الحقیقی لکنه مقیداً بالتفریط و التأخیر و شبهها و قد یراد منها غیر ذلک و الأول اظهر و لما کانت نیة القضائیة و الأدائیة غیر مقومة الفعل الغیر مطلوب سهل الأمر فی البحث عن کونها قضاء بعد خروج الوقت أو أداء.

تم کتاب الزکاة

و یتلوه کتاب الخمس

ص: 146

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیمِ

و به نستعین

کتاب الخمس

بحث: الخمس حق مالی فرضه الله تعالی لبنی هاشم فی أموال مخصوصة عوض الزکاة

و هو من العبادات المالیة موضوع بالوضع الشرعی لخمس مال مخصوص من قبیل نقل العام إلی الخاص و یحتمل قویاً بقاءه علی المعنی اللغوی و ما زاد علیه شرائط الصحة التعبدیة و علی الأول فیکون من الموضوعات المجملة فما شک فی شرطیته أو شطریته أو مانعیته حکمنا بها کذلک قضاء لوجوب فراغ الذمة بعد شغلها کذلک و علی تقدیر فالأصل یقضی باتحاد أحکام الزکاة مع أحکام الخمس إلا ما خرج بالدلیل لما یفهم من الأخبار من بدلیته عن الزکاة لبنی هاشم و المبدل حکمه حکم المبدل عنه فیجری حینئذٍ حکم العزل و یتعلق بالغیر فیجری علیه أحکام الشرکة و الضمان مع التأخیر و التفریط و یجزی فیه دفع قیمة بدل العین و جواز التصرف به مع الضمان و یدل علی تعلقه بالعین أیضاً عمومات الأدلة و خصوصاتها المشتملة علی لفظ فی و اللام الظاهرین فی الشرکة لمکان الظرفیة المجازیة و الملکیة الحقیقیة

و یتعلق الخمس بسبعة أشیاء:

الأول: الغنائم

اشارة

و وجوبه فیها یدل علیه الکتاب و السنة قال الله تعالی:

[أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَیْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ] (الأنفال آیة 41) و الخ أما لعموم الغنیمة فائدة فتدخل فیها الغنائم بالمعنی الأخص کما فسرت فی الأخبار و کلام الأخیار و أما لخصوص إرادة الغنیمة بالمعنی الأخص منها لظهور استعمالها فیها شرعاً و الأخبار فی وجوبه فی الغنیمة من المتواترات بل ربما یعد ذلک من الضروریات إنما الکلام فی أمور:

أحدها: أن المراد بالغنائم غنائم دار الحرب

و هو المأخوذ من الکفار المحاربین علی وجه القهر الجند أو الأخذ بصلح أو دعوی باطلة أو ربا و کذا ما أخذ بسرقة أو غیلة من منقول أو غیر منقول من أرض و غیرها فلو أخذ من غیر الحربیین من

ص: 147

المعاهدین أو أهل الذمة أو المتشبهین بالإسلام کالغلاة و الخوارج و النصاب لم یملکه الأخذ و لا یجب فیه الخمس و فی بعض الروایات ما یدل علی جواز أخذ الناصب و دفع خمسه للإمام (علیه السلام) فهو مطرح بل یدعی أن الإجماع علی خلافه فتنزیله علی الکفار کما نزله الحلی غیر بعید و مثلی ذلک ما أخذ من الحربیین و علم أنه مغصوب من مسلم أو معاهد أو معتصم بأمان و شبهه فإنه مثل ذلک فی عدم جواز.

ثانیها: یشترط فیما أخذه الجند من خیل أو رکاب أن یکون بأذن الإمام (علیه السلام)

فلو أخذ من غیر أذنه کان کله للإمام (علیه السلام) للخبر المعتبر الآتی إن شاء الله تعالی فی الأفعال و یلحق بالإمام (علیه السلام) نائبه العام و الخاص و ما کان للإمام فقد أحله للشیعة من عقارات و تجارات و مملوکات من عبید و إماء و مساکن و شبهها و لکن الأحوط الاقتصار علی ما یأخذه حکام الجور و الغاصبین لحقهم من المخالفین و یقوی إلحاق غیر المخالفین بهم و الأحوط ترکه.

ثالثها: یخرج خمس الغنیمة بعد إخراج المؤن و السلب و الجعائل و ما یوضحه الإمام (علیه السلام) للنساء و العبید و غیرهم

لأن الخمس زکاة فی المعنی و للزوم الضرر حینئذٍ لعدم انصراف لفظ الغنیمة ظاهر إلا لما یحصل بید المغتنم بعد إخراج مئونة و للصحیح الدال علی إخراج الخمس بعد المئونة.

الثانی: المعادن

و هی جمع معدن من عدن أی قام الإقامة ما یحمل منه فیه أو لإمامة الناس لأخذ ما فیه و هو ما کان من الأرض و خرج عنها فی الجملة لخصوصیة فیه یعظم الانتفاع بها و یکون لأجلها لها قیمة عرفیة سواء کانت منطبعة کالنقدین و الحدید و الرصاص و غیرها أو غیر منطبعة کالیاقوت و العقیق و الفیروزج و البلور و الکحل و المرجان و النورة و طین الغسل و حجارة الرحی هی بالتشدید منبت الملح و إن شئت قلت أرض سبخة ما لا یجری فیها الماء فیصیر ملحاً و الملاحة و حجر النار و القیر و النفط و الکبریت و لا یبعد إلحاق الجص بذلک و تعمیم المعدن لجمیع ذلک و هو الأظهر فی کلام أهل اللغة و الفقهاء و علیه ظواهر الإجماعات المنقولة و یشعر به بعض الروایات الصحیحة الجاعلة للملاحة من المعادن و خص بعضهم المعدن بمنبت الجوهر

ص: 148

من ذهب و نحوه خاصة اقتصاراً علی مورد الیقین من صدق لفظ المعدن علی المشکوک فی صدقه علیه و لتقسیم بعض أهل اللغة المعدن بذلک فیجعل الملاحة فی بعض الأخبار مثل المعدن لا المعدن نفسه و لکن الکل لا یقاوم ما قدمناه و علی هذا فهل یجب الخمس علی غیر منبت الجوهر لأنه غنیمة و هی عامة لکل فائدة أم لا یجب وجهان أقواهما الوجوب للعمومات إلا أنه غیر معدن لا یوجب فیه نصاباً و لا تخرج منه مئونة السنة بخلافه علی انه معدن کما بینا علیه و لا یجب إخراج الخمس إلا بعد المئونة من السبک و الحفر و آلات الأعمال المحتاج إلیها لظاهر کلمات الأصحاب و للصحیح الدال علی إخراج الخمس بعد المئونة و هل یعتبر فی المعدن نصاباً أو لا یعتبر قولان أظهرهما اعتبار ذلک لصحیح البزنطی الدال علی ذلک و منه (لیس فیه شی ء حتی یبلغ ما یکون فی مثله الزکاة عشرین دیناراً و به یخص المطلقات المثبتة للخمس فی المعدن و ذهب جمع من فقهائنا إلی عدم اعتبار النصاب للعمومات و الإجماعات المنقولة و هو ضعیف لتخصیص العمومات بالصحیح المعتبر المنجبر بفتوی مشهور من الأصحاب و بالأصل لضعف الإجماع المنقول بمصیر الأکثر إلی خلافه و عدول ناقلة عن مضمونه فی کتاب آخر و علی اعتبار النصاب فالاعتبار ببلوغ عینه أو قیمته أول نصاب الزکاة من مائتین درهماً أو عشرین دیناراً للصحیح المتقدم الظاهر فی إرادة القیمة لا العین لعدم اختصاص بالمذهب خاصة اتفاقاً و الظاهر إرادة المثال من ذکر الدینار لتقارب قیمة نصابه لنصاب الدراهم کما یشهد به سیاق الأخبار الأخر و فهم المشهور من الأصحاب و إن کان الاقتصار فی بلوغ القیمة و العین علی عشرین دیناراً و هو الأحوط و ذهب الحلبی إلی أن النصاب دینار و هو مروی و الروایة ضعیفة و الرکون إلیها فی مقابلة ما ذکرناه أضعف و لا یعتبر حصول النصاب دفعة بل یکفی التدریج و لو طال زمان الحصول و دفع الفاصل الطویل مع الإعراض و بدونه لعموم الأدلة و کذا لا یعتبر اتحاد المعدن بل لو بلغ النصاب من معادن متعددة وجب الخمس و یحتمل قویاً اشتراط اتحاد نوع المعدن و اشتراط عدم الفاصل المعتد به و عدم الإعراض فی أثناء الفواصل و لکن الأول أقوی و لا یجزی دفع تراب المعدن مع العلم باختلاف الجوهر و کذا مع العلم

ص: 149

بالتساوی یحتمل الإجزاء لعموم الأدلة و یحتمل عدمه لانصراف الأدلة إلی وجوب الإخراج من الجوهر بنفسه بعد تصفیته و لو وجد معدناً مطروحاً فلا خمس فیه و لا فرق فی وجوب الخمس بین أن یکون المعدن مملوکاً لأهله کأن یکون فی أرض مملوکة و بین أن یکون مباحاً و قد جازه و لا یجب الخمس علی الشرکاء حتی تبلغ حصة کل شریک نصاباً.

الثالث: الکنز

و یجب فیه الخمس بالنص و الإجماع بقسمیه و الکتاب بناء علی شمول الغنیمة لکل فائدة و لا یجب فیه حتی تبلغ عینه أو قیمته مائتیْ درهماً أو عشرین دیناراً للإجماع المنقول و الصحیح عما یجب فیه الخمس من الکنز فقال: (ما یجب الزکاة فی مثله ففیه الخمس) و ظاهره بیان المقدار لا النوع کما فهمه الأصحاب و قضت به عمومات أخبار الباب بل الظاهر عدم الخلاف فی وجوبه فی غیر الدراهم و الدنانیر من فضة و ذهب غیر مسکوکین و نحاس و صفر و آنیة و جواهر و غیر ذلک فحمله علی إرادة بیان المقدار أولی من حمله علی إرادة بیان النوع و ارتکاب التخصیص لتأیید ذلک بفهم الفقهاء و إشعار سیاق الأخبار و تصریح المرسل به لتضمنه السؤال عن المقدار و من خص النصاب بالعشرین دیناراً أراد التمثیل لعدم وجود دلیل علی الحصر بذلک و الظاهر أن المعتبر هو النصاب الأول و یجب بما بعده الخمس قل أو کثر و لا یعتبر فیه نصاب ثانی بحیث لو لم یبلغه لم یجب فیه شی ء کالزکاة لعمومات الأدلة و خصوصاتها الواردة فی الکنز و لا یصلح الصحیح المتقدم لتخصیصها إلا بالمفهوم الضعیف الذی لا قابلیة له للتخصیص و یجب الخمس بعد إخراج المؤن و المصارف علی إخراجه و الکنز هو المال المدفون المذخور تحت الأرض لنفسه أو لفعل فاعل فلو کان فوقها مطروحا و ان کان قبل ذلک مذخوراً فأخرجه الربح أو السیل أو فی بناء أو فی جدار أو شجرة أو خباء من بیوت أو خشب أو تحت حطب لم یکن من الکنوز و لا فرق فی الکنز بین وجدانه فی أرض الحربیین المملوکة لهم أو غیر المملوکة و بین وجدانه فی أرض المسلمین المباحة أو المملوکة لهم سابقا فخربت و باد أهلها أو ذهبوا عنها و المملوکة لهم بالفعل و لکنهم لم یدعوها و بین کونه فی أرض الحربیین و المسلمین معاً

ص: 150

و بین کونه علیه أثر الإسلام أو لم یکن علیه ذلک فإنه فی ذلک کله یجری علیه حکم الکنز لعموم دلیله و لعدم انصراف أدلة اللقطة إلیه لأنها المال الذاهب من غیر شعور و لأصالة إباحة التصرف و هو معنی الملک إلا أن الأحوط فیما علیه أثر الإسلام و کان فی أرض المسلمین أو دورهم إجراء حکم اللقطة علیه کما ذهب إلیه الشیخ (رحمه الله) لظهور سکة الإسلام فی إجراء ید المسلم سابقاً علیه و لقوة احتمال أن الأصل المنع من التصرف حتی یقوم دلیل و لروایة محمد بن قیس و إن کان الأول أقوی لضعف جمیع هذه الأدلة و کذا ما وجد فی جوف حیوان مباح قد ملک بالصید و شبهه فإنه لواجده و الأحوط إعطاء الخمس منه لدخوله فی الغنیمة و لو أخذ الحیوان من ید مسلم و لم یعلم فی بطنه علی سلطان یده عرفه المالک السابق فإن عرفه کان له إن اتحد أو تعدد کان لهم موزعاً و یحتمل القرعة و إن تعاقبت أیدیهم احتمل الوجهان و الحکم بکونه للأخیر منهم وجه قوی و لو علم بسبق ما فی علی سلطان یده و لم یعلم منه نیة الحیازة ملکه واجده و جری فیه الخمس و الأحوط تعریف القابض الأول مع الشک فی نیة حیازته و عدمها و أما ما وجد فی بطن حیوان مملوک بالأصل فیجب فیه التعریف للبائع الأخیر سواء کان علیه أثر الإسلام أم لا فإن عرفه فهو له و إلا ملکه المشتری و علیه الخمس و لو تعدد البائعون عرفهم جمیعاً علی الأظهر الأحوط و فی الصحیح عرفه البائع و ظاهره الاکتفاء بالبائع الأخیر و الأصل یقضی به أیضاً لکیلا نقول به لقوة دلیل وجوب تعریف الملاک السابقین ذلک و یظهر من بعض الأصحاب أن الخمس فی هذه کالخمس فی الکنز و لا دلیل علیه و الظاهر أنه کخمس الغنائم.

الرابع: الغوص

و یجب فیه الخمس لعموم الکتاب و السنة و خصوص الأخبار المستفیضة الدالة علی أن (الخمس من خمسة أشیاء وعد منها الغوص) و منها المروی فی الخصال فیما یخرج من المعادن و البحر و الغنیمة و الحلال المختلط بالحرام إذا لم یعرف صاحبه و الکنوز الخمس و منها الآخر عن العنبر و عوض اللؤلؤ قال: (علیه الخمس) و المراد بما یخرج من البحر و هو الغوص بقرینة فهم الأصحاب و باقی أخبار الباب و لا یجب فی الغوص حتی یبلغ نصابه دیناراً للاتفاق علی وجوبه فی الأقل من

ص: 151

ذلک و لفتوی المشهور بتحدیده بذلک و کذا الإجماع المنقول و کذا العمومات الشاملة للغوص مطلقاً خرج منها ما دون الدینار و بقی الباقی و کذا المرسل المسئول فیه عن حکم الغوص المنجبر بفتوی المشهور و عمل الجمهور فالقول بتحدید النصاب بعشرین دیناراً ضعیف و لا یجب الخمس إلا بعد إخراج المصارف و المؤن و الإخراج فی الدفعات المتعددة کالإخراج فی الدفعة الواحدة تواصلت الدفعات أم انفصلت و إخراج الأنواع المختلفة بمنزلة إخراج نوع واحد و ما لا یخرج بالغوص بأن خرج لنفسه أو بآلات من حیوان کان کالسمک أو غیر حیوان لا خمس فیه و الأحوط إخراج خمسه و لو خرج الحیوان بالغوص قوی وجوب إخراج الخمس منه نعم یختص الغیر بوجوب إخراج خمسه سواء خرج بالغوص أم بغیره للإجماع المنقول و الخبر الدال علی ذلک و المدار فیه علی ما یسمی عنبر عرفاً و سواء قلنا أنه ورث و أنه یجزیه أو قلنا أنه ینبع من عین أو قلنا إنه جماجم تخرج من عین فی البحر أکبرها وزنها ألف مثقال أو قلنا أنه نبات فی البحر أو قلنا یقذفه بعض دواب البحر لسمیته بعد أن یأکله فیطفو علی الماء فیقذفه إلی الساحل أو قلنا غیر ذلک فإن الصدق العرفی یرفع إجمال أصله و هل یعتبر فیه نصاب الغوص أو نصاب المعدن أو لا یعتبر فیه نصاب وجوه أقواها الوسط و الأنهار الکبار حکمها فی الغوص حکم البحر دون الصغار و الخمس علی الغواص إن کان أصیلًا و إلا فعلی المستأجر إن کان الغواص أجیراً أو من غاص علی معدن غلب علیه حکم المعدن من النصاب و غیره علی الأظهر و الاحتیاط غیر خفی و من غاص علی معدن و غیره وزع المصارف علیهما بنسبة عددها و الأحوط فیما إذ کان علی المأخوذ بالغوص سکة الإسلام من النقدین إجراء حکم اللقطة فیه و المال المعرض عنه فی البحر لو أخرج بالغوص کافٍ لأخذه و فیه الخمس.

الخامس: الحلال المختلط بالحرام

و تفصیل المسألة أن الحرام إن تمیّز وجب إرجاعه لصاحبه إن علم بنفسه و إن اشتبه فی محصورین لزم الصلح و یحتمل استخراج المالک بالقرعة و یحتمل صیرورته کمجهول المالک و هما ضعیفان و إن اشتبه فی غیر محصور حکمه حکم مجهول المالک فإن اختلط و کان اختلاطه اختلاط مزج کدبس

ص: 152

و عسل مع تعیین المختلط کان حکمه حکم الممیز إلا أنهما یکونان شریکین و یتولی الحاکم القسمة علی الأحوط فیما جهل صاحبه فإن علم القدر فلا کلام و إن جهل قدر المختلط دفع الناقص لأصل و الاحتیاط یقضی بدفع الزائد و الصلح خیر و احتمال إخراج الخمس مع جهل القدر و الصاحب هنا بعید و إن اختلط اختلاط اشتباه فالأصل هنا یقضی بالرجوع إلی ما تقدم من القواعد مع علم المالک و جهله فیجب إرجاعه لمالکه مع العلم و التصدق مع الجهل بعد الصلح مع المالک المعلوم أو مع الحاکم عند جهل المالک من المشتبه و بعد إحرازه بالقسمة إلا أنه ورد فی الأخبار وافق به مشهور الأخیار أن المال المختلط المشتبه إذا لم یعلم صاحبه و لا قدره مطلقاً کما أن تحلیله إخراج خمسه للسادات و مصرفه مصرف باقی الأخماس و القول به متعین لظهور لفظ الخمس فی ذلک فی الأخبار الآمرة و کلام الأصحاب و لفتوی المشهور و الإجماع المنقول فلا ینافیه الأمر بالمتصدق بالخمس فی الروایة لقوة احتمال إرادة الإخراج من لفظ التصدق کما تشعر به الأخبار الأخر فی قوله (علیه السلام) فی القوی فإن الله تعالی رضی من الأشیاء بالخمس لشعار بإرادة الخمس المصطلح و کذا احتمال إرادة الخمس من لفظه لإطلاقه علیه و لیس لنا مندوحة من ارتکاب هذین الاحتمالین لقوة المعارض لحمل لفظ التصدق علی ظاهره فیجب صرفه عن ظاهره و کذا الاحتیاط اللازم لفراغ الذمة بعد شغلها فی الإخراج فإن إیصاله للذریة العلویة مفرغ للذمة علی کل حال و بجواز دفع غیر الزکاة المفروضة لهم و لما کان الحکم مخالفاً للأصل وجب الاقتصار فی وجوب إخراج الخمس علی غیر معلوم القدر و الصاحب مطلقاً فلو علم القدر و لو أنه أقل من الخمس أو أنه أزید منه أو أنه بقدره أو علم صاحبه و لم یعلم قدره وجب الرجوع للقواعد فی المجهول المالک من وجوب التصدیق و الصلح فی معلومه و احتمال وجوب إخراج الخمس فی معلوم الزیادة و التصدق بالمتیقن من الزائد ضعیف کاحتمال وجوب دفع الخمس لمعلوم الصاحب إذا جهل قدره فإنه لا یخفی ضعفه مع التصدق أو إخراج الخمس فظهر الصاحب فهل یضمن أم لا وجهان أقواهما عدم الضمان لظهور الأمر فی الأخبار بنفیه.

ص: 153

السادس: أرض الذمی إذا اشتراها من مسلم مطلقاً

وفاقاً للمشهور و الإجماع المنقول و الصحیح (أیما ذمی اشتری من مسلم أرضاً فإن علیه الخمس) و ظاهر الفتوی و الروایة أن مصرفه کمصرف باقی الأخماس یختص به الذریة العلویة و الاحتیاط یقضی به و یلحق بالشراء ما یملک بجمیع أنواع الاکتساب و إطلاق الفتوی و الروایة شامل لأرض الزراعة من السکنی و لو کانت الأرض مشغولة بغرس و شبهه قوی احتمال وجوب إخراج الخمس مما کان فیها و لکن الأقوی خلافه و طریق إخراج خمسها أن یقوم مشغولة بأجرة للمالک بما فیها من زرع أو شجر أو غیرهما فیؤخذ خمس ذلک و لا تجب النیة فی هذا المقام و یحتمل تولی النیة للإمام (علیه السلام).

السابع: أرباح التجارات

سواء کان ما یقارع القیمة أو بحصول نماء و فوائد من مال التجارة و الزراعات و الصناعات و جمیع أنواع الاکتساب کحیازة المباحات و شبهها و قلع المعادن و الغوص و شبهها و الحق بها فواصل الإقراب و هو أحوط و یدل علی وجوب الخمس فی الأرباح و الصنائع الإجماع المنقول و فتوی المشهور و الأخبار الخاصة المتکثرة و مصرف هذا النوع کمصرف باقی الأنواع خلافاً لمن خصه بالإمام (علیه السلام) لما ورد فی الأخبار من تحلیله من الأئمة (علیهم السلام) (و لا یحلون إلا ما هو سهمهم) و لما ورد من إضافته إلیه (علیه السلام) بمثل قوله (حقک) فی الصحیح و قوله: (یجب لی فیه الخمس) و قوله (علیه السلام): (علی کل امرئٍ غنم أو کسب الخمس فما أصاب لفاطمة (ع) و لمن یلی أمرها بعدها من ذریتها یحج علی الناس) و غیر ذلک و الکل ضعیف لعدم قوة معارضة هذه الأخبار الدالة العامة و الخاصة الواردة و غیرها الدالة علی شرکة الذریة العلویة للإمام (علیه السلام) فی مصرف الخمس و أنه للأصناف المعدودة فی الآیة الشریفة لعدم دلالة التحلیل علی الاختصاص لجواز تحلیلهم ما هو للغیر من الحقوق العامة للمصلحة لأنهم أولی بالمؤمنین من أنفسهم کما ورد تحلیلهم للخمس من أصله فی عدة روایات أخر بجواز اختصاص التحلیل بحصتهم خاصة أو بذمامهم (علیهم السلام) علی المعنی تحلیل کل إمام حصة ما دام باقیاً موجوداً کیف و جعلنا

ص: 154

مصرف هذا النوع هو الإمام (علیه السلام) وحده أو أخذنا بأخبار التحلیل للزم الحیف و الضرر علی الذریة العلویة التی قد فرض الله تعالی الخمس عوض الزکاة لقلة الخمس فی غیر الأرباح فی جمیع الأزمان و لعدم دلالة أخذ حقک و شبهه علی الاختصاص لاحتمال إرادة بیان الولایة و جواز التصرف و إیجاب الرجوع إلیه فی زمانه لأنه أعرف بمواقعه و أبصر بمواضعه و لعدم القائل بمضمون الروایة الأخیرة من حیث اشتمالها علی أنه لفاطمة علیها السلام أولًا و من حیث اشتمالها علی الغنیمة مع الکسب و لا قائل بذلک منا فیضعف الاعتماد علیها و تحمل علی إرادة الحصر الإضافی و إن ذکرهم إنما کان للتغلیب و یعتبر فی وجوب الخمس فی هذا النوع أن یفضل المال عن مئونة السنة له و لعیاله الواجبی النفقة و غیرهم و لأضیافه و لزیاراته و الحج الواجب و المندوب و لنذوره و کفّاراته و لصدقاته و هدایاه و صلاته و ما یصانع به الظالم و ما یؤخذ منه قهراً و بجمیع مصارفه بما یناسب حاله فلو أسرف وجب علیه و لو قتر لم یحتسب له و مهر التزویج و أجرة المتمتع بهن داخلات فی المئونة ما لم یکن فیه إسراف و کذا الکتب العلمیة و آلات الصنعة و وفاء الدیون الخالقیة و المخلوقیة و غیرها کل ذلک للأخبار و کلام الأخیار و إن أمکن فیها التفصیل المذکور و لو کان له مال لا خمس فیه ففی احتساب المئونة منه أو بما فیه الخمس أو منهما وجوه أقواها الأخیر و أحوطها الأول و یجوز دفع الخمس فی ابتداء السنة علی الأقوی خلافاً للحلی فأوجب التأخیر و یجوز احتیاطاً للمئونة و لو کان عنده تجارات متعددة أخرجت المئونة من جمیع أرباحها و لو کانت عنده المئونة لم یجز إخراج قیمتها من الأرباح إذا کانت فی ملکه و لو باعها فأراد شراء المؤن فالأحوط شراؤها من أثمانها لا من الربح و یقوی القول بجوار شرائها من الربح و من أثمانها معاً فیکون حکمه حکم من کان عنده مال آخر و یحتسب مئونة کل عام من مبدأ ربحه فلو تعددت الأرباح و تعاقبت کان لکل حول مستقل و الزمان المشترک بینهما توزع المئونة علیه و له أن یستثنی مئونة العام الأول من الربح الأول عند تمامه و مئونة تمام عام الثانی من الربح الثانی و هکذا فما بقی من الربح و لو الأخیر عند تمام حوله تعلق به الخمس و لا یجبر خسران تجارة بربح أخری بل لا یجب خسرانها

ص: 155

بربحها و لو اتحدت علی الأظهر و الأحوط إخراج خمس الهدیة و الصدقة لعموم الأدلة و لخصوص صحیحة علی بن مهزیار عن أبی جعفر (علیه السلام) و لأنهما نوع من الاکتساب و أدنی منه فی الاحتیاط إخراجه من المیراث لاحتمال شمول عموم الأدلة له و خصوص الروایة المتقدمة.

بحث: فی قسمة الخمس

فی قسمة الخمس و هو ینقسم إلی ستة أقسام سهم الله تعالی و سهم لرسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و سهم الإمام (علیه السلام) و هذه الثلاثة أمرهم إلی الإمام (علیه السلام) و هی راجعة إلیه (علیه السلام) بالوراثة و الأصالة و سهم للیتامی و سهم لابن السبیل خلافاً لمن قسمه خمسة أقسام و هو ضعیف و لا یجب البسط علی الأصناف الثلاثة للأصل و فتوی المشهور بین المتأخرین و لقوله (علیه السلام) فی روایة أبی الحسن قیل أ رأیت إن کان صنف أکثر من صنف کیف یصنع قال: (ذلک إلی الإمام (علیه السلام) أ رأیت رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) کیف صنع إنما کان یعطی علی ما یری) و کذلک الإمام (علیه السلام) و لأن الآیة لبیان المصرف کما فی الزکاة و لأن الخمس زکاة فی المعنی و لا یجب فیها البسط و لا یجب فیه و الأحوط البسط قضاء لحق الآیة فإن اللام فیها للملک و الاختصاص و العطف بالواو یقضی بالتشریک فی الحکم و أخذ فی الاحتیاط و لیس فی الروایة تصریح بنفی البسط و إنما فیها تصریح بنفی وجوب الاستیعاب لکل أفراد طائفة و هو لا کلام فیه و العدم فی الآیة مصروف عن ظاهره و مراد به الخمس کما علیه جمهور الأصحاب و الأقوی عدم اعتبار العدالة فی الأصناف المتقدمة لإطلاق الأدلة من غیر معارض و عدم اعتبار الفقر فی ابن السبیل لإطلاق الدلیل و الإجماع المنقول نعم یشترط فیه الحاجة فی السفر علی حسب حاله و یعتبر الإیمان فی جمیع الأصناف للشک فی شمول الإطلاق لغیر المؤمن و لأنه زکاة فی المعنی و لا تدفع لغیر المؤمن و للاحتیاط اللازم فی فراغ الذمة و لأن غیر المؤمن محاد لله تعالی و هو منهی عن موارثه و دفع الخمس إلیه موادة و رکون و یعتبر الفقر فی الیتیم وفاقاً للمشهور لأن الخمس زکاة فی المعنی و شرطها

ص: 156

الفقر و لما یظهر من الروایات أن الخمس لدفع حاجة الهاشمیین و أن الإمام (علیه السلام) یقسمه علی قدر حاجتهم و الفاضل له و العرف علیه و لأن وجود المال أنفع للیتیم من وجود الأب خلافاً لمن یشترط الفقر فی الیتیم لإطلاق الدلیل و فیه أن الإطلاق منزل علی إرادة التأکید و الاهتمام بالیتیم و لهذا صار صنفاً مستقلًا کقوله تعالی: [حٰافِظُوا عَلَی الصَّلَوٰاتِ وَ الصَّلٰاةِ الْوُسْطیٰ] (البقرة آیة 238) و یبسط الخمس علی الأصناف الثلاثة علی قدر الکفایة لسنتهم فإن نقص أتمه الإمام (علیه السلام) و إن زاد کان له کما دلت علی ذلک الأخبار و قطع به کثیراً من الأخیار خلافاً لابن ادریس حیث منع ذلک أخذ بظاهر القسمة و التقدیر فی الآیة و بأنه (لا یأخذ مال امرئ مسلم إلا بطیب نفسه) فلامتناع له أن یأخذ ما زاد و هما ضعیفان لا یعارضان الروایة المعتضدة بفتوی المشهور بل کاد أن یکون مجمعاً علیه و یشترط فی الأصناف الثلاثة انتسابها إلی عبد المطلب من طرف الأم الخاصة خلافاً للمرتضی لأن من انتسب إلیه من الأم انتسب إلی غیره من الأب و یحرم علی ما انتسب إلی غیره کما یحل من انتسب إلیه و تغلیب جانب التحریم أولی للأصل و للاحتیاط اللازم من جهة شغل الذمة الیقینی بالخمس المستدعی للفراغ الیقینی و للخبر المعتبر بفتوی مشهور الأصحاب بل کاد أن یکون إجماعاً و من کانت أمه من بنی هاشم و أبوه من سائر قریش فإن الصدقة تحل له و لیس له من الخمس شی ء لأن الله تعالی یقول: [ادْعُوهُمْ لِآبٰائِهِمْ] (الأحزاب آیة 5) و لأنه لو شمل لفظ الهاشمی و دخل تحت إطلاق لفظ بنی هاشم لغة لکنه یخرج عنه عرفاً لظهور اللفظ عرفاً فیمن انتسب من طرف الأب إلی هاشم دون الأم و انصراف الإطلاق إلیه عرفاً یختص به حکماً علی أنه لا نقول بعموم الآیة کما قال ابن الجنید حیث جوز صرف الخمس للهاشمیین و غیرهم إذا استغنی عنه ذو القربی فإذا لم نقل بعمومها فلا بد من الرجوع فی الحکم للأخبار و هی ظاهرة فی اختصاص الخمس بالمتقرب بالأب لأن فیها ما تضمن أن الخمس للإمام (علیه السلام) کما ورد فی خمس الأرباح و فیها ما تضمن أنه

ص: 157

الخمس لیتامی الرسول حکمه و المساکین منهم و أبناء السبیل منهم و ظاهر أن یتامی الشخص هم الفاقدون له و إن أرید بالإضافة ما تکلفه منهم کان عاماً و لا نقول به و منها ما تضمن أن النصف للیتامی و المساکین و أبناء السبیل من آل محمد (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و الأول ظاهر فیمن انتسب بالأبوة و منها ما تضمن أنه لیتامی آل محمد و مساکینهم و أبناء سبیلهم و منها ما تضمن أنه للهاشمیین إذ النسبة للشخص إنما تکون إلیه من طرف الأب و منها ما تضمن أنه لأقاربه و هو بملاحظة ما قدمنا من القرائن محمول علی الأقارب من طرف الأب و ما استدل به المرتضی من صحة إطلاق الولد علی ولد البنت حقیقة لغة و عرفاً و شرعاً کما ورد فی الحسن و الحسین علیهما السلام و من صحة إطلاق بنی فلان علی من انتسب إلیه بالأم کما یقال لعیسی بن مریم من بنی آدم و من صحة إطلاق البنت علی بنت البنت و هکذا کله لا یجدی بعد ظهور الإطلاق بخلافه و فتوی المشهور بضده و أنه لو جاز أخذ الخمس لمن تقرب بالأم لتوفرت الدواعی إلی نقله و الرغبات إلی حمله و لیس فلیس علی أنه لیس فی الأخبار لفظ الابن و لا لفظ البنت و لعلنا نقول بصحة ذلک دون غیره.

بحث: فی مصرف الخمس

تصرف حصة الذریة العلویة و یصرف النصف الآخر الذی هو للإمام (علیه السلام) فی حال غیبته إلیهم أیضاً علی الأشهر الأظهر إلا إذا لم یوجد من الذریة العلویة أحد فإنه یجوز دفعه لفقراء الشیعة و فقهائهم و یجب دفعه من المالک لنائب الإمام (علیه السلام) و وکیله لوجوب دفع المال للوکیل و مع دفعه بنفسه یکون ضامناً و لا تبرأ ذمته به منه کما هو المشهور و لموافقته الاحتیاط إلا مع فقد الحاکم الشرعی فإنه یجوز دفعه لعدول المسلمین حسبة عن الغائب المستور جعلت فداه و الدلیل علی وجوب دفع حصة الإمام للأصناف الثلاثة و هو ما جاء من الإمام (علیه السلام) یتم ما نقص عنهم و یأخذ ما فضل عنهم و ما کان مقطوعاً به من حاله (علیه السلام) من جواز صلة أقاربه و أرحامه بمال منفی عنه (علیه السلام) سیما لو کان معرض للتلف و الاحتیاط یقضی بذلک أیضاً فالقول

ص: 158

بوجوب حفظه و الإیصاء به بطناً بعد بطن أو وجوب دفنه لو وجوب إلقائه فی البحر أو وجوب دفنه بالأماکن لخالیة البعیدة أو التخیر بین ما تقدم کلًا أو بعضاً و بین دفعه للذریة العلویة أو جواز إعطائه لفقراء الشیعة و مساکینهم و جوازه للعلماء و أحیاء الشریعة أو جواز التصدق به عمن صاحبه مطلقاً أو إباحته للشیعة مطلقاً مخیراً بین هذه و بین دفعه للذریة العلویة أو سقوطه عن المالک رأساً أو غیر ذلک لا نقول به لعدم الدلیل علیه سوی أخبار التحلیل المشعرة بأن السقوط فی حال الغیبة و الحضور و هی لا تقاوم الأخبار الکثیرة الدالة علی (الحث بإخراج الخمس و علی اللعن علی من استحله) و علی أن (من اشتری شیئاً من الخمس لم یعذره الله تعالی اشتری بما لا یحل له و علی أن لا یحل لأحد أن یشتری منه من الخمس شیئاً حتی یصل إلینا حقنا) و علی أن (أیسر ما یدخل به العبد النار أن یأکل من مال الیتیم درهماً و نحن الیتیم) و علی أنه (من کان عنده شی ء من ذلک فلیوصله إلی وکیلنا) و علی أن (الخمس عوننا علی دنیانا و علی عیالنا و علی أموالنا و ما نبذل و ما نشتری و من نخاف سطوته فلا تزره عنا) (و إن إخراجه مفاتیح أرزاقکم و تمحیص ذنوبکم و ما تمهدون لأنفسکم یوم فاقتکم) و علی (أنا لا نجعل أحد منکم فی حل) بعد أن سألوا الرضا (علیه السلام) أن یجعلهم فی حل إلی غیر ذلک فلا بد من حمل أخبار التحلیل علی خصوص حصة المحلل منهم فی زمانه دون حصته من بعده کحصة صاحب الزمان جعلنا الله فداه فلا یسری تحلیل أحدهم حصته فی زمانه إلی حصة آخر و لم یرد عن صاحب الزمان (علیه السلام) تحلیل حصته (علیه السلام) سوی توقیع العمری و فیه (و أما الخمس فقد أبیح لشیعتنا و جعلوا منه فی حل إلی وقت ظهور أمرنا لتطیب ولادتهم و لا تخبث) و هو ضعیف سنداً و دلالة لبناء فعله علی المجهول فیحتمل إسنادها إلی غیر الإمام (علیه السلام) و معارض بما جاء من التوقیع الآخر المتضمن (للغیر علی من أکل من أموالنا درهماً) و توقیع آخر متضمن (إن من أکل من أموالنا شیئاً فإنما یأکل فی بطنه ناراً و سیصلی سعیراً) و مع ذلک فظاهر التعلیل فیه أن التحلیل مختص بالمناکح کما یحمل علی ذلک جمیع أخبار التحلیل بإرادة تحلیل المناکح أو المتاجر کما سیجی ء إن شاء لله تعالی.

ص: 159

بحث: ذهب جمع من أصحابنا إلی تحلیل الخمس مطلقاً فی جمیع الأموال زمن الغیبة

استناداً لأخبار التحلیل الواردة من الأئمة (علیه السلام) بإطلاقها و تخصیصها لعموم الکتاب و السنة الآمرین بالخمس بالمشافهی لاشتمال الآیة علی ضمیر الشفاه و تعدیته للغائبین إنما یکون بالإجماع و هو مفقود فی محل النزاع لعدم توافق الشرائط بین أهل الغیبة و الحضور و کذا کثیر من الأخبار حتی لو سلم عموم الخطاب فیهما فلا بد من القول بالتخصیص بزمن الحضور جمعاً بین الأدلة الدالة علی وجوب الإخراج مطلقاً و الدالة علی الإمام مطلقاً أو القول بعدم الملکیة و عدم دلالة اللام علیها و لئن فادت الاختصاص فالمراد به الاختصاص بالأصناف و إن وجب علی الإمام (علیه السلام) قسمته کذلک لجواز کونه واجباً علیه و إن لم یکن ملکاً لهم و مختصاً بهم هو مذهب ضعیف جداً لمخالفته المشهور بل المجمع علیه و مخالفته الاحتیاط و عمل الأصحاب و مخالفته إطلاق الکتاب و السنة المنجبرین بالمشهور فتوی و روایة و عملًا الدالین علی بقائه إلی یوم القیامة و فی بعض الأخبار المنجبرة بالفتوی و الاعتبار تعویض الخمس عن الزکاة للذریة صیانة لهم عن أوساخ الناس و الاستناد لأخبار التحلیل ضعیف لضعف جملة منها و اختصاص بعضها ببعض هم خصوصاً کقوله (علیه السلام): (من أعوزه شی ء من حقی فهو فی حل) و معارضتها بما دل من الأخبار علی مطالبتهم بالخمس فی زمانهم و إن الله تعالی لیسألهم سؤالًا حثیثاً و قوة احتمال اختصاص التحلیل بالمحلل فی زمانه خاصة أو لأشخاص خاصة لمصلحة خاصة أو لحصة الإمام (علیه السلام) فقط أو لخصوص بعض الأموال من المناکح و المتاجر و المساکن کما یأتی إن شاء الله تعالی و تحلیلها بطیب الولادة فی بعض لا یقضی بالعموم للأزمنة و لجمیع أهل الخمس لظهور إرادة طیب الولادة من جهة حصة المحلل فقط لأن طیبها من کل محرم یقضی باستحلال أموال الناس و لا نقول به علی أن ظاهر أحلنا اختصاصه بالمحلل و من سبقه ممن له علیه حق التحلیل دون من لحقه و من سیأتی دون الحق الذی لم یکن علیه حق التحلیل و ما یکون ظاهره دوام التحلیل من الأخبار و عمومه لجمیع الخمس مصروف عن ظاهره لقوة المعارض أو مخصوص فی المناکح و المساکن و المتاجر فقط کما یظهر من

ص: 160

بعض الأخبار و نطق به کثیر من الأخیار و نقل علی بعضه الإجماع و إنکار عموم الآیة و السنة حکماً لغیر المشافهین مخالف للبدیهة سیما مع تفسیر الغنیمة لکل فائدة و التقید بالمشافهین مع الإجماع علی الاشتراک فی الحکم تقید بلا دلیل و اشتراط الحضور فی الحکم مخالف للضرورة کما فی سائر الأحکام لأن المبیح فی زمن الغیبة إنما أباح من جهة أخبار التحلیل لا من جهة عدم عموم الحکم و إنکار دلالة اللام علی الملک و الاختصاص مکابرة لکونها حقیقة فی ذلک فصرفها عنه من غیر داع لا وجه له کیف و ظاهر الأخبار و قسمتها و تمییز حصصها أقوی دلیل علی الملک و الاختصاص و فی بعض الأخبار أنه عوض الزکاة و عوض الصدقات و أنه لهم تنزیهاً لهم عن أوساخ ما فی أید الناس و غیر ذلک و هی ظاهرة فی الملک و الاختصاص و بالجملة فالخروج عن ظاهر الکتاب و السنة و فتوی الأصحاب و الاحتیاط بمجرد هذه المناقشات و بأخبار التحلیل المحتملة لوجوه ظاهرة یجب الحمل علیها للجمع أو المطرحة عند معارضتها لما هو أقوی منها.

بحث: ورد عنهم (علیهم السلام) فیما هو متواتر أو قریب إلیه تحلیل الخمس فی الجملة

و کذا من الأنفال و فی عدة أخبار یظهر منها التحلیل علی الدوام إلی یوم القیامة و إن الشاهد یبلغ الغائب بذلک و إن الآباء و الأبناء شرکاء فی الحل و یبعد حملها علی تحلیل حصة المحلل فی زمنه فقط بل لا بد من حملها علی إرادة تحلیل أشیاء خاصة و أموال معینة و لم یکن قابلًا للحمل علی ذلک سوی ما استثناه الفقهاء و نقل علیه الإجماع من المناکح المفسرة بالجواری المسبیة من دار الحرب مطلقاً کما دلت علی ذلک جملة من الأخبار سواء سبیت من غیر أذن الإمام (علیه السلام) فکلها له أو بإذنه فله فیها الخمس و ظاهر شمول التحلیل لکل الحصتین معاً لأنه (علیه السلام) أولی بالمؤمنین من أنفسهم و هو أعرف بما یفعل فتخصیص الخمس بحصته فقط خلاف الظاهر من الأخبار و کذا إن فسرت بمهر الزوجة أو ثمن السراری المستثنین من المؤن فی أرباح التجارة فیکون المراد بتحلیلها خروجها عما یتعلق به الخمس جمع بالمناکح و المساکین المفسرة بقطع الأرض المختصة بالإمام (علیه السلام) أو بالمسکین المحتسب من المئونة المستثناة و کذا

ص: 161

الحقوق المتأخرة بما یشتری من الغنیمة المأخوذة من أهل الحرب سواء کان کله للإمام (علیه السلام) أو بعضه بما یشتری ممن لا یخمس و لا یعرف الخمس أو بما یکتسب من الأرض و الأشجار المختصة بالإمام (علیه السلام) و لا بأس باستثناء ذلک بالمعنیین الأولین وفاقاً للشهرة المنقولة و عمومات رفع العسر و الحرج و ظهور بعض الروایات به و حمل الروایات العامة علیه و لا فرق فی ذلک بین زمن الحضور و الغیبة کما تشعر به الروایات و یشکل إلحاقه بالمعنی الأخیر و یقوی عدم الإلحاق و الظاهر أن المراد بتحلیل ما ذکرناه هو تملک الحصة للمحلل من الشیعة خاصة لا أنه إباحة للتصرف بالحصة کی یشکل الحکم فی تبعیض التحلیل فی المناکح.

بحث: للإمام (علیه السلام) الأنفال

فمنها الموات من الأرض التی لا یعرف لها مالک و لو عاماً کأرض الخراج فإن مالکها المسلمون عامة فالموات فیها بعد ما کان معموراً حال الفتح لا یجری علیه حکم مال الإمام (علیه السلام) نعم ما کان مواتاً قبل الفتح فهو للإمام و یلحق بذلک کل أرض باد أهلها إن انجلی عنها أهلها و ترکها و کل أرض مسلم أهلها طوعاً و منها الآجام و یلحق بها ما نبت فیها و هی الأرض المجموع فیها قصب و شبهه من نبات الماء أو الأعم و منها رءوس الجبال و بطون الأودیة و معرفتها موکولة إلی العرف و منها المعادن الظاهرة و الباطنة علی قول مشهور و لا بأس به و منها الملوک و قطائعهم فی دار الحرب و منها الغنیمة بدون أذنه (علیه السلام) و منها میراث من لا وارث له من مناسب أو سائب.

تم کتاب الخمس و یتلوه کتاب الصیام إن شاء الله تعالی بقلم الحقیر المسکین

کثیر الذنب الذی إذا حضر لم یعد و إذا غاب لم یفتقد تراب أقلام المؤمنین

الاثنی عشریة المسکین المستکین علوان الملقب بابن ویسین النجفی مسکناً

نسأل الله أن یجعله مدفناً و یحشره فی زمرة سید الأوصیاء

و الحمد لله رب العالمین.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.